اقتصاديةدراساتمصر

خبراء اقتصاديون: مصر تسعى إلى تعزيز دورها على الساحة الدولية من خلال الانضمام إلى بريكس

إجمالي الناتج المحلي لمجموعة البريكس يبلغ 27.67 تريليون دولار ونتوقع تخطيه 30 تريليون دولار في حال انضمام مصر وعدة دول عربية

القاهرة- محمد سلامة
تسعى عدة دول ناشئة إلى تكوين مجموعة اقتصادية وسياسية جديدة تعرف باسم “البريكس”، وهي اختصار للكلمات الأولى في اللغة الإنجليزية للدول الأعضاء: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، وذلك منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، حيث تأسست مجموعة البريكس كمبادرة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين هذه الدول الكبرى التي تشكلت من مجموعة متنوعة من الثقافات والأنظمة السياسية. كانت الفكرة وراء تشكيل المجموعة هي تعزيز دور هذه الدول في الشؤون الدولية وتعزيز التبادل التجاري بينها.

اقرأ أيضا: قمة بريكس بجنوب إفريقيا.. الطريق في إتجاه عالم متعدد الأقطاب السياسية والإقتصادية

وقال هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، إن المحادثات بدأت بين البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. تمثلت أول اجتماعات رسمية للمجموعة في العديد من المدن الكبرى في الدول الأعضاء، حيث تم مناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، ومع مرور الوقت، تطور دور مجموعة البريكس وأصبحت أكثر تأثيرًا على الساحة العالمية. بدأت الدول الأعضاء في التنسيق على مواضيع مثل الاقتصاد العالمي، وتغير المناخ، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الثقافي.
أشار إلى أن جنوب أفريقيا هي التي تترأس مجموعة البريكس قد أعلنت أن 22 دولة تواصلت رسميا لتصبح عضوا في بريكس بشكل كامل من بينها مصر. كما صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تأسيس بنك التنمية الجديد التابع للبريكس ووثيقة انضمام مصر إلى البنك.
أوضح أن مصر تسعى إلى تعزيز دورها على الساحة الدولية من خلال الانضمام إلى مجموعة البريكس، وتهدف إلى استغلال فرص التعاون الاقتصادي والسياسي مع الدول الأعضاء لتحقيق تطلعاتها، وتعزيز التبادل التجاري وتعميق العلاقات الثنائية مع هذه الدول، بالإضافة إلى مشاركتها في مناقشة القضايا الدولية المشتركة مثل التنمية المستدامة والأمن الإقليمي وتغير المناخ. تمثل الانضمام إلى مجموعة البريكس فرصة لمصر لزيادة تأثيرها في الشؤون العالمية والمساهمة في تشكيل مستقبلها ومستقبل المنطقة بشكل أكبر.
وقال إن حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة البريكس يعكس تنوع الاقتصادات والتحديات التي تواجهها هذه الدول الكبرى. وفقاً للبيانات المتاحة على الدول الأعضاء، يمكن تلخيص حجم الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة والإجمالي الكلي للمجموعة على النحو التالي:
– الصين، بأكبر اقتصاد في المجموعة، يبلغ حجم ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 19.37 تريليون دولار، مما يؤكد دورها البارز في الاقتصاد العالمي وتأثيرها الكبير.
– البرازيل تتصدر في القارة اللاتينية بحجم ناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 2.08 تريليون دولار، مساهمةً في الاقتصاد العالمي بقطاعات متنوعة.
– روسيا، بنفوذها الكبير في الشؤون الدولية، تمتلك ناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 2.06 تريليون دولار، مع تركيز على صناعات الطاقة والموارد الطبيعية.
– الهند تعد واحدة من أسرع اقتصادات النمو، وناتجها المحلي الإجمالي يبلغ حوالي 3.74 تريليون دولار، مع تركيز على القطاعات التكنولوجية والخدمات.
– جنوب إفريقيا، بحجم ناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 399 مليار دولار، تواجه تحديات اقتصادية تعكس تنوع الواقع الاقتصادي في القارة الأفريقية.
بالإجمال، يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة البريكس حوالي 27.67 تريليون دولار، مما يعكس دورها المهم في تشكيل اتجاهات الاقتصاد العالمي والتعاون الدولي.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور إســـلام جـمـــال الـدين شــــوقي، أن مجموعة البريكس تعد تكتُّلًا يواجه موقف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي؛ كونهما يعرقلان أي محاولات لتقاسم النفوذ الدولي، بما في ذلك التمثيل في المؤسسات الدولية؛ مثل الصندوق الدولي والبنك الدولي إذ يتعارض ذلك مع استراتيجيتها ومصالحها في العالم.
أشار إلى أن البريكس تسعى إلى تكوين نظام عالمي جديد متعدد القطبيّة، وتعزيز التّعاون الاقتصاديّ والسّياسيّ والثّقافيّ لتحقيق مصالح الدّول المشتركة، من خلال تشكيل نظام اقتصاديّ متعدّد الأقطاب، يكون مؤثّرًا في رسم السّياسة العالميّة الجديدة بتغيير هيكلة النظام الاقتصادي العالمي وبنيته التحتية، يستتبعه تغيير في موازين القوى الدولية، موضحا أن تكتل “بريكس” من أهم التجمعات والتكتلات الاقتصادية على مستوى العالم، حيث نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26 % من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم.
ويرى الخبير الاقتتصادي، أن العلاقات الاقتصادية بين الدول مدخل هام لتحقيق التعاون السياسي؛ لذا قام شكَّل “بريكس” مجموعة أنظمة، وأنشأ عدة مؤسسات؛ منها بنك جديد في شنغهاي بالصين باسم “بنك التّنمية الجديد”؛ ليكون بديلًا للبنك الدولي؛ وهو بنك متعدد الأقطاب-هدفه التخلص من هيمنة الدولار واليورو اللذين يعتمدهما صندوق النقد الدولي- برأسمال 100مليار دولار من احتياطي العملات التي تمتلكها بريكس؛ ما يُعد نظام أمان يتم اللجوء إليه في حالة الطوارئ، كما سيعود بالنفع على الدول الأعضاء.
كذلك، أنشأ “صندوق بريكس”؛ ليكون بديلًا لصندوق النقد الدّولي، يقدم علاجًا للتخلص من سيطرة الديون التي يؤسس لها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ وذلك خطوة أولى لإنشاء نّظام عالمي جديد؛ حيث تكون أسواق دول “بريكس” أكثر حرصًا على اجتذاب رؤوس الأموال العالميّة.
توسيع “بريكس”
وتابع: اقترحت الصين توسيع “بريكس”؛ لأهمية التوقيت الحالي في تحوَّل التكتُّل من فكرة اقتصادية إلى ما هو أكبر من ذلك؛ حيث بات بمثابة تكتُّل سياسي في مواجهة الهيمنة العالمية أحادية الجانب من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين؛ وبالتالي، يحاول التكتُّل خلق نظام عالمي جديد؛ بالجمع بين دول ذات أهمية استراتيجية في قارات العالم المختلفة.
وأردف: تؤكد بكين على التمسك بالمشاورات المكثفة، والمساهمة والمنافع المشتركة، وتدعيم الانفتاح والشمول، ومعارضة الانغلاق والإقصاء، والدعوة إلى التمسك بقوة النظام الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة، ومعارضة تشكيل “تكتلات صغيرة”، وإجبار الدول الأخرى على اختيار طرف معين؛ حيث تعتزم بكين العمل على زيادة الاستثمار والتعاون في مجال التنمية، كما أنها تعلم جيدًا أن ضم كلٍ من مصر والسعودية والإمارات لهذا التكتل يضيف له قوة كبيرة، من حيث قوة التأثير في أسواق النفط والغاز العالمية، وقوة الموقع الاستراتيجي، فيما يسمح التكتل-في المقابل- لهذه الدول بالاستفادة اقتصاديًا واستثماريًا، ويصبح قوة مساندة للدول الأعضاء على إقليميًا ودوليًا.
خطوات مصر للانضمام:
لفت إلى أن مصر تقدمت بطلب غير رسمي منذ عدة سنوات، قبل أن تطلب ذلك بشكل رسمي مؤخرًا، حيث تجني مصر من انضمامها لبريكس، فوائد اقتصادية وسياسية؛ أما الأولى فتكمن في دخولها مع الصين وروسيا في مجالات شراكة في مجالات الطاقة الشمسية وتصنيع السلاح، وجذب الصناعة الصينية لمصر، بإنشاء مركز لوجستي للصين في مصر، وتقليل حركة الاستيراد من الصين، وزيادة الصادرات المصرية والاستفادة من البريكس في استخدام العملات المحلية للدول للأعضاء بديلًا عن استخدام الدولار وهو ما تحتاج إليه مصر لتنويع سلة العملات الأجنبية لها ومواجهة النقص الحاد في النقد الأجنبي، وأما الثانية فتكمن في تكوين شراكة دولية مع دول بريكس، مع كسب دولتين من الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن؛ وهما الصين وروسيا.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى