رأي

هاني الجمل  يكتب.. فوفوزيلا جنوب إفريقيا.. أحدثت ضجيجا في ضمائر الإنسانية 

الكاتب باحث في الشؤون الإقليمية والدولية 

«مانديلا يبتسم في قبره» بهذه الجملة قليلة الحروف كبيرة المعاني وصف وزير العدل الجنوب إفريقي قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل هذه القضية المفصلية في تاريخ البشرية والتي أيقظت ضمائر العالم دعما للقضية الفلسطينية التي ظلت مايقرب من 75  عاما تعاني الأمرين من احتلال إسرائيلي قضم أرضها وشتت شعبها ودنس مقدساتها وبين مجتمع دولي صم أذنيه عن صراخ الأطفال والنساء وأنين الشيوخ ولم يحرك ساكنا من أجل تنفيذ قرارا دوليا يعيد الحقوق لاصحابها او حتي يمنع عنهم جرائم الارهاب والإبادة الجماعية التي مارستها إسرائيل ضدهم .

ولكن شاء القدر أن تأتي دولة جنوب أفريقيا من بعيد وهي الدولة التي عانت نظام الفصل العنصري والذي مارسه البيض ضد السود طيلة أعوام طويلة لتطلق أبواق الفوفوزيلا في ضمائر الانسانية للتجمع لنصرة القضية الفلسطينية وأخذت علي عاتقها تقديم شكري لدي محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل طبقا للمادة التاسعة من ميثاق اتفاقية منع الابادة الجماعية التي صاغها المحامي البولندي ذو الاصول اليهودية عام 1948 لنصدق عليها الجمعية العامة للامم المتحدة وتستغلها إسرائيل في إبتزاز ألمانيا لما كانت تمارسه ضدها من تطهير عرقي كما كان يدعي يهود أوروبا ولكن ” كل ساقي يسقي بما سقي ” أو كما نقول : علي الباغي تدور الدوائر

وأمام محكمة العدل الدولية وقف أبناء المناضل الاسمر نيلسون مانديلا أحد أقطاب مناهضة العنصرية ليقدموا دفوعهم القانونية الموثقة بجرائم الابادة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين أمام مرأي ومسمع من المجتمع الدولي ليأكدوا كذب الرواية الاسرائيلية والامريكية في شرعية إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد عمليات المقاومة الفلسطينية وأمام هذا السجال القانوني بين فريق جنوب افريقيا وبين فريق إسرائيل جاء حكم محكمة العدل الدولية بأغلبية ساحقة فقد أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً ابتدائياً وتدابير طارئة بحق إسرائيل في الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا متهمة إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية و يتضمن الحكم: اتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية و ضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة فضلا عن منع ومعاقبة أي تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية في غزة مع اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية و عدم التخلص من أي دليل يمكن أن يستخدم في القضية المرفوعة ضدها بجانب تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام بهذه الاحكام التاريخية انتصرت جنوب افريقيا وفريقها القانوني علي إسرائيل  وكشفت العوار الدولي في دعم إسرائيل ضد الأبرياء والعزل من الفلسطينيين

الموقف الاسرائيلي من أحكام محكمة العدل الدولية 

بعد هذه الهزيمة المدوية في ساحة محكمة العدل الدولية أطل علينا السفاح الاكبر نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل ويده تقطر دما في تصريح لايقل سماجة عن شخصيته السياسية في تعليق على قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي مؤكدا أن إسرائيل “ملتزمة بمواصلة الدفاع عن نفسها”وإن التزام إسرائيل بالقانون الدولي لا يتزعزع وبنفس القدر من الالتزام المقدس سنواصل الدفاع عن بلدنا والدفاع عن شعبنا و برفضها تهمة الإبادة الجماعية الموجهة ضد إسرائيل ليست كاذبة فحسب بل إنها شنيعة ويجب على الأشخاص المحترمين في كل مكان أن يرفضوها” هكذا اعتاد نتنياهو الكذب وتصدير الأزمة لغيره حتي يحقق مجده الشخصي بكونه أصغر رئيس وزراء إسرائيلي وأطولهم وجودا في الحكم وأكثرهم دموية

فيما جاء رد فعل أيقونة اليمين الإسرائيلي المتطرف 

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي  والذي انتقد  محكمة العدل الدولية لإصدارها سلسلة من الإجراءات المؤقتة ضد إسرائيل ووصف الهيئة الدولية بـ”المعادية للسامية”وذلك في تعليق بن غفير على قرار العدل الدولية التي طالبت إسرائيل باتخاذ كافة الإجراءات لمنع “الإبادة الجماعية” في غزة وقال الوزير اليميني المتطرف “إن قرار المحكمة المعادية للسامية في لاهاي يثبت ما كان معروفا بالفعل – هذه المحكمة لا تسعى إلى العدالة بل إلى اضطهاد الشعب اليهودي لقد كانوا صامتين خلال المحرقة واليوم يواصلون النفاق ويخطون خطوة أخرى إلى الأمام وهكذا تمارس إسرائيل أكذوبتها علي العالم .

في حين كانت الفرحة تعم الاجواء العالمية بسبب هذا الحكم التاريخي الذي يضع إسرائيل ومن خلفها أمريكا في مأزق كبير ففي حالة عدم انصياع إسرائيل لهذه الأحكام سوف تحيل المحكمة ألية التنفيذ إلي مجلس الأمن والذي ضج بكثرة استخدام الفيتو الأميركي ضد القرارات والرغبات الدولية بوقف الاستيطان الاسرائيلي وعمليات الإبادة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين ليضع محكمة العدل الدولية علي المحك في سابقة ستكون هي الأولى من نوعها إذا استخدمت أمريكا حق الفيتو ضد هذه الأحكام وهو ما يضع محكمة العدل الدولية في حالة من الانتقاء لشرعيتها وكونها هي حامي حقوق الشعوب من جرائم الإبادة ولهذا تسعي أمريكا بالضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ هذه القرارات حتي لا تقع في هذا المأزق حتي لو كلفها الإطاحة بنتنياهو من سدة الحكم.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى