رأي

عميد عماد اليماني يكتب.. رؤية حول ترشيد الاستهلاك وتغيير نمط الحياة

يعيش العالم سلسلة من الأزمات تسببت فيها الحروب والنزاعات والأوبئة، فكان فيروس كورنا الذي خلف خسائر مفزعة في الاقتصاد العالمي، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية وما تلاها من تأثيرات مباشرة على الاقتصاد العالمي بسبب سلسلة الإمداد في الطاقة والغذاء، وهو الأمر الذي جعل العديد من الأنظمة في العالم تبحث عن سياسة الترشيد في الاستهلاك في كل شيء في الطاقة وفي الغذاء، وهو موضوع حديثي اليوم حول الأنماط الاستهلاكية في الوطن العربي.

الشعوب العربية شعوب استهلاكية بشكل مبالغ فيه، وأغلب أنماط حياة العرب لا تتفق مع الإسلام في المأكل والمشرب والمسكن وكل أساليب الحياة، فالشعوب العربية أكثر الشعوب في العالم استهلاكًا في كل شيء، فتجد السيارات الفارهة مكتظة بها الدول العربية أكثر من الدول التي تصنعها، ففي بعض الأسر تجد عشرات السيارات، هذا جانب، في جانب التكنولوجيا تجد أيضا الاستهلاك العربي مبالغًا فيه، فنحن شعوب أقل إنتاجا وأكثر استهلاكًا.

اقرأ أيضا: عماد اليماني يكتب.. “الحكمة” في صفقة رأس الحكمة

في المأكل والمشرب والملبس حدث ولا حرج، إسراف وبذخ غير مبرر وغير مناسب لمستوى دخل الفرد، كما وصل بنا العبث أننا نلقي في القمامة أكثر من نصف الأطعمة، لذلك لا بد أن ندشن حملات توعية حقيقية وجادة من خلال برنامج (بالوعي تبنى الأمم) الذي أطلقه مركز العرب للأبحاث والدراسات في شهر رمضان الماضي بالقاهرة، وليكن تغيير أنماط الحياة في الوطن العربي وترشيد الاستهلاك أحد برامجنا.

نريد برامج ومشروعات حقيقية تدعو إلى ترشيد الاستهلاك في الوطن العربي، ولتكن القاهرة هي نقطة الانطلاق، إذ يشكل الاستهلاك المبالغ فيه في كل متطلبات الحياة عقبة حقيقية أمام التنمية.

نحن نعيش حياة لا تتناسب مع الظروف المحيطة، ففي ظل الغلاء وارتفاع مستويات المعيشة نجد الاستهلاك كبيرًا جدًّا في كل أوجه الحياة، فمثلًا الأسرة المتوسطة تستهلك كميات كبيرة من المواد الغذائية، وقد يتم التخلص من بعض الأكلات بإلقائها في القمامة، نحن لا نعرف سياسة الترشيد، ونعيش حياة البذخ في كل الظروف الصعبة وغير الصعبة، رغم أن الدين الإسلامي يحثنا على ترشيد الاستهلاك في كل شيء، في المأكل والمشرب والملبس، حتى الأفراح تجدها غير مناسبة لمن يقيمها، فقد نجد رجلًا متوسط الدخل يكلف نفسه فوق طاقتها ويستدين حتى يقيم عرسًا لابنه لكي يتحاكى به، على الرغم من أن الله -عز وجل- قال “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”، فنحن نكلف أنفسنا فوق طاقتها، نستدين وندخل في دائرة مستمرة من الديون بسبب هذا البذخ، حتى استخدام التكنولوجيا كذلك، فليس هناك سوى الشعوب العربية التي نجد الشخص فيها يحمل أكثر من هاتف وأكثر من رقم، ويكلف نفسه الكثير والكثير من أجل التظاهر والمظاهر الكاذبة.

في النهاية أقول نحن نعيش على سلسلة من الأخطاء المتراكمة التي أصبحت نمط حياة نعيشها في كل الأوجه، خاصة المأكل والمشرب والملبس والتكنولوجيا.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى