الرئيسيةنوافذ الفكر

الفقر والاجتهاد لا يجتمعان.. (رؤى) محمد فتحي الشريف

الكاتب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات

(لو كان الفقر رجلًا لقتلته) مقولة تنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب، وبعيدًا عن صحة نسب المقولة السابقة إلى سيدنا علي، وهو موضوع جدلي وخلافي، وغير مؤثر في المضمون، لذلك أشرع بشكل مباشر في مساحة اليوم وأخصصها للحديث عن الفقر، وأنواعه وتأثيره على الإنسان والمجتمع.

الفقر في أبسط تعريف له هو الحاجة إلى الموارد المالية لتحقيق العيش في الحياة بمستوى قليل وتحقيق المطالب الأساسية للإنسان، ووفقًا لوجهة نظري في تعريف الفقر هو عدم قدرة الإنسان على تحقيق مطالب الحياة من مأكل وملبس ومشرب في أضيق الحدود بشكل ذاتي دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين.

فكل من يعجز عن توفير المأكل والمشرب والملبس لمن يعول هو فقير، والمعيار الدولي للفقر هو حصول الفرد على دخل يومي ثابت أقل من دولار.

الفقر نوعان فقر مطلق وفقر نسبي، إذ يمكن تعريف الفقر المطلق على أنه عجز الفرد عن توفير الاحتياجات الضرورية للحياة، وهو لا يتعلق بنوعية الحياة التي يعيشها المجتمع، والفقر النسبي هو أوضاع المجتمع الاقتصادية.

وهناك أنواع أخرى من الفقر منها فقر الأخلاق وفقر العلم وفقر الوعي وفقر الرؤية وفقر التحليل، وكلها مرتبطة بفقر المال الذي يعد أحد عوامل الفقر العام.

للفقر آثار سلبية عديدة على الفرد والمجتمع، فعلى الفرد يكون له تأثير سلبي على الصحة العامة خاصة لدى الأطفال، إذ إن أغلب المجتمعات الفقيرة تجد الصحة العامة للأطفال متأخرة والأمراض المتعلقة بالغذاء منتشرة ومتكررة بشكل كبير، كما أن الفقر يتسبب في مشاكل نفسية عميقة لكل أفراد الأسرة، كما يؤثر الفقر على المستوى التعليمي للأطفال، لأن أغلبهم يعملون ويتغيبون عن الدراسة، كما أن الدراسات الحديثة التي ركزت على المجتمعات الفقيرة وجدت أمراضا عديدة منتشرة قد تصل أحيانًا إلى ضعف وظيفة الدماغ.

في المجتمعات الفقيرة ينتشر الجهل ويغيب الوعي، والفقر في عُرف بعض الناس يشكل جريمة يجب محو آثارها، والفقر يجعل الحياة لا تطاق، وقد يُفقِد الفقرُ الإنسانَ هيبتَه واحترامَ الآخرين له، كما أن الأخلاق تتآكل في الفقر كما يتآكل المعدن الذي يقطر فوقه الماء كما قال الكاتب أحمد خالد توفيق، وإن كنت لا أتفق معه في تلك المقولة، وذلك لأن الأخلاق لها مفهوم مختلف قد تتواجد مع الفقر وقد تختفي مع الغنى، والمجتمع العربي يكتظ بالنماذج التي لا يرتبط فيها الفقر بالأخلاق، وقد وصف القرآن الكريم الفقراء المتعففين أصحاب الأخلاق بقوله تعالى “لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (273 سورة البقرة).

وفي النهاية أقول إن المجتمع الفقير مجتمع جاهل مريض كسول، والمجتمع الغني مجتمع قوي متعلم نشيط، والاثنان لا يجتمعان في شخص واحد (الاجتهاد والفقر)، فعندما يوجد الاجتهاد والعمل في مجتمع يختفي منه الفقر والجهل والمرض، فالاجتهاد يسبق العبقرية ويخلصنا من الفقر.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى