رأي

عماد اليماني يكتب.. “الحكمة” في صفقة رأس الحكمة

في توقيت صعب للغاية نجحت القيادة المصرية في وضع حل عاجل وسريع لواحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية التي عاشتها البلاد على مدار السنوات الأخيرة والمتمثلة في أزمات سعر الصرف، إذ جاءت صفقة استثمار منطقة رأس الحكمة، بالساحل الشمالي الغربي للبلاد كحل عاجل للأزمة، فما أن أعلنت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي تفاصيل الصفقة حتى انهارت السوق الموازية للدولار، وتراجعت أسعار الذهب بشكل كبير، وسط توقعات بإعادة الانضباط للأسعار التي شهدت انفلاتًا كبيرًا خلال الفترة الماضية.

وتعد هذه الصفقة هي الأكبر في تاريخ البلدين، حيث قدرت الصفقة بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخَّ نحو 35 مليار دولار استثمارًا أجنبيًّا مباشرًا للخزانة المصرية خلال شهرين، كما أنها الصفقة الأكبر كاستثمار مباشر في تاريخ البلاد.

وبموجب الاتفاق، يضخُّ الجانب الإماراتي استثمارًا أجنبيًّا مباشرًا لمصر بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، يتم سدادها على دفعتين؛ الأولى خلال أسبوع، بواقع 15 مليار دولار تشمل 10 مليارات دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري، بينما تتضمن الدفعة الثانية التي سيتم سدادها بعد شهرين 20 مليار دولار، وتشمل 14 مليار دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري.

هذه الأموال ستساهم بشكل مباشر في تخفيف وطأة النقص الدولاري في السوق المصري، ووجهت ضربة قاصمة لتجار السوق الموازي للعملات، وهو ما ظهر حتى في العملات العربية، حيث تراجعت جميعًا أمام الجنيه الذي حقق مكاسب كبيرة أظهرت أن حجم المضاربات التي تمت خلال الفترة الماضية لم تكن حقيقية بالمرة، وأن الحديث عن انهيار العملة المصرية، كان مفتعلًا ولم يكن حقيقيًّا، إذ تقف وراءها جهات تريد الإضرار بالمصالح المصرية واستغلال الأوضاع الاقتصادية للضغط على صانع القرار المصري، إلا أنهم فشلوا في ذلك بكل تأكيد.

وبموجب هذه الصفقة زاد حجم الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري لتصل إلى نحو 11 مليار دولار، سيتم التنازل عنها ضمن استثمارات مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة، لافتًا إلى أن حصة مصر من أرباح مشروع مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي تقدر بنحو 35 في المئة.

العائد المباشر بالنسبة للمواطن المصري من هذه الصفقة العملاقة يمكن ملاحظته خلال الأيام الماضية في أسعار السلع، إذ إنه من المتوقع أن تساهم في «كبح جماح» التضخم والقضاء على «السوق الموازية» للدولار.

ويصنف كثير من الاقتصاديين هذا الاتفاق بمثابة «حل عاجل» لمواجهة الفجوة الدولارية وأداة مهمة تحتاجها الحكومة المصرية لإحداث التوازن بين السعر الحقيقي للجنيه والسعر المتداول للدولار في «السوق الموازية» نتيجة المضاربات، مشيرين إلى أن تحقيق ذلك لا يأتي إلا بتوفير موارد دولارية تغطي احتياجات الاقتصاد بمتطلباته كافة.

كما أن هذه الصفقة ستساهم في تنمية منطقة «تأخر العمل بها»، فضلًا عن أن مراحل العمل التالية بتنمية منطقة رأس الحكمة ستوفر مزيدًا من الاستثمارات، وهو ما «ينعش السيولة السوقية، ويعزز الثقة في قدرة الحكومة على احتواء الأزمة الاقتصادية الراهنة عبر استعادة الاستثمار المباشر»، الذي رأت أنه «يتطلب أجواء من الاستقرار السياسي والأمني والإقليمي، وكذلك استقرار سعر الصرف».

ويرجح الكثيرون أن تنعش هذه «الصفقة» زخم الاستثمار المباشر، خاصة مع دخول شركات كبرى وصناديق استثمار لها سمعة عالمية، وأن تسهم «الصفقة» في استعادة الثقة لدى المواطن والمستثمر المحلي بإمكانية تجاوز الأزمة الراهنة، وذلك عبر توفير أدوات سياسية واقتصادية مستدامة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى