رأي

د. أحمد سالم يكتب.. حق الفيتو الأمريكي ينذر بتصفية القضية الفلسطينية

الكاتب عضو هيئة التدريس في جامعة الأزهر

أعلنت الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي رفض مجلس الأمن طلب فلسطين للحصول على عضوية الأمم المتحدة يوم الخميس الماضي، فيما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو).

وعلى الرغم من بلوغ الأصوات المؤيدة للانضمام بأغلبية 12 صوتًا مقابل صوت واحد وامتناع عضوين عن التصويت، فلم يعتمد المجلس مشروع قرار كان سيوصي الجمعية العامة بإجراء تصويت مع أعضاء الأمم المتحدة الأوسع للسماح لفلسطين بالانضمام كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

ويعتبر مشروع القرار من بين أقصر مشاريع القرار في تاريخ المجلس: “إن مجلس الأمن ، بعد أن نظر في طلب دولة فلسطين للانضمام إلى الأمم المتحدة ( S/2011/592 )، يوصي الجمعية العامة بأن تقوم دولة فلسطين قبول عضويتها في الأمم المتحدة.”

ويشترط لكي يتم إقرار مشروع القرار أن يحظى مجلس الأمن بتأييد تسعة أعضاء على الأقل، وألا يستخدم أي من أعضائه الدائمين (الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) حق النقض.

وقد قدمت فلسطين طلبًا إلى الأمين العام في 2 أبريل، تطلب فيه إعادة النظر في طلب سبق أن تقدمت به في عام 2011 لتصبح دولة عضوًا في الأمم المتحدة، وفي عام 2011، نظر مجلس الأمن الطلب، لكنه تذرع بعدم تمكنه من إيجاد وحدة في إرسال توصية إلى الجمعية العامة، التي يجب وفقا لميثاق الأمم المتحدة إجراء تصويت تشارك فيه الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة. وتتمتع فلسطين بوضع مراقب دائم في الأمم المتحدة منذ عام 2012، وقبل ذلك كانت مراقبًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أرسل مجلس الأمن الطلب الأخير إلى لجنته المعنية بقبول الدول الأعضاء، التي اجتمعت يومي 8 و11 من أبريل لمناقشة هذه المسألة، في خضم الحرب المستمرة في غزة، والانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، إلا إن أمريكا كعادتها في دعم إسرائيل المطلق استخدمت حق الفيتو.

وتم منح حق الفيتو (النقض) للأعضاء الخمسة الدائمين عندما تم إنشاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن في عام 1945 في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وقال مدير مجموعة الأزمات الدولية بالأمم المتحدة، ريتشارد جوان، لشبكة CNN، إن منح هذه الدول القدرة على حماية نفسها من قرارات مجلس الأمن كان الطريقة الوحيدة التي تمكن الرئيس فرانكلين روزفلت من إقناعها بالانضمام إلى الأمم المتحدة.

كيف دعمت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل بحق الفيتو؟

لقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد أي قرارات تنتقد إسرائيل أكثر من أي عضو آخر في المجلس، والذي بلغ استخدامه 46 مرة حتى 18 ديسمبر 2023، وفقًا لتحليل أجرته شركة بلو ماربل. استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد 89 قرارًا في مجلس الأمن منذ عام 1945، مما يعني أن ما يزيد قليلاً عن نصف حق النقض قد تم استخدامه على قرارات تنتقد إسرائيل، ومن بين القرارات التي تم رفضها، 33 قرارًا تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أو انتهاكات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

ثم تعيد الولايات المتحدة الكرة في الدعم المطلق لإسرائيل باستخدام حق الفيتو الجائر ليبلغ عدد الفيتو الأمريكي 47 ضد القضية الفلسطينية، الأمر الذي يعكس إستراتيجية الولايات المتحدة في التعامل مع القضية الفلسطينة، ويعطي مؤشرًا بعدم رغبتها في حلول السلام في المنطقة العربية، وينذر بتصفية القضية الفلسطينية بدعم أمريكي جائر.وقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في الأحداث الأخيرة  في غزة، ثلاث مرات بعد رفض مشروع القرار الذي قدمته الجزائر في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والذي يعد «الفيتو الثالث» الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية ضد قرار للأمم المتحدة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبرالماضي، وقبل طوفان الأقصى كان آخر فيتو استخدمته الولايات المتحدة ضد القضية الفلسطينية في 18 ديسمبر 2017، وقد استخدمته ضد مشروع قرار مصري يرفض إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب، وقد حاز المشروع المصري على تأييد 14 دولة من أصل 15 صوتًا في مجلس الأمن الدولي.

وقد أعلنت وزارة الخارجية المصرية في البيان الصادر يوم ١٨ أبريل الجاري عبر صفحتها الرسمية أن جمهورية مصر العربية تعرب عن أسفها البالغ إثر عجز مجلس الأمن، على خلفية استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وذلك في توقيت حرج تمر فيه القضية الفلسطينية بمفترق طرق يحتم على الدول تحمل مسئوليتها التاريخية باتخاذ موقف داعم للحقوق الفلسطينية، وخلق أفق سياسي حقيقي لإعادة إطلاق عملية السلام بهدف التسوية النهائية للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإقرار عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة هو حق أصيل للشعب الفلسطيني الذي عانى من الاحتلال الإسرائيلي على مدار أكثر من ٧٠ عامًا، وخطوة هامة على مسار تنفيذ أحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية المُتعارَف عليها لإرساء حل الدولتين، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف، مؤكدة حتمية تمكين الشعب الفلسطيني بصورة كاملة من ممارسة كافة حقوقه الشرعية.

واعتبرت مصر أن إعاقة إقرار حق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته لا يتماشى مع المسئولية القانونية والتاريخية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي تجاه إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية.

وطالبت جمهورية مصر العربية عبر البيان الرسمي الأطراف الدولية الداعمة للسلام بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتعامل بالمسئولية المطلوبة مع الظرف الراهن لإعادة الأمل في إحياء عملية السلام على أسس جادة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة ومتصلة الأراضي، على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في سلام جنبًا إلى جنب مع إسرائيل.

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى