رأي

د. محمد جبريل العرفي.. ليبيا والحرب الأوروبية وتقاسم النفوذ الدولي

يعيش العالم حربا أوروبية، ستكون نتائجها علينا أسوأ من الحربين السابقتين، حيثُ رسمت خريطة العالم وفق مجالات النفوذ والسيطرة بين فرنسا وبريطانيا وبموافقة روسيا القيصرية، بوثيقة (سايكس وبيكو) 16/5/1916م، ومع نهاية الحرب أدت اتفاقية لوزان في 24/7/1923م إلى اقتسامنا كغنائم حرب للمستعمر الإسباني والإنجليزي والفرنسي والإيطالي، الآن نحن نعيش نفس الأجواء والظروف بنفس العقليات الاستعمارية، وباستغفال الزعامات الزائفة الساذجة، فالإنجليز دائماً يجدون نسخا من الشريف حسين يغرونه بوهم خادع.

الإنجلوساكسون يسابقون الزمن لاقتسام كعكة ما بعد الحرب الأوروبية التي نشبت، فيسعون لطرد الروس من إفريقيا، لخنق أوروبا بالسيطرة على إمدادات الطاقة، والتحكم في ممرات الإرهاب والتهريب والهجرة والمخدرات. وخاصة أن فرنسا تفقد مناطق نفوذها التاريخية في إفريقيا لصالح روسيا.

ليبيا تعيش ظروف 1949 عندما ظهر مشروع بيفن سفورزا في 10/3/1949 لوضعنا تحت الانتداب الثلاثي، هذا شبه واقع الآن، حيث أمريكا متربعة في الغرب فأعادت احتلال قاعدة معيتيقة مباشرة، وقاعدة عقبة من خلال الأتراك، بينما فرنسا تتآمر على الجنوب وتعبث بتركيبته الديموغرافية، توظف فيه عملاءها بقصد سلخه عن باقي الوطن وتحويله إلى دولة إثنية معادية، وخاصة بعد فشل المحاولة الانقلابية في تشاد على ديبي، والتي أشيع أن وراءها الروس، فارتمى ديبي في أحضان الإسرائيليين.

بريطانيا تسعى جاهدة لإعادة احتلال برقة، مستخدمة مقولتها القديمة «فرق تسد» ومطبقة لقاعدتها «نحن لا نحكم الهند، ولكن نتحكم في من يحكم الهند» فتوظف أربعة عناصر؛ هي التنظيمات الإسلاموية، ومؤيدو الملكية، والنزعات الانفصالية، والواجهات القبلية الكرتونية الطماعة الساذجة الجاهلة.

التنظيمات الإسلاموية هي الأخطر من بين هذه الأدوات الأربع، الإنجلوساكسون يكررون لي توظيفهم لهم لإسقاط الأنظمة. عام 1928 أسسوا جماعة الإخوان لإسقاط الدولة العثمانية، وفي السبعينيات أسسوا تنظيم القاعدة لإسقاط الاتحاد الاتحاد السوفيتي، وعام 2011 حشدوهم لإسقاط النظام التحرري في ليبيا.

لكي نكتشف دور الإنجليز في المؤامرة، علينا العودة بالذاكرة إلى تعويضهم (لولدهم our boy) وتزويقه بالاعتذار له وتبرئته من تهمة الإرهاب وتقديمة على أنه سياسي مدني ورجل أعمال، فأنشأ شركات وحزبا سياسيا لتستقبله الدول بالبساط الأحمر، وبرفقته المضيفات العاريات ليبعد شبهة الفكر الظلامي، وليستكمل تجميع القيادات الإرهابية، أولهم كان تنتوش من جنوب إفريقيا، وأنس الرقيعي والبكوش اللذان تم إحضارهما إلى طرابلس على ظهر البارجة الإنجليزية، وآخرهم الإرهابي أبو عبيدة الزاوي.

لكن يخطئ من يظن أن الشعب الليبي غير مسيس، فقد اكتشف تنظيم الإرهاب وأسقطه وطرده، إلى أن قام الإنجلوساكسوني وبقيادة الأبلة ستيفاني بإرجاعه مرة أخرى ضمن توليفة الإسلامويين في جنيف، علامات الاستفهام: من أعاد هذا التنظيم؟ ولماذا أعادوه؟ وكيف سيستخدمونه؟ الإنجليز هم من أعدوا هذا التنظيم، وبالتنسيق مع الأمريكان؛ ليصبح رأس حربة لتحطيم (الصخرة الصماء) التي تعرقل مشروعهم في التمكين من حكم ليبيا، والتربع على 2000 كيلومتر من جنوب المتوسط، والتوغل جنوب الصحراء، ليبيا هي البوابة التي يدخلون منها إلى إفريقيا، وهي خاصرة مصر التي تزعزع أمنها، وهي الحارس الجنوبي للاتحاد الأوروبي، الآن الترتيبات تسير على قدم وساق لسيطرة الزنادقة على ليبيا بقيادة المفتن، وبدعم الإنجليز وتواطؤ الأتراك، لصالح مشغلهم الكبير أمريكا.

الآن تتدفق الأموال والأسلحة والمتفجرات ويجري تحشيد المقاتلين، العبث بالحاضنة الاجتماعية، وتجهز خطة للتضليل الإعلامي لزرع الفتنة، فخروج (ولدنا our boy) أمس على قناة مرئية شرقية جزء من هذا المخطط، كل ذلك تقوم به سلطة الظل، دون علم السلطات الأخرى، تنفيذاً لخطة الإلهاء وإشاعة الاسترخاء بحوارات خادعة ومسارات فاشلة، القصد منها لفت النظر بعيدا عن الجهد التآمري المستمر لتهيئة الظروف الداخلية لتنفيذ المؤامرة، بتسلل الإرهابيين والتغلغل وسط الجموع وزرع الفتنة، لكن لن يفلحوا، فالصخرة الصماء لهم بالمرصاد، وقوتها الوطنية تكشف المستور وتجذر الوعي وترص الصفوف.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى