الرئيسيةدراساتسياسية

رامي زهدي يكتب.. الإرهاب في أفريقيا خطر ليس ببعيد

الإرهاب في أقصى الأرض.. ليس ببعيد عن أدناها، وتأثيره ممتد ولا أحد في أمان، ولا أمان مطلق أبدا

ليس ما يحدث في أفريقيا أو في أستراليا أو في الصين على سبيل المثال ببعيد عن اليابان أو أوروبا أو مصر أيضا على سبيل المثال، يبدو أن العالم صار أقرب من ذي قبل، والسلبيات تحديدا أسرع انتقالا من نطاق جغرافي إلى آخر أكثر من الإيجابيات.

لا أحد يستطيع الآن أن يقول إن جماعة إرهابية أو تنظيما فكريا متطرفا في أفريقيا مثلا بوكوحرام أو جماعة أبناء الرب أو حركة الشباب الصومالي هي جماعات محدودة التأثير في نطاقها الجغرافي فقط، للأسف الشديد التأثير ممتد والاقتداء في الأفكار الهدامة مستمر، بل إن بعضهم يبايعون بعضا على السمع والطاعة رغم بعد المسافات واستحالة اللقاء المباشر.

رؤية عن الإرهاب في القارة الأفريقية

على مدار عقود مضت، وبخاصة منذ مطلع التسعينيات، شهدت القارة الأفريقية تنامياً ملحوظاً للجماعات المتطرفة التي أخذت تتوسع يوماً تلو الآخر، على وقع العديد من العوامل التي وفّرت مناخاً مناسباً لنمو تلك الجماعات؛ سواء العوامل السياسية أم الاقتصادية وكذا الاجتماعية والثقافية وغيرها، حتى ظهرت جماعات مثل حركة بوكوحرام في نيجيريا وأنصار الدين في مالي وشباب المجاهدين في الصومال.

إضافة إلى تنظيم القاعدة في المغرب ونشاطاته وبصماته في مالي والنيجر وموريتانيا، حتى خلايا «داعش» في القارة السمراء، وغيرها من الجماعات الأخرى التي وجدت في أفريقيا بيئة خصبة لأفكارها وعمليات الاستقطاب التي تقوم بها، على اختلاف منهجية كل تنظيم ومع الاختلافات الأيدولوجية بينهم بشكل خاص.

وفي ظل الخسائر التي مُني بها تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، صار المهرب والملجأ المناسب له هو أفريقيا، وهذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي قال في تصريحات لقناة «فوكس بيزنس» فبراير الماضي – إن مقاتلي «داعش» بعد إلحاق الهزيمة بهم سوف يزحفون من سوريا إلى دول أفريقية.

ولفت إلى أن «مقاتلي داعش يحاولون منذ فترة الهروب والتمركز في أفريقيا»، وخصّ بالذكر «شمال ليبيا» كوجهة أولى. وذلك أيضاً ما أكده في تصريحات سابقة مساعد سكرتير مجلس الأمن الروسي ألكسندر فينيديكتوف، الذي كشف عن أن جزءاً من المسلحين الدواعش انتقل إلى أفريقيا بعد هروبه من سوريا والعراق، وقاموا هنالك (في أفريقيا) بتشكيل خلايا من «القاعدة» وداعش.

توصف أفريقيا بأنها صارت ساحة بديلة للإرهاب بصفة عامة، وبشكل خاص الإرهاب الداعشي، تلك الساحة الشاهدة على بزوغ العديد من الجماعات الإرهابية خلال العقود الماضية والتي استهدفت بعضها ضرب المصالح الغربية في القارة.

فتقرير مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية (الصادر في ديسمبر الماضي) لفت إلى أن «مناطق الصراعات في أفريقيا مرشحة لتكون مسرح العمليات الإرهابية المقبلة» وخص بالذكر الصومال ونيجيريا وأيضاً الكونغو وموزمبيق وما شهدته تلك البلدان من عمليات العام الماضي. وذكر أن “تفاقم الصراعات العرقية في قلب القارة السمراء يزيد من هذا التوقع”.

يؤكد ذلك أيضاً التقرير الصادر مطلع شهر مارس الجاري عن مركز التفكير الأمريكي حول الأمن «ستراتفور»، والذي أكد التزايد الملحوظ لتدفقات المقاتلين الأجانب إلى دول أفريقية خلال العام الماضي بصفة خاصة، تحت وطأة هزيمتهم في سوريا والعراق. وأن تلك العناصر قامت بالالتحاق بتنظيمات أخرى تسعى إلى إقامة دويلات لهم (على نهج داعش) بما يشكل خطراً داهماً على القارة.

يدعم ذلك تضاعف أعداد التنظيمات المتشددة في القارة، طبقاً لتقرير صادر عن المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية مطلع العام الجاري، ذكر أن 13 دولة أفريقية شهدت هجمات إرهابية في العام ذاته.

واللافت أن تنظيمي «القاعدة» و«داعش» باعتبارهما نسختين من الإرهاب العالمي «كان وجودهما مرتبطاً بالأساس بالقارة الآسيوية»، والآن بدأت تظهر نسخة ثالثة بديلة مقرها ومركز انطلاقتها القارة الأفريقية؛ على أساس أن الوقائع الراهنة تؤشر على أن مسرح العمليات وساحة حركة المتطرفين ميدانها العديد من بلدان الساحل والصحراء علاوة على وسط وشرق أفريقيا.

رامي زهدي الإرهاب أفريقيا

بالعودة إلى الوراء حتى حقبة التسعينيات التي شهدت انتشاراً واسعاً للتطرف الديني في العديد من الدول الأفريقية، وحتى العام 2012 عندما نشطت أيضاً العديد من الخلايا والتشكيلات العسكرية في عدد من الأقطار الأفريقية؛ لتوسيع خارطة انتشارها من جديد متخذة من شمال مالي وجنوب الجزائر مسرحاً لانطلاق عملياتها العسكرية بعد الاضطرابات التي شهدتها دولة مالي بغرب أفريقيا.

حيث ظهرت (جماعة التوحيد والجهاد، وحركة أنصار الدين، والملثمون، والموقعون بالدماء) بجانب الوجود السابق للقاعدة (بلاد المغرب).. وفتح شهية هذه الفصائل للتمدد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا وبروز (أنصار الشريعة وفجر ليبيا) واختراق المقاتلين لدولة النيجر ووصول المتطرفين للعمق التشادي بارتكازهم بالقرب من بحيرة تشاد واتصالهم مع (حركة بوكو حرام) في نيجيريا.

وطبقاً لذلك تحولت غرب أفريقيا لملاذٍ وحاضنٍ جديد للمتطرفين الأفارقة، واتجه العديد منهم صوب العراق وسوريا بعد إعلان ما سُمي بـ«الخلافة» وتدفق مجموعات كبيرة منهم للالتحاق بصفوف «داعش» والقتال تحت راية أبو بكر البغدادي، واستمر هذا الوضع حتى العام 2017 حتى انحسار نشاط «داعش» في كل من سوريا والعراق، وتزايد الضربات الجوية والبرية على التنظيم من جانب التحالف الدولي لمحاربة “داعش”.

وفي العام 2018 حدثت الهجرة العكسية من خلال العودة الجماعية للمقاتلين الدواعش من القارة الآسيوية صوب البلدان الأفريقية ليتلاقى القادمون مع القدامى بهدف تشكيل منظومة إرهابية عالمية جديدة تتخذ هذه المرة من القارة الأفريقية منطلقاً لعملياتها بعد تهيؤ الأوضاع بالعديد من الأقطار التي تعاني ارتخاء وهشاشة في وضعها الداخلي.

لماذا أفريقيا بيئة مواتية للإرهاب والاستقطاب الفكري؟

توجه مقاتلو «داعش» بصورة خاصة إلى أفريقيا باعتبارها ملاذاً آمناً تتوافر في كثيرٍ من أنحائه الحاضنة والبيئات المناسبة للسيطرة واستقطاب عناصر جديدة هو أمر ليس بجديدٍ، على أساس أن التنظيم سعى منذ سنوات ومنذ إعلان خلافته المزعومة إلى تحقيق اختراقات واسعة في القارة مستغلاً مناخ التوتر في أكثر من دولة.. ولا سيما في ليبيا في العام 2015، والخطر يتزايد مع تدفق العائدين إلى أفريقيا بعد دحر التنظيم في سوريا والعراق.

ويُمكن هنا الإشارة إلى الإحصائية التي أماط عنها اللثام مسؤول بالاتحاد الأفريقي، وهو مفوض الأمن والسلم إسماعيل شرقي، قبل نهاية العام 2017، والتي أوردتها وكالة الأنباء الجزائرية، عندما ذكر أن عدد الدواعش في سوريا والعراق الذين هم من جذور أفريقية يصل إلى ستة آلاف مقاتل، محذراً مما يشكله ذلك العدد الهائل من تهديد.

وفي منتصف العام 2018 قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال اجتماع للتحالف الدولي إن أكثر من عشرة آلاف مسلح ينتمون لتنظيمي «داعش» و«القاعدة في بلاد المغرب» موجودون في قارة أفريقيا، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية في 27 يونيو 2018.

ورقم الستة آلاف داعشي المذكور، يعتقد المحلل المغربي بأنه ربما يكون تقديرياً، والعدد الحقيقي ربما يكون أكبر من ذلك بكثير، وهؤلاء جميعهم «يشكلون حطب جهنم في المنطقة على المدى القريب والمتوسط»، مشيراً إلى أنه «لا يجب الربط بين فقدان التنظيم المساحات الجغرافية التي يسيطر عليها ونهاية أفكاره.

فقد يفقد التنظيم سيطرته لكن أفكاره التي يرتبط بها الشباب الذين وهبوا أنفسهم للتنظيم لا تزال قائمة وتشكل حجر الأساس الذي يرتكز عليه داعش والجماعات المتطرفة الأخرى في أفريقيا.

والفرصة الأكبر التي قد تُعيد للتنظيم بعضاً من بريقه السابق ـ-في تصور التنظيم ذاته- مرتبطة بالتحالف مع جماعات متطرفة محليّة في دول غرب وشمال أفريقيا بشكل خاص، سواء كانت جماعات صغيرة ترغب في تسليط الضوء عليها بالتحالف مع تنظيم إرهابي دولي مثل داعش، أو التحالف الأخطر والمرتبط بالتحالف مع تنظيم القاعدة، فعلى رغم الخلافات العقائدية بين الطرفين، كذلك إمكانية حدوث نوع من «التحالف التكتيكي» من باب «وحدة العدو» من وجهة نظرهما.

وإجمالاً، يعتقد أن “فرص داعش أكثر قوة في أفريقيا، ويحاول أن يبحث عن أرض بديلة له في هذه القارة التي يبدو أن نسب التعليم فيها أقل وعلاقة بعض العواصم الأفريقية بالإسلام تبدو ضعيفة، ويبدو أن القدرات الأمنية لبعض تلك العواصم ضعيفة أيضاً، فضلاً عن أن فكرة التنسيق المعلوماتي والأجهزة الاستخباراتية أيضاً إمكاناتها في بعض الدول تبدو ضعيفة، وهذا قد يتيح لتنظيم داعش البحث عن بديل له في القارة السمراء”.

ويأتي تركيز التنظيمات المتطرفة على أفريقيا لمحدودية الخيارات التي تواجهها الآن، لذلك فإن تنظيم داعش يقف أمام خيارات محدودة تحدها الكثير من العقبات، فقد يبحث عن مكان له في آسيا الوسطى بخاصة في منطقة القوقاز وأفغانستان وإن كان الأمر يبدو صعباً على اعتبار أنه مرتبط بقوة تنظيم القاعدة هناك.

بينما في أوروبا وأستراليا والأمريكتين فإن التنظيم يتواجد من خلال الخلايا أو الذئاب المنفردة، وبالتالي لم يبق أمامه إلا قارة أفريقيا، بخاصة أن عشرات التنظيمات الصغيرة هناك، عندما تم إعلان ما سمته داعش بالخلافة وجد هؤلاء إعلان المبايعة للتنظيم استشعاراً بفكرهم وتصوراتهم الخاطئة، واكتسب قاعدة في القارة بذلك.

ويأتي ذلك إضافة لاحتمال لم تظهر مؤشراته بعد، أن يتحالف داعش والقاعدة معاً باعتبارهما في مرحلة تسمى في أدبيات تلك التنظيمات مرحلة المحنة.. وهذا التحالف إن تم يُفرز تنظيماً أكثر قسوة.

رامي زهدي الإرهاب أفريقيا

“داعش” يحاول تعزيز مواقعه في ليبيا

في ليبيا وباعتبارها -طبقاً لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السابق- الوجهة المفضلة للعناصر الداعشية الهاربة من سوريا والعراق، فإن القيادة العامة للجيش الليبي تستعد لهذه المرحلة (تدفقات داعشية متزايدة على ليبيا عقب خنق التنظيم في سوريا والعراق واضطراره للهروب إلى أفريقيا) استعداداً خاصاً، لذا نفذ الجيش الوطني الليبي حملة عسكرية لفرض القانون وسلطة الدولة في الجنوب الليبي، مستهدفاً قيادات تنظيم القاعدة بالمغرب العربي، وإعادة تفعيل المنظومات الأمنية لتأمين الحدود مع دول الطوق الجنوبي لليبيا، إضافة إلى التعاون مع الدول الإقليمية المعنية بليبيا كإيطاليا وفرنسا، لمحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

وثمة فرص خاصة تستغلها العناصر الإرهابية الداعشية ضمن محاولة التوسع في ليبيا كأحد المنافذ لها في أفريقيا بعد ما تعرضت له من ضربات قاصمة في كل من سوريا والعراق، من أبرز تلك الأمور حالة الانفلات الأمني، وهو ما يؤكده المحلل الليبي رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الليبي الجامع محمد العباني، الذي يشير إلى محاولات داعش لاستغلال الانفلات الأمني وكذا الخلافات بين السياسيين، بالإضافة إلى وجود «تيارات مؤدلجة» تواجه الجيش وتمنع التقدم في الغرب الليبي.

مجموعات خاسرة

ويتهم السياسي الليبي «مجموعات خاسرة في المواجهات داخل الدولة الليبية وليس لها حاضنة شعبية وتلتجئ للعنف بجلب هذه الفئة (الدواعش) التي تأتي من الدول التي يوجد بها توترات وخلافات، وذلك في مقابل تحطيم الخصم، هذه الفئة تساند الإرهاب والإجرام، بل وتدفع لهم الأموال مقابل الخراب والتدمير؛ لتدمير الخصم». فيما يلفت إلى عدم وجود عناصر داعشية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش مثل المنطقة الشرقية وأغلب مناطق الجنوب.

 

الاستقطاب الفكري والفكر المريض في أفريقيا (مما شاهدت بنفسي)

خلال عملي في القارة الأفريقية وخلال انتقالي بين عدة دول أفريقية وأقاليم مختلفة، شاهدت بنفسي وأنا غير متخصص بالشأن نماذج متعددة لعمليات استقطاب فكري ومنهجي منظم، تعمل على شريحة عمرية تبدأ من 8 سنوات وحتى تقريبا 40 سنة، وتستهدف شبابا يعاني الفقر والتهميش والجهل وتقدم له وعودا بالجنة في الآخرة وطعاما وشرابا وجنسا وأموالا في الدنيا، مما يعلي عنده الكره والطائفية والضغينة للمجتمعات التي يعيش بها، ويقدم ذلك في غلاف أنيق سياسي أو ديني أو عنصري، هكذا هي اللعبة كما رصدتها، على سبيل المثال يستهدف تنظيما “داعش” والقاعدة الشباب العاطل عن العمل في أفريقيا بإغراءات المال من خلال أفلام دعائية، أو حتى من خلال الاتصال المباشر عن طريق الفيسبوك.

زرت بنفسي مراكز للدعم أحيانا تسمى دعم المسلمين وأحيانا المسيحيين وكذلك طائفيا شيعة وسنة، كاثوليك وأصوليين، وجدتهم يقدمون المال والطعام والدعم النفسي والاستماع للشباب، ثم مرحلة التوجيه، تحدثت في أحيان مع شباب، منهم من يتحدث عن تحرير القدس ولا يعرف مكانها على الخريطة أو أي قدر من تاريخ القضية، ومنهم من يتحدث عن تطبيق الشريعة الإسلامية، ومنهم من يتحدث عن ضرورة محاربة الفساد والرذائل في المجتمع وما هو يخالف تعاليم السيد المسيح، ومنهم من ينتمي لطائفة مسيحية ويكفر الطوائف الأخرى، منهم من هو شيعي يكفر السني أو العكس.

أبرز الجماعات الإرهابية في أفريقيا وأكثرها شرا وتنظيما

بوكوحرام

تمثل جماعة “بوكو حرام” أعنف الجماعات الإرهابية المسلحة في الساحل الأفريقي في نيجيريا، وتمثل أهل السنة للدعوة والجهاد، وهي جماعة جهادية مسلحة تتبنى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، تأسست الجماعة التي اختطفت وقتلت عددا من النساء والأطفال عام 2002 على يد محمد يوسف الذي أعدم على يد القوات النيجرية في 2009، ليخلفه أبو بكر محمد شيكاو، والذي أصبح في عهده التنظيم أشد دموية وعنفا، وأكثر سعيا للتمدد والتوسع، فأصبحت عملياته تطال كل الأراضي النيجيرية، وعبرت الحدود إلى دول الجوار، لتعلن بيعتها لأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإرهابية “داعش”.

 

حركة أنصار الدين

زعيم الحركة “إياد أغ غالي”، والذي يعد من أبناء أسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل الايفوغاس الطوارقية التي قادت التمرد المسلح ضد القوات المالية في بداية تسعينيات القرن الماضي، وبعد توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة المالية والمتمردين الطوارق عام 1992 عمل قنصلًا عامًا لجمهورية مالي في جدة، لكنه عاد إلى أزواد واتخذ من سلسلة جبال اغارغا مقرًا له، وعقب سقوط نظام القذافي، فر المقاتلون “الطوارق” الذين قاتلوا بجانبه إلى إقليم الأزواد محملين بترسانة من الأسلحة، أغرتهم لإعلان التمرد على الحكومة المركزية في باماكو تحت قيادة “إياد أغ غالي”، حيث أطلق على جماعته “أنصار الدين”، ورفع راية القاعدة السوداء مطالبًا بتطبيق الشريعة الإسلامية وإعلان الحرب على الحكومة المالية والجيش الفرنسي.

حركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا

برزت الحركة بعد انشقاق قادتها على تنظيم القاعدة، وتأسيس كتائب خاصة بالمقاتلين من أبناء القبائل العربية في أزواد أسوة بسرية “الأنصار” في تنظيم القاعدة التي تضم المقاتلين الطوارق، والتي أعلنت ظهورها عام 2011، وتمثل أعنف الجماعات الإرهابية المسلحة في شمال مالي.

القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي

تمثل امتدادا للجماعة السلفية للدعوة والقتال التي انشقت عن الجماعة الإسلامية المسلحة في عام 1997 اعتراضًا على استهداف الجماعة للمدنيين، وتركزت أعمال الجماعة في البداية على المواقع العسكرية، ولكن مع الاحتلال الأمريكي للعراق، لتتحول بعدها إلى القيام بأعمال خطف للأجانب، لتتخذ أعمالها بعد ذلك أبعادا إقليمية، بعد إعلان أيمن الظواهري عن تحالف القاعدة مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر، لتتحول إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

حركة شباب المجاهدين في الصومال

تأسست الحركة في أوائل 2004، بعد أن انشقت عن اتحاد المحاكم الإسلامية الذي انهزم أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة وتتبع فكريًا لتنظيم القاعدة الذي يتزعمه أيمن الظواهري، يتراوح عدد أعضائها بين 3000 إلى 7000 عضو، يتلقون تدريبات في إريتريا حيث يقيمون لستة أسابيع في دورة يكتسبون خلالها مهارات حرب العصابات واستخدام القنابل والمتفجرات.

أنصار بيت المقدس في مصر

تقود تلك الجماعة العمليات النوعية ضد الجيش المصري وقوات الأمن في سيناء، وتشكل التنظيم في الفترة التي تلت الإطاحة بالرئيس حسني مبارك.

ويتكون التنظيم من عدد من العناصر الإرهابية الفلسطينية الذين وفدوا من غزة، وبينهم مصريون كانوا ينضوون تحت راية ما كان يعرف بجماعة التوحيد والجهاد، وهي الأقرب إلى الفكر السلفي الجهادي القريب من فكر تنظيم القاعدة، ولكنها في النهاية بايعت تنظيم “داعش”.

 

أنصار الشريعة في ليبيا

تمثل ميليشيا إسلام سياسي تأسست في أبريل 2012 بعد نهاية الثورة الليبية، وتزعم أنها تدعو لتحكيم الشريعة الإسلامية في ليبيا، كما بايعت “داعش”.

تنظيم أنصار الشريعة في تونس

صنفت كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة التونسية والولايات المتحدة الأمريكية، بعد تأسيسها على يد أبو عياض التونسي، في أواخر أبريل 2011 في أعقاب الثورة التونسية، وتتهم في ضلوعها بشن عمليات إرهابية على معرض فني في تونس في جوان 2012، بالإضافة للهجوم على السفارة الأمريكية في سبتمبر من العام نفسه، كما يشتبه في ضلوعها في اغتيالات سياسية طالت كلا من السياسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد.

جند الخلافة في الجزائر

جماعة مسلحة انشقت عن تنظيم القاعدة، لتعلن مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية، ظهرت الجماعة على الساحة الدولية بخطفها مواطنا فرنسيا في سبتمبر، تنشط في منطقة تعرف بمثلث الموت بومرداس والبويرة وتيزي أوزو، ويتزعمها قوري عبد المالك المكنى خالد أبو سلمان.

جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة السلفية في السودان

تعرف نفسها على أنها جماعة سنية سلفية جامعة تعمل لإقامة دين الله في الأرض على منهاج السلف الصالح، انشقت هذه الجماعة عن الإخوان المسلمين في السودان سنة 1991، وفي جويلية 2014 أعلنت بيعتها للبغدادي، وأصدرت بيانا تؤيد فيه إعلان الخلافة ورأت الجماعة التي يتزعمها سليمان عثمان أبو ناور، أن إعلان الدولة الإسلامية فرصة عظيمة لتوحيد المسلمين.

Terrorist with guns and hand gesture stop. The fight against terrorism concept

التهميش والحرمان أقوى دوافع التطرف

دراسة حديثة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تُجري مقابلات مباشرة مع 495 شخصًا انضموا طواعية إلى الجماعات المتطرفة العنيفة.. وتؤكد أنّ 6 سنوات من التعليم الديني كفيلة بأن تمثل حائط صد أمام محاولات التجنيد الإرهابية.

“رحلة إلى التطرف في أفريقيا.. العوامل والحوافز ونقطة التحول للتجنيد”..

عشر كلمات شكلت عنوانًا رئيسًا لدراسة أعدها “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”؛ لقراءة الأسباب الاجتماعية والسيكولوجية والتعليمية التي تدفع الشخص للانضمام إلى تنظيم “متطرف عنيف”، وذلك من خلال مقابلات مباشرة أجراها الباحثون مع “متطرفين” أفارقة سبق لهم الانخراط في تنظيمات إرهابية.

امتدت الدراسة عامين، واستهلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بعبارة قال فيها: “إن خلق مجتمعات تعددية شاملة مفتوحة منصفة، تقوم على أساس الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، وتضمن العدالة الاقتصادية للجميع، يمثل بديلًا ملموسًا وهادفًا؛ لحماية الشخص من السير في طريق التطرف العنيف”.

وكشفت الدراسة أن أعداد الوفيات الناجمة عن التطرف في أفريقيا بلغت 33 ألفًا و33 حالة بين عامي 2011 و2016، إضافة إلى ما خلفه الإرهاب من تشرد ودمار اقتصادي، مؤكدةً أن النشاط المتطرف العنيف في أفريقيا بات يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن العالمي، في ظل تداخُل الأسباب التي تعزِّز وجوده ونشاطه في القارة السمراء، وتنوُّعها بين أسباب دينية وأيديولوجية وسياسية واقتصادية.

وشددت على أن الفقر والحياة على هامش المجتمع يدفعان بالشباب الأفريقي إلى الولوج في دروب التطرف والعنف والتمرد، وأن التهميش والحرمان من الحقوق الاجتماعية، وعدم فهم النصوص الدينية فهمًا صحيحًا، وتدني المستوى التعليمي، وسوء الأحوال الاقتصادية، وفقدان أحد الوالدين أو كليهما، كلها من أهم العوامل التي تلعب عليها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب مجندين جدد.

الانضمام لتنظيم متطرف

اعتمدت الدراسة على إجراء لقاءات مباشرة مع 718 شخصًا في كلٍّ من الصومال ونيجيريا وكينيا والسودان والنيجر والكاميرون، بينهم 81% من الذكور و19% من النساء والفتيات، جري تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات: الأولى هي “مجموعة متطوعين” وضمت 495 شخصًا انضموا طواعية إلى الجماعات المتطرفة العنيفة، وذلك بنسبة بلغت 69.94% من إجمالي العينة، والثانية اشتملت على 78 فردًا تم تجنيدهم بالقوة (10.86%)، وشكلت النساء والفتيات نسبةً بلغت 53% من تلك المجموعة، بالإضافة إلى مجموعة ثالثة أُطلِق عليها “مجموعة مرجعية” وتشكلت من 145 فردًا لا ينتمون إلى أي جماعات متطرفة عنيفة مثلوا 20.19% من عينة البحث.

كان الصوماليون أصحاب النسبة الأكبر في قائمة مَن أُجريَت معهم لقاءات، بنسبة بلغت 41%، ثم النيجيريون (24%) والكينيون (20%) والسودانيون (14%)، فيما كانت نسبة الكاميرونيين 1%، والأمر نفسه بالنسبة لمَن هم من النيجر، وتخطت نسبة المشاركين حاجز الـ100% لتبلغ 101% بسبب لجوء الباحثين إلى تقريب نسب المشاركين.

كان العدد الأكبر ممن أُجريت معهم المقابلات عناصر سابقة بحركة الشباب الصومالية (52%) وبوكو حرام (27%) وداعش (15%)، في حين بلغت نسبة المبحوثين الذين سبق لهم الانضمام إلى تنظيمي “القاعدة” و”المرابطون” وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا 7% فقط، وتخطت النسبة حاجز الـ100% لتبلغ 101% بسبب لجوء الباحثين إلى تقريب النِّسَب.

وتنوعت مهام المبحوثين داخل التنظيمات المتطرفة العنيفة، فكان 49% منهم مقاتلين، و14% ممن تولوا مهامَّ تتعلق بالتدريب والتجنيد، و12% تولوا مهامَّ استخباراتية، و11% تركزت مهامهم في تقديم الخدمات المنزلية، و5% كانت مهمتهن هي “زوجة مقاتل”، و4% شرطيون ومراقبون للمجتمع، و4% تولوا مهامَّ قيادية عسكرية، وشغلت النسبة الباقية مهامَّ أخرى.

وفيما يتعلق بأسباب الانضمام إلى تنظيم متطرف عنيف، جاءت الأفكار الدينية في المقدمة بنسبة 40%، تبعتها رغبة الشخص في أن يكون شيئًا ضمن منظومة أكبر من ذاته بنسبة 16%، ثم البحث عن عمل (13%) وتصديق كلام زعيمه الديني (13%)، وعوامل الصداقة والقرابة (10%)، وأسباب عرقية (5%)، والأفكار السياسية للمجموعة (4%)، والمغامرة (3%)، والخدمات المقدمة من التنظيم (3%)، وتصديق المعلم (2%)، والعزلة الاجتماعية (1%)، والتهميش السياسي (1%)، وبلغت نسبة “أسباب أخرى” 3%.

وأظهرت نتائج الدراسة أن 83% من الذين انخرطوا طواعية في التنظيمات المتطرفة العنيفة من جَرَّاء الافتقار إلى الدور الذي تؤديه الأم في حياة أي شخص ونموه، وهي النسبة التي ارتفعت إلى 87% بين مَن أُرغموا على الانضمام لتمثيل تلك التنظيمات، في حين بلغت النسبة 90% في المجموعة المرجعية.

أكدت الدراسة أن ثمة ارتباطًا قويًّا بين الأفراد الذين انضموا للجماعات المتطرفة ومعاناتهم بسبب حرمان أحد الوالدين أو كليهما معًا، أو غياب التأثير الفاعل للوالدين في مرحلة الطفولة لمَن تم تجنيده، والأمر نفسه بالنسبة لمَن مرَّ بمراحل يأس وإحباط في طفولته، أو عانى من عقوبات جسدية، ما يعني أن التنشئة الاجتماعية السلبية للفرد أحد العوامل الجوهرية لتجنيد المتطرف في القارة السمراء.

ووفق ما نقلته الدراسة عن أحد المبحوثين -والذي يبلغ من العمر 37 عامًا، وكان قياديًّا عسكريًّا بأحد تلك التنظيمات- فإنه لم يكن لدى والديه وأشقائه أي فكرة عن انضمامه إلى تنظيم متطرف عنيف، مضيفًا: “عندما تكون محاصَرًا داخل التنظيم، فإنه من الصعب الاستماع إلى آراء أخرى، ومن الأصعب أن نقبل أن ما كنا نفعله خطأ”.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى