رأي

 د. راندة فخر الدين تكتب.. أبناءنا أمانة

الكاتبة نائب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث

الأبناء أمانة ومسئولية كبيرة سنحاسب عليها امام الله، هل حفظنا الأمانة ام ضيعناها، إن نعم الله سبحانه وتعالى، وعطاياه لا تعد ولا تحصى، اما أعظم النعم فهي نعمة الأبناء، لا يقدرها الا من حُرم منها، إن انحراف الأبناء أصعب ابتلاء للأهل، كما انها أعظم مصائب المجتمعات، فانحراف الشباب أخطر من انحراف الشيوخ، فالشباب إذا انحرف أصبح الحاضر والمستقبل في خطر، فمن سيتولى مقاليد الأمور في المستقبل هم أبناء اليوم، فإذا فسدوا ضاعت الامة.

من أهم أسباب هذا الانحراف، هو عدم قدرة الوالدين على الاهتمام والرعاية الصحيحة للأبناء، نحن كأهل مسئولون عن تعليم الأبناء كيفية التعامل باحترام مع الآخرين وكيفية ضبط مشاعرهم، وافضل وسيلة لذلك هي ان نقدم له القدوة من خلال التصرّف والتعامل معه ومع الآخرين باحترام، كالاستماع لحديثه دون مقاطعته، وتقبّل وجهة نظره، والتعامل مع الآخرين بلطف وتقدير، ممّا يجعله يتعلّم ذلك فيعكسه على تصرّفاته، مع ضرورة التأكيد على مشاركة الوالدين في رعاية وتربية الابناء، فنحن قدوة لأبنائنا يقلدوننا في كل شيء، فإذا اردنا صلاح الأبناء ينبغي ان نصلح انفسنا أولا، يجب ان نتعلم كيف تكون المسئولية والحماية والاحتواء وكيف يكون المزج بين الخطاب العاطفي والخطاب العقلاني في التربية، لان الأبناء بحاجة الى اهتمام بنواحي عديدة جسدية ونفسية واجتماعية وصحية، هم بحاجة الى معاملة مليئة بالرحمة والرقة واللطف كما انه يحتاجون الى إشباع حب الاستقلاليّة والتجريب والشجاعة بنفس قدر احتياجهم الى الغذاء الصحي المتوازن، يحتاجون الى الانصات وتخصيص وقت للكلام والحوار، بعيدا عن التهديد والتخويف المستمر، والى احترام وجهة نظرهم وشكرهم حين يقومون بعمل جيد، مع ضرورة مراعاة القيم والفروق العمريّة بين الاطفال.

لا يوجد أسلوب معيّن يمكن اعتباره بأنّه الصحيح والاوحد لتربية الطفل، فكل طفل له خصوصيه وأسلوب مختلف في التعامل، فشعور الطفل بالحبّ والاهتمام من قِبل والديه منذ صغره، هو السر وراء تعزيز ثقة الطفل بنفسه وبنائها في وقت، ويكون تطورها مع مرور الوقت من خلال إعطاء الطفل المساحة للتصرّف في بعض المواقف، وتهنئته حين ينجح في تجاوز هذه المواقف ومدحه والثناء على تصرّفاته الجيدة، وتعليمه مهارات وقدرات جديدة، ممّا يُشعره بالرضى عن نفسه، ، الابناء بحاجة الى ان يكونوا شركاء في المسئولية والمهام داخل الاسرة، ان إشراكه في بعض الأعمال المنزلية يعمل على تنمية روح المشاركة والتعاون و تعزيز الانتماء لأسرهم.

كما يجب تعليم الطفل لغة الاعتذار والاعتراف بالخطأ، وان الاعتراف بالخطأ فضيلة، وان كلمات الاعتذار لا تشكّل أي حرج، مع ضرورة الثناء على ذلك وشكر الطفل لاعترافه بالخطأ واعتذاره عنه، وتجنب كافة اشكال العقاب. مع ضرورة تدريب الطفل ان يضع نفسه مكان الآخرين حتى يتعلم مراعاة مشاعر الاخرين واحترامها، مع اتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن مشاعره حتى نساعده على تنمية ذكاءه الاجتماعي والعاطفي.

يجب الا ترتفع توقعاتنا من أطفالنا بشكل يفقدنا المرونة في التعامل معهم، ويفقدهم القدرة على التعبير عن مشاعرهم والخوف من الاعتراف بالخطأ، نعم نحن بحاجة الى وضع قواعد تأديبية واضحة للأطفال ولكن يجب أيضا ان نوضح لهم سبب وضعها والهدف منها، مع ضرورة الحرص على ان يكون هناك تواصل مستمر بين الإباء والابناء للتعبير عن مشاعرهم، طبيعي ان يكون لدى الوالدين توقّعات وأهداف عالية من أطفالهم، ولكن ينبغي ان تكون واضحة وتتناسب مع أعمارهم وامكانياتهم، مع ضرورة الرعاية والتوجيه المستمرّ في جميع مراحل النمو، منذ لحظة الولادة وحتى يتجاوز مرحلة المراهقة.

شعور الأبناء الدائم بالرعاية والاحتواء والتفهم من الاهل يوفّر لهم شعوراً بالأمان العقلي والجسدي، ويساعدهم على التطوّر العاطفي والسلوكي بشكل يساهم في بناء شخصية سوية مستلقة وناجحة قادرة على اتخاذ قرارات قائمة على البحث والمعرفة والاحساس بالمسئولية وبالتالي بناء حاضر ومستقبل أفضل للامة.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى