الرئيسيةنوافذ الفكر

محمد فتحي الشريف يكتب.. زوايا بحثية من كتاب (الطلاق) للشرفاء الحمادي.. مفهوم الرحمة مع الزوجة وهل يستقيم مع الضرب؟ (1-3)

الكاتب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث

ملخص الحلقة الثالثة

في حلقة اليوم يطرح المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، سؤالا يهدف لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول ضرب الزوجة، إذ يقول: كيف تتوافق الرحمة مع ضرب الزوجة؟، كما يوضح الكاتب معنى (التفضيل) الذي جاء في القرآن الكريم، ويبين معنى ومفهوم النشوز في العلاقة الزوجية، وكيف يتم معالجة ذلك وفق منهج الله، بالإضافة إلى آلية التعامل بين الزوجين في مراحل الخلاف حتى لا يقع الطلاق.. تفاصيل كثيرة في الحلقة الثالثة من صفحات كتاب (الطلاق).

الشريف كتاب الطلاق

التفاصيل

في حلقة اليوم من حلقات كتاب (الطلاق يهدد أمن المجتمع) وهي الحلقة الثالثة سأحاول أن ألقي الضوء على بعض المفاهيم المهمة في فكر الأستاذ علي الشرفاء الذي حاول أن يوضح مفهوم الرحمة بين الزوجين، وهل تستقيم الرحمة مع الضرب، من خلال بعض الآيات الكريمة التي ذكرها الكاتب، ثم أطرح عليكم بعض المفاهيم الصحيحة التي تتعلق بالضرب.

اقرأ أيضا: محمد فتحي الشريف يكتب.. صفحات من كتاب (الطلاق) للشرفاء الحمادي.. مفهوم الرحمة مع الزوجة وهل يستقيم مع الضرب؟ (1-3)

الرحمة تبني جسور الود 

فالكاتب يقول إن الرحمة لن تتوافق مع ضرب الزوجة أو الاعتداء عليها بألفاظ نابية، وذلك من خلال الآيات التالية التي تبدأ بالمودة والرحمة في العلاقة الزوجية وهي التي تبني جسور الود وتنزع من بيوت المسلمين التفرق والشتات، ويتحقق مراد الله عز وجل في كونه بناء أسرة ومجتمع متكاتف مستقيم في كل الأحوال.

معالجة الخلل 

ويؤكد الكاتب أن الأمر جد خطير، ولابد من معالجة الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، حتى نحاول أن نضع أيدينا على الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق الذي تكون له تبعات خطيرة على المجتمع، وبعدها نضع حلولا حقيقية تتوافق مع الخطاب الإلهي الذي جاء في كتاب الله عز وجل، ولذلك سوف أسرد عليكم الآيات التي تدور حول محور الحلقة كما وضعها الأستاذ علي الشرفاء في البحث الأصلي، وهو كتاب “الطلاق يهدد أمن المجتمع”.

مقاصد الآيات واضحة 

** (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْٰواجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَٰلِكَ لآيات لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم الآية (21).

** (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الآية (14) التغابن.

** (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا). الآية (128) النساء.

** (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا). الآية (34) النساء.. ويستكمل الآية بقولة: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) (35) سورة النساء.

تعليق الشرفاء على مقاصد الآيات

لقد حدد كتاب (الطلاق يهدد أمن المجتمع) عددا من المفاهيم المهمة في توضيح مقاصد الآيات السابقة، إذ يقول الأستاذ علي الشرفاء الحمادي إن الرحمة لا تتوافق أبدا مع الضرب، لذلك يجب علينا أن نركز في مقاصد الآيات فالآية الأولى تؤكد على المساواة، فالرجل والمرأة مخلوقان من نفس واحدة والله عز وجل جعل استقامة الحياة بين الزوجين، بل وفي المجتمع كله، بالمودة والرحمة فقط، فالبيوت التي تبنى على المودة والرحمة هي بيوت قوية راسخة يخرج منها أبناء وبنات صالحون لمجتمع قوي صالح مترابط.

التلاسن يخلق حياة هشة 

ويوضح الكاتب أن مفهوم ضرب الزوج للزوجة الذي روج له بعض المتطرفين الذين لا يعرفون معنى كلام الله هو مفهوم خطأ، فالرحمة والمودة لا تستقيمان أبدا مع الضرب، والتلاسن يخلق حياة اجتماعية هشة، والرحمة تخلق مجتمعا يسوده المحبة والرحمة.

دعوة للتدبر 

وفي ختام الآية الأولى يقول الكاتب إن الدعوة للتفكير هي من أهم ركائز القرار السليم والبيوت التي تؤسس على المودة والرحمة هي بيوت راسخة قوية تتجاوز الخلاف ويخرج منها الإيذاء البدني بالضرب والنفسي بالتلاسن والسباب، وهذا هو لب الخطاب الإلهي الذي نال منه شيوخ الدين عندما حرفوا مقاصد كلام الله.

القوامة هي تكليف ومسؤولية 

ثم يواصل الكاتب توضيح مقاصد الآيات ويقول إن التفضيل لا يعني التشريف وإنما مقاصد الآية هنا (التكليف) المقصود بالقوامة في قوله تعالي (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) هي تحمل الرجل للمسؤولية والرعاية للأسرة بالإنفاق عليها من ماله على المسكن المناسب ومتطلبات الزوجة والأولاد من كسوة وعلاج وتعليم وتوجيه ونصح وإرشاد حتى نكون مجتمعا صالحا لأن الأسرة هي أولى لبنات بناء المجتمع.

النشوز وعلاجه 

ويواصل الكاتب حديثه عن مرتكزات بناء مجتمع وأسرة سوية ويقول: إن الله عز وجل قد شرع معالجة النشوز بين الزوجين كما جاء في الآية (128) من سورة النساء، فإذا أهمل الزوج وامتنع عن أداء واجباته الزوجية مع زوجته فهو ناشز، وكذلك امتناع الزوجة عن تلبية متطلبات زوجها تكون ناشزا أيضا.

الصلح خير 

ووضح الكاتب العلاج الصحيح للنشوز وهو طريق الصلح بين الزوجين، فالصلح وصفة العلي القدير بأنه خير، ولذلك عند النشوز لابد من معالجة الوضع بين الطرفين عن طريق الحوار وتقريب وجهات النظر والإصلاح بينهم حتى تعود إلى طبيعتها ويعم الوئام والسلام بين الزوجين، فالحوار وتقريب وجهات النظر من وجهة نظر الكاتب هي الطريق الصحيح بعيدا عن التلاسن والضرب وإهدار الكرامة.

الطلاق يزلزل كيان الأسرة

فعودة العلاقة والصلح تقطع الطريق على الطلاق الذي يزلزل كيان الأسرة ويفقدها الكثير والكثير ويهدم الترابط ويوصل لفرقة الحقد والكراهية، فالأبناء وحدهم يدفعون الثمن، وتكون الأسرة هشة لا تعرف معنى الترابط، وهنا تظهر الجرائم التي تهدد أمن المجتمع والتي تعد الركيزة الأساسية التي أشار إليها الكاتب واتخذها عنوانا للكتاب.

الاهتزاز النفسي للأبناء 

يؤكد الأستاذ علي الشرفاء في هذا المبحث الخاص بمفهوم الضرب على جوانب نفسية في الأطفال عندما يشاهدون تلاسنا وضربا بين الأب والأم يحدث لهم اهتزاز سلوكي ونفسي.

المشاحنات والنكد والتلاسن

ويشير الكاتب في ذات المبحث ويقول نصا: اتخاذ سبيل الصلح بين الزوجين حتى تعود العلاقة الحميمة وتستقر الأسرة في أمن وسلام بعيدا عن المشاحنات والنكد والتلاسن، مما يؤدي إلى اهتزاز الاستقرار النفسي للأطفال وتأثيره على الصحة النفسية لهم، وما قد تشكله من نتائج سلبية على سلوكيات الأبناء ومستقبلهم من إخفاقات وفشل في دراستهم وحياتهم.

وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ

ويضيف: لذلك فالتعامل مع الزوجة في حالة نشوزها بالضرب لا يمكن أن يتم تفسيره بالضرب المادي بأي وسيلة كانت، وقول الله سبحانه وتعالى (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) فسر الفقهاء (واضربوهن) تفسيرا قاسيا بالضرب المادي الذي لا يتفق مع دعوة الله للزوجين في الآيات المذكورة أعلاه باتخاذ طريق الصلح بينهما أفضل السبل لعودة العلاقة الطيبة بين الزوجين إضافة إلى ما جعل الله بين الزوجين من مودة ورحمة.

الشرفاء يريد عودة الترابط الأسري 

وفي النهاية أقول إن الخطاب الإلهي خطاب لين يدعو إلى الرحمة والمودة والمحبة بين الناس، وإن كل ما يخالف القرآن يدعو إلى القسوة والضرب والهجر وإفساد الأسرة والمجتمع، ولذلك كان تناول الأستاذ علي الشرفاء الحمادي لقضية الطلاق في هذا الكتاب من منظور مختلف، إذ حاول أن يعيد الترابط الأسرى بين الناس من خلال الفهم الصحيح لمقاصد الآيات، وسوف نستكمل إن شاء في الحلقة الرابعة الحديث عن مفهوم الضرب الذي جاء ذكره في بعض الآيات وهو له معان ومقاصد مختلفة..

دمتم في أمان الله بخير ومحبة ومودة وسلام.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى