رأي

د. محمد جبريل العرفي يكتب.. الجيل الثالث من الثوار الأفارقة.. ودائرة عبدالناصر الثالثة

إفريقيا مهد الحضارات من جرمة إلى الفراعنة إلى تمبكتو، في وقت كانت أمريكا قارة لم تستكشف بعد، وأوروبا تغرق في التخلف.
اتفق المستعمرون الأوربيون في اتفاقية برلين عام 1885، على تقسيم إفريقيا بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا والبرتغال، وبحلول عام 1905، سيطرت أوروبا الغربية على كامل إفريقيا، باستثناء ليبيريا (التي استوطنها العبيد الأمريكيون) وإثيوبيا (احتلتها إيطاليا في عام 1936).

فقدت إفريقيا السيادة على الموارد الطبيعية مثل الذهب والمطاط، استخدم الغرب اللغة لتقسيم المناطق لإنشاء هويات جديدة، والتبشير بالدين المسيحي لتغيير الأديان في إفريقيا. يقول موجابي “أغمضوا لنا عيوننا، وعندما فتحاناها وجدنا في أيدينا إنجيلهم وفي أيديهم أرضنا”.
خلال الحرب الأوروبية الثانية، جند الغرب الأفارقة في جيوشه. في ظل الوعود بالاحترام وتقرير المصير، لكن تلك الوعود تقلصت إلى حكم ذاتي، أو تنصيب حكومات عملية للغرب.

كان إنهاء الاستعمار ضرورة أخلاقية بالنسبة للقوميين الأفارقة الأوائل. ففي عام 1945، عقد المؤتمر الإفريقي الخامس ب الذي حضره قادة الكفاح، مثل جومو كينياتا (كينيا)، كوامي نكروما (ساحل الذهب، غانا الآن) جوليوس نيريري (تنجانيقا، تنزانيا الآن)، وانضم إلى هؤلاء باتريس لومومبا وجمال عبد الناصر وأحمد بن بيلا وهواري بومدين وكينيت كاوندا وأحمد سيكوتوري وموديبو كيتا ونيلسون مانديلا ورفيقه غوفان مبيكي، وروبرت موجابي، والولي الرقيبي، هؤلاء القادة العظام هم الذين حققوا استقلال دول إفريقيا.

لم يكن الانسحاب الغربي من إفريقيا سلميا، بل تم بفعل ثورات مثل ثورة 19 وثورة يوليو بمصر وثورة الجزائر وثورة ماوماو في كينيا، وثورة الأفارقة على حكم البيض بروديسيا وجنوب إفريقيا.
في 6 مارس 1957، أصبحت غانا أول دولة إفريقية جنوب الصحراء تحصل على استقلالها، وكتب زعيم استقلالها اكوامي نكروما: “نحن نؤمن بحقوق كل الشعوب المستعمرة في حكم نفسها، والتحكم في مصيرها. يجب أن تكون جميع المستعمرات خالية من السيطرة الإمبريالية الأجنبية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية”.
وبحلول عام 1977، استقلت 54 دولة إفريقية، ولم يتبق من إفريقيا تحت الاستعمار الغربي إلا سبته وامليلة المغربيتان، ونظاما الميز العنصري في روديسيا وجنوب إفريقيا.

ثم لحق جيل آخر من الثوار استكمل مسيرة الاستقلال لما تبقى من استعمار إسباني وميز عنصري وأنظمة رجعية واستغلال غربي، أمثال توماس سنكارا، وعيدي أمين، ويوري موسيفيني، وجيري رولينجز، ومعمر القذافي، الذي ساند حركات التحرير الإفريقية وخاصة في روديسيا وجنوب إفريقيا إلى أن تم القضاء على الميز العنصري بهما، وإنشاء جبهة البوليزاروا لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب إلى أن تم طرد المستعمر الإسباني منها، وقيام الجمهورية العربية الديموقراطية الصحراوية عام 1976، التي تكالبت الرجعية العربية عليها وحاولت تقاسمها بين المغرب وموريتانيا والجزائر، وما زالت تعتبر منطقة لم يصف استعمارها بعد.

معمر القذافي حول منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقي في 9/9/99، وكان في طريقه أن يتحول إلى ولايات متحدة إفريقية، لها جيش واحد وحكومة واحدة وجسم تشريعي واحد وعملة واحدة، ومصرف واحد، كنا نناقش في البرلمان الإفريقي تعديل بروتوكول إنشاء الاتحاد الإفريقي وكنا في اللمسات الأخيرة، لدرجة اختلفنا على الاسم، حيث إن تسمية الولايات المتحدة الإفريقية عندما تترجم تختصر في (U S A) ستحدث خلطا مع تسمية الولايات المتحدة الأمريكية، فاتفقنا أن نسميها الولايات الإفريقية المتحدة (U A S)، كما دافع في خطابه أمام الجمعية العامة بتاريخ 23/9/2009 عن حقوق الأفارقة في 777 تريليون دولار تعويض، وحق إفريقيا في مقعد دائم، والتحقيق في اغتيال المناضلين الأفارقة، لكن باغتياله تعطل تحقيق الحلم.

نصب الغرب بانتخابات مزورة أو انقلابات عملاء له يتمتعون بسلطة سطحية وحافظوا على مصالح الغرب في نهب ثروات إفريقيا من يورانيوم ونفط وغاز لتنعم بها أوروبا ويعيش الأفارقة في الفقر، فاليورانيوم النيجري يشغل 103 مفاعل في 13 دولة، يضيء ربع فرنسا، بينما 80% من النيجر دون كهرباء، ولهذا بدأت موجة ثالثة من التحرر بالزحف على قصور الحكام العملاء، تلك كانت بذرة التمرد على الاستعمار الغربي التي زرعها الشهيد الصائم، وأول مظاهرها تمرد الأفارقة على حصار ليبيا وكسره بقرارهم في واقادوقو، مما أجبر الغرب على التفاوض، كثير من هؤلاء الثوار تشربوا الفكر التحرري من الخيمة، الجيل الثوري الواعد سيكمل تحرير إفريقيا مثل إبراهيم تراوري، واسيمي غويتا، وعبدالفتاح السيسي، وسيريل رامافوزا وغيرهم.

إفريقيا ثلث سكانها عرب ونصفها مسلمون فكانت الدائرة الثالثة عند عبدالناصر، وليبيا لن تعقم قائدا عربيا إفريقيا يتحمل أعباء حرية إفريقيا وسيادتها ورفاهية مواطنيها، ويوحدها مع الفضاء العربي. الأمل في مشروع القوات المسلحة العربية الليبية بقيادته العروبية التحررية.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى