رأي

د. محمد جبريل العرفي يكتب.. أيها المخانب خذوا المناصب واتركوا لنا الوطن

كل يوم تزداد الأزمة الليبية تعقيدا واستعصاء عن الحل، أحد الأسباب أن جزءا من حل المشكلة استمر في أيدي الغرب، فمن كان سببا في مشكلة لا يرجى منه حلها. والسبب الثاني أن جل من في المشهد مقتنعون بأن حل الأزمة هو نهايتهم من المشهد، ولهذا لن يذبحوا الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً.

اقرأ أيضا: د. محمد جبريل العرفي يكتب.. الحصن الأخير بين التحالف والمجاملة والخيانة

الأزمة بدأت بالتدخل الأجنبي الذي حطم بالقوة مقومات الدولة وبنيتها العسكرية والأمنية، ثم لحق (الأشاوس) وجرّفوا كل ما هو فوق الأرض، بل بدأوا ينهبون ما في باطنها من ثروات ويهربونها إلى الخارج. جاءت حكومات النهب والمحافظ الإنجليزي فعاثوا فسادا في الدخل والمدخرات.
بعد الحرب الأوكرانية تغيرت المعادلة، وأصبحت ليبيا تقترب في أن تكون ساحة للحرب الأوروبية الثالثة، الباردة والحامية.
ظهر شكل غريب من العمالة للأجنبي، فارتمى البعض في أحضان الغرب وقايض بقاءه في السلطة بالتفريط في سيادة الوطن ونهب مقدراته وتوطين اللاجئين فيه، وتطفيش عرب الجنوب ليحل محلهم أجانب يؤسسون لدولة زنجية رأسها في سرت وقاعدتها من العوينات إلى غات، ورئيس المخابرات يوقف نشاط جهازه لأنه لا يستطيع تلبية طلبات الغرب في تقديم معلومات عن ما يجري في الشرق والجنوب. ولا يرغب في معاداة الروس لأنه يؤمن أنهم قادمون
والمحافظ أصبح موظفا تابعا لسفراء الغرب وخاصة مشغليه الإنجليز. يقدم المنح دون فوائد ويشتري الأرصدة الدولارية المتخلى عنه، مما سيؤدي الى تبخر قرابة 90 % من القيمة الشرائية لمدخراتنا في أمد لا يزيد على خمس سنوات. وينفق على الميليشيات والمافيات ويجفف منابع تمويل القوات المسلحة ويضيق على الليبيين، ورئيس الحكومة في سبيل بقائه في السلطة منبطح للأجانب، هذا ليس بغريب، فمن يفرط في شرفه الشخصي لا تتوقع منه أن يحافظ على شرف الوطن، ازدهر في الغرب الليبي النشاط المافيوي من تهريب وتجارة بشر وترويج مخدرات ودعم التنظيمات الإرهابية. وانتشرت عمليات الخطف والابتزاز والاغتيالات، علاوة على الاقتتال بين ميليشيات المنطقة الغربية، التي تنذر بحرب أهلية.
يخطئ من يظن أن من في المشهد سيخرج منه طوعاً، بل سيتشبث ببقائه بأظافره وأسنانه. اللاعبون على الساحة ثلاثة تكتلات تشريعية وتنفيذية وميليشاوية، التشريعية متمثلة في مجلس النواب والمجلس العائد من التابوت بعد ضحكة الصخيرات، وقبل أن نستطرد وجب التنويه أن لكل قاعدة استثناء، فكلا الجسمين بهما عناصر وطنية نزيهة، ولكنها مغمورة وغارقة في بحر من الفاسدين، الآن بعد ضغط باتيلي اضطروا إلى اعتماد نتائج أعمال 6+6 لكنهم اعتمدوا آلية للتربح، الآن وصلت تسعيرة التزكية لمنصب رئيس حكومة خمسة ملايين دينار، وتسعيرة الصوت لانتخابه 2 مليون، إحدى الكتل رتبوا أمورهم في مصر في ضيافة مرشح لرئيس الحكومة، ليصلحوا بينه وبين مرشح آخر، وسيستكملون الصفقة في المغرب، بحساب بسيط مرشح لرئيس حكومة يدفع مبلغ 125 مليون دينار لشراء التزكيات و130 مليون دينار أخرى لانتخابه، يعني ربع مليار، فماذا نتوقع منه؟ سيكون همه النهب ليسترد أضعاف ما أنفق على هذه الرشاوي.
من ناحية أخرى هم اعتمدوا نتائج 6+6 مضطرين، ولتخفيف الضغط عليهم، لكنهم وضعوا آلية تؤدي إلى عدم إجراء الانتخابات في المدى القريب، الحكومة التي قد تشكل ستبقى ثلاث أو خمس سنوات، أو حتى عقدا كاملا، يعني تكرارا لتجربة لبنان، برلمان يجدد لنفسه، ورئاسة مشلولة، وبلاد منهوبة.
للأسف قلة من المنافقين المخادعين الفاسدين النفعيين، جروا خلفهم أجساما يعول عليها الليبيون في أن تنهي أزمتهم. فالرشوة أصبحت شطارة والتصويت تجارة والنهب حرفة، وصلنا إلى قناعة أن الخوف ليس على الثروة من النهب، أو الحياة من الضنك، بل الخوف على الوطن من الضياع، ما دام لا توجد أداة ردع تقمع الفاسدين والمرتشين، وتطبق في حقهم القوانين السارية؛ كقانون الإثراء بدون سبب، ومن أين لك هذا، والمساس بالحياة السياسية، فإن هذه السلوكيات الإجرامية ستستمر وتتفاقم وتصبح ثقافة، هذا الوضع خفَض سقف طموحاتنا إلى بقاء الوطن فقط، فلن تجرى انتخابات في المدى المنظور ولن يغادر هؤلاء مواقعهم إلا إذا تم اقتلاعهم بالقوة، وهي مسؤولية الشعب بدعم من قواته المسلحة، عدا ذلك سنظل ندور في حلقة المراحل الانتقالية إلى ما شاء الله. وما زلنا نتأمل من مجلس النواب أن يكشط عن وجهه هذه النمشات، التي أساءت إليه، وأفقرت الليبيين، وهددت الوطن.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى