اجتماعيةالرئيسيةدراسات

الدكتور سمير الوصبي يكتب.. التنمية الروحية المستدامة

مدير وحدة الدراسات الاجتماعية والمشرف العام للأبحاث والدراسات بمركز العرب للأبحاث 

التنمية المستدامة ليست شعارًا تواصليًّا يتم تداوله إعلاميًّا واجتماعيًّا، بل هو مؤشر معياري للتقدم الحضاري للأمة الواحدة والدولة الاجتماعية الممتدة، في الوقت الراهن لا حديث بين أوساط مفكري ومدبري الشأن الأمني للدولة الحديثة والمؤسسات الرائدة والمنظمات المسؤولة سوى عن آفاق وتحديات التنمية المستدامة، هذا المركب الإضافي يوحي معناه في لفظ التنمية إلى التطور المرتبط بأحد أقطاب الدولة الخمسة: التعليم المدمج، الصحة الاجتماعية، الاكتفاء الغذائي، الاقتصاد الشامل، السيادة الأمنية. أما الاستدامة فهي تعني الاستمرارية ودوام فاعلية وإنتاجية تلكم الأقطاب؛ فالاستدامة هي منهج ينبني على تكامل الأدوار بين الإدراك العميق للثروة على اختلاف أشكالها، والاستثمار الوظيفي الأمثل لها عبر مختلف الاستراتيجيات والخطط المجالية، في مسعى لتحقيق الفاعلية والنجاعة والمردودية على المستوى الحضاري للجماعة البشرية على الجانبين المادي والروحي، هذا السياق المعرفي يدفعنا إلى البدء أولًا بالحديث عن التنمية الروحية المستدامة على اعتبار أن الإنسان هو الفاعل المؤثر في التنمية المستدامة، فهو المكون الرئيس للقيادة والريادة لهذا المفهوم التنمية المستدامة.

سنعالج قضية التنمية الروحية المستدامة، وفق محاور ثلاثة انسجامًا مع القواعد الثلاث للتنمية وضعية الاشتغال التنموي التي إما أنها مشْكِلة أو سؤال وجب حالها إن كانت مشكلة أو جوابًا عن سؤال لوضعية بحثية وكلاهما المشكلة التنموية أو السؤال التنموي يرتبط بمجالين إما إنساني أو اجتماعي، إنساني تكون الوضعية مرتبطة برهان تنمية وبناء الإنسان، اجتماعي مرتكزة على تطوير العمران بالصلح والإصلاح، صلح الجماعة البشرية في جانب تحقيق السلم الاجتماعي، والإصلاح في العمل الجاد في النهضة الاجتماعية عبر إنجاز المشاريع والأنشطة المؤسساتية للدولة؛ فهي أي الدولة تعني قيادة حكيمة ومؤسسات نشيطة. والقاعدة الثانية هي روافد الاستمداد التنموي وهي عنصر الحياة في التنمية، ونعني بالروافد هنا شيئين اثنين: الموارد البشرية والثروات الطبيعية، وكلاهما يدخلان في علاقة تفاعل التأثير المتبادل سلبًا أو إيجابًا، روافد الاستمداد في شق الموارد البشرية تختزل في الكفاءة العلمية والمهنية لا في الكم العددي، فالمسؤولية التي سيتحملها الفرد تحتاج إلى الكفاءة لبلوغ درجة الإتقان والجودة المطلوبة، وبخصوص روافد الاستمداد في شق الثروة فإنه لا مناص من الترشيد العقلاني للموارد الطاقية، وهنا تظهر حنكة وحكمة القيادة العليا للدولة في البحث عن الاستثمار الأمثل والأنجع للوصول إلى القاعدة الثالثة وهي المردودية الإنتاجية التنموية، وهي محصلة القاعدة الأولى والثانية، فنكون بذلك ملتزمين في دراستنا البحثية بمنهجية منضبطة وأسسنا لمحددات علمية للتنمية المستدامة: وصف لوضعية الاشتغال، تحليل للروافد الاستمدادية، وتركيب للمحصلة الإنتاجية.

أولا: التنمية الروحية المستدامة: هناك خمسة جوانب تشكل في مجموعها بناء الإنسان، وذلك تبعًا لعناصره ومكوناته وهي: الروح، الجسد، العقل، النفس، السلوك. يسعى المرء على الدوام إلى تنميتها وتطويرها، لأن الركود وانعدام الفاعلية والاستمرارية في ركن من أركانها يعني العدم الوجودي، فحقيقة الحياة هي التكامل الوظيفي بين تلكم العناصر والمكونات الخمسة، حينها يشعر الفرد منا بهويته الإنسانية، والتفاوت البين فيما بينها يؤدي إلى اللاتوازن في الشخصية الإنسانية ويفقدنا معنى الحياة والعيش معًا، هذا المعطى المنهجي يعني أننا سنبحث الجوانب التنموية المستدامة الخمسة للإنسان، وتفرض التراتبية الوظيفية للمكونات الخمسة للإنسان الاستهلال البحثي بمحور التنمية الروحية المستدامة.

1- وضعية الاختبار الإنساني: قال تعالى:وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (البقرة: 30) هي وضعية الوجود الإنساني الأول، بإرادة إلهية في خلق جنس الإنسان، حيث كان القصد من الخلق هو الاستخلاف الإلهي للإنسان، وليس البقاء بالعالم العلوي -الجنة- عبر مفهوم إدراكي خاطئ بالقول “لولا الخطيئة والأكل من الشجرة لبقي النسل الإنساني بالعالم العلوي”.

فالإرادة الإلهية موجهة بالقصد الأول إلى النزول للأرض للاستخلاف وعمارة الأرض، فقد كان ولا بد من اجتياز الاختبار بين كائنين سيشكلان مشكل وضعية الخلق، وقبل الكشف عن المشكل الوضعي الوجودي لا بد من ذكر سياق معرفي مقرره أن الكائنات الحية الأربع المتفاعلة هي: كائن أول بعقل بلا شهوة (الملائكة)، كائن ثان بعقل وشهوة (الإنسان)، وكائن ثالث بلا عقل وشهوة (الحيوان)، وكائن مماثل من حيث صفات الإدراك بعقل وشهوة (الجن- الشيطان) هذا الكائن الرابع سبق في الوجود وسكن الأرض ثم صعد به إلى العالم العلوى نتيجة العبادة الظاهرة لله من قبله، وكلاهما سيمر بالاختبار الأول عبر وضعية الخلق، الكائن الرابع (الجن- الشيطان) وضع أمام سؤال وضعية التعلم الأولى وهي مقياس مدى الاستجابة للأمر الإلهي بالسجود للكائن الإنسان فرفض –الشيطان-، وهذا الامتناع منه يأتي من حقد النفس الذي مبرره أن الاستنتاج العقلي للشيطان مقرره: أن عبادته الظاهرة لله سيكافأ عليها بالتكريم الرباني له بالعودة إلى الأرض للقيام بمهمة الاستخلاف، لكن وبعد علمه بالإرادة الإلهية بأن يتولى الإنسان هذا الدور تولدت مشكلة سلب المهمة المقدسة “الاستخلاف” من الشيطان، هنا سيأتي الدور على الإنسان الأول لاجتياز الاختبار عبر وضعية التعلم بالنهي عن الأكل من الشجرة؛ فكأنما وزع سؤال الاختبار بين الشيطان والإنسان بين أمر ونهي، أمر للشيطان بالسجود للإنسان، ونهي للإنسان عن الأكل من الشجرة، هنا سنكتشف أن الشيطان علم بنقاط ضعف الإنسان وهي الرغبة في أن يكون الإنسان على الحياد، أي غير مكلف بالاختيار الإرادي خيرًا وشرًّا وما يترتب عن التكليف من جزاء وعقاب، إن خيرًا فجزاء، وإن شرًّا فعقاب، وإن أمكن وجود الاحتمال الثالث لاختاره وهو الحياد أي لا تكليف؛ لأن نسبة الوقوع في جانب الشر والخير متساوية، وإمكانية الزلل والشر المؤدي إلى العقاب واردة، فكان من الأصلح للإنسان أن يكون على الحياد اللاتكليف، هذا هو الجانب الأول.

أما الجانب الثاني الذي فهمه ووعاه الشيطان كنقطة ضعف للإنسان فهو حقيقة الموت، أدرك الشيطان كما الإنسان أن تفاعل عنصر المادة (الجسد) مع الروح التي هي من الله وبالتقائهما تكونت النفس، سواء أكانت نفسًا إنسانية أو نفسًا شيطانية، فالمادة كيفما كانت فانية والروح باقية، ولكن الروح عنصر الحياة غير مملوكة للإنسان، بل هي هبة من الله يعطيها متى شاء ويأخذها متى شاء، فأوهم الشيطان الإنسان بإمكانية بقائها أي الروح في الجسد وعدم الزوال بالأكل من الشجرة، فأكل الإنسان الأول من الشجرة، وهنا نبرز الفرق بينهما، الإنسان والشيطان، حيث كلاهما أخطأ، الشيطان لم يمتثل بالأمر، والإنسان لم ينتهِ بالنهي، غير أن الشيطان لم يتعلم من خطئه فظل في ضلاله، والإنسان تعلم من خطئه وثاب منه.

فالوضعية الاختبارية الوجودية مخرجاتها أن الإنسان يمتاز بخاصية التعلم، وهو الأمر الذي لم تدركه الملائكة عند استفسارها عن الغاية من خلق الإنسان، فكان الجواب الإلهي أن الإنسان مخلوق للاختبار للتعلم وهو مكلف في الأرض وله القدرة والاستطاعة على الاختيار بين أمرين في السلوك الإنساني الخير أو الشر، ولكل من السلوكين نتيجة إما جزاء أو عقاب، والاختبار الإنساني يأتي من قدرة الإنسان على التحكم والتعديل الإيجابي في نوازعه وأهوائه وشهوته، وسيادة العقل الراشد في أقواله وأفعاله حتى تكون صحيحة وصائبة. ومن هنا يظهر أن الروح يجب أن تبقى في نقائها وصفائها باختيار السلوك الحسن الذي يترتب عليه الجزاء الأوفى بما فيه الرضى عن الذات، والحياة الطيبة في عالم الشهادة ونيل مرضاة الله والدخول للجنة في العالم العلوي.

2- روافد الاستمداد الروحي: إن التعرف على الوضعية الاختبارية الوجودية حدد لنا ماهية الروح، لأن كيفية الروح غير مدركة لدينا، ومطلبنا هو تحديد مدخلات ومخرجات الروح، وكلاهما يحدد ماهية الروح، فالمدخلات هي روافد الاستمداد والمخرجات هي الاستثمار الروحي، فالروح عنصر الحياة وتحتاج بالضرورة إلى الغذاء كما هو حال الجسد يحتاج إلى الغذاء ليقوى ويشتد، وغذاء الروح روافد الاستمداد، وقد سبق القول إن الروح هبة من الله، فهي تقوى وتنشط باتصالها بالله، وعليه تكون مصادر الاستمداد الروحي الروافد هي كل أشكال الصلة بالله من عبادات بدنية وقلبية: صلاة مفروضة أو نافلة، تلاوة القرآن تدبرًا، ذكر الله خشية، المسابقة لفعل الخيرات، فجوهر هذه العملية في تحصيل روافد الاستمداد الروحي تكمن في مدى معرفتنا بحقيقة الإيمان الشرعي وعلاقة العقل بالنظر الإيماني.

النظر العقلي؛ هو التفكير العقلي لإدراك الحقائق الإيمانية الغيبية، وقد توصل الفلاسفة إلى إثبات واجب الوجود (الله) والبعث والجزاء والعقاب، وتعتبرها معرفة خبرية (تحتمل الصدق أو الكذب).

حقيقة الإيمان الشرعي: ليس قناعة نظرية؛ فالإيمان الحقيقي هو رسوخ العلم بأمور الدين والاستقامة عليه من خلال جانبين متداخلين: مادة الإيمان: وهي العلم وإعمال النظر الفكري لترسيخ الاعتقاد وتفادي الزيغ؛ التفاعل الإيماني: إخراج الإيمان من القلب بالعمل بنية الإخلاص، بيان هذا السياق يحتم علينا تحقيق القول وبسط المسألة في سبر أغوار العلاقة بين العقل والنظر الإيماني.

علاقة العقل بالنظر الإيماني: “أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ” (الحج: 46). الآية تدل على أن القلب هو مركز التعقل والتفكير السليم يكون بهما معًا، والتفكير العقلي بالنظر الإيماني يعني أن مركز التفكير لا يكون بالعقل المحض، بل من خلال تفاعل العقل مع القلب وهما معًا يمثلان لفظ “الألباب” الذي أطلقه القرآن الكريم واصفًا عملية التفكير الإيجابي الموصل إلى بلوغ الحقائق سواء أكانت متعلقة بعالم الشهادة أو بعالم الغيب بيقين علمي إيماني. فالعقل يحصل المعارف والقلب يثبتها، ومثال ذلك أن المعارف والحقائق الإيمانية يثبتها العقل ويثبتها القلب بالتصديق، وتتم هذه العملية عبر توضيح قواعد النظر الإيماني.

أ- فطرية الإيمان: فوظيفة النظر ليست البحث عن وجود الإيمان –فهو موجود بالفطرة– بل المقصود هو التعمق والبحث فيه قصد التخلق به، قال تعالى: “فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (الروم: 30).

ب – قابلية الإيمان للتعقل: أي يقع تفاعل بين الإيمان والعقل بطرح العقل أسئلة عن حقيقة ما كنا ندركه بالفطرة كوجود الله، فإذا كانت الإجابة إيجابية حصل الإيمان الشرعي، أما إذا كانت الإجابة سلبية كان الإلحاد؛ فالعقل المسدد بتوجيه من الوحي الإلهي يدرك القضايا الإيمانية.

ج – تأسيس التفكير العقلي على النظر الملكوتي: النظر بالعقل والقلب إلى عالم الموجودات لبلوغ اليقين الإيماني؛ فيحصل نتيجة الفطرة والتفاعل الإيماني؛ فالله عز وجل أوجد المخلوقات في عالم الشهادة، كدلالة على وجود عالم الغيب؛ فالنظر والعقل إذن يوصلان إلى حال اليقين الإيماني والحقيقة اليقينية.

وعليه تتمحور روافد الاستمداد الروحي للإنسان في جانبي حقيقة الإيمان الشرعي والتفكير العقلي بالنظر الإيماني، فالإيمان الشرعي تصديق قلبي وكذا عمل إيماني موجه بالعلم الصحيح.

       3- الاستثمار الروحي المستدام: الاستثمار لفظ يوحي إلى وجود رأس مال يوظف في مشروع قصد الربح، والاستثمار الروحي لا يخرج عن هذه القاعدة، فالروح تظهر هويتها في جانب حقيقة الإيمان الشرعي والتفكير العقلي بالنظر الإيماني، فرأس المال الروحي يتمظهر في تحديد علاقة الإيمان بالعلم النافع والعمل الصالح.

علاقة الإيمان بالعلم: عند ورود مسمى العلاقة بين طرفين فهي لا تخرج عن علاقة تلازم أو تكامل أو تضاد، والعلاقة بين الإيمان والعلم هي علاقة تلازم، فالإيمان تصديق والعلم توجيه، ومن هنا تبرز الروح كأثر مستدام بعد انتفاع إيمان الشخص بالعلم المسدد إلى ثلاثة توجيهات روحية مستدامة:

أ- مفتاح قلوب الخاشعين بمحبة الله: تنفتح القلوب بتدبر آيات الله، فيورث ذلك محبة الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مِمَّا سِواهُما، وأنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ، وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ” (البخاري: 16).

ب- خشية الله والخوف منه: حصر الله الخشية في العلماء فهي خشية الموقنين الذين يدركون عظمة قدرة الله من خلال النظر إلى آياته، قال تعالى: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” (فاطر: 28).

ج- تحرير النفس من الأهواء وترسيخ اليقين: فتكون كل أقواله وأفعاله خاضعة لمراقبة الله عز وجل فيحدث له علم اليقين، إن مراقبة الله في السر من الأعمال الجليلة التي تنشأ عن اتصاف المؤمن بكمال الإيمان وكمال النصح فكلما زاد إيمان العبد زادت مراقبته لله. قال تعالى: “وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (الشعراء: 217 – 220).

 

علاقة الإيمان بالعمل: هي المظهر الثاني للاستثمار الروحي، وهذه العلاقة تتضح من خلال سورة العصر “وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ” (العصر: 1-3). فالسورة تبين علاقة الإيمان والعمل: عبر قاعدة “لا إيمان بغير عمل ولا عمل بغير إيمان” فهي تتحدد في أمرين اثنين:

أولهما: حاجة العمل إلى العلم؛ فالله عز وجل يُعبَد عن علم وليس عن جهل؛ لذا حتى تستقيم أعمالنا وتكون صالحة لا بد من العلم، قال تعالى: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” (فاطر: 28).

ثانيهما: توجيه العلم والإيمان للعمل؛ فشرط قبول العمل أن يكون خالصًا لوجه الله، وحتى يكون صحيحًا لا بد من العلم: “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” (الأنعام: 162).

والأرباح من هذا الاستثمار الروحي هي عيش الحياة الطيبة في الدنيا والأجر الحسن في الآخرة، وهو ما دلت عليه الآية الكريمة من سورة النحل، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النحل: 97).

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى