مستقبل الحروب السيبرانية الفضائية الافتراضية والمُعزّز
من عالم تقليدى نحو عالم رقمى سيبرانى
بدايةً،، بعد أن انتقل العالم التقليدى إلى عالم رقمى، تملئه التكنولوجيا وتحيط جوانب فكره وحياته بشكلٍ شبه كامل، بالتبعية تحولت الحروب العسكرية التقليدية إلى حروب نووية وسيبرانية وفضائية، وتلك الأخيرة ستكون نواة الحروب المستقبلية، وبؤرة الصراع الدولي.
داخل عالم ملئ بالمعلومات والأرقام داخلها أفكار ومعلومات ستملأ عقول البشر، خاصةً المعلومات الشخصية عنهم، تلك التي اجتهدت الأنظمة عبر عشرات السنين في جمعها وتنظيمها، لدراسة فكر وسلوك الجماهير المستهدفة من تأثيرات تلك التكنولوجيا الجديدة.
ولتتمكن الدول من هدم الدول الأخرى عليها أولاً باختراق الثغرات بشكل مستمر ومهاجمة الشبكات حول العالم، ومن خلال إحدى الثغرات يمكن إحداث بلبلة أو شلل مؤسسى لدولة ما، ومن ثم تبدأ عملية فرض الواقع المُعزّز افتراضياً، لتندمج تلك العمليتين (السيبرانى الفضائى المُعزّز) تحت إطار عسكرى نظامى، لكنه هذه المرة رقمي وليس تقليدى.
الواقع الحقيقى والمُعزز والافتراضى وتقنية الهولوغرام
وأكدت العديد من الدراسات والأبحاث على أن تفاعل الأفراد مع شخص افتراضيّ في الواقع المعزز، تؤثّر في سلوكهم وطريقة تصرفهم في العالم المادي، وذلك من خلال القدرة الفائقة والمتطورة على دمج المحتوى الرقمي بسلاسة مع بيئة الواقع، حيث يمكن مشاهدة العالم المادي الحقيقي، بعد إضافة بُعد رقمي، فيرى المستخدمون نماذج افتراضية مدمجة مع العالم الحقيقى.
فما هو الواقع الحقيقى والواقع المُعزز والواقع الافتراضى والهولوغرام؟
الواقع المُعَزَّزْ (Augmented reality) هو حالة تفاعلية تشاركية تَستخدمُ تقنيات الإنترنت والاتصالات لإضافة معلومات (أو أجسام) افتراضية لبيئة حقيقية، أي أنّها تعزِّز أو تدْعَم إمكانيات الواقع الحقيقي المستخدم، وهكذا تمت التسمية.
على الجانب الآخر هناك الواقع الافتراضي (Virtual reality)، وهو عكس الواقع المُعزز، حيث يقوم على مبدأ إضافة أجسام حقيقية إلى بيئة افتراضية، بينما يعتبر الهولوغرام تقنية تصوير تجسيمي باستخدام تقنية الليزر، لتشكيل أجساد وأجزاء من أماكن وكأنها حية وحقيقية.
فإذا اعتبرنا على سبيل المثال أنّ هناك مشهد يُبث عبر الوسائط الرقمية حربٌ ما نظامية فى الفضاء بين دولتين أو أكثر، فالبيئة هنا بيئة غير حقيقية وهى (الفضاء)، لكن الأسلحة التي تستخدم وقتها تكون حقيقية، وكأن تدور المعارك فى بيئة حقيقية لكن الأحداث تحدث فى إطار البيئة الافتراضية التي ستعزّز وتدعم البيئة الحقيقة لدى المشاهد أو الجمهور المستهدف.
وهنا تقوم الدولة التى تم استهدافها عسكرياً بتقديم الحقائق بشكل مصور وموثق، فى حين أن الدولة المُعتدية بالفعل قد صورت ووثقت المشهد قبل حدوثه، بل وبثّته وفق رؤيتها وأهدافها وسياستها الإعلامية.
التأثيرات المحتملة للواقع المُعزز والافتراضى على الرأى العام
لم يختلف الباحثون فى مجال الإعلام وعلم النفس وعلم الاجتماع، على أن تقنية الواقع المُعزّز لها العديد من الجوانب الإيجابية المفيدة، لكن فى الوقت ذاته لم يختلفوا أيضاً على أن لها تبعات سيئة وتأثيرات سلبية عديدة، وذلك حال كل مُستحدث تكنولوجى يتم تعميم استخدامه على الجمهور العام.
فى هذا الإطار أكد “جوردون أولبورت” الباحث بمجال علم النفس الاجتماعي، الذى حاول جاهداً أن يوضح كيفية فهم وتفسير تأثيرات الحضور الفعلي أو المُتخيل أو الضمني لآخرين على أفكار ومشاعر وسلوك الأفراد، على أنه كلما زاد تفاعل المحتوى الافتراضي مع البيئة المادية، جعل ذلك الشخص الافتراضي أكثر واقعية.
يأتى فى نفس السياق نقطة هامة، خاصة بالمعلومات الرقمية خصوصيتها ومدى حساسية انتشارها ومدى الانتشار الجغرافى والحيز الزمنى السريع لانتشارها، حيث يتم وضع معلوماتٍ رقمية داخل المحيط المادي للمستخدم، بكفاءة عالية لتنتشر بسرعة وفق بؤر جغرافية محددة، لتحقق أهداف معينة.
هذا بالإضافة إلى أن الصورة والمعلومة هما أساس صناعة الواقع المُعزّز، وكلما زادت حساسية الأماكن والمعلومات زادت الحيطة والحدر والانتباه إلى كيفية تأمينها، من أجل الحفاظ على خصوصيتها، ولهذا تتجه بعض البلدان حالياً لتأمين مقراتها الدفاعية والعسكرية، لتجنب هذا الخطر المرتقب، خلق واقع عسكرى افتراضى أو مُعزّز.
وأخيراً وليس آخراً،، لا تزال البيانات قليلة حول حجم التنافس الدولى، وما تمتلكه البلدان من قدرات وإمكانات على صعيد الفضاء الإلكتروني، حيث ذكرت أحدث تقارير “التوازن العسكري” لعام ٢٠٢٠، أن الولايات المتحدة لا تزال تُعد الدولة الأكثر تفوقاً في مجال امتلاك القدرات السيبرانية، بعدما شكلت قيادة سيبرانية موحدة في وقت مبكر من عام ٢٠١٨، من أجل التماشي مع التطور الكبير والواسع في القدرات السيبرانية الأميركية.
هذا بالإضافة إلى الصين، التى أنشأت عام ٢٠١٥ قوة الدعم الاستراتيجي كجزء من الإصلاحات التنظيمية لديها، وتجمع هذه القوة بين قدرات الحرب الفضائية والسيبرانية والنفسية، وهناك أيضاً روسيا التى اعتبرت تاريخياً أن الأمن السيبراني والعمليات الإلكترونية مكوناً من عمليات المعلومات بمفهومها الواسع، وفي عام ٢٠١٥، كشفت العقيدة العسكرية الروسية عن أن الفضاء الإلكتروني جزء من الأراضي الروسية، وكلفت القوات المسلحة حمايته.
بينما قامت بريطانيا بإنشاء في المركز القومي للأمن السيبراني، إلى جانب القدرات التي يمتلكها مكتب الاتصالات الحكومية (جهاز الاستخبارات البريطاني) في هذا المجال، وفي فرنسا تتولى قيادة الدفاع السيبراني الفرنسي التي تأسست في ٢٠١٧، تحت إشراف وزارة الدفاع، جميع العمليات الهجومية العسكرية الإلكترونية لهذه القيادة.
لذا على الدول العربية والدول النامية أن تنتبه لمستقبلٍ عسكرى شبه غامض، يزول غموضه بالدراسة والبحث، وإصدار التقارير والقوانين والتشريعات المحلية ودفعها فى الإطار الإقليمى والدولى، من أجل الحفاظ على إرساء قواعد الأمن القومى العسكرى، فى ظل مستقبل الحروب السيبرانية الفضائية الافتراضية والمُعزّزة.
بعد ان تناولنا موضوع مستقبل الحروب السيبرانية يمكنك قراءة ايضا
دور جماعة الإخوان المسلمين فى الداخل الأمريكي وتأثير تزايد الإهتمام الأمريكى بآسيا على أمن إسرائيل
عبد الغني دياب يكتب.. 2022 عام التصدي العربي لجائحة كورونا
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك