ماذا بعد باتيلي؟ تقدير موقف للباحث السياسي أحمد عرابي
قال الكاتب والباحث السياسي أحمد عرابي إن إستقالة المبعوث الأممي لبعثة الأمم المتحدة للدعم إلى ليبيا “عبدالله باتيلي” لم تكن مفاجأة لأحد وحيث كانت كل المقدمات تدل على إن هذا هو المخرج الوحيد لباتيلي وفق الوقائع والأحداث تسير به إلى ذلك الطريق، حيث أوضحت إستقالة المبعوث الأممي إنه لا يوجد في ليبيبا من هو على استعداد لتقديم الصالح العام للبلاد علي المصلحة الشخصية وفق ما أكده المبعوث الأممي في إحاطته، وإن الوضع في ليبيا قد يواجه مزيداً من التعقيد بعد إعلان رئيس بعثة الأمم المتحدة “عبدالله باتيلي” إستقالته من منصبه وتأجيل مؤتمر المصالحة الوطنية إلى أجل غير معلوم، عقب فشل حكومة الوحدة الوطنية في الإيفاء بوعودها، سواء المتعلقة بإخلاء العاصمة من الجماعات المسلحة في العاصمة أو وعدها بإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي المشترك مع تونس والمغلق منذ شهر مارس الماضي من العام الحالي.
وأوضح عرابي إن استقالة المبعوث الأممي جاءت لتؤكد عدم جدية المجتمع الدولي في حل الأزمة في ليبيا بالرغم من أنه كان وراء تعميقها من خلال التدخل العسكري المباشر للإطاحة بالنظام السابق ، ولترسخ إلى حقيقة فرضت واقعها على الواقع كامل التراب الليبي، وهي أن حالة الانقسام على أساس المصالح والحسابات الشخصية والقبلية والمناطقية والجهوية لا تزال تتسع مع إصرار كل طرف من اطراف النزاع في ليبيا على خلق كيان خاص به في المناطق التي تقع تحت سيطرته ، وعدم تنازله عن مصالحه الشخصية وتقديم مصلحة الوطن ككل عنها .
الباحث السياسي ألمح إلى أن الشروط التي يضعها القادة الليبيون المسبقة تقف على العكس تماماً مع ما يظهرونه من واقع لإيجاد حل للنزاع الذي يقوده الليبيون ويمسكون بزمام أموره .
فجميع مبادرات المصالحة بين الشرق والغرب حتى هذه اللحظة، لم تبدر منهم أية بادرة تظهر حسن نوايا الجميع، فيما يتضاءل التوافق الأممي إتجاه البلاد جراء تحول ليبيا إلى ساحة يحتدم على أرضها التنافس بين الأطراف الإقليمية والدولية المدفوعة بمصالحها كالصراع الروسي الأمريكي على الأراضي الليبية .
وأعرب عرابي عن إنه قد يكون باتيلي قد تعرض لضغط من الإدارة الأمريكية لتقديم استقالته في الوقت الحالي ، وذلك وفق الترتيبات التي تجري وتعدها واشنطن لتشكيل ملامح الأزمة الليبية بما ينسجم مع طبيعة صراعات النفوذ القائمة سواء في الداخل الليبي أو في المنطقة المحيطة ككل ويأتي ذلك عقب اقتراح تعيين “ستيفاني خوري” الأميركية من أصل لبناني كنائبة لرئيس البعثة الأممية في ليبيا، والتي تتحدث اللغتين العربية والإنجليزية، وحصلت على درجة الدكتوراة في الفقه القانوني ودرجة البكالوريوس في الآداب في الحكومة من جامعة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية، فيما قد كان أعلن باتيلي سابقاً ترحيبه بتعيين خوري نائبة له للشؤون السياسية، وقال إنه يتطلع للعمل معها قُدماً بالعملية السياسية في ليبيا.
أحمد عرابي أوضح إن ليبيا تعد من بين البلدان التي شهدت أزمة سياسية عميقة خلال السنوات الأخيرة. ولتحقيق الاستقرار والتقدم الدائم بها ، من الضروري وضع استراتيجيات فعالة لإدارة الأزمات السياسية والاستجابة السريعة للتحديات المستجدة ولابد من مناقشة مستجدات العملية السياسية في البلاد، في ظل التطورات الأخيرة، لاسيما استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، وكذلك عدد من القضايا الإقليمية الأخرى التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والتي لها تأثير كبير في ليبيا خلال التحديات التي تواجه مشروع المصالحة الوطنية، وسبل تعزيز الجهود المبذولة لإنجاحه حالياً حيث يجب أن يكون الحوار والتفاوض هو الأداة الرئيسية لإدارة الأزمة السياسية في ليبيا. كما ينبغي ينبغي تشجيع الأطراف السياسية في البلاد على التواصل وبحث الحلول السلمية للخلافات والتوترات كما يمكن تعزيز هذا من خلال تنظيم جلسات حوار مستدامة واستخدام وسائل الإعلام الحالية لتعزيز التواصل ونشر رسائل السلام والتسامح والعمل على ترسيخ ثقافة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة.
كما يجب أن تكون الشفافية ومكافحة الفساد من أولويات الملحة لإدارة الأزمة السياسية في الوطن وينبغي توفير آليات فعالة لمراقبة العملية السياسية وتحقيق الشفافية في اتخاذ القراراتالوفورية والواجبة لمحاربة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة من خلال تعزيز النزاهة والمساءلة والعمل على حلحلة الظروف المعيشية للمواطن والتي يعاني منها حالياً من نقص السيولة وعدم توفير الحاجيات الأساسية له.
الكاتب والباحث السياسي أوضح إن إدارة الأزمة السياسية في ليبيا تحتاج إلى استعدادًا واستجابة فورية ينبغي من خلالها وضع الخطط المناسبة لتعزيز سبل الحوار والتفاوض الوطني الليبي الليبي وتعزيز الشفافية ويجب أن تكون التدابير المتخذة مستمرة وعاجلة ومتكاملة لتحقيق الاستقرار والديمقراطية في ليبيا والتي لن تأتي من أي من بعثات الأمم المتحدة إلى ليبيا السابقة ولا القادمة ولا من خلال مبعوثيها ، ولكن لابد أن تأتي من مؤتمر ليبي ليبي شامل للمصالحة ويسعى من خلاله بالبلاد للتقدم ووضعها على ركب الاستقرار الشامل السياسي والمجتمعي .
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب