عادات المصريين في رمضان.. مزيج بين التدين والبهجة والطقوس الاجتماعية

القاهرة- مركز العرب
يُعتبر شهر رمضان شهرًا مميزًا في مصر، حيث يمتزج فيه الطابع الديني العميق بالبهجة والاحتفالات، وتتجسد فيه مظاهر التكافل الاجتماعي والتواصل العائلي. وتتنوع مظاهر الاحتفال بهذا الشهر الكريم، وتختلف من جيل إلى جيل، ومن منطقة إلى أخرى، ولكنها تشترك في جوهرها الذي يعكس روحانية الشهر الفضيل.
ولشهر رمضان في مصر له مكانة خاصة في قلوب المصريين، حيث تتغير مظاهر الحياة وتنتشر البهجة والروحانيات في كل مكان. وتتنوع مظاهر الاحتفال بهذا الشهر الكريم، ولكنها تشترك في جوهرها الذي يعكس روحانية الشهر الفضيل.
وتبدأ نسائم شهر رمضان بمجرد أن ينتصف شهر شعبان، ويمكن لأي زائر أن يلاحظ احتفالات المصريين واستعداداتهم لاستقبال هذا الشهر، فيقوم الصغار والكبار بتزيين الشوارع والمحال والمنازل، تعبيراً عن استعدادهم لرمضان، ويبدأ الباعة الموسميين في بناء مواقع تجارتهم، فتمتلئ الشوارع بباعة الحلوى الشرقية، مثل الكنافة والقطايف، والمخللات المختلفة الملونة التي لا تكتمل موائد الإفطار سوى بها، إلى جانب انتشار محال وأكشاك بيع المشروبات الرمضانية الشهيرة، مثل قمر الدين، التمر الهندي، العرقسوس، السوبيا، وغيرها من المشروبات التي يحبها المصريين.
الاستعداد لشهر رمضان المبارك
تبدأ الاستعدادات لشهر رمضان قبل حلوله بأسابيع، حيث تتزين الشوارع والميادين بالفوانيس الملونة، وتُقام الأسواق والمعارض لبيع المستلزمات الرمضانية، مثل الياميش والمكسرات والتوابل. كما تستعد الأسر المصرية لإعداد الموائد الرمضانية العامرة بأشهى المأكولات والمشروبات.
العادات والتقاليد الرمضانية:
يُعد الإفطار الجماعي من أبرز مظاهر رمضان في مصر، حيث تجتمع العائلات والأصدقاء حول مائدة واحدة لتناول وجبة الإفطار. وتزخر المائدة الرمضانية بأشهى المأكولات والمشروبات، مثل الملوخية والمحشي والفراخ المشوية والقطايف والكنافة.
ولا يزال المسحراتي يقوم بدوره في إيقاظ المسلمين لتناول وجبة السحور، حيث يجوب الشوارع والأزقة، ويقرع على طبلته، وينادي بأعلى صوته “اصحوا يا نيام، وحدوا الديان”.
وتحرص المساجد في مصر على إقامة صلاة التراويح طوال شهر رمضان، ويشارك فيها عدد كبير من المسلمين. وتتميز هذه الصلاة بأجوائها الروحانية العالية، وتلاوة القرآن الكريم بأصوات ندية.
وتنتشر في مصر الموائد الرمضانية، وهي موائد عامة يتم فيها تقديم وجبات الإفطار المجانية للصائمين المحتاجين. وتعد هذه الموائد من مظاهر الكرم والجود، وتعزز روح التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ويتبادل المصريون التهاني والتبريكات بمناسبة شهر رمضان، ويتمنون لبعضهم البعض شهرًا مباركًا مليئًا بالخير واليمن والبركات.
وتسود مصر خلال شهر رمضان أجواء روحانية عالية، حيث يكثر الناس من قراءة القرآن الكريم، وإقامة الذكر، والاستماع إلى الأحاديث النبوية الشريفة. وتفتح المساجد أبوابها للمصلين طوال النهار والليل، وتقام فيها الدروس الدينية والمحاضرات الوعظية.
ويعد شهر رمضان شهر الكرم والجود في مصر، حيث يتسابق الأغنياء على تقديم المساعدات للمحتاجين، وتوزيع الصدقات، وإفطار الصائمين. وتنتشر في هذا الشهر موائد الرحمن في مختلف أنحاء البلاد، حيث يتم تقديم وجبات الإفطار المجانية للصائمين المحتاجين.
موائد المصريين عامرة في رمضان
تزخر المائدة الرمضانية في مصر بأشهى المأكولات والمشروبات، مثل الملوخية، المحشي، الفراخ المشوية، البط، المكرونة بالبشاميل، المسقعة، الفتة، الكفتة، الشوربة، السلطات، الحلويات مثل القطايف والكنافة والبسبوسة، والمشروبات مثل التمر هندي، الكركديه، قمر الدين، الخروب، وتكثر في رمضان العزومات بين العائلات والأصدقاء، حيث يتم إعداد موائد عامرة بأشهى المأكولات، يتم توزيع شنط رمضان على الفقراء والمحتاجين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية التي تكفي الأسرة طوال الشهر.
الفعاليات الرمضانية:
تشهد المساجد في رمضان إقبالًا كبيرًا من المصلين، حيث تقام صلاة التراويح والدروس الدينية والمحاضرات الوعظية، تنتشر في مصر الخيم الرمضانية، وهي أماكن يتم فيها تقديم وجبات الإفطار والسحور للمحتاجين، وتقام فيها فعاليات ترفيهية مثل عروض التنورة والموسيقى العربية.
وتُعرض في رمضان العديد من المسلسلات التلفزيونية الجديدة، التي تتناول موضوعات مختلفة، وتُعرض في رمضان الفوازير، وهي مسابقات تلفزيونية يتم فيها طرح أسئلة على المشاهدين، وتقديم جوائز للفائزين.
وتختلف مظاهر الاحتفال بشهر رمضان من مدينة إلى أخرى في مصر. ففي القاهرة، على سبيل المثال، تنتشر الفوانيس الملونة في كل مكان، وتقام العديد من الفعاليات الرمضانية في مختلف الأحياء. وفي الإسكندرية، تشتهر الموائد الرمضانية التي تقام على كورنيش المدينة، حيث يتناول الصائمون وجبة الإفطار وسط أجواء رمضانية مميزة. وفي المدن الأخرى، مثل طنطا والمنصورة وأسيوط، يحتفل السكان بشهر رمضان بطرق متنوعة، ولكنهم يشتركون في الحرص على إحياء عادات وتقاليد الشهر الفضيل.
وشهدت مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في مصر بعض التغييرات في العصر الحديث، حيث أصبحت وسائل الإعلام تلعب دورًا هامًا في نقل الأجواء الرمضانية، وتبث القنوات التلفزيونية والإذاعية برامج ومسلسلات رمضانية خاصة. كما تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر التهاني والتبريكات، وتبادل الوصفات الرمضانية، وتنظيم الفعاليات الخيرية.
ومن أبرز مظاهر الاحتفال في مصر الخيامية.. تنتشر بألوانها المبهجة أغطية “الخيامية” في المنازل المصرية استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك، وتلك الأغطية ومنها أيضًا الوسائد تمنح الأجواء طابعًا تقليديًا خاصًا، وتشكل نتاج حرفة تعود إلى أزمنة قديمة في مصر.
أعمال الخير وشنط رمضان:
يقول خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان، خلال الشهر الكريم، تزداد أعمال الخير حيث تنشط الجمعيات الأهلية المختلفة بإعداد ما يعرف بـ”شنطة رمضان”، والتي يشارك في إعدادها الحكومة والجمعيات والأهالي ويحرص بعض المحافظين على توزيعها بأنفسهم، وتتسع أعمال الخير من موائد الرحمن التي تنتشر عبر أحياء وشوارع وميادين القاهرة ويشارك بها كل أصحاب الخير في مصر.
وفي سياق متصل، إن رمضان في مصر ارتبط كذلك بحلويات معينة أبرزها الكنافة وأم علي و القطايف، ولها أصول تاريخية وتجهز أفران الكنافة بالشوارع ويتجمع الأطفال حول بائع الكنافة ليشاهدوا طريقة رشها على الفرن، وكذلك القطايف بأنواعها وأحجامها المختلفة.
وبعد صلاة التراويح ينطلق الشباب إلى منطقة الحسين والأزهر الشريف لتناول الحلوى المختلفة من أم علي وأرز باللبن، والبعض يتناول الإفطار بالمنطقة خصوصاً الفول بالزيت الحار والمطاعم المتنوعة بالمنطقة، ويحرص البعض على زيارة منطقة السيدة زينب والسيدة نفيسة وتنتشر الليالي الرمضانية المختلفة لتعرض الفنون الشعبية التراثية بالمواقع الأثرية، ومنها بيت السناري بالسيدة زينب ومدرسة السلطان الغوري ووكالة الغوري بالغورية وقصر الأمير طاز بمنطقة الخليفة بالقلعة بشارع السيوفية المتفرع من شارع الصليبة.
دور المرأة في رمضان:
تقوم المرأة المصرية بدور كبير في تحضير الأطعمة والمشروبات الرمضانية، وتعد المائدة الرمضانية بأشهى الأطباق، وتشارك المرأة في صلاة التراويح، وحضور المحاضرات الدينية، والمشاركة في الأنشطة الخيرية.
تبدأ الاستعدادات لشهر رمضان قبل حلوله بأسابيع، حيث تتزين الشوارع والميادين بالفوانيس الملونة، وتُقام الأسواق والمعارض لبيع المستلزمات الرمضانية، مثل الياميش والمكسرات والتوابل. كما تستعد الأسر المصرية لإعداد الموائد الرمضانية العامرة بأشهى المأكولات والمشروبات.
وفي نهاية رمضان تبدأ صناعة كعك العيد بأشكاله المختلفة وهي صناعة تراثية أيضاً وفي المناطق الشعبية ترى النساء يحملن صاجات الكعك وينتظمن في صفوف أمام الأفران حتى يأتي الدور لتسويته، وتتسابق المحلات لصناعة هذا الكعك لتوفيره ولكن متعة الأطفال بصناعة الكعك لا تفوقها متعة وهناك عادة لن تنقطع أبداً وهي حرص المسلمين على إهداء المسيحيين المجاورين لهم والأصدقاء كميات من هذا الكعك للمشاركة في الفرحة ويحرص المسيحيون في أعيادهم على هذه العادة التي تؤكد ترابط نسيج الأمة دائماً.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب