من أطروحات الشرفاء الحمادي.. المفاهيم والمقاصد الحقيقية للزكاة وفق منهج الله
أطروحات من أفكار الشرفاء الحمادي تأتيكم أسبوعيا عبر منصة (مركز العرب) - كل سبت
الملخص
ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم نريد أن نلقي الضوء على طرح قدمه المفكر العربي الأستاذ علي الشرفاء الحمادي للمكتبة الإسلامية لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول الزكاة والصدقات، ليدرك المسلم قواعد إخراج الزكاة والصدقات وفق منهج الله عز وجل، بعيدا عما يقوله الفقهاء وشيوخ الفتوى، فإذا طبقت تلك القواعد تحققت المقاصد وأصبح المجتمع الإسلامي في تكافل وتكاتف، وغادرت قلوبنا العداوة والبغضاء، وتحقق المقصد الجليل من الخطاب الإلهي وهو الرحمة والعدل والسلام.
التفاصيل
كتب الأستاذ علي الشرفاء مقالا مطولا حول الزكاة، وضح فيه جوانب عديدة حدث فيها التباس بسبب فتاوى الشيوخ، وسوف نعرض عليكم المقال على أجزاء، نبدأ بهذا الجزء الذي جاء في مطلعه الآتي: لقد شرع الله الصدقة لتزكي أموال الأغنياء، كما جاءت في الأحكام الإلهية في القرآن الكريم، وحدد الله سبحانه أن تكون الزكاة بنسبة عشرين في المائة من صافي أرباح الأغنياء، ليست مرتبطة بمناسبة معينة أو مدة زمنية، بل يحل استحقاقها عند حصول المكاسب حيث يقول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) (البقرة: 276).
نسبة الإنفاق
وحدد الله سبحانه نسبة الإنفاق للصدقة لتزكية المال في قوله سبحانه: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (الأنفال: 41)
مضاعفة ثواب الإنفاق
والله يعد المنفقين الذين يؤدون الصدقة وهي زكاة المال بمضاعفة ما أنفقوا في قوله سبحانه: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّـهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة: 245)
أطروحات الشيوخ ليست تشريعا
وما يقوله الفقهاء وشيوخ الفتوى من اجتهادات فردية لا يرقى لأن يكون تشريعًا إلهيًا وأن يلزم المسلمين باتباع تلك الاجتهادات فيما يتعلق بالصدقات والزكاة؛ وشتان بين الحكمة الإلهية في التشريع الإلهي الذي تكون أحكامه لمصلحة الإنسان، فلا تنبع من الهوى ولا تتبع طمع الدنيا، مثل الإنسان مهما بلغ علمه وتعبده سيظل الشيطان يحيط به من كل جانب ولا يستطيع كبح جماح النفس وطموحها الأنانية لحب المال والجاه، حيث خُلق الإنسان ضعيفًا، فلا يستطيع أن يجرد نفسه من طمع الدنيا وحب المال وهوى النفس.
الحكمة من الصدقة
ولذلك لن يكون التشريع البشري قادرًا على استيعاب حكمة الله ورحمته بعباده، ولذلك فالتشريع البشري يقصر كثيرًا عن تلبية متطلبات الإنسان لتحقيق العدل والرحمة والإحسان، فلا يعد تشريعًا إلهيًا، إنما هي اجتهادات بشرية ليست ملزمة للمسلمين، ولو طبّق المسلمون شرع الله في الصدقة لتطهير أموال الأغنياء وأدائها عندما تتحقق المكاسب في كل مرة يجني صافي الأرباح لما بقي في المجتمع فقير يبحث عن لقمة عيش، أو مسكين تائه في الشوارع يبحث عن ملجأ يأوي إليه، ولا محتاج ليقيَ أسرته من البرد القارس، وقد شرع الله الصدقة، وهي زكاة المال لتطهيره ونمائه، وأمر رسوله عليه السلام بقوله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة: 103).
الالتزام بخطاب التكليف في الزكاة
ذلك هو شرع الله الذي بلّغه رسول الله عليه السلام للناس، فمن أين جاء الفقهاء بمسميات لأنواع من الصدقات، وتحديد أنصبة الصدقات للزكاة؟ وما دليلهم من آيات الله وما جاء به الرسول من تشريع إلهي يبلّغ به الناس، ولم يكلفه الله بأن يشرّع للناس من اجتهاده؟ فهو عليه السلام ملتزم بمَهمّته التي كلّفه الله بها في خطاب التكليف، ولا يحيد عنها تأكيدا لقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة: 67).
تساؤلات بشرية وأجوبة إلهية
ثم يتساءل الإنسان؛ ما هي رسالة الله التي أمر رسوله أن يبلغها للناس؟ فيجيبه الله سبحانه بقوله مخاطبًا رسوله عليه السلام بقوله: (كِتابٌ أُنزِلَ إِلَيكَ فَلا يَكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ مِنهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ) (الأعراف: 2)، وما هو الكتاب الذي أنزله الله على رسوله؟ حيث يبين الله للناس عن الكتاب الذي أنزله الله على رسوله الأمين: (إِنَّ هـذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا) (الاسراء: 9)، ولذلك اختاره الله سبحانه لمَهمّة عظيمة، لينقذ الإنسان من حبائل الشيطان ويخرجه من الظلمات إلى النور، بإرشاده لهدي القرآن حيث يأمر الله رسوله الأمين بقوله: (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق: 45)
وفي النهاية نكتفي بعرض هذا الجزء من المقال الفريد الذي كتبه الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي حول الزكاة على أن نستكمل يوم السبت المقبل ولقاء جديد من خلال أطروحات الشرفاء الحمادي.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب