السودان في أسبوع.. اتساع رقعة الحرب.. وآلاف يفرون من وادي مدني خوفا من القتل
أهم الأخبار في السودان.. خدمة أسبوعية من منصة «العرب 2030» الرقمية.. كل أحد
تعج الساحة السودانية بالأخبار والتفاعلات السياسية، خصوصا بعد اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع وفشل الاتفاق بين المكونات السياسية والعسكرية لاستكمال المرحلة الانتقالية لم يكتمل حتى الان، في ظل تطلعات رسمية وسياسية لإنهاء المرحلة الانتقالية واختيار حكومة منتخبة للبلاد.
السودان.. اتساع رقعة الحرب واشتباكات عنيفة في “عاصمة النزوح”
خرجت الحاجة آمنة سعيد مع ابنتيها وأحفادها الستة وأزواجهم، متجهين مع آلاف السكان نحو جنوب مدينة ود مدني صباح الجمعة، وهم يحملون القليل من المتاع الذي أتوا به من الخرطوم بعد اندلاع القتال هناك بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل.
وأصيب سكان المدينة التي تسمى “عاصمة النزوح” بالذعر خلال الساعات الماضية مع سماع دوي إطلاق نار عنيف، وتصاعد أعمدة الدخان في الجزء الشرقي لود مدني، بعد هجوم نفذته قوات الدعم السريع من جهتين، مستخدمين نحو 400 سيارة عسكرية بحسب معلومات أولية.
وفيما أعلنت قوات الدعم السريع عبر صفحات إعلامية تابعة لها سيطرتها على جسر حنتوب الذي يربط معظم مدن شرق السودان بوسط البلاد والعاصمة الخرطوم، وإسقاطه طائرة “ميغ” تتبع للجيش، إلا أن مصادر في الجيش نفت هذه الأنباء، وقالت إنها تصدت للهجوم.
وبعيدا عن التقارير التي تتحدث عن سير العمليات حول مدينة ود مدني التي تبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 180 كيلومترا وتعتبر من أهم المراكز الاقتصادية في البلاد، ونزح إليها نحو مليوني شخص، ونقلت إليها معظم الصناعات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية بعد اندلاع القتال في الخرطوم، لم يجد الآلاف من السكان خيارا غير النزوح جنوبا.
جبهة جديدة .. فرار الآلاف مع نشوب معركة ود مدني في السودان
قال شهود إن قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية اشتبكت مع الجيش خارج مدينة ود مدني بوسط السودان يوم السبت في هجوم فتح جبهة جديدة في الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر وأجبر الآلاف على الفرار.
وشوهدت حشود من الناس، الذين لجأ الكثير منهم إلى المدينة هرباً من العنف في العاصمة الخرطوم، وهم يجمعون أمتعتهم ويغادرون سيراً على الأقدام في مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال أحمد صالح (45 عاما) لرويترز عبر الهاتف ‘الحرب تبعتنا إلى مدني لذا أبحث عن حافلة حتى أتمكن أنا وعائلتي من الفرار’.
واضاف ‘نحن نعيش في الجحيم وليس هناك من يساعدنا.’ وقال إنه يعتزم التوجه جنوبا إلى سنار.
وقال شهود إن الجيش السوداني، الذي يسيطر على المدينة منذ بداية الصراع، شن ضربات جوية على قوات الدعم السريع شرق المدينة، عاصمة ولاية الجزيرة، في إطار محاولته صد الهجوم الذي بدأ يوم الجمعة.
وأضاف الشهود أن قوات الدعم السريع ردت بالمدفعية وشوهدت تعزيزات من قوات الدعم السريع تتحرك في اتجاه القتال.
وقال سكان إن جنود قوات الدعم السريع شوهدوا أيضًا في قرى شمال وغرب المدينة في الأيام والأسابيع الأخيرة.
وقالت الأمم المتحدة إن 14 ألف شخص فروا من المنطقة حتى الآن، وإن بضعة آلاف وصلوا بالفعل إلى مدن أخرى. وقد لجأ نصف مليون شخص إلى الجزيرة، معظمهم من الخرطوم.
وأثار القتال مخاوف بشأن مدن أخرى يسيطر عليها الجيش في جنوب وشرق السودان حيث لجأ عشرات الآلاف من الأشخاص.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد ‘أحث قوات الدعم السريع على الامتناع عن الهجمات وأحث جميع الأطراف على حماية المدنيين بأي ثمن. ستتم محاسبة مرتكبي الإرهاب’.
وشكك الجيش وقوات الدعم السريع الأسبوع الماضي في مبادرة وساطة من شرق أفريقيا تهدف إلى إنهاء الحرب التي تسببت في أكبر نزوح داخلي في العالم وتحذيرات من ظروف شبيهة بالمجاعة.
وفي الخرطوم ومدن دارفور التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع بالفعل، أبلغ السكان عن وقوع حالات اغتصاب ونهب وقتل تعسفي واحتجاز. والجماعة متهمة أيضا بارتكاب أعمال قتل عرقية في غرب دارفور.
ونفت قوات الدعم السريع هذه الاتهامات وقالت إن أي شخص في قواتها يثبت تورطه في مثل هذه الجرائم سيحاسب.
وعلى صعيد آخر، تحدث نشطاء عن تجدد الاشتباكات بعد أسابيع من الهدوء النسبي حول مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
وكانت قوات الدعم السريع المحيطة بالمدينة قد أوقفت تقدمها هناك في وقت سابق بعد أن قالت جماعات مسلحة أخرى إنها ستتدخل.
كما تحدث السكان عن ضربات عنيفة شنها الجيش في نيالا بجنوب دارفور وفي بحري، وهي إحدى المدن التي تشكل العاصمة الوطنية الأوسع مع الخرطوم.
الحرب تدفع السودان نحو ظروف “كارثية”
حذرت الأمم المتحدة من أن الأُسر في مناطق النزاع بالسودان قد تواجه ظروفا أشبه بالمجاعة بحلول الصيف المقبل، بينما يعيش البعض في العاصمةالخرطوم المنكوبة بالحرب على وجبة واحدة هزيلة يوميا.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 30 مليون شخص، أي ما يقرب من ثلثي السكان، يحتاجون للمساعدة في السودان، وهو مثلي العدد قبل اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل.
وقال إيدي روي مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في السودان”المزيد والمزيد من الناس يكابدون من أجل تناول وجبة أساسية يوميا، وإذا لم يتغير الحال فهناك خطر حقيقي للغاية أنهم لن يمكنهم حتى تناولها”.
ووفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابع للأمم المتحدة، يحتاج نحو 18 مليون شخص بشكل عاجل إلى مساعدات إنسانية غذائية، وهو أعلى رقم مسجل لموسم الحصاد الأكثر وفرة في البلاد.
ويتمركز أولئك في العاصمة الخرطوم، وفق رويترز، حيث يواجه أكثر من نصفهم انعداما حادا للأمن الغذائي، وفي المدن والبلدات المكتظة التي شهدت قتالا في إقليمي دارفور وكردفان.
وتعلن الحكومات حالة المجاعة عندما يكون 20 بالمئة من الأُسر في منطقة جغرافية معينة في مرحلة كارثية.
مساعدات غير كافية
عدَّل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تقديرات أعداد من يعانون من الجوع بالزيادة مع اتساع نطاق القتال الذي أدى إلى تدمير الأسواق المحلية وأثّر على الزراعة.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الشهر الماضي إن المساحة التي زرعها المزارعون خلال موسم هذا العام كانت أقل 15 بالمئة عن المتوسط خلال السنوات الخمس الماضية.
بعد “تصريحات خطيرة”.. تشاد تطرد 4 دبلوماسيين سودانيين
قالت حكومة تشاد، السبت، إنها أعلنت أربعة دبلوماسيين سودانيين أشخاصا غير مرغوب فيهم وأمرتهم بمغادرة البلاد خلال 72 ساعة بسبب ما وصفتها بأنها “تصريحات خطيرة” لمسؤولين سودانيين اتهموها بالتدخل في الصراع في السودان.
وكان الوضع في السودان وتداعياته على تشاد ومكافحة الإرهاب في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل، محور لقاء، جمع، قبل نحو أسبوع، رئيس تشاد، محمد إدريس ديبي، والمبعوث الفرنسي الخاص للقرن الإفريقي، فريدريك كلافييه.
ويسود صراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقد أودى بأكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).
ومع تواصل المعارك والنزاع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يخشى مراقبون من تدهور الوضع الإنساني هناك.
ولا يبدو أي طرف مستعدا لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، خصوصا أن أيا منهما لم يحقق تقدما حاسما على الأرض.
ومطلع الشهر الجاري، فشلت جولة جديدة من مفاوضات جدة التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق أي خرق.
ولم تفلح جولات التفاوض المتعددة سوى في إبرام وقف موقت للمعارك التي كانت سرعان ما تستأنف بمجرد انتهاء المهل.
ويثير فشل الوساطات الدولية المتعددة مخاوف من أن يفضي استمرار الوضع على حاله لفترة طويلة إلى تقسيم السودان.
مصر تُؤكد تضامنها ودعمها الكامل لشعب السودان واستمرار جهودها الدءوبة لإنهاء الأزمة الراهنة
شارك السفير د.أحمد إيهاب جمال الدين، المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف، في الحدث رفيع المستوى حول السودان، والذي عقد على هامش المنتدى العالمي الثاني للاجئين.
تحدث المندوب الدائم في حلقة نقاشية ضمت المندوب الدائم للسودان ووزير الشئون الإنسانية وإدارة الكوارث بجنوب السودان والمندوب الدائم لتشاد ومدير مكتب تنسيق الدول الانتقالية في البنك الأفريقي للتنمية، ومديرة التنمية البشرية والهجرة والحوكمة والسلام بقطاع الاتحاد الأوروبي للشراكة الدولية، ومدير قسم الصمود والهشاشة بالبنك الإسلامي للتنمية.
أكد المندوب الدائم في بداية مداخلته تضامن مصر ودعمها الكامل لشعب السودان، وجهودها الدؤوبة لإنهاء للأزمة الراهنة بما في ذلك من خلال تنفيذ “خطة عمل آلية دول جوار السودان لإنهاء الأزمة في السودان”، والتي تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، بهدف إقامة حوار شامل بين الأطراف السودانية للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الحالية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات المتضررة.
كما استعرض الجهود التي قامت بها الحكومة المصرية منذ اندلاع الازمة الراهنة لتسهيل عبور ما يقدر بنحو 380 ألف مواطن سوداني إلى مصر وتقديم كافة الخدمات الإنسانية والصحية والمعيشية لهم، وتضمينهم في النظم الوطنية، وبخاصة في قطاعي الصحة والتعليم، على قدم المساواة مع المواطنين المصريين، هذا بالإضافة إلى ما تستضيفه مصر من ما يزيد على ٩ ملايين مهاجر، ٥ ملايين منهم من السودان يعيشون في مصر منذ عقود.
وأشار المندوب الدائم إلى أن الأزمة الراهنة في السودان سلطت الضوء على عدد من أوجه القصور في الاستجابة الدولية للأزمات الإنسانية والحاجة إلى دور استباقي للفاعلين التنمويين.
وشدد على أن الأزمة السودانية، هي أزمة إقليمية، يتعين معالجتها بشكل يتضمن الاستجابة لتداعياتها الإنسانية في دول الجوار والتي تتحمل وطأة تلك الأزمة دون دعم كاف من المجتمع الدولي، منوهاً إلى أن التمويل المتوفر لخطة الاستجابة الإنسانية في السودان ودول الجوار اقتصر على 35% فحسب.
كما أكد ضرورة التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للنزاع والاستثمار في تلبية الاحتياجات التنموية للمجتمعات المحلية بما يعزز من قدرتها على الصمود. كما شدد على ضرورة تماشي جهود بناء السلام مع الاحتياجات التنموية طويلة المدي بما يقلل من فرص إعادة نشوب النزاعات ودفع موجات جديدة للنزوح القسري.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب