الرئيسيةرأي

د. مصطفى الزائدي يكتب.. إلى الأمام.. «في الانتخابات والاستقرار»

الكاتب سياسي ليبي ورئيس حزب الحركة الوطنية.. خاصة منصة «العرب 2030» الرقمية

مصطفى الزائدي انتخابات ليبيا

تطمح الشعوب للتعايش السلمي بين أفرادها في دول بها منظومات متفق عليها تضبط عمليات الاستقرار، لأنه بدون استقرار لا يمكن تحقيق النمو والتطور الاقتصادي والسياسي، لذلك تجتهد الدول في البحث عن آليات لتحقيقه خاصة بعد الأزمات الكبرى التي تعصف بها، ومن أهم تلك الآليات بناء سلطات قادرة من شخصيات تحظى بثقة أغلبية أبناء الشعب وتنال دعمهم.

 

السؤال: هل ستسهم الانتخابات الليبية المزمع إجراؤها في تحقيق الاستقرار في بلد مزقه طيلة عقد من الزمان صراع عبثي ناتج عن تدخل خارجي أدى لتدمير المؤسسات الشعبية التي كفلت استقرارًا طيلة نصف قرن، وأسس لمرحلة فوضى عارمة تكونت خلالها مؤسسات غريبة ونشأت مجموعات مهيمنة لا تمتلك أي مقومات لذلك، وتفتت الدولة عمليا إلى مجموعة كنتونات غير مستقرة تدار عن طريق زعماء عصابات مسلحة، أصبغ عليهم المجتمع الدولي مشروعيات بوسائل مختلفة؟

 

ليس من السهل الوصول لإجابة قطعية، فكثيرون يرونها كذلك مستندين على فكرة أن الناس ملّوا حالة الفوضى، وسئموا من ظروف الحياة الصعبة التي فرضت عليهم، ويبحثون عن مخارج منها، وإنهم صاروا يجهرون برفضهم للواقع المرير، وأن كل الأطراف المشاركة في الأزمة يبحثون عن مخارج تحفظ ماء الوجه، وقد تكون الانتخابات أنسبها لهم جميعا.

 

لكن الواقع لا ينبئ بذلك، فأطراف الصراع الحقيقية خارجية وليست محلية، فهي التي صنعت الأزمة وتديرها بما يتناسب مع أهدافها، وتجربة الانتخابات في الدول التي عانت من أزمات مشابهة للأزمة الليبية لا تنبئنا بأن الانتخابات يمكن أن تكون أحد البدائل للخروج من الأزمات، بل بالعكس تكرست حالات عدم الاستقرار وتطورت وأدت إلى تفتيت تلك الدول، وليبيا لن تكون استثناء، حيث ستسعى الدول الأقوى نفوذا لفرض شخوص ليس حسب قدراتهم على بناء الدولة، بل وفقا للقدر الذي يحفظون به مصالحها.

 

وأيضا الأطراف المحلية التي تعمل لنفسها أو ذلك الوكيل المعتمد لأطراف خارجية ترى في الانتخابات وسيلة للحصول على شرعية لتواجدها.

 

نعم من بين المترشحين شخصيات وطنية أثبتت بالقول والعمل صدق حرصها على الوطن وتتمتع بتقدير قاعدة واسعة من الشعب، وهذا وحده لا يكفي، إذ إن للاستقرار اشتراطات أخرى أكثر أهمية، من أهمها توافق الليبيين على مشروع وطني وليس على أشخاص وطنيين، وذلك لا يتوفر في الوقت الحاضر، لأن الأمر يحتاج لمصالحة مجتمعية واسعة ولتفاهم عام على الثوابت الوطنية وأسس التعايش السلمي بين الليبيين وآليات الانتقال السلمي من مرحلة الفوضى إلى الاستقرار.

 

انتخابات في زمن الصراع قد تنتج مزيدا من الأزمات وتؤدي إلى مزيد من الاستقطاب، ويصعب تصور قدرتها على بناء مؤسسات وطنية موثوقة من الجميع.

 

هذا لا يعني أني أرفض الانتخابات، فلها إيجابيات عديدة في مقدمتها بناء سلطة بشرعية وطنية حتى وإن كانت عميلة، لكن ينبغي ألا نفرط في التفاؤل بالانتخابات بكونها حلا سحريا يقلب ليبيا رأساً على عقب.

 

الواقعية السياسية تفرض علينا أن نحدد متطلبات معقولة من هذه الانتخابات، وأن نرسم لها سيناريوهات مناسبة حتى نجني منها – إن أجريت- نتائج قد تقود إلى الاستقرار، ومن الأساسيات لذلك بناء تحالف شعبي وطني واحد يمكن أطرافا قادرة على فرض السيطرة من تكوين السلطة الانتقالية القادمة، وأن تحشد القوى الشعبية خلف مشروع وطني بعناوين بسيطة ومحددة.

بعد ان تناولنا موضوع مصطفى الزائدي انتخابات ليبيا يمكنك قراءة ايضا

محمد فتحي الشريف يكتب.. «التخلص من الإخوان = حل أزمة ليبيا»

د. شرين مختار تكتب.. الابتكارات الفريدة لعلاج الأسنان داخل مقبرة كبير الأطباء الفراعنة «حسي رع»

ويمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى