الرئيسيةنوافذ الفكر

محمد فتحي الشريف يكتب.. قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية (1-6)

الكاتب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث

ملخص الحلقة السادسة

يقول الشرفاء الحمادي: إن الإسلام ليس كما يعتقد البعض، تأدية الفرائض والأركان الخمسة فقط، ولكن الإسلام الحقيقي الذي جاء واضحا في الخطاب الإلهي (القرآن الكريم) هو العدل والإحسان والإصلاح والصدق والأمانة والأخذ بالعفو والأمر بالمعروف والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والإطعام وصلة الرحم والكثير من خصال الخير.

محمد فتحي الشريف تنوير

التفاصيل

إن القرآن الكريم الذي أنزله الله -عز وجل- على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليوضح أسس وقواعد ومنهج الإسلام الذي يدعو إلى الرحمة والسلام والتعايش، يعد الخطاب الإلهي الذي يجب علينا جميعا أن نسير في طريقه بعيدا عن الخطاب الديني الحالي بكل مفرداته، التي أسست لكل فرقة وتطرف وعنف، هذا مجمل لبعض الأفكار والأطروحات التي جاءت في كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” للكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي، ولذلك سوف أطرح في الحلقة السادسة مناقشة حول بعض المشاهد الحالية التي نبعت من تطرف فكر الخطاب الديني الذي يحتاج إلى إعادة النظر.

أتباع الخطاب الديني الحالي فاسقون

قال الله سبحانه وتعالى “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ” صدق الله العظيم سورة الحديد الآية (16).

ينشرون الموت باسم الدين

هنا توقف الكاتب عند تلك الآية ووجه عددا من الأسئلة لمن ينشر الموت ويستهدف الأبرياء من المسلمين، قائلا: ألم يأن للمسلمين أن يتقوا الله، ويكفوا أيديهم عن إخوانهم ويوقفوا عدوانهم على بعضهم البعض، ألم يأن للرئيس التركي الذي يستبيح دماء المسلمين في سوريا بشعار الإسلام، أن يخشى الله في إجرامه ضد أبناء الشعب السوري، ألم يخف عقاب الله يأتيه من حيث لا يحتسب.

كورونا إنذار من الله للمتكبرين

وأكمل الكاتب سؤاله التحذيري لهؤلاء الضالين الذين استباحوا دماء من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قائلا: إن ما أصاب العالم من فيروس كورونا القاتل يجب أن يكون عبرة لهؤلاء المتكبرين القتلة، ألا يتعظ أردوغان بإنذار الله بجند من جنوده ينشر الموت في كل مكان، لا تمنعه الأسوار ولا الحراس ولا الجيوش بأسلحتها الفتاكة، يسلط الله عليه فيروس كورونا جزاء لظلمه، في قتل الآلاف من أبناء الشعب السوري، وتشريد الملايين وسفك دماء الأطفال، هل ما يقوم به هذا الحاكم التركي هو الإيمان، أم أن ما يرتكبه من جرائم ضد الإنسانية هو عمل من أعمال الشيطان؟ ألا يرى الآلاف يسقطون بصمت؟

فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ

لم تغنِ عنهم أموالهم ولا قواتهم ولا جبروتهم؟ ألا يخاف من غضب الله وعقابه؟ فمتى يعود الناس للحق وهو سبحانه يريهم آياته وينذرهم بها في قوله تعالى: “وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ“.

انحراف واضح وهوى متبع

وسرد الكاتب العديد من الأحداث التي تؤكد الانحراف الواضح للذين اتبعوا الهوى وضل سعيهم في الحياة الدنيا من خلال خطاب مغلوط، ثم وجه نداء إليهم جميعا قائلا: عودوا إلى رشدكم وأوقفوا اعتداءاتكم على بعضكم، ستخسرون الدنيا ويوم القيامة ستكونون من الخاسرين، حينها يكون نداؤكم كما قال سبحانه: “وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ”.

حينها لن ينفع الندم ولا التمني، فيجيبهم ربهم سبحانه “وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ”.

تجاذبات وبدع واختلاف

إن الكاتب في كتابه وضع هدفا رئيسيا وهو لابد من أن يكون الخطاب الإلهي هو السيد والحاكم مع تنقية الخطاب الديني من كل النصوص التي تدعو إلى التجاذبات والبدع والتي هي من صناعة وتأليف البشر بهدف الوصول إلى مصالحهم على حساب الدين، ولذلك يجب على المسلمين أن ينتفضوا ضد كل هذا العفن المكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم.

الإسلام يحتوي على كل القيم والأخلاق والتعايش

لقد خرج الكاتب بأطروحة في كتابه تستحق منا جميعا أن نساندها حتى نعيد المسلمين إلى الخطاب الإلهي القويم، وذلك من خلال الاستشهاد بما جاء في القرآن من أسانيد حول الاعتقاد الخاطئ من البعض أن الإسلام انحصر في تأدية الفرائض والأركان الخمسة فقط، ونسوا أن الدين الذي جاء في الخطاب الإلهي وضع أسسا قوية لاستكمال تلك الأركان التي تعد وسيلة لغاية وهي الوصول إلى المسلم الحقيقي الذين يأخذ أوامر الله من القرآن ويبتعد عن نواهيه.

القرآن يضع روشتة للحياة

لذلك على المسلم الذي اتبع الخطاب الإلهي أن يكون عادلا غير معتدٍ، يحب الخير ولا يسعى في الأرض الفساد، لا يلبس الحق ثوب الباطل، لا يقتل، لا يزني، لا يسرق، لا يفتي فيما ليس له به علم، لا يمشي في الأرض مرحا، لا يصعر خده للناس، يأخذ بالعفو ويأمر بالمعروف، يدفع بالتي هي أحسن، يعرض عن الجاهلين، يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة.

كل خصال الخير في الخطاب الإلهي

لقد استطاع الكاتب أن يجمع كل الأوامر والنواهي التي جاءت في القرآن لتصنع حياة مثالية خالية من العنف والتطرف، فيها كل خصال الخير الحميدة، فالإسلام الحق يأمرنا بالتصدق على الفقراء وأن لا نبطل صداقتنا بالمن والأذى، إنها خلق قويم للمسلم الحق، وأن لا نأكل أموالنا بيننا بالباطل، ولا نتنابز بالألقاب، ولا يغتب بعضكم بعضا، ولا يسخر قوم من قوم، ولا تجسسوا، واجتنبوا كثيرا من الظن، وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها، وبالوالدين إحسانا، وبذي القربي واليتامى، وأطعموا البائس الفقير، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، وأنفقوا مما رزقناكم، وادخلوا في السلم كافة، وأنفقوا مما رزقناكم، وآتوا اليتامى أموالهم، وقولوا قولا سديدا، وقولوا للناس حسنا، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، وتعاونوا على البر والتقوى، وكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واحفظوا أيمانكم، وأوفوا الكيل إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم، وكونوا مع الصادقين، وأوفوا بالعقود.

تلك بعض من النواهي والأوامر التي جاءت في كتاب الله، والتي توضح أن الدين الإسلامي الذي جاء في الدستور الصحيح وهو القرآن دين تسامح وتعايش وخصال خير وأمر بمعروف ونهي عن منكر، وهذا هو الإسلام.

وفي النهاية أقول إن هذا هو منهج الإسلام الذي جاء في الخطاب الإلهي، ولو اتبع المسلمون في العالم هذا الخطاب بتلك المضامين الأخلاقية فستجد المسلمون في مقدمة الأمم بهذا الدين الإلهي، وهذا ما ذهب إليه المفكر العربي علي الشرفاء في هذا الكتاب الذي يعد طرحا جديدا في تجديد الخطاب الديني.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى