الرئيسيةنوافذ الفكر

محمد فتحي الشريف يكتب.. قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية (1-5)

الكاتب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث

ملخص الحلقة الخامسة

لقد وجه الكاتب دعوة للناس للتدبّر والتحقّق من الروايات التي تخالف القرآن أو تختزل مقاصد الدين في عدد محدود من الأركان قائلا: إن أركان الإسلام الخمسة هي وسائل تذكر الإنسان بالتشريعات الإلهية والقيم والمبادئ ليعمل صالحا فينال سعادة (الدنيا والآخرة).

محمد فتحي الشريف الشرفاء

رسالة اليوم (أركان الإسلام والأخلاق)

أستكمل اليوم الحلقة الخامسة من حلقات قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية، والتي أقدمها أسبوعيا كل يوم ثلاثاء من خلال منصة مركز (العرب للأبحاث والدراسات) وسوف تدور الحلقة عن إحدى ركائز ورسائل كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي)، إذ إن رسالة اليوم تعد ركيزة أساسية بنى عليها الشرفاء الحمادي أفكاره التي دعا فيها إلى التفكير في النصوص التي ورثت معتقدات خاطئة، والتدبر والتفكير في كل ما يطرح، وهي دعوة صريحة من الله عز وجل للناس جميعا.

أركان الإسلام والأخلاق

من الأمور التي ركز عليها الكتاب والكاتب هو الخطأ الموروث بين الناس، إذ تم اختزال أركان الإسلام في الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج، في حين وضح الكاتب أن للدين الإسلامي أصولا ومقاصد مهمة جاء ذكرها في القرآن والتي تجسد الحقيقة الكاملة للدين ونزلت بها كل الرسالات السماوية السابقة وجميع الأنبياء والرسل وآخرهم رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي مجموعة من الفضائل والأخلاق التي تجعل الفرد والمجتمع في وضعية تدعو لنشر العدل والسلام بينهم وتحقق القيم النبيلة التي يقصدها ويدعو لها الدين الإسلامي ممثلة في التعايش والرحمة والحرية لنصبح جميعا في رخاء وسعادة.

المخالفون والصورة السلبية

لقد أراد الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، أن يؤسس لمفهوم جديد في كتابه وهو أن الغاية والمقصد من العبادات الوصول بالإنسان إلى حاله من الأخلاق العالية وتقويم الاعوجاج السلوكي، وهذا هو السر الحقيقي في تشريع العبادات، فهناك عدد كبير من الناس اختزل الدين في الأركان الخمسة، وأن من يقيمها هو مسلم مؤمن، وقد يؤدي المسلم تلك الأركان بإتقان والتزام في الوقت الذي يخالف سلوكه عبادته، فهو يكذب ويسرق ويقتل ويؤذي الآخرين، بهذا يصدر صورة سلبية للدين الإسلامي.

الأخلاق والقيم النبيلة من أركان الإسلام

وقال الكاتب، إن تقويم الفرد وبناء شخصيته من خلال مجموعة من الأخلاق والفضائل والقيم النبيلة لخلق مجتمعات مسالمة يتحقق فيها العدل والرحمة والحرية والتعاون فيما بين أفرادها ويتمتعون بما منحهم الله سبحانه من نعم مختلفة من زروع وثروات متعددة ليعيشوا في رغد من العيش وتوافر الرزق والحياة الكريمة، يعمها الأمن والرخاء والسلام، فقد وعدهم الله سبحانه بقوله (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وأبشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) صدق الله العظيم

مقاصد الدين الحقيقية

لقد وجه الكاتب دعوة للناس للتدبّر والتحقّق من الروايات التي تخالف القرآن أو تختزل مقاصد الدين في عدد محدود من الأركان قائلا: إن أركان الإسلام الخمسة هي وسائل تذكر الإنسان بالتشريعات الإلهية والقيم والمبادئ ليعمل صالحا فينال سعادة (الدنيا والآخرة).

تناقل العوام والمنتفعين من رجال الدين الروايات سبب الانحراف

كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) دائما ما يضع خطورة هجر المسلمين للقرآن والانصراف عنه لاتباع الروايات الباطلة والأحاديث المكذوبة هي أحد أهم أسباب الوضع المتردي للمسلمين، واتهام الدين بالعنف والتطرف، على الرغم من أن حقيقة الدين ظاهرا وباطنا هي الرحمة والعدل والسلام، لذلك يعد أحد أسباب تخلف الخطاب الديني عن الإلهي تناقل العوام من الناس والمنتفعين من رجال الدين منذ قرون تلك الروايات والتسليم بكونها صحيحة على الرغم من مخالفتها وهي الإشكالية الحقيقية.

الأركان وسائل لتقويم الفرد

لقد اعتبر الكاتب أن التسليم والاختزال لأركان الإسلام وأنها هي الدين فقط، وترويج رجال الدين لذلك وتناقل الأجيال الكلام والروايات ونقلهم مفاهيم وتأويلات فقهية واجتهادات بشرية حوّلت الوسائل التي هي الشعائر وجعلتها غايات وهذا خطأ فادح، لذلك التبس الأمر وغاب عن الناس أصل الدين ومقاصده العليا، التي يدعو إليها القرآن، وتجسّد في حقيقتها الإسلام الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء من قبله بما شملته الرسالة من تقويم للفرد وبناء شخصية المسلم بمجموعة من الأخلاق والفضائل والقيم النبيلة لخلق مجتمعات مسالمة يتحقق فيها العدل والرحمة والحرية والتعاون فيما بين أفرادها ويتمتعون بما منحهم الله سبحانه من نعم مختلفة من زروع وثروات متعددة ليعيشوا في رغد من العيش وتوافر الرزق والحياة الكريمة، يعمها الأمن والرخاء والسلام، فقد وعدهم الله سبحانه بالخير حال اتباعهم أوامره بقوله (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وأبشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) صدق الله العظيم.

إعادة النظر أمر واجب

إن الواقع الذي يعيشه معظم المسلمين الذين يقيمون الأركان ويفتقدون كثيرا من الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، يجعل إعادة النظر في بعض الموروثات واجبا لابد من فعله، وخاصة أن غالبية المسلمين ممَّنْ يصلّون ويصومون ويحجون، سلوكهم لا ينم عن إسلامهم ويعطي انطباعا سلبيا عن الدين، على الرغم من أن تعاليم الدين الحقيقي والتي جاءت في القرآن هي أساس السلوك القويم والتسامح والتعايش والعدل والرحمة.

الطقوس التعبدية ليست الغاية والأهداف

لذلك يرى الكاتب أن الطقوس والممارسات التعبدية ليست هي الغاية الحقيقية من الدين وأنها وسائل توصلنا لغاية، فإذا لم تنجح الوسيلة في توصيلك للغاية فلا قيمة لها، ومع ذلك ومن خلال الروايات، ترسخ اعتقاد خاطئ لدى المسلمين في كل بقاع الأرض أن الممارسات التعبدية هي الغايات والأهداف، وهذا فهم خاطئ للدين أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.

نداء لتصحيح المسار

لقد وجه الكاتب العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي رسالة إلى القائمين على المناهج التعليمية في العالم الإسلامي مفادها، أن مناهج التعليم يجب أن يعاد النظر فيها، وهي جزء من تصحيح الخطاب الديني، من خلال التوضيح أن أركان الإسلام هي وسيلة مهمة لتحقيق غاية أهم وهي الارتقاء بسلوك المسلم لمصاف الإنسانية العليا، تلك التي ينشدها هذا الدين من تقويم لشخصية الفرد ليكون عضوًا صالحًا في المجتمع يساهم في كل ما ينفع الناس ويصلح حالهم وملتزما بالفضيلة والأخلاق النبيلة التي يدعو إليها الخطاب الإلهي من خلال القرآن الكريم.

أسانيد وآيات واضحة

وفي النهاية استشهد الكاتب على وجهة نظره بعدد من الأسانيد الراجحة التي توضح حقيقة الخطاب الإلهي الذي يختلف عن الخطاب الديني بشكل واضح ويدعونا إلى إعادة النظر في هذا الخطاب وجاء بعدد كبير من الآيات القرآنية أذكر بعضها.

قال الله تعالى “لَيْسَ الْبِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتْى الُزَّكَاةَ وَالْموُفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأسِ أولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ“.

وقوله تعالى “وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا”، وقال تعالى “وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً”.

وقال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً).

وقال تعالى “وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ”.

جوهر الدين ومقاصده في كتاب الله

خلاصة القول إن الكاتب حذر من تحول الرواية لرسم ملامح الدين، على الرغم من أن ملامح الدين وجوهره موجودة في كتاب الله عز وجل وواضحة في دعوتها ومقصدها.

سوف أستكمل إن شاء الله تعالى في الحلقة السادسة قراءتي حول أبرز وأهم ما جاء في أحد فصول كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) الذي يعد خطوة قوية نحو تجديد الخطاب الديني ليتوافق مع الخطاب الإلهي.

 

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

محمد فتحي الشريف الشرفاء

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى