الرئيسيةنوافذ الفكر

محمد فتحي الشريف يكتب.. قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية (1-4)

ملخص الحلقة الرابعة

لقد استطاع الشرفاء الحمادي في كتابه، أن يحرك مياه النقاش الراكدة في وطننا العربي، فلم يعد مقبولا أن يعيش المسلمون في دوامة من المتناقضات التي صنعت وعيا مشوها، وانحرافا فكريا غير مسبوق، وذلك من خلال ترسانة من النصوص والروايات الباطلة المكذوبة، لذلك تسببت أفكار الكاتب في إزعاج الكثير من الذين اتخذوا الجهل تربة خصبة لإنبات زرعهم الشيطاني.

محمد فتحي الشريف الشرفاء

التفاصيل

أعود اليوم إلى مواصلة حديثي عن القراءة التحليلية التي أقدمها أسبوعيا كل يوم ثلاثاء من خلال منصة مركز (العرب للأبحاث والدراسات) حول الأطروحات الفكرية التي يقدمها الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، والتي خصصتها لمؤلفه الشهير البارز (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي).

الحب والسلام – الكراهية والحرب

في الحلقة الرابعة سوف أتعرض بالشرح والتحليل لبعض ما جاء في كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي)، وخاصة في الجانب المتعلق بالمقارنات بين ما هو إلهي يدعو للرحمة والسلام والحب، وما هو ديني ينتج عنه الكراهية والفرقة والبغضاء والحرب، إذ إن الفرق واضح وضوحا جليا لا يقبل اللبس، ومع ذلك نجد تعتيما على العقول من بعض المنتفعين، من ترويج وتسويق خطاب الكراهية.

إن المفكر العربي الشرفاء الحمادي، استطاع أن يدخل في منطقة شائكة منطقة (ألغام) لم يسبقه إليها أحد، عندما قدم طرحا جديدا ومختلفا هو الأول من نوعه حول الفرق بين الخطابين الديني والإلهي، وخاصة أن الكثير من المسلمين يعتبرون أن الخطاب الديني بكل ما يحتويه من نصوص وروايات غير صحيحة منزل من عند الله، وأنه نص إلهي يجب أن نقدسه، وهذا الالتباس ساهم بشكل كبير في الأوضاع الحالية للمسلمين

التباس قديم وطرح غير مسبوق

إن المفكر العربي الشرفاء الحمادي، استطاع أن يدخل في منطقة شائكة منطقة (ألغام) لم يسبقه إليها أحد، عندما قدم طرحا جديدا ومختلفا هو الأول من نوعه حول الفرق بين الخطابين الديني والإلهي، وخاصة أن الكثير من المسلمين يعتبرون أن الخطاب الديني بكل ما يحتويه من نصوص وروايات غير صحيحة منزل من عند الله، وأنه نص إلهي يجب أن نقدسه، وهذا الالتباس ساهم بشكل كبير في الأوضاع الحالية للمسلمين، في حين أن الحقيقة غير ذلك، فهذا النص حرف وبدل وأدخل عليه الكثير من الإسرائيليات والخرافات التي تم استغلالها لصناعة الخلاف وتدشين الحروب بين المسلمين، فهذا سني وذاك شيعي، وهذا داعشي وذاك قاعدي، وهذا إخواني وذلك سلفي، وغيرها من المسميات التي ارتكزت على الروايات المغلوطة ونالت من الإسلام وفرقت المسلمين وأنهكت قوتهم، فسلط المسلمون بنادقهم إلى صدور إخوانهم في الدين، وتباغضوا حتى وصلت البغضاء أشدها، فالمسلم أصبح يرى من يخالفه في التوجه الذي خلقته الروايات والأساطير وصنعت منهم فرقا متناحرة تتبع أهواء شيوخ الفتن قديما وحديثا أشد خطورة عليه من أعداء الدين والإسلام صراحة.

اللبنة الأولى لتصويب الخطاب الديني

إن الشرفاء الحمادي استطاع أن يضع اللبنة الأولى في بناء يحتاج إلى مجهود جبار نحو تصويب الخطاب الديني بما يتوافق مع الخطاب الإلهي وهو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل، إن المصيبة الكبرى التي يجب علينا أن ندركها أن المسلمين قدسوا بعض الشيوخ واعتبروا خطابهم المناقض للقرآن مقدسا بدرجة تقديس القرآن، وهو الخلط الذي نسعى لإزالته ورفع الغطاء عنه.

شيوخ الدين وجهل العوام

ولذلك لن تكون مساعينا نحو الهدف سهلة ميسرة، وخاصة أن هناك ركيزة يرتكز عليها شيوخ الدين لترويج خطابهم بجانب الالتباس بين الخطابين (الإلهي والديني) وهو استغلال جهل العوام من الناس، لذلك استغلوا هذا الالتباس في نشر الفكر المتطرف الذين يدعو إلى تكفير من يخالفهم، وهناك نماذج حديثة وقديمة استطاعت أن تقتل وتكفر وتحرق باسم الدين، وهناك حروب قديمة وحديثة نشبت بسبب ذلك.

فجوة متسعة وصراع واضح

إن الفكر التنويري الذي يقدمه الكاتب له ركائز ثابتة من كتاب الله عز وجل الكتاب المقدس الوحيد، هنا جاء التقسيم الفريد للفرق بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي ليوضح أن هناك فجوة شديدة الاتساع، وخاصة أن النصوص والروايات التي تستخدمها الفرق والمذاهب توضح أن الصراع واضح لتبرير أفعالهم تجاه الآخرين.

صيحة وإنذار للمسلمين

من خلال المطالعة الأولى لكتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي)، وجد أن الكاتب أطلق صيحة خلال هذا العمل لينذر ويحذر المسلمين في كل بقاع الأرض بإعادة النظر في الخطاب الديني المنحرف الذي تم استغلاله من قبل أعداء الإسلام لصناعة مشهد فوضوي في الوطن العربي والعالم الإسلامي، هذا المشهد أسس على الروايات المختلفة والأحاديث المكذوبة.

نصوص القرآن فيها سلام

إن الكتاب احتوى على مقاصد مهمة حول كيفية تجديد الخطاب الديني بما يتفق مع القران، إذ أكد من خلال أدلة وبراهين واضحة وضوح الشمس أن نصوص القرآن فيها ما يجعل الفرد والمجتمع في سلام ووفاق دائم، ويخلق قوة حقيقية لهذا الدين، واستشهد الكاتب على طرحه بنصوص قرآنية عديدة تتجاوز 40 آية قرآنية، كلها تؤكد على أن الرسالة الإلهية التي جاء بها الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي آيات القرآن التي يجب أن يعمل في إطارها الناس، مطالبا الرسول أن يبلغ ما أوحي إليه من كتاب الله، وما حدث بعد ذلك من أن هناك من دس روايات وأحاديث أسست للفرقة، على الرغم من أن الله عز وجل طالب المسلمين عن طريق الرسول، أن يعتصموا بدين الله ولا يتفرقوا، ولكن عندما انحرف المسلمون وفرطوا في القرآن الذي يعصمهم من الوقوع في الزلل، وانساقوا وراء أهواء بعض الشيوخ وقدسوا الأباطيل فأصابهم ما أصابهم.

الانحراف وبحور الدم

إن الكاتب وضع في كتابه أمثلة كثيرة على انحراف الخطاب الديني بهم إلى أن أغرقهم في بحور من الدم ومن الخلاف ومن الشقاق، فضعفت شوكتهم ونال منهم الأعداء لأنهم تخلوا عن الاعتصام بحبل الله.

أدلة وبراهين الخلاف التاريخي

لقد استطاع الكاتب في كتابه الفريد، أن يبرهن على كلامه بعدد من الأدلة والبراهين والأحداث التي بين المسلمين بسبب هذا الخلاف من خلال سرد تاريخي لأهم وأبرز نقاط الخلاف التاريخية، بداية من الخلاف بعد وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، حول من يتولى قيادة المسلمين، ومرورا بمقتل سيدنا عثمان وسيدنا علي وبكل الحروب والأزمات التي مرت على المسلمين بسبب الخلاف الذي تجذر وتم تأسيسه باحترافية من المنتفعين وشيوخ الدين، ومنها قتل السلطان العثماني سليم للمعترضين، الإسراف في القتل والعنف الممنهج ضد المعارضين، وكان أول الضحايا هو شقيقه، وانتهاء بظهور الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة، التي نجحت في تقويض أمن العرب والمسلمين، فقتلت أبناءهم الأبرياء المسلمين الموحدين، تحت شعار لا إله إلا الله وراية الإسلام.

هجرنا القرآن فتفككت أوصالنا

لقد تطرق الكاتب في أحد فصول الكتاب إلى أمر مهم جدا وهو التدين الشكلي للمسلمين والذي جاء بسبب هجر القرآن الكريم، واستشهد الكاتب بشكوى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لربه من أن قومه قد هجروا القرآن الكريم في قوله عز وجل في سور الفرقان (وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًا)، لذلك وجدنا المسلمين بعد هجر القرآن أصبحوا في تدن إيماني وثقافي وأدبي، وتفككت أواصر الرحمة بينهم، وصاروا لا يتدبرون آيات الله عز وجل.

الانحراف السلوكي للمسلمين

إن الكتاب أشار إلى أمر غاية في الأهمية وهو انحراف سلوك بعض المسلمين في تعاملهم وحركة حياتهم اليومية، فظهرت المنازعات وضاعت الحقوق والأمانات وتسيد الكذب والنفاق حياتهم، وأصبح الجميع في حيرة، وهذا المشهد الاجتماعي الحاضر بيننا جميعا يبراهن على الالتباس الواضح بين الخطاب الديني والإلهي، وهجر القرآن، ولذلك كثر خلافهم ونزاعهم وضاعت قوتهم وهيبتهم وأصبح بأسهم بين شديدا.

نواة مشروع تنويري عظيم

وفي النهاية أقول إن كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي)، هو محاولة جادة جدا في تنقية الخطاب الديني من الشوائب، وسوف يظل هذا الكتاب مرجعا حقيقيا لما تضمنه من أطروحات ومعالجات لم يسبق لها أحد، إذ استطاع الكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي من خلال مؤلفه، أن يقف في المنطقة الوسطية السمحة الداعية للتعايش والسلام والتكاتف، وهو ما يدعونا إليه القرآن الكريم، فكل ما قدم من فكر وقراءة واعية ترتقي لأن تكون نواة لمشروع تنويري حقيقي فالوعي بما يدور حولك من أمور وأحداث يعد حلقة من حلقات التنوير التي ينضج فيها العقل ويبتعد عن القصور الفكري والمعرفي، وهذا الأمر يخلعك من تبعية الآخرين ويضعك في أول طريق الوعي والإدراك وفرز النصوص المخالفة.

سوف أستكمل إن شاء الله تعالى في الحلقة الخامسة قراءتي حول أبرز وأهم ما جاء في هذا الكتاب الذي يعد خطوة وانطلاقة في طريق طويل وشاق، أدعو الله أن يوفقنا لمواصلة الطريق وتجاوز عقبات تجار الدين وشيوخ الفتنة إنه ولي ذلك والقادر عليه.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى