ما بعد فشل الانتخابات الليبية
رغم تهديدات مجلس الأمن الجوفاء بمعاقبة معرقلي الانتخابات، يتبجح الإخوان في كل أبواقهم الدعائية بنجاحهم في إيقاف الانتخابات ويحتفون بانتصارهم على إرادة الشعب.
لكن السؤال الذي يطرحه الليبيون يدور حول ما هي الخطوات القادمة؟
البسطاء يتوقعون أن لدى متصدري المشهد من الليبيين والأجانب إجابات واضحة محددة، يتصورون أن «ستيفاني» تحمل في جرابها خريطة شاملة مفصلة هرعت إلى ليبيا لتطبيقها، الحقيقة غير ذلك، فالدول الكبرى التي تهيمن على ليبيا لا يهمها إطلاقا معالجة الأزمة، ولا يهتمون بتقديم آليات للخروج منها، بل هذه هي النتيجة التي رسموا مخطط تدخلهم لأجل الوصول لها.
أجزم أن «ستيفاني» لا تحمل أية مقترحات، وما تقوم به يندرج فقط في إطار امتصاص ردود الأفعال، وستقول في الختام ما درجت على قوله “على الفرقاء الليبيين البحث في حل سلمي”.
الأطراف الليبية أيضا لا تمتلك إجابة، فأغلبها خاضع لسطوة الغرب، فهم يعلمون أنهم مجرد لاعبين من الباطن للمدير الأساسي، ومجلس الدولة الذي يهيمن عليه الإخوان من البدء يرفض الانتخابات، فلن يهتم بمعالجة أسباب توقفها، أما مجلس النواب المنقسم على نفسه والمصاب بعض أعضائه بداء الارتشاء، فلا يتوقع أن ينجح في وضع خطة محكمة للتعامل مع الوضع.
الواقع أن الأطراف الليبية الفاعلة تتحرك في ظل الطمع في السلطة والمال، وكذلك الخوف من الوصي الأجنبي!
فما العمل؟
في تصوري لا بديل عن جهد من القوى الوطنية التي يهمها استعادة الدولة، وبناء مؤسساتها أن تنتزع زمام المبادرة، وأن تتفق على خطة عمل تبدأ من الخروج من عقد الخصومة الليبية وكسر الحواجز التي بناها الأجانب بين الليبيين، ولعل الخطوة التي أقدم عليها الأخوان باشاغا ومعيتيق ولقاءهما بالمشير حفتر، تشكل انطلاقة لعملية ليبية جادة لافتكاك مؤسسات الدولة من العصابات والميليشيات.
إن دعم المؤسسة العسكرية خطوة أساسية للخروج من الأزمة قبل التفكير في إجراءات سياسية ستكون أقرب للاستعراض منها إلى الفعل الجدي، دليلنا الواضح لماذا توقفت عملية الاقتراع فجأة وبدون مقدمات؟
السبب لا شك يكمن في عدم وجود مؤسسة عسكرية وأمنية حرفية مهنية تحمي مفوضية الانتخابات وتمكنها من القيام بواجبها، وتقوم بواجباتها لحماية الشعب وتحقيق تطلعاته، فالسلطات التنفيذية في ليبيا بتعددها صورية لا تهتم أساسا بالخروج من الأزمة، وكل اهتماماتها ممارسة النهب للمال العام، الجهاز القضائي يعمل في ظروف صعبة تحت وطأة ضغط الميليشيات والسياسيين الفاشلين الفاسدين، والشارع الليبي مقموع مهموم لا يستطيع أن يرفع صوته، والنخبة الليبية مشتتة ومخترقة من قبل مجموعات مدعية نجحت في تحييدها، مؤسسة الإعلام أيضا تم تحييدها بعد سيطرة مرتزقة على الإعلام وتوجيهه لمصلحة أصحاب المال الفاسد والقوى الأجنبية الممولة له.
هذا ليس مدعاة لليأس والقنوت وقبول الأمر الواقع بل هو دعوة جادة لإطلاق حراك شعبي وطني هدفه الأساس استعادة الدولة، ومن هنا أكرر النداء إلى كل الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية للتواصل من أجل بناء تكتل وطني واسع يقود الحراك الشعبي الجماعي لتحرير القرار الليبي من العبث الأجنبي .
المجد للوطن.
بعد ان تناولنا موضوع ما بعد فشل الانتخابات الليبية يمكنك قراءة ايضا
عبد الله ميلاد المقري يكتب .. الانتخابات اختيار الشعب الليبي
ماذا حدث في 2021؟ ترامب يغادر والمغرب وتونس يلفظان الإخوان وطالبان على عرش أفغانستان
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك