أول ثمار (مركز العرب) كتاب قراءة في أفكار (الشرفاء الحمادي) لـ(محمد فتحي الشريف)
القاهرة – مركز العرب
بعد أيام قليلة سيخرج إلى النور باكورة إنتاج مركز العرب للأبحاث والدراسات، وهو كتاب (قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية)، إحدى الثمار الناضجة للمركز التي جنيناها بعد عام من الجهد المتواصل من فريق الباحثين، بعد أن تحولت الفكرة، التي ظلت حبيسة الأدراج لمدة عشر سنوات، إلى مشروع تنويري تثقيفي على أرض الواقع، يحمل شعار (فكر – ثقافة – تنوير)، وذلك بفضل الداعمين الذين تحمسوا للفكرة حتى أصبحت مشروعا يساهم في رفع الوعي والفكر ونشر الثقافة في الوطن العربي وكل الناطقين بالعربية في العالم، إذ أصبحنا نمتلك عددا من المنصات الرقمية المتخصصة والمؤثرة، بالإضافة إلى مجلة بحثية مرموقة باسم (مجلة العرب) تصدر شهريا بشكل منتظم في طبعة ورقية وأخرى إلكترونية (BDF)، وتضم بين صفحاتها طرحا ومعالجة لقضايا متنوعة في العلوم الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والطبية.
أول الثمار الناضجة
واليوم نجني أولى الثمار الفكرية والثقافية الناضجة وهو كتاب (قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية)، والذي يصدر عن دار المفكر العربي للنشر بالتعاون مع مركز العرب، والذي يتناول عرض وتحليل أبرز ما جاء في كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) لأستاذي الكاتب والمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي، مدير ديوان رئيس دولة الإمارات السابق، وأحد تلاميذ حكيم العرب، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
إن هذا العمل المتواضع، الذي أرجو أن يكون في ضمن أعمالي الحسنة يوم القيامة، قصدت به أمرا واحدا وهو المساهمة في رفع الغبار عن العقول المغيبة التي لهثت وراء الشيوخ وترك المنهج القويم، إذ كان كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) أحد أهم الأطروحات والمعالجات للاعوجاج الذي يعيشه المسلمون بسبب الخطاب الديني المتطرف الذي أدى إلى العنف والإرهاب بعد أن ترك الطريق المستقيم الذي جاء في القرآن الكريم، ولذلك سأضع بين أيديكم مقدمة الطبعة الأولى للكتاب التي تحتوي على أبرز ما جاء فيه على أن تشهد قادم الأيام طبعات جديدة يتم فيها تناول تعليقات القراء ورسائلهم والرد عليها.. على الله توكلت فهو قصدي ومرادي.
مقدمة الطبعة الأولى
ملخص
كتاب (قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية)، حلقات كتبتها على مدار عشرين حلقة، خصصتها لبحث فريد ومميز وغير مسبوق بعنوان (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) للمفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، الذي استطاع أن يؤسس لطرح فريد يهدف إلى إعادة النظر في (الخطاب الديني) الحالي، والعودة إلى الخطاب الحقيقي الذي نزل من عند الله على قلب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو (القرآن الكريم)، بهدف تبليغ الناس الرسالة،فهذا هو الخطاب الحقيقي المنزل من عند الله،والذي يرسم لنا طريق السلام والمحبة والخير والعدل والحق، ولكن المسلمين هجروا هذا الخطاب الواضح المبين المحفوظ الكامل السمح لصالح خطاب ديني متطرف اندست فيه عشرات الآلاف من الأحاديث والروايات والإسرائيليات المكذوبة التي غيرت المضمون وانحرفت بالهدف، فكان ما نحن فيه من فرقة وشتات وقتال وفتن.
التفاصيل
في أبوظبي أنجز العمل
في عام 2017تلقيت دعوة من مؤسسة رسالة السلام العالمية للأبحاث والتنوير لحضور إحدى الفعاليات الثقافية الفكرية التي عقدت بالقاهرة حول مناقشة ما جاء في كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) للكاتب والمفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، والذي أنجز في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة (أبوظبي) بتاريخ 15 يوليه عام 2017،والصادر عن دار النخبة للنشر بالقاهرة، إذ بدأت الفعالية حينها بكلمات موجزة وعروض مقتضبة حول أبرز ما جاء في الكتاب، وبعدها دار نقاش مفتوح حول الكتاب.
العودة للخطاب الإلهي
لقد مكثت أطالع هذا البحث الفريد على مدار ثلاثة أعوام لتحليل أبرز الموضوعات التي طرحها وعالجها الأستاذ علي الشرفاء في كتابه، ما لفت نظري هو أنه عرض موضوعًا قديمًا جديدًا قد طرح للنقاش في مناسبات عديدة على مدار قرون وعقود دون نتائج إيجابية بسبب نجاح شيوخ الدين في تغييب العقول، وهذا الموضوع هو الدعوات التي أطلقت في السابق ولا تزال حاضرة نحو (تجديد الخطاب الديني)، ولكن الكاتب قدم طرحا غير مسبوق، وهو قضية العودة إلى الخطاب الإلهي الصحيح الموجود بالفعل في (القرآن الكريم)، وترك هذا الخطاب الديني الحالي المكتظ بالأكاذيب.
قواعد الفرق بين الخطابين
لقد استطاع الكاتب في كتابه أن يؤسس لقواعد واضحة للتفرقة بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي،وهذا الأمر لم يسبقه إليه أحد، مما يجعله مميزًا وجديدًا، حيث وضح الباحث المرتكزات والأسس للتفرقة بين الخطابين (الديني والإلهي) بشكل سلس واضح لالبس فيه، واستطاع الكاتب أن يوضح فروقًا جوهرية بين الخطابين، منها أن الخطاب الديني الذي يدعو إلى القتل والتكفير يستند إلى الأقوال المنسوبة للصحابة مثل الروايات التي اعتمد عليها الأئمة وشيوخ الدين وجعلوا الناس تتخذها منهجًا وشريعة بعد أن هجروا القرآن الكريم.
القرآن خطاب الأحياء
في حين أن الخطاب الإلهي يدعو إلى الرحمة والتدبر، ويستند إلى كلام الله عز وجل وهو (القرآن الكريم) المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، ليصل إلى الناس وينشر بينهم التكاتف والتآلف والرحمة والمودة والسلام والعدل، وهو جوهر دين الإسلام السمح، وذلك خطاب الأحياء الصالح لكل زمان ومكان.
طرق ونتائج مختلفة
ولقد وجدت بعد المراجعة والتدقيق والتحليل أن هذا البحث المهم يستند إلى أن (الخطاب الإلهي) قد سلك طريقًا والخطاب الديني قد سلك طريقًا آخر مختلفًا، ولا يلتقيان،فالأول خطاب إسلامي حقيقي واضح النهج والتوجه، وهو ما جاء في (القرآن الكريم)، الكتاب الذي لا يعتريه الباطل ولا تعرف الأكاذيب طريقه، لأنه محفوظ من حكيم عليم، والثاني خطاب اعتمد في طرحه على الروايات التي دخلت عليها الأكاذيب والإسرائيليات لتشوه الدين وتنحرف به انحرافًا نال من سماحة الإسلام من خلال تلفيق عدد كبير من الروايات والأحاديث ونسبها للرسول صلى الله عليه وسلم زورًا وبهتانًا بهدف التفرقة بين المسلمين، وهذا ما نجحوا فيه على مدار أكثر من 1400 منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
الروايات مصدر التشريع
لقد وضح الكاتب أن أحد أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من فرقة وتطرف وإرهاب هو أن الروايات أصبحت هي المصدر الأساسي للتشريع بعد أن هجر المسلمون كتاب الله.
كنا مسلمين وأصبحنا متفرقين
وبعد أن كنا مسلمين أصبحنا متفرقين بين سنة وشيعة ومرجئة وخوارج وباطنية وجهمية وحشاشين وقاعدة ودواعش وإخوان وسلفيين وصوفيين وتكفيريين،ومذاهب فقهية مختلفة بين مالكية وحنابلة وشافعية وأحناف، وغيرها من المسميات التي نالت من الدين وفرقت الأمة وكرست عوامل الفرقة،وخلقت مشاهد دموية بدأت باغتيال أمير المؤمنين سيدنا عمر رضي الله عنه ولم تنته حتى اليوم.
محاولة جادة للوعي
إن الكتاب يعد محاولة جادة نحو توعية المسلمين بمخاطر انحراف الخطاب الديني الذي وصل إلى ذروته بوصول جماعات التطرف والتكفير والإرهاب وإنكار حق الآخر في الحياة للناس،حتى أنهم أسسوا دينًا جديدًا يخالف دين الإسلام، فدينهم يدعو إلى العنف والتطرف والقتل وإرهاب الآمنين، حتى وصل الأمر إلى قتل المسلمين وتكفيرهم استنادًا إلى روايات وأكاذيب تخالف القرآن بشكل واضح وصريح.
أحكام تخالف القرآن وتقدس وتؤله البشر
فصنعوا أحكامًا لم ترد في القرآن، مثل رجم الزاني المحصن حتى الموت، وكذلك أحاديث مكذوبة مثل إرضاع الكبير والشفاعة، ومباشرة الرسول زوجاته وهو صائم،وقتل المرتد، وتقديس الأولياء وشيوخ الدين، حتى وصل بعضهم إلى رفعة هؤلاء فوق مقام النبوة،بل وصل الأمر إلى تأليههم كما يفعل الشيعة مع الإمام الحسين بن علي.
توضيح مسار الخطابين
لقد قسم الكاتب كتابه (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) إلى عدد من المباحث، ووضع الفكرة الأساسية للبحث في المقدمة التي ضمت شرحًا مستفيضًا لمحتويات الكتاب،والتي تحدث فيها عن مصادر الخطابين من خلال رسم بياني لتوضيح مصادر كل خطاب، ثم وضح كيف تسبب هجر المسلمين القرآن والانصراف عنه لصالح الروايات والأكاذيب الباطلة.
مناقشات لتوضيح الخلاف
ثم وضع أبوابًا في الكتاب طرح فيها بعض المناقشات حول الخطابين، منها أركان الإسلام بين الاختزال والاستغفال، كذلك رسالة الإسلام، عناصر الرسالة، والعبادات ومنظومة القيم والأخلاق والمحرمات، والتكليف الإلهي، ثم الخطاب الإلهي والخطاب الديني، ثم وضع عددًا من الأمثلة للفرق بين الخطابين، والانقلاب على القرآن الكريم، ثم تحدث عن أن الخطاب الإلهي للناس كافة وأيضًا الخطاب الإلهي للمؤمنين، وتحدث عن القتال والجهاد في سبيل الله، وهجر كتاب الله، ثم وضح أن القرآن قول رسول كريم، حتى ختم البحث بعدد من التوصيات التي يحتاج إليها الناس لإسدال ستارة سوداء على مضمون الخطاب الديني المتطرف، داعيًا الجميع للتكاتف من أجل تصحيح وتصويب المسار، حتى نعود إلى كتاب الله ونترك كل ما يخالف نصوصه المقدسة.
نوافذ الفكر
ولذلك، بعد مطالعة الكتاب والإحاطة بما فيه، شرعت في كتابة حلقات متتالية عن هذا البحث الفريد، وذلك في المنصة الرقمية لمركز العرب للأبحاث والدراسات،أيقونة (نوافذ الفكر)، واخترت عنوانًا لتلك الحلقات وهو (قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية) أتممتها في عشرين مقالًا بحثيًا، حاولت خلالهاأن أقدم قراءة تحليلية موضوعية لتلك الأفكار التي تدعو إلى إعمال العقل والتفكير والعودة إلى صحيح الدين من خلال طريق الخطاب الإلهي الذي جاء في القرآن الكريم.
التعريف بمرتكزات وأفكار الشرفاء
وبعد إتمام العمل ونشره في المنصة الرقمية، وكذلك مجلة العرب الورقية، كان لابد أن نوثق هذا العمل في كتاب يضم المقالات العشرين، وأن يتم التقديم لها ليتعرف القارئ على مرتكزات وأفكار الطرح الجديد وهو العودة إلى الخطاب الإلهي وإسدال ستارة سوداء على الخطاب الديني بكل ما فيه من نصوص تخالف القرآن الكريم.
وجبة دسمة لعقول واعية
إنها وجبة بحثية دسمة تحتاج إلى عقول واعية لتقف على حقيقة الخطاب الديني الحالي الذي نال من الإسلام، بعيدًا عن التخويف والتكفير، إن شيوخ الدين سوف يكون لهم رد فعل عنيف تجاه هذا الطرح، الذي يكشف بالدليل القاطع زيف أعمالهم وبعدهم عن سماحة الإسلام،لأن الوعي والإدراك يأكل مصداقيتهم وينال من أحاديثهم المكذوبة كما تأكل النار الحطب، فنحن ومن يسير على النهج الصحيح نمثل لهم خطرًا كبيرًا، فإيقاظ العقول ليس في صالحهم، وتلك مهمة مقدسة سنحاول بكل الطرق أن نجعلها تصل إلى الناس بهذا الشكل السلس والبسيط، ومن يملك الحقيقة والصدق والشجاعة فلن يخاف من أحد سوى الله عز وجل..ماضون في طريق الحق نحو خطاب (إلهي) يخلصنا من زيف وتطرف خطابهم الديني.
بسم الله الرحمن الرحيم (وإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) صدق الله العظيم الآية (104) سورة المادة.
محمد فتحي الشريف
القاهرة في الأول من نوفمبر عام 2022م
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب