عفاف الفرجاني يكتب.. قافلة ووطن وفتن

كلنا شهدنا خروج قافلة الصمود المتجهة إلى معبر رفح لتقديم المساعدات لأهالي غزة وكسر الحصار الإسرائيلي عليهم، وفتح الطريق للقافلة من المنطقي أن يكون هذا واجبًا وطنيًا عروبيًا قوميًّا، ولكن عندما تصبح القافلة الإنسانية القنبلة التي ستهدد أمننا الوطني في أي دولة عربية، يجب علينا إيقافها.
مبدئيًا، علينا أن نتفق أن القافلة ليست محمّلة بمساعدات، بل كما أوضحوا أنها لكسر حصار غزة، وهذا لن يحدث من الجانب الإسرائيلي إلا من خلال الدبابة والبندقية.
اقرأ أيضا: ليبيا في أسبوع.. وقف قافلة الصمود في سرت والجيش الليبي ينفي انحيازه لأحد الأطراف السودانية
نأتي إلى ماهية هذا الحراك المفاجئ بعد سنوات من الحصار.
في البحث عن أصل الفكرة، نجد أنها فكرة الإخوان المسلمين في بريطانيا، بالتعاون مع أطراف مشبوهة، على رأسها بعض القيادات من الإخوان الذين يتخذون وضع الخلايا شبه النائمة لكنها متربصة، وهذا ما ظهر عبر حساباتهم الشخصية وغير الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي من دعم لهذه القافلة، وبعض الشخصيات السياسية في دول عربية مجاورة تعج بلدانهم بالدواعش والإخوان المسلمين، والتي تحاول منذ سنوات التخلص منهم.
هذا بالإضافة إلى تحرك أجنحة إعلامية تابعة لهذه الجماعات، متمثلة في بعض القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي المعروفة بأيديولوجيتها الإسلامية، حيث تتناول الحدث على أنه الحل الصحيح لكسر حصار غزة.
لا نجزم أن كل من في القافلة مؤدلج إسلاميًا وله أجندة، فهناك أناس عروبيون ووطنيون غايتهم الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين، ولكن ومن خلال نظرة ثاقبة ولا تحتاج إلى الكثير من التحليل، ستجد أن المحرّك الأساسي للقافلة ظاهرُه خير وباطنه شر.
حسب تقديري، من يريد المساعدة كان من الأجدر به أن يختصر المسافة بركوبه البحر أو الطائرات، إلى بلد تشكل حدوده البرية نقطة سهلة تخدم هذا الهدف، بدلًا من هذا الشريط الوثائقي الباذخ في الترحيب، الفقير في التحرك.
وعند دخول القافلة إلى ليبيا، تحديدًا صبراتة، هذه المدينة المخطوفة من المجرمين والمتطرفين، أُقيمت المآدب والاحتفالات، ولم يُستقصَ عن شخص جاء ضمن القافلة، ولم يُستعلَم عن هوية الدخلاء الذين هم في ليبيا والتحقوا بالقافلة. استمرت رحلة الأكل والتصوير تجوب المنطقة الغربية مع تهليل الحكومة المتطَبِّعة في الغرب الليبي، لتصل إلى المنطقة الوسطى التي تسيطر عليها القوات المسلحة الليبية والحكومة الليبية، حيث دولة الأمن والقانون، لتُفرز الأوراق، وتتخذ التحوطات الأمنية والقانونية وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية.
هنا تبدأ القافلة بإثارة الرأي العام واستعطافه بأن الشرق الليبي عطّل مسيرة القافلة، وهذا ما جاء على لسان بعض أفرادها، محدثين فتنة بين أطراف الشعب شرقًا وغربًا.
من ضمن الإجراءات المتبعة محليًا ودوليًا، لا يحق لأي شخص العبور من حدود دولة إلى أخرى إلا بوجود تأشيرة دخول، وهذا ما لم يتوفر عند الكثيرين… وأصبح مدعاة للريبة.
مصر أيضًا ليست بوابة بلا حارس… مصر بلد الـ120 مليون مواطن لن تسمح بهذا العبث الأمني…
أؤيد تمامًا الموقف الليبي الرسمي والموقف المصري… وهذا ما تفرضه سياسة أي دولة للحفاظ على أرضها.
اليوم يُؤجّج الرأي العام الإخواني الموقف ليزرع فتنة بين الشعوب العربية، لمصلحة أجندة عربية-أجنبية غايتها نقل بعض المتطرفين إلى الجانب الليبي وإدخالهم بين الجموع، ومن ناحية أخرى محاولة إحياء الخلايا النائمة من رفاقهم لاستكمال مشروع 2011، والمحطة الأخرى النيل من مصر والجيش المصري، من خلال إحداث بلبلة لن تخدم أهل غزة بل ستُساهم في خروجهم وتمركزهم على حدود سيناء لاستكمال مشروع تهجير الفلسطينيين.
مصر البلد الوحيد الذي ضحّى من أجل القضية الفلسطينية، ومنع التهجير، ووقف في وجه ترامب عندما قدّم مشروعه كحل للأزمة.
لم يسأل أحدكم نفسه: كيف لسبعة آلاف شخص في القافلة أن يُؤمَّن لهم مواصلات برية وعبر ساحل شمال إفريقيا، وفي كل محطة يتضاعف العدد؟ من المسؤول عن جمعهم وتجهيز الحافلات لنقلهم ومعيشتهم؟
إلا من خلال تنظيم واحد فقط، هو تنظيم الإخوان!
الموقف الدولي مُعلَن تجاه مصر، والكيان الصهيوني الغاصب أعلن عن أهدافه، أولها تهجير أهالي غزة إلى سيناء، لعمل قناة موازية لقناة السويس، حسب ما يطالب به العديد من الساسة الإسرائيليين، خاصةً وأن الوضع في الشرق الأوسط جاهز لأي خارطة جغرافية جديدة.
ولكن نحن، قبل حكوماتنا، لكم بالمرصاد، ولو فككنا تبويبات القضية، ليُقدَّم كل شيء على حقيقته.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب