قاسم صنبير يكتب.. وطنيون ولكن
الشعارات التي رفعت باسم الوطنية لا تعكس الواقع، والحقيقة ستسطع يوماً ويبكم الزيف والكذب.
الوطنية كمفهوم ومبدأ لا يختلف على معناها اثنان عاقلان شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وإن اختلفت عقائد البشر الدينية وغيرها، ومفهوم الوطن والمواطنة تضمنته كل الدساتير المكتوبة والعرفية، فحب الوطن والانتماء إليه والاستعداد للتضحية لأجله، لا يمكن أن يخرج عن هذا المفهوم حتى وإن تشعب البعض في التفسير، حيث إن الإنسان إنسان وإن اختلفت القومية أو الجغرافيا، ولهذا، التاريخ يخبرنا بقصص كثيرة عن الوطنية والانتماء للأوطان والدفاع عنها والحفاظ عليها.
لكن كيف نطبق هذه المفاهيم على حالتنا في ليبيا اليوم التي تطل عليها أخطار عديدة، أشدها التشظي ورهنها للأجنبي الذي وجد من يناصره ويؤيده من الداخل، رغم شعاراته الوطنية جداً، الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم ليبيا منذ العام 2011 رفعوا شعار الوطنية واستدعوا الأجنبي لتدمير البلاد والعباد باسم الوطنية، وقعوا معاهدات واتفاقات لتسليم ليبيا باسم الوطنية، وقع المجلس الانتقالي لفرنسا 35 % من النفط الليبي لصالحها لتقوم بدورها في حشد الدول لإسقاط النظام وهم رافعون شعار الوطنية، ووقع السراج اتفاقاً مع تركيا ليمنحها حق التنقيب والاستيلاء على النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الليبية مقابل جلب مرتزقة، وجابوا العواصم الأوروبية للتحشيد ولضرب ليبيا باسم الوطنية، وكان لهم ذلك، وهذا ما صرحوا به وقالوه ويفتخرون به، ولا يرونه حرجاً ويعتبرونه عملاً وطنيًا، هنا وجب السؤال: هل كل ذلك من الأعمال الوطنية؟ من لم يفك الحرف بعد يعتبره من الأعمال المناقضة للوطنية وهي الخيانة بكل معانيها.
حجم الفساد في الحكومات المتعاقبة وصل للذروة والتدمير الممنهج والمستمر والسرقة والنهب يتم ذلك باسم الوطنية، وهؤلاء القوم قلبوا المفاهيم واستغولوا وتحولوا إلى وحوش، لا توقفهم كل القيم أمام تحقيق مصالحهم، والأجانب التقت إرادتهم، وما يقوم به الحكام، ويروقهم استمرار الفوضى والنهب، واستمرار الفساد، بل تعليم الفساد من خلال إقامة ورش تشرعن ذلك، وبعد أن بدأت الرائحة العفنة للفساد تنتشر، أخرج ديوان المحاسبة تقريره وكذلك الرقابة الإدارية تقاريرهم التي تعكس حجم الفساد، حيث صرفت أكثر من 700 مليار دينار وعلى الواقع لا جديد، وبالتأكيد أن السفراء الأجانب هم وراء هذا الهدر للمال العام وأيضاً استمرار الصراع، والهدف أنهم يدفعون في اتجاه تقسيم البلاد بواسطة هؤلاء الحمقى، فالذي يرفض أي عمل أو فكرة وطنية هو المستعمر الأجنبي، والدليل ليس من نظام أو شخصية وطنية إلا وعمل على معاداته ثم إسقاطه بالقوة إن لزم الأمر، والذي يكون في معسكر الأجنبي ضد وطنه يعتبر عميلا، والفساد الذي طال أغلب المؤسسات مثل مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط والاستثمارات الخارجية ومحافظ الاستثمار عمل ينصب في خدمة الاستعمار، انهيار الصحة والتعليم عمل يدخل في خدمة الاستعمار، الكذب على الشعب وتزوير المؤهلات عمل نقيض الوطنية، تحويل أموال الشعب لخدمة الإخوان المسلمين في مصر وتونس عمل غير وطني، طبعًا بالنسبة للإخوان المسلمين لا يؤمنون بالوطن ووطنهم هو الجماعة بحيث خالفوا الجميع والعمل مع أي أجنبي ليس مخالفة طالما يدخل في خدمة الجماعة.
الخلاصة أن الشعارات التي رفعت باسم الوطنية لا تعكس الواقع وإن زينت هذه الشعارات المكاتب وأسوار المدينة، الحقيقة ستسطع يوماً، ويبكم الزيف والكذب.
بعد ان تناولنا موضوع وطنيون ولكن يمكنك قراءة ايضا
محمد أرسلان علي يكتب.. العرب والكرد.. الحوار طريق المستقبل المشترك
دار المفكر العربي تشارك في معرض القاهرة بدورته الـ53
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك