عمرو حسين يكتب.. من جدار برلين إلى أوكرانيا
الكاتب باحث في الشؤون السياسية.. خاص منصة العرب الرقمية
انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي على ألمانيا النازية ودول المحور وبعدها عام ١٩٤٥ وبعدها انقسم العالم بين قطبين كبيرين وهما الاتحاد السوفييتي والقطب الآخر الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب أصبح العالم متغير غير ثابت وتنافس شرس بين قوتين عظمتين أدت إلى نشوب ما يسمى بالحرب الباردة التى كادت أن تكون حرب ساخنة في عام ١٩٦٢ خاصة في عهد الرئيس جون كيندى وقضية خليج الخنازير المعروفة بالأزمة الكوبية ونشر الصواريخ الروسية هناك في ظل حكم فيدل كاسترو لكوبا انتهت هذه القضية بسلام ولكن استمرت الحرب الباردة بين الطرفين ففي ألمانيا انقسمت ألمانيا بعد الحرب إلى شطرين شرقي بنفوذ سوفييتي وغربى بنفوذ الولايات المتحدة وأصبح هناك برلين غربية وبرلين شرقية وفاصل بينهما ما يعرف بجدار برلين ، شهدت برلين الشرقية قيام دولة ألمانيا الديمقراطية، فيما أقيمت دولة ألمانيا الاتحادية في الشطر الغربي من المدينة، وكانت القوى العظمى المسيطرة على الجانبين تتنافس بحدة حتى وصلت الحرب الباردة إلى أوجها خلال تلك الفترة حتى تم بناء جدار برلين عام ١٩٦١م ، وبالفعل، تم بناء الجدار على امتداد 155 كلم، 43 كلم قطعت برلين من الشمال إلى الجنوب، في حين عزلت 122 كلم برلين الغربية عن بقية جمهورية ألمانية الديمقراطية.وبدأت ملامح انهيار الجدار تظهر تدريجيا، قبل الانهيار الفعلي، ففي أغسطس من عام 1989، أعلنت بلغاريا إعادة فتح حدودها مع النمسا، ليفر ما يزيد عن 13 ألف “سائح” من ألمانيا الشرقية، ويصلون إلى النمسا عبر بلغاريا، بحلول سبتمبر من العام نفسه.
اقرأ أيضا: عمرو حسين يكتب.. ابن خلدون اسم عربي خالد
وتوالت الأحداث في سبتمبر، وتزايدت فيه المؤشرات على “الانهيار القريب”، إذ انطلقت تظاهرات شعبية حاشدة ضد الحكومة في ألمانيا الشرقية، مما أدى إلى استقالة الرئيس الشرقي إريك هونيكر في أكتوبر، ومنح الأمل بإمكانية التخلص من حائط الفصل هذا، خاصة أن هونيكر كان من أشد المدافعين عنه.
وفي نوفمبر 1989، تدفق عشرات الآلاف من الألمان الشرقيين نحو الجدار، ليعبروا الحدود باتجاه برلين الغربية، أمام أعين الحراس ورجال الجمارك.
وفي أغسطس 1990، تم انتخاب هيلموت كول مستشارا لألمانيا الموحدة، وإعلان برلين عاصمة لها ، الشاهد من ذلك انه كان مقدمة لانهيار الاتحاد السوفييتي وانهيار عالم القطبين وأصبح عالم القطب الواحد الذى تسيطر عليه الولايات المتحدة اقتصاديا وعسكريا بعد أن أعلن جورباتشوف تفكك الاتحاد السوفييتي وأصبحت روسيا هي الوريث الشرعى للاتحاد السوفييتي التى حكمها الرئيس يلتسن من عام ١٩٩١م إلى عام ١٩٩٩م إلى أن تولى الحكم الرئيس بوتين الذى غير شكل روسيا اقتصاديا أصبحت دولة غنية بالنفط والغاز والذهب والعسكرية طور ترسانتها العسكرية إلى ان أصبحت القوة النووية الأولى في العالم وطور طائراتها للجيل الخامس وصواريخ فرط صوتية غير موجودة في اى مكان في العالم لا يستطيع أى منظومة صواريخ دفاعية اعتراضها إلى أنه يبدو ان الحرب الباردة استمرت بين الولايات المتحدة وروسيا إلى ان وصلنا حاليا للأزمة الأوكرانية فأوكرانيا بالنسبة للقيصرية الروسية القديمة كانت فيها روسيا السيف وأوكرانيا الدرع ، قال بوتين: “لقد تم إنشاء أوكرانيا الحديثة بشكل كامل من قبل روسيا وعلى وجه التحديد من قبل البلاشفة الروس”. “بدأت هذه العملية عمليا بعد ثورة 1917 وعلاوة على ذلك، قام لينين ورفاقه بذلك على حساب روسيا من خلال تقسيم أراضيها التاريخية وتمزيق قطع منها”.
رغم أن الزعيم الروسي أعلن مراراً أن انهيار الاتحاد السوفييتي السابق كان أكبر كارثة من الناحية الجيوسياسية خلال القرن العشرين، لكن يبدو أنه يحاول أن يصحح الخطأ التاريخي الذي وقع فيه مؤسس الاتحاد السوفيتي لينين، حسب رأيه، عندما تم تأسيس الجمهورية الأوكرانية بعد انتهاء الحرب الأهلية التي تلت ثورة 1917.
إن الجذور المشتركة بين أوكرانيا وروسيا تعود إلى الدولة السلافية الأولى، كييفان روس، الإمبراطورية التي أسسها الفايكنغ في القرن التاسع الميلادي.إن تاريخ وثقافة روسيا وأوكرانيا متداخلان فعلاً فهما تشتركان في نفس الديانة المسيحية الأرثوذكسية، وهناك تشابه كبير بين لغتي البلدين، إضافة إلى تشابه العادات وحتى الأطعمة.
كانت كييفان روس أول دولة سلافية شرقية كبيرة تأسست في القرن التاسع الميلادي. وهناك انقسام بين أوساط المؤرخين حول مؤسس هذه الدولة. الرواية الرسمية تقول إن القائد شبه الأسطوري أوليغ، حاكم نوفوغراد، هو الذي ضم كييف إلى مملكته بسبب أهمية موقع المدينة الواقعة على ضفة نهر دنيبر، وجعلها عاصمة لدولة كييفان روس.
وفي عام 1921 استولى الجيش الأحمر على ثلثي الأراضي الأوكرانية وجرى الإعلان عن إقامة جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية، بينما الثلث الأخير من الأراضي الأوكرانية والواقع غربي البلاد، أصبح تحت السيطرة البولندية، أوكرانيا بالنسبة لروسيا هي مسألة أمن قومى ولا بمكن لروسيا أن تقبل بانضمامها لحلف الناتو لأن بذلك سيتم نشر الدرع الصاروخى في كييف وتصبح الصواريخ على بعد ٥ دقائق فقط ولذلك فإن ما حدث يوم ٢٤ فبراير الماضي بالنسبة لروسيا يعد نموذجا جديدا لاستمرار الحرب الباردة بين روسيا والغرب ولكن السؤال الآن هل نحن أمام عالم جديد متغير القوى ؟هل نحن الآن أمام مشهد اقتصادى عالمي سيغير من ارتباط العالم بالدولار ؟