رأي

الدكتور رمضان البحباح يكتب.. حكومات وطنية في قالب استعماري

الكاتب دبلوماسي ليبي وسفير طرابلس السابق في الهند.. خاص منصة العرب الرقمية

رمضان البحباح حكومات وطنية في قالب استعماري

في الدول الواقعة تحت الإحتلال وفق القانون الدولي تتم إدارتها بقوانين الدول التي احتلتها وهي المسؤولة بشكل مباشر عن تسيير كافة الخدمات التي تحتاجها الشعوب الواقع عليها ذاك الإحتلال ، إلا أن الأمر أختلف كثيرا ولم يخضع لنظم وقواعد تلك القوانين باختلاف طرق وأساليب حالة الإحتلال المستحدثة والتي من خلالها نصبت حكومات من عملاء الدول لتعكس ظاهريا بأن حالة الإحتلال لم تقع وأن ما تقوم به الدول المحتلة يتم تصنيفه كمساعدات ومشورة تقدم للحكومات التي تم تنصيبها .

هذا التلاعب وهذا الاستهتار بالقانون الدولي يضع منظمات العالم على المحك وتفقد بالتالي مبرر وجودها ، بيد أن هذا الأمر أتخذ في الحسبان عندما مررت حالة الإحتلال والتدخل وصارت تتخذ باسم الأمم المتحدة حتى لا تقع تلك الدول في شرك قانوني يرتب عليها التزامات قانونية وتعويضات كبيرة .

اليوم العالم أصبح غابة حقيقية لكنها مقننة بقوانين تتيح التدخل للقوي في شأن الضعيف ولا ترتب عليه أي التزامات قانونية ، بل ذهب الوضع إلى أبعد من ذلك فالادانة تلحق بالضعيف وتعطي الحق للقوي الذي مارس عليه القهر ومشرع من المحاكم الخاضعة للأم المتحدة تنفيذ هذا الأمر ، من هنا أصبح الوضع السائد على كوكب الأرض بدون أي نظام دولي يحكمه وبدون معايير ونواميس تحد من انفلاته وينذر برجوع البشرية إلى عهود الرق والعبودية من جديد لكنها بشكل خادع وفق متطلبات الحاضر .

الحالة الليبية تعد ضمن هذا الاستحداث الكارثي فهي وقعت ضمن هذا التغول الدولي دون أي رادع ولن ينظر لها إلا كما يتم التعامل معها اليوم بأنها دولة فاشلة وتحتاج للمساعدة الدولية ، ومن الصعوبة بمكان إحداث أي عمل انقاذي من الداخل الذي سيصنف بأنه عمل يزعزع الإستقرار ، لهذا سارعت الولايات المتحدة الأمريكية كأحد الدول المتدخلة في الشأن الليبي بسن قانون استقرار ليبيا لمنع أي عمل من شأنه إعادتها إلى وضعها الطبيعي كدولة ذات سيادة ، ولهذا اقتصر النقد على الحكومات التي صممت وصنعت خارجيا حتى تختفي مظاهر التدخل الأجنبي وذلك بإطلاق شعارات كاذبة بأن الليبيين قادرين على إختيار نظامهم من خلال إنتخابات حرة ونزيهة حسب الدعاية والتي أوقفت بطريقة معلومة في حقيقتها مجهولة في تنفيذها .

وقد أطلق العنان لبعض الأفراد والمؤسسات بمحاولة إيجاد مخرج للانسداد المفتعل بما يلبي حالة استمراره كغطاء مشروع لحالة التدخل .
إن توريط الحكومات المتعاقبة هدفها الأساسي توقيعها على اتفاقيات ومعاهدات أمنية مثل التي وقعها السراج مع تركيا ومنح القوات الأجنبية قواعد عاملة مثلما منحت قاعدة مصراتة للقوات الإيطالية وقاعدة الوطية للقوات التركية وغيرها من القواعد التي تم الإشارة إليها في تقارير واحاطات المندوبين الدوليين أمام مجلس الأمن وتبديد ثروات البلاد في إتفاقيات طويلة الأمد مع شركات الدول .

هذا الواقع المؤلم يجعلنا أن نفكر جيدا في تقييم الحالة الليبية كواقع احتلال قبل التفكير في طرق إزالته ، بدون نقد أو تشهير للمؤسسات التي تدعي بأنها تمثل إرادة الليبيين والتي كما وصفناها بأنها إحدى ترتيبات الطرق المبتكرة لإدارة ليبيا المحتلة ، وينبغي وضع أولويات تكتيكية واستراتيجية بناء على ذلك التقييم حتى لا نقع في لغط يؤدي بنا إلى عواقب وخيمة تعود علينا بمزيد من المعاناة وتكرس التبعية للأجنبي .

بنظري هناك اتجاهين لا ثالث لهما إما تحشيد كافة الإمكانيات للمواجهة وهذا صعب جدا ويحتاج إلى عامل خارجي يدعمه ، أو مقاومة سلمية تعتمد على تجهيز وتحضير كوادر وطنية ذات توجه تحرري وهذا قد يحتاج إلى عشرات السنين من العمل الدؤوب والمتواصل ونتائجه تحتاج إلى وقت طويل لكنها ستكون فعالة بشكل أكبر ،

أما الحديث اليوم عن بناء دولة ومؤسسات تنشا عن انتخابات هو إمعان في أمر أهوج وغير معقول في ظل حالة التدخل الدولي المباشر .

بعد ان تناولنا موضوع رمضان البحباح حكومات وطنية في قالب استعماري يمكنك قراءة ايضا

ليلى موسى تكتب.. تركيا ومغزى التواقيت

ليبيا في أسبوع.. المصرف المركزي يلتئم.. وقضاء تونس يبدأ التحقيق في تسليم البغدادي المحمودي

يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى