رأي

رامي زهدي يكتب.. قراءة في دعوة الرئيس لإجراء حوار وطني مع كافة القوى السياسية دون استثناء أو تمييز

“لا خير في مؤيد فاقد البصيرة وإخلاص السعي والعمل ولا في معارض فاقد شرف المعارضة والإختلاف مدفوعا بأي هدف غير الوطنية الصادقة”

 

“الرئيس…”

ما توقعنا خيرا أبدا إلا فعله، وما خشينا شرا أبدا إلا وطمئنا، ما صادفنا تحدي أبدا إلا وكان معنا في مقدمة الصفوف، منذ ان برز دوره العلني الواضح في الحياة السياسية المصرية، كرئيس للمخابرات الحربية فترة ثورة يناير 2011، ثم وزيرا للدفاع فيما بعد ذلك، ثم معبرا عن إرادة الشعب وطموحه في ثورة 30 يونيو 2013 ثم رئيسا للدولة المصرية العريقة، رئيسا بحجم تاريخ ومكانة مصر، وعلي قدر آمال الشعب وأحلامه، واليوم الرئيس بدعوة الي حوار سياسي وطني لكافة القوي السياسية دون تمييز ودون إطار محدد، يدخل الرئيس بأقدام ثابتة راسخة في سجل التاريخ المصري العظيم، يتحرك دائما في الإتجاه والتوقيت السليم، في إتجاه مصلحة الوطن، حيث لاقت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى حوار سياسي ترحيباً واهتماماً واسعين من الأوساط السياسية والإعلامية والقوى المجتمعية في مصر التي وصفت الدعوة بأنها «تطور مهم للغاية»، وتعد «مؤشراً هاماً سياسياً». الرئيس بتبني فكرة «الحاجة إلى عقد حوار سياسي شامل يتناسب مع فكرة بناء أو إطلاق الجمهورية الجديدة» إنما يضع يديه علي إحدي التحديات الكبري في المناخ السياسي العام في مصر منذ العام 2014 وحتي الأن، فالجميع فيما بين التأييد المطلق دون إيمان راسخ بأواصر ذلك التأييد والذي إنما ينتج من وطنية مخلصة مبنية علي الخوف الشديد علي الوطن، ومابين معارضين دون سند او أساس واضح إنما يحركهم الهوي الشخصية والميل والمصالح الفردية والجماعية، ونحن في هذا التوقيت لا نحتاج لاهذا ولا ذاك، لا خير في مؤيد فاقد البصيرة وإخلاص السعي والعمل ولا في معارض فاقد شرف المعارضة والإختلاف مدفوعا بأي هدف غير الوطنية الصادقة.

نحتاج في مصر الأن وسابقا وفي المستقبل ودائما الي تلاقي الجميع علي حب الوطن في حوار او حوارات مستديمة يغلفها السعي والإجتهاد من أجل المشاركة في رحلة الوطن نحو الصعود، نحتاج لمجتمع سياسي ومناخ عام داعم لكل وطني شريف اتفق او عارض، المهم هو حسن النوايا والعمل من أجل مصلحة الوطن.

الأحزاب في مصر، تشكل تحدي صعب أمام الدولة المصرية، لم تستطيع عبر سنوات من أن تقوم بدور ملموس فعال، إما أحزاب عائلية تحكمها الفردية وثبات المناصب وإما أحزاب تفتقد المؤسسية وفهم لدور وأهمية العمل الحزبي، فكيف لنا علي سبيل المثال ان نسمح لحزب ما لايطبق اي قواعد الديمقراطية او توظيف الكفاءات ان يتحدث هذا الحزب عن قيم الديمقراطية وتدوال السلطات وتمكين الكفاءات، كيف لنا بحزب كل قياداته عمرها فوق ال60 عام ان نقبل منهم حديثا عن تمكين الشباب، كيف لحزب يحكمه أب وإبن وإبنة وحفيد ان يتحدث عن الحكم الرشيد والإدارة المتطورة، هذا تقريبا هو حال الأحزاب في مصر إلا قليلا.

“لماذا العمل الحزب والحياة السياسية تستوي في الأهمية مع أكبر مشاريع الدولة القومية الكبري؟”

الإجابة أن الأحزاب لابد لها وأن تكون القناة الشرعية الموصلة والفعالة والرابط القوي مابين الدولة في أعلي مستوياتها ومابين الشعب بكل طوائفه، الأحزاب هي حجر الأساس الرابط او هكذا يجب ان تكون فيما بين الحكومة والشعب، وعلينا ان نسأل أنفسنا إذا كان ذلك هو الواقع الحالي أم لا، ونحن علي مشارف حوار وطني سياسي شامل يجب ان نضع أيدينا بدقة علي مواطن الضعف.

بالإنتقال إلي مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي، نري دورا بارزا علي مدار عصور طويلة وبالفعل لولا دور العمل الأهلي في مصر لما إستطاعت أبدا الدولة منفردة ان تواجه الأزمات الرهيبة خاصة في السنوات الأخيرة، إلا أن العمل الأهلي في مصر إلا قليلا منه يفتقر السير الصحيح في إتجاه خطط التنمية، وينقصه أيضا المنهجية والعمل المؤسسي المحترف وإستخدام التكنولوجيا الرقمية المتطورة مما يهدر جزء كبير من جهده ومن طاقته، إذن أيضا ونحن نستعد للحوار الوطني السابق الإشارة إليه، علينا عرض التجارب الناجحة لعمل مؤسسات المجتمع المدني لغيرها من المؤسسات التي تعتقد انها ناجحة وانها تقوم بدورها بشكل مناسب جدا، إلا ان الحقيقة انها بسبب ما ذكرنا من اسباب ربما تحتاج لإعادة هيكلة وتطوير.

حوارا وطنيا شاملا، يجب ان يتقدمه الشباب، الشباب العادي والغير عادي، لا يجب أبدا أن يقتصر الأمر علي شباب العمل السياسي او المدني، فهناك كثيرا من الشباب يحتاجوا لمساحة ظهور وخم يملكون طاقات عظيمة، وفي الوقت نفسه يشعورن بالإحباط لأن من في الصورة دائما ليسوا جميعا ممن يستحقون ذلك.

رامي زهدي حوار وطني

أخيرا، سيذكر التاريخ كثيرا مثل هذه الجهود، ويوما ما قريبا سيجني الوطن ثمارا لكل هذه التحركات الإيجابية، وكلما زادت مساحات التقارب والحوار، كلما إنعكس ذلك علي الوطن.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى