رأي

رامي زهدي يكتب.. القمة الأمريكية الإفريقية الثانية

قمة البحث عن الطريق نحو علاقات إفريقية أمريكية أكثر ندية وإنفتاحاََ في إطار دمج إقتصاد وأمن وإستقرار إفريقيا في الإقتصاد والأمن والإستقرار في العالم

الكاتب مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز العرب للدراسات والأبحاث

القمة الثانية من نوعها منذ ثمانية أعوام، منذ العام 2014 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بأكبر مشاركة إفريقية بعدد 40 رئيس بعد ان وجهت الدعوة لعدد 49 دولة وتم إستثناء 4 دول لتعليق عضوياتها بالإتحاد الإفريقي، وبلغ عدد الدول المؤكد حضورها 45 دولة يمثلها مابين رئيس دولة او رئيس حكومة بالإضافة لعدد كبير من مسؤولي الحكومات وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص من القارة الإفريقية ومن الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا تشهد القمة حضور السيد موسي فقيه محمد رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي.

(توقيت):
إنعقاد القمة للمرة الثانية في حد ذاته أمر هام وجيد، إلا أنه أيضا ومن وجهة نظر مقابلة يمثل أمر سلبي، لأن القمة الاولي كانت في العام 2014 وكان يمكن ومنذ ذلك التاريخ عقد عددة نسخ من القمة بدلا من أن تعلق لمدة ثمانية سنوات تغيرت فيهم أمور كثيرة وفاتت العديد من الفرص.

القمة من 13-15 ديسمبر، تأتي بعد القمة العربية الصينية ولا يمكن الجزم بأيهما بدء الإعداد او التنسيق، بمعني هل إختير توقيت القمة الأمريكية الإفريقية تالياََ للقمة الصينية العربية أم العكس، ولا يجب إغفال أن 10 دول عربية من أصل 22 دولة هي دول عربية إفريقية.

(تصويب أم إعادة مسار وهيكلة):
هل القمة تمثل تعديلا جوهرياََ في علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالقارة الإفريقية، خاصة في توقيت صعب تزداد فيه مشكلات وصراعات العالم وتزداد فيه الضغوط تحديدا علي الولايات المتحدة الأمريكية من قبل منافسيها في معركة التنافس الدولي علي النفوذ والهيمنة والإقتصاد العالمي بالتأكيد، في وقت أيضا لا تمتلك فيه الولايات المتحدة الأمريكية بديلا عن القارة الإفريقية لتنفيذ خططها الإستراتيچية والإقتصادية وحماية أمنها القومي وتقوية موقفها في صراعات العالم، بينما تمتلك القارة الإفريقية بدائل عدة للدور الأمريكي في ظل التنافس العالمي علي التواجد الإستراتيچي في القارة الإفريقية، حتي وأن بدت هذه البدائل أقل فاعلية من البديل الأمريكي إلا أن إفريقيا الأن تبحث عن الأصدق والأخلص والأقرب لإستخدام سياسة شريفة لمصالح مشتركة.

الولايات المتحدة الأمريكية عبر عهود فقدت ثقتها لدي الشعوب الإفريقية التي اعتادت ان تري الولايات المتحدة الأمريكية تصادق وتعاهد الأنظمة الحاكمة دون الشعوب وتتداخل أمريكا دائما أو هكذا يعتقد المواطن في إفريقيا في تحويل او توجيه إرادة الشعوب، وبغض النظر عن مدي صحة هذا التصور لدي الشعوب الإفريقية، يبقي علي الولايات المتحدة الأمريكية او تبرهن علي حسن نواياها وان تعتمد علي صداقتها للشعوب لأن الأنظمة والحكومات تذهب وتبقي الشعوب.

(تحديات وقضايا رئيسية):
تحديات هامة تنتظر الجميع، في وقت أصبحت فيه إفريقيا أكبر من ملف تفاوضي في العالم وتحولت الي طرف رئيس في معظم قضايا العالم، ولا يمكن إغفال دور الإدارة المصرية في المساهمة الأكبر في هذا، حيث تبنت الإدارة المصرية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤسسات الدولة المعنية إطاراَ تفاوضياََ جديداََ عند تناول قضايا القارة الإفريقية مع قوي العالم الكبري، بني هذا الإطار علي قواعد الندية والتكافؤ والإحترام والمصالح المشتركة في ظل سعي مصري جاد لدمج الإقتصاد الإفريقي في الإقتصاد العالمي وكذلك الإستقرار والأمن في إفريقيا ليدرك العالم أن الأزمات في إفريقيا تؤثر علي كل العالم والعكس صحيح، لكلما زاد الأمن والإستقرار في القارة الإفريقية كلما ساهم ذلك في زيادة أمن وإستقرار العالم وإنعكس في شكل إقتصادي واضح من تأمين لسلاسل الإمداد والتموين من إفريقيا للعالم سواء في نطاق المواد الخام والبترولية والغاز والمعادن او في نطاق عكسي للمنتج النهائي للأسواق الإفريقية خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي الإفريقي.
تسعي الولايات المتحدة الأمريكية الي تعزيز قيم الشراكة الأيجابية وتعزيز المشاركة الأقتصادية بشكل جاد بين القارة الأفريقية والولايات المتحدة الأمريكية بالتوزاي مع إهتمام الإدارة الأمريكية الدائم بقضايا حقوق الإنسان لكن عليها أن تدرك أيضا أن حق الشعوب الإفريقية في حياة آمنة مستقرة وان تحصل الشعوب علي مبادئي الحياة الكريمة وهو ما يمثل أهم مبادئ حقوق الإنسان والتي تتعامل معها دول متعددة بإقتصارها علي الحقوق السياسية فقط مع إغفال حقوق الحياة والأمن والسلم.

قضايا وأزمات مزمنة تظل دائما في مقدمة قوائم موضوعات أي قمة عالمية إفريقية منها تنامي عمل الجماعات الإرهابية والصراعات المسلحة، والأمن المائي والغذائي وأمن الطاقة، وربما مايدعو لقدر من التوقع الإيجابي هو أن القمة تأتي بعد أشهر من إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية أنتوني بلينيكن عن خطة سياسة جديدة للولايات المتحدة الأمريكية تجاه القارة الإفريقية سوف تسعي بموجبها الولايات المتحدة الأمريكية الي تحقيق أربعة أهداف رئيسية في إفريقيا في مقدمتها الإنفتاح علي المجتمعات وتعظيم المكاسب الديمقراطية والأمنية والعمل علي التعافي من الآثار السلبية لجائحة كورونا والفرص الأقتصادية بالأضافة لدعم الحفاظ علي المناخ والتكيف مع المناخ والإنتقال العادل للطاقة.

(تطلعات):
تتطلع الدول الإفريقية إلي دعم أمريكي للشركاء الأفارقة بتوفير جميع الأدوات المتاحة لدعم جهود التنمية والإستقرار في هذه الدول سواء كانت هذه الأدوات في شكل تمويل، قروض ميسرة، إستثمار مباشر وغير مباشر، دعم تقني ونقل خبرات، دعم الإصلاحات التشريعية، دعم إستراتيچي وأمني لمواجهة تحديات الإرهاب والصراعات، بالإضافة الي دعم الإرادة الإفريقية علي مستوي مؤسسات المجتمع الدولي والإقليمي المختلفة، في وقت تتداخل فيه افريقيا وبشدة في صناعة وتغيير المستقبل، وليس فقط مستقبل القارة الإفريقية ولكن مستقبل العالم.

بينما تطلع الولايات المتحدة الأمريكية الي دعم الحكومات والشعوب الإفريقية لها في سباقها المحموم في الصراعات الدولية، وتسعي أيضا لإطار شراكة إقتصادية قوية تؤمن للولايات المتحدة ولحلفائها مورد المواد الخام الأولية وسوقاََ كبير ومتنامي للمنتجات الأمريكية وسيطة ونهائية الصنع.

كما ينتظر ان يطالب الرئيس الأمريكي خلال القمة بدخول الإتحاد الإفريقي عضوا إفتراضيا الي مجموعة العشرين علي ان يتم مناقشة الملف مع دولة الهند التي تتولي رئاسة المجموعة خلال العام المقبل.

(ملاحظات علي القمة):
تم إستبعاد السودان من الدعوة والحضور بسبب تعليق عضويته بالإتحاد الإفريقي بالإضافة الي ثلاثة دول أخري بوركينافاسو، غينيا كوناكري ومالي بسبب الأوضاع السياسية، وهو ما لاقي تأثيرا غير إيجابي علي الشارع السياسي في هذه الدول خاصة السودان التي كانت تنتظر مزيدا من التطور والتحسن في العلاقات السودانية الأمريكية.

كذلك يعقد علي هامش القمة منتدي المجتمع المدني بعنوان “الشراكة الشاملة من أجل تعزيز أجندة التنمية 2063” ويتيح منصة مشتركة بين هيئات المجتمع المدني والممثلي الحكومات بهدف التعبير عن الفئات المهمشة في الحياة العامة وإبراز حقوق العمال ومكافحة الفساد.، ويعقد أيضا “منتدي قادة شباب إفريقيا والمهجر” ويتعهد بتعزيز الحوار بين المسئولين الأمريكيين والأفارقة في المهجر ويتضمن المنتدي عدة جلسات حول التعليم الجامعي وتطوير القوي العاملة والصناعات المبتكرة وتحقيق العدالة البيئية.

سوف يعقد أيضا “منتدي قادة الأعمال الأمريكيين والأفارقة” وذلك في اليوم الثاني للقمة الأربعاء تحت عنوان “الشراكة من أجل مستقبل أكثر إزدهارا لخلق فرص عمل وتحقيق النمو المستدام علي جانبي المحيط الأطلنطي.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى