حوار| طلال أبو غزالة: مصر هي القطار الذي يقود الأمة العربية إلى الأمام وقيادتها تمتلك إرادة من فولاذ
لا يجب أن ننظر للحرب الروسية الأوكرانية على أنها أزمة بل كيف نستفيد منها
السيسى اتخذ قرارا بمواجهة الأورام المؤلمة في جسد الاقتصادى المصرى
أي نجاح اقتصاد مرهون بالابتكار والصين حاليا هي مصنع العالم بفضل الاختراعات
مهن المستقبل التى تحتاجها المنطقة هى تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي
على جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية تحضير الشباب لوظائف المستقبل
علينا أن نقود حملة للانتقال إلى الاستثمار في المعرفة
حوار: عبد الغني دياب
“ليس من السهل أن تلتقى برجل يجب المشكلات” على غير عادة البشر يقابلها بابتسامة، يقول إنه يعرف أن المشكلات هي بداية لتحدي جديد، أو ربما انتصار مؤكد على هذا التحدي، حتى في الحروب والأزمات العالمية يقول طلال أبو غزالة إنها فرصة سانحة للانتصار والفوز، فالحكمة تقتضي ألا تنتظر لتكون في مقعد المفعول به، بل الفاعل والشريك في صناعة المستقبل.
هكذا هي حكايته، لا تمل من سماعها كل جملة بدهشة، وكل إنجاز بحفاوة، فمن دروب يافا التي خرج منها لاجئ يوم دخلتها العصابات الإسرائيلية في 1948، كان التحدى الأول بأن يقاوم، لكنها مقاومة من نوع خاص، مقاومة تبرهن للعالم أنه الأحق بوطنه، لكن اليوم صاحب مجموعة طلال أبو غزالة العالمية، والمصنفة ضمن أفضل 100 شركة في العالم، والمنتشرة في 85 دولة حول العالم، لتكون من أفضل التجارب العربية على الإطلاق، لذلك التقطت مجلة العرب برجل الأعمال طلال أبو غزالة، ليكشف عن تفاصيل من هذه المسيرة، وعن رؤيته للأوضاع الاقتصادية العربية، وليقدم نصائحها للأفراد والمؤسسات العربية لتجاوز الصعاب القادمة.
بداية كيف ترى واقع الاقتصادات العربية بعد الحرب الروسية الأوكرانية؟ وكيف يمكن مواجهة هذه الأزمة للخروج منها بسلام؟
لن يتبين واقع اقتصادات الدول العربية إلا عندما تنتهي الحرب العالمية القادمة التي لا مفرّ منها! وبدلًا من التفكير والاكتراث لواقع اقتصادات الدول العربية، يجب الاستفادة من الحرب؛ وهذا ليس انتهازًا للفرص، بل حكمة، وعليّ أن أقول لنفسي أن لديّ فرصة في جميع الظروف الجميلة والسيئة، ودعنا لا ننس أغنياء الحرب في تاريخ البشرية، فهنالك من يُغنى ويحقق النّجاح، وثمة آخر يفشل ويندثر، أي أن قرارنا في يدنا والمشكلة أننا ننتظر ماذا سيحدث حتى نقرر ماذا نفعل!
أخاطب دولنا العربية وشبابنا العربي بألا ينتظروا ماذا سيحصل حتى يقرروا ماذا سيفعلون، وأن يجعلوا الحرب وسيلة للاستفادة منها، وكذلك الأمر للشركات وأيضًا الحُكّام الذين من مسؤوليتهم الحفاظ على مصالح شعوبهم وحمايتها من سلبيات الحرب، وأولى مسؤولياتهم الحفاظ على الأمن الغذائي، والأمن الصحي، وتقنية المعلومات والإبداع الرقميّ؛ ولا يشترط تأمين جميع المأكولات في الدنيا بل تأمين الأساسيات وذلك لاستطاعة دول العالم حتى البلدان الفقيرة منها أن تؤمن كل ما هو أساسيّ لشعوبها.
وأنا لا أتفق مع توصيات البنك الدولي إلى دولنا العربية مع أننا شركاء لهم في دراساتهم على مستوى العالم وبتقريرهم السنوي للبيئة الاستثمارية عن كل بلد، فعندما يقول البنك الدولي: “لا تُنتج إذا كان استيرادك تكلفته أقل من إنتاجك” أقول أنا: “أنتج بحدود ما تحتاجه بلدك”.وأدعو إلى العمل على الاكتفاء الذاتي في الأساسيات لكل دولة عربية.
لكن ما هي أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل؟
أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هو أن تصنعه ولا تتنظر ما سيحدث، وأن أكون طرفًا فيه، وكما أكرّر دائمًا “إن الأزمة فرصة يجب أن ننتهزها، ولدينا فرص كبيرة في المنطقة العربية”، ولدى الدول العربية، التي هي همّي الدائم، هامش حركة صغير، أو كبير؛ للتموضع في هذه الحرب بأقل قدر ممكن من الضرر الذي لا بد منه.
ولعل معالي أمين عام جامعة الدول العربية، سيجد من المناسب ترتيب اجتماع عربي على أي مستوى يراه؛ ليكون تشاوريًّا، وليس هادفا لاتخاذ أي قرارات أو مواقف، بل هو لتبادل الأفكار فيما يحقق تحصين كل دولة.
لكن كيف نخرج من الأزمة بسلام؟
يختلف تأثير الأزمة من دولة لأخرى من حيث الخصائص والجاهزيّة، وهناك مجموعة من الخيارات علينا الأخذ بها وهي :
- أولا: التدابير الوقائية، إذ يجب على المختصين أن يحددوا التدابير الوقائية الواجب اتخاذها لتقليل الأضرار وتعزيز الإيجابيات
- ثانيًا: بناء الثقة، فقبل مدة الأزمة وخلالها يجب علينا أن نتولى الانخراط فى الندوات والمؤتمرات وتشجيع بناء الثقة بثرواتنا وعملاتنا، وإمعان النظر في نقاط قوتنا، وإجراءات استباقية مناسبة، وملائمة؛ لتنفيذ الاصلاحات المقررة أو برامج إعادة الهيكلة المطلوبة.
- ثالثًا: المبادرات الخاصة؛ لزيادة التوظيف والإنتاجية، وتأسيس جداول أعمال للمشاريع الصغيرة.
- رابعًا: خطة عمل لموالفة القدرات الشرائية؛ عن طريق ابتكار دليل مفصّل خطوة بخطوة لمسار عمليات موالفة القدرة الشرائية (توليد أفكار، ومشاريع مختارة، وتعاقد وإدارة).
- خامسًا: السّعة التّخزينيّة وإدارة الجرد، وبناء وتوسعة سعة التخزين، للمياه والغذاء وتخزين الطاقة.
- سادسًا: ترشيد استخدام المياه، بتطبيق إجراءات المحافظة على المياه فى مجال الزراعة وتشجيع المزارعين على استخدام نظام الرى بالتنقيط، واستغلال تكنولوجيا المعلومات فى هذا المجال.
- سابعًا: إستراتيجية سوق المنتجات الهيدروكربونية، بتأسيس قدرة تنافسيه كامله فى سوق الهيدروكربون (التخلص من الاحتكار والتشوهات فى السوق).
- ثامنًا: تخطيط المواصلات العامة وتطويرها، عن طريق البدء باستخدام إنترنت الأشياء (IOT) فى تطوير الحلول للازدحام المروري والعمل على تطبيق أنظمته بطريقة متكاملة، وهنا نتحدث عن مستقبل الأنظمة المرتبطة بالشبكة الغنية بمعلومات المشارَكة على طرقنا ومسارات المشاة خلالها للتوصل إلى المدن الذكية.
- تاسعًا: تطوير القطاع السياحي وتنميته وضمان صلاحية قاعدة البيانات، وذلك باعتماد منظمات السياحة على قاعدة معلومات خاصة بعملائها لتقديم العروض السياحية الشاملة والمناسبة لهم.
- عاشرًا: الاكتفاء الغذائي الذاتي، فلا بد خلال الأزمة من توثيق الإجراءات المحتملة لتوفير الاكتفاء الذاتى الداخلى فى متطلبات الغذاء الأساسية، وذلك عبر اتخاذ التدابير اللازمة مثل اعفاء المنتجات الزراعية المحلية من ضريبة الدخل وكافة الرسوم المتعلقة بها. وفرض رسوم على الصادرات الزراعية كثيفة الاستهلاك.
- حادي عشر: التشجيع على إشراك الأفراد بوسيلة نقل واحدة، ويتم ذلك بتجهيز الخرائط والمواقع التى تبلغ السائقين بفرص المشاركة بسيارة واحدة، وتحديد أيام معينة لأرقام السيارات الفردية والزوجية لاستخدام السيارات وتبنى إجراءات تخفيض الازدحام المتبعة بين العديد من الدول الأخرى.
- ثاني عشر: تطوير الطاقة المتجددة، ورفع الوعي بشأنها، وتشجيع وتسهيل طلبات الرخص لبناء محطات توليد الطاقة الشمسية، وبالمثل يمكن تسهيل استخدام لوحات الطاقة الشمسية من قبل صغار المستخدمين مع أنه من الجدير بالذكر يعمل العلماء الصينيون حاليا على بناء شمس اصطناعية قد تحقق الحلم بتوفير الطاقة النظيفة بدون حدود.
- ثالث عشر: الخصخصة لمجالات معينة من القطاع العام، وتخصيص بعض الخدمات الحكومية المناسبة لتشغيل القطاع الخاص بهدف زيادة الكفاءة والفوائد المالية لهذا القطاع، ما يخفّض التكلفة على الحكومة ويخلق فرص عمل جديدة.
- رابع عشر: إنتاجية العمالة، وتتمثل في زيادة الناتج المحلى الإجمالى (معادلة القوة الشرائية).
- خامس عشر: محو أمية الإنترنت؛ بالانتقال إلى مجتمع إلكتروني وحكومة إلكترونية؛ فالحكومة الإلكترونية تقدم خدماتها لمواطنين لديهم القدرة على استخدام الإنترنت فحسب، وعليه فإن المجتمع بأكمله يجب أن يتحول إلى الثقافة الإلكترونية، والمواطنون الإلكترونيون سيكونون هم المنتجون، وسيصبحون القيمة المضافة المطلوبة في عصر المعرفة، ووضع خطة محو الأمية الإلكترونية.
- سادس عشر: فريق إدارة الخدمات، فيجب أن يتشكل فريق خبراء مستقلين (غير حكوميين) ليأخذوا على عاتقهم مسؤولية تقييم الخيارات المذكورة فضلاً عن خيارات أخرى متوفرة، فقامت مؤسسة طلال أبوغزاله العالمية بتجهيز برامج ومقاييس استباقية لإدارة الأزمة وصممت مجموعة من الاقتراحات الخدماتية بغرض عرضها على الجهات الخاصة والعامة لهذا الهدف.
- سابع عشر: التقشف ونمط الحياة؛ ففي أوقات الحروب والأزمات، لا بد من تعديلات على عادات الإنفاق تستدعى ترشيد النفقات على المواد مرتفعة الأسعار وغير الأساسية، وتيسير التنزيلات وتشجيعها غير المحدودة.
- ثامن عشر: تطوير التعليم؛ عن طريق طرح المواضيع للنقاشات فى الجامعات ومدارس الثانوية العامة، وتعليم المخاطبة الجماهيرية، وجعل مادة الاقتصاد (1) والاقتصاد (2) مواد الزامية، وتقديم نماذج ريادة الأعمال بالجامعات، وخلق انتاجية وحاضنات، وبهذا يسمح للشركات الناشئة بأن تظهر وتتطور، وتغيير الخريجين من باحثين عن فرص العمل إلى مبتكرين لهذه الفرص.
- تاسع عشر: يجب على الدول العربية الامتناع عن نسخ سياسات دول متقدمة ومنافسة بل يجب عليها العودة إلى السياسات المتبناة والمطبقة كدول نامية تسعى إلى التطور وتحقيق الثروات.
الكفاءات العربية قادرة على الانطلاق بدولنا ويأتيني في الشهر الواحد أكثر من خمس اختراعات لأبناء أمتنا العظيمة
مرت دولنا العربية ببرامج إصلاح اقتصادي متعددة برأيك ما هو أنجح هذه البرامج؟ وكيف يمكن بناء نظام اقتصادي عربي متكامل؟
سأتناول برنامج دولة مصر في الإصلاح الاقتصادي؛ لأن مصر هي القطار الذي يقود الأمة العربية إلى الأمام، ومعدل نمو الناتج القومى فى مصر اليوم يزيد عن 8% وهى النسبة الأعلى فى العالم متقدمة على الصين، الذى يصل معدل نموها 6%، حيث يعود سبب ارتفاع النمو إلى سببين، عدد السكان الكبير، واستثمارها فى البنية التحتية لبناء الثروة. كما أنها تملك فرصا كبيرة، وقناعتى بذلك بنيت على أمرين الأول، دراسة أمريكية أكدت أن نمو الاقتصاد المصرى يرتفع بشكل مذهل، وأصبح اقتصادًا متنوعًا، يرتكز على روافد قوية.
والثاني، أن الدول الأكثر تعدادًا للسكان والأكثر شبابًا هى الأقوى، فى عصر المعرفة، لأن الطاقة الإنتاجية فى عصر المعرفة لا تقاس بحجم رأس المال، وإنما تقاس بقيمة الابتكار والأفكار العصرية، لذلك فإن الدول ذات التعداد السكانى، والأكثر شبابًا، مثل الهند ومصر، فرصها كبيرة للغاية فى تحقيق نمو سريع، بالإضافة إلى الرؤية المصرية الشاملة والقائمة على الاستثمار فى البنية التحتيّة، وقدرتها على جذب الاستثمارات الخارجيّة والدخول فى أسواق جديدة، كل ذلك يسهم فى مجابهة الازدياد فى معدّل التضخم والبطالة والتنمية البشرية.
وكيف تقييم ما يتم إنجازه من مشروعات؟
ما يتم إنجازه من مشروعات فى مختلف المجالات، يدعو للدهشة، ويشير لأن هناك فرصة كبيرة ببناء استراتيجيات نمو إقليمية محددة ومركزة، واعتماد الكفاءات التقنية والابتكارية وتعزيزها، والتأكيد على دور الاستدامة، كما ينبغى أن تركز الأعمال التجارية على محفزات النمو طويلة الأجل وليس اللجوء ببساطة إلى خفض التكاليف، وكما تحدثت سابقًا فإن مصر ستتبوأ مكانة بارزة بين الدول القوية اقتصاديًّا عام 2030. وتكمن قدرة الدولة المصرية على الاستثمار فى التعليم والتطوير المؤسسى فى القدرة على التوسع فى نطاق ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار وتعزيز تنافسيّة المنتجات المصرية وإمكانية الدخول إلى أسواق جديدة، ويتقدم ذلك كله وجود إرادة سياسية تدعم تحسين العلاقات مع الجوار وإبرام اتفاقيات اقتصادية مشتركة، وإيجاد حلول استراتيجية لقضايا المياه والطاقة. وقد امتلك البرنامج الاقتصادي الذى انتهجه الرئيس عبدالفتاح السيسى إرادة فولاذية بقرار المواجهة للأورام المؤلمة للجسد الاقتصادى المصرى التى أفقدته حيويته وشبابه مما تسبب بشل حركته، كما أنه اتبع تقديم مصلحة الوطن فوق المصالح السياسية الخاصة، بإيمانه وإخلاصه فى العمل لازدهار وتقدم الوطن وركز فى سياسته الاستراتيجية على بناء بنية تحتية تنتج الثروة وتساعد على نموها، كما أنه يستهدف تحرير سعر صرف الجنيه وزيادة موارد النقد الأجنبي، ورفع معدل النمو وأرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر الذى وصل إلى أكثر من 45 مليار دولار، وخفض عجز الموازنة والدين العام، وتهيئة البيئة المناسبة لجذب تدفقات الاستثمار المباشر.
وماذا عن تحقيق التكامل الاقتصاديّ العربيّ؟
يمكن تحقيق التكامل الاقتصادي العربيّ إذا تم توافق الإرادة السياسية المشتركة والداعمة لإستراتيجية عربية مشتركة لمدّة 25 عامًا، على أن تكون مبنيّة على سيناريوهات مرتبطة بالقضايا الوطنيّة والقضايا المشتركة ومستفيدة من التجارب الاقتصادية للائتلافات والتحالفات الدوليّة الناجحة بعيدًا عن الخلافات السياسية، وإن السوق الأوروبيّة المشتركة جاءت بعد حروب وفي ظل خلافات سياسيّة عميقة، وهنا أتذكر قول كان يقوله ” فرانكلين روزفلت” عندما تم سؤاله عن رأيه الاقتصادي قال: ” On one hand and on the other hand” أي أن هذا الموضوع فيه وجهة نظر ووجهة نظر أخرى، فلم يعجبه الكلام وقال هل يوجد اقتصادي بيد واحدة! ليس هنالك قرار اقتصادي أو وضع اقتصادي إلا فيه فائدة وفيه ضرر، وأتمنى على أمتي العربية العظيمة وقادتنا الذين أحترمهم وأقدرهم كامل التقدير أن يأخذوا كلامي على محمل الجد.
هل ترى أن انسحاب الدولة كليًا من الاقتصاد مفيد للاقتصادات العربية خصوصا في دولة كبيرة مثل مصر؟
أقول دائمًا ما قاله لي (هنري كسينجر): “جد لي رجلا اقتصاديًّا بيد واحدة”، فليس هناك أي قرار اقتصادي له جانب واحد بالضرورة أن يكون هذا القرار له جانب سلبي وجانب إيجابي. وفي العصر الذي نعيش فيه فلا أظن أن انسحاب الدولة من الاقتصاد كليًا قد يكون أمرًا مفيدًا كما أن احتكار الدولة لبعض الخدمات لن يفيدها ولن يساعدها في تقديم هذه الخدمة وتطورها إذا لم يتم تقديمها للخارج، تخيل أن (بيل جيتس) مالك شركة (مايكروسوفت) وأصدر قرارًا بعدم توفر خدماته في العالم واقتصرها على عدة بلدان فقط، هل كان له أن ينجح،لذلك يجب على الدول أن تقدم خدماتها ومشاركتها مع العالم مقابل الاستفادة من الخدمات المقدمة من الخارج.
زرت مصر مؤخرا ضيفًا على مؤتمر حديث الشباب العربي لبناء الوعي.. برأيك كيف نبني شبابا لديه وعي اقتصادي وجاهز لمواجهة تحديات السوق وتقلباته؟
ما يجب أن نعمل عليه هو خلق بيئة معرفية في بلادنا العربية، لتقوم بنشر الوعي عن ثقافة الإبداع، والابتكار، والاختراع؛ لأن الاقتصاد في الدولة لن يتحقق فيه أي نمو إلا من خلال الابتكار، والاختراع، نحن نعيش في ثورة المعرفة ولن يكون هناك أي نجاحات إلا من خلال هذه الثورة المعرفية وأهم مقومات هذه الثورة هي الاختراعات.
وإن معدل التقلبات في السوق العالمي الآن مرتفع جدًا بسبب الابتكارات والاختراعات الحاصلة، والبرامج المعمول بها في العالم، لذلك أقول إن الاختراع لا يساعد صاحب الفكرة بأن يصبح غنيًّا فقط بل يساعد الدولة والمجتمع على تخفيض نسبة البطالة وتوفر فرص العمل بشكل أكبر، وهكذا يرتفع الناتج الإجمالي للاقتصاد في الدول.
وإن معدل الاختراعات في الصين هو الأعلى على مستوى العالم لذلك هي الدولة التي تقود اقتصاد العالم الآن وهي مصنع العالم، كونها تسجل أرقامًا سنوية عالية في براءات الاختراع. والابتكار هو الطريق للثروة في المستقبل؛ فحاليًا اختراع واحد مثل جوجل أو أمازون هو بحجم الناتج الوطني لعشرين دولة، وقد حان الوقت ليكون هنالك مخترع واحد من منطقتنا ليبتكر مثل هذه الابتكارات: فجيناتنا ليست أقل منهم، ولكن توجهنا التعليمي كان وما زال لهدف الحفظ، ونحن في كلية طلال أبوغزاله الجامعية للابتكار بدأنا بتخريج الطلبة في حال قدم اختراعًا وليس بتقديم امتحان.
نجاح أي اقتصاد مرهون بالابتكار والصين حاليا هي مصنع العالم بفضل الاختراعات
بخصوص الوعي ما هي التخصصات التي تنصح الشباب المصريين والعرب للتخصص فيها؟
ما نحتاجه فى منطقتنا العربية هو الابتكار، فلا يوجد خسارة فى أن تنشئ مدرسة أو جامعة تعلم الابتكار فهذا يعد استثمارًا، والاستثمار فى الإبداع المعرفى هو ثروة تغنيك أكثر من كل شيء، ومن الضرورى أن يتواكب التعليم مع المستقبل ومع التقدم السريع بمجال الإبداع والابتكار، فإن المهن المستقبلية التى تحتاجها المنطقة هى أى مهنة قائمة على تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي، حيث إن مجتمع المعرفة هو الذى يحرك كل شيء فيه جهاز الحاسوب والقائم على الإنترنت بجوانب حياته. أعتقد أن هناك وظائف ومهن رائدة يمكن التركيز عليها فى السنوات العشر القادمة هى فى حقول تقنية المعلومات، والصناعات الدقيقة، وصناعة الأدوية، والمهن السياحية، والصناعات الزراعية والطاقة البديلة.
هنا سأعود لسنوات وأنا أنادي بأنه يجب علينا أن نعلم ونعي أننا دخلنا في الثورة الصناعية الرابعة (ثورة المعرفة) فكل ثورة من الثورات لها أدواتها وهذه الأدوات هي صنع المعرفة وهو شيئ جديد دخل على العالم أي هنالك بضاعة جديدة، سأعطيك مثال للتوضيح: جوجل مثلًا أصبح حجمها تريليون، كيف؟ ماذا تبيع؟ ما هي منتجاتها؟ ما هي مدخلاتها؟ التعرفة السابقة للمدخلات هي المواد الأولية والعمل والإنتاج الآن اختلفت فأنت تصنع منتج اسمه منتج معرفي (Knowledge product)، فإذًا نحن كل مستقبلنا في هذه الثورة وعلى الأقل المئة سنة القادمة سيكون هنالك وظائف تتعلق بصنع المعرفة، كيف تصنع الروبوت؟ كيف تبرمجه؟ كيف تتم صيانته؟ فهذه وظائف، كيف تسيطر عليه وتوجهه كما أنت تريد؟ هنالك الأمن السيبرالي (Cyber security) كيف تحمي معلوماتك من الإختراق؟ فهذا عمل ومهنة بحد ذاتها، كيف تُعلِم ال (machine) الآلة وكيف تتعلم من ال (machine) الآلة لتقوم هي بالتعليم أيضًا.
ويجب علينا إدراك أن العالم المقبل له وظائف تختلف كليًا عن وظائفنا الحالية، ولذلك أنا أنادي دائمًا على جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية، أنه يجب تحضير الشباب لوظائف المستقبل وليس لوظائف الماضي التي تكاد تكون انتهت مستقبلًا، أنا ليس لدي سكرتيرة فالآن في عصر المعرفة ليس هنالك وظيفة سكرتيرة، ماذا ستفعل السكرتيرة؟ فالجاهز الخاص بك هو سكرتير، يقولون مراكز تعليم السكرتارية، ما السكرتارية؟ فكما قلت نوع الوظائف في عصر المعرفة تختلف عن الوظائف القديمة؛ لأن كل ثورة لها وظائفها.
لكن من أين نبدأ؟
سأحدثك عن تجربتي لأنه واجب عليّ أن أنقل خبرتي وتجربتي، منذ كان عمري عشر سنوات اتخذت قرار، ماذا أريد أن أكون؟ وكنت لاجئ وأردت أن أنتقم من عدوي فهنالك طرق كثيرة للإنتقام وأحترمها جميعها المناضل، والفدائي، والسياسي، والكاتب كل هذا عظيم لكن أنا أردت التفوق على عدوي وأن أنتقم منه بأن أكون أفضل منه وأخبر العالم كله أنني أستحق هذا الوطن أكثر من هذا العدو الذي جاء يحتلني، يجب أن يكون لديك قرار ماذا تريد أن تكون ويجب أن يكون هذا القرار مبكرًا وليس متأخرًا، قرر ماذا تريد أن تكون عالمًا، مخترعًا وأن تسير في هذا الطريق فإذا عرفت إلى أين تريد الوصول ستصل وتجد الطريق وهذه الدنيا جميعها قرار.
كثير من أصحاب المشروعات الصغيرة تعثروا مؤخرا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية ما هي النصيحة التي توجهها لهم؟
علينا أن نتخذ إجراءات للتغلب على هذا الأمر وهو صنع المعرفة، مثل شركة (Amazon) لأن ذلك هو الطريق لصنع الثروة، الآن (Amazon) و(Elon Musk) و(Apple) حجم الشركة الواحدة منهم بحجم دول مجتمعة، هذا هو المستقبل القادم للعالم؛ ولذلك أنا دائمًا أطالب الحكومات أن تخصص دائرة للاستثمار في المعرفة، يعني وزارة الاستثمار تنظر في بناء عقار في مشروع صناعي أو في أي شيء وتنسى أن الاستثمار الأول والأهم في العالم هو الاستثمار في صنع المعرفة وليس في استعمالها. وأنا لا أتكلم عن التجارة الإلكترونية؛ لأنها أصبحت ماضي، أتكلم عن صنع المعرفة، هذا يتطلب خلق بيئة استثمارية لصنع المعرفة، وخلق البيئة هي ليست عملية توجيه نداءات وتوصيات ودعم بل هي عملية بدأتها أميركا كتجربة في (Silicon Valley)، ولأن الصين أخذت هذا الموضوع بجدية أصبحت الآن هي مصنع العالم والتاجر الأول في العالم.
وكيف يمكننا الانتقال إلى الاستثمار في المعرفة؟
الاستثمار في المعرفة يتطلب ما يُعرف بالغرب (joint venture capital)، و(venture capital) يختلف عن (normal capital) مثلًا: أنا كمخترع آتي إلى معالي وزير المالية وأقول له بأن لدي اختراع فماذا أفعل؟ الإجراءات التي تتم في هذا المجال يتولاها القطاع الخاص والدولة تنظم فقط، أنا أقول من أجل أن أتعلم في هذا المجال وأحد أحفادي يعمل في (Silicon Valley) في مجال (Venture capital)، كيف تستقطب المستثمرين ليستثمروا في الاختراع ويحولوه إلى منتج، وبصفتنا من أكبر شركات العالم في مجال الملكية الفكرية يأتيني في الشهر الواحد أكثر من خمس اختراعات لأبناء أمتنا العربية هذه الأمة عظيمة هي التي اخترعت كل أسس وأصول المعرفة.
ماذا أفعل وأنا لدي اختراع؟ تُصدر الحكومة بحسن نية مرسومًا يتضمن بأنه “يجب تسهيل إقراض المؤسسات الصغيرة والمشاريع المبتدئة” يجب! ما معنى يجب! فأنا المستثمر وأنا أقرر؛ لأنني أنا من سيدفع المال وبالتالي أقدم هذا الاختراع الذي قد يكون في مجال المصارف ونقول للمصارف استثمروا في هذا المشروع وذلك ليس من أجل الاستثمار فقط أو تقديم خدمة أو منحة بل للحصول على الأرباح.
لكن الوضع لدينا مختلف فرأس المال الاستثماري موجود بالمئات في العالم إلا في أمتنا العربية، نحن في أمتنا العربية نستثمر في عقار، أو بناية، أو مشروع صناعي، ولكن إذا قلت لي: إن لديك اختراعًا، فسأقول لك: شكرًا أنا غير مهتم بالاختراعات، هذا يحتاج إلى قانون ونظام خاص وثقافة خاصة ومؤسسات تعمل في هذا المجال.
لو انتقلنا إلى المشكلات العالمية برأيك لماذا لا تنجح خطط التنمية المستدامة بشكل كامل ودائما هناك قصور في الوصول للأهداف؟
بصفتي أنني كنت رئيس ائتلاف الأمم المتحدة للمعلومات والاتصالات في التنمية، وساهمت في صياغة مبادئ التنمية المستدامة التي فشلت وقلت وقتها في المؤتمر الأمم المتحدة: إننا سنفشل لأننا وضعنا أهدافًا ولم نضع وسائل لتحقيق الأهداف.
أهداف التنمية فشلت والعالم أسوء عندما قمنا بصياغة هذه المعايير ونحن سعيدون وفخورون وانتقد وقتها الأمم المتحدة في جلسة عامة بأن الأمم المتحدة كونها مؤسسة دول وحكومات وليست مؤسسة جامعة لم تلاحظ أن الحكومات تضع سياسات، ولكن من يخلق الثروة ومن يصنع المعرفة هو أنتم وليس الحكومات وكان انتقادي لان كلمتي كانت مقررة أن تكون في جلسة مناسبة ولكنني وضعت على جلسة الغداء كنت المتحدث الوحيد من القطاع الخاص قلت أن هذا يبدو “نظركم للقطاع الخاص سأنتقدكم يا الأمم المتحدة بأنكم لا تدركوا أهمية صانع المعرفة وصانع الثروة وكل ما تفكرونه به هو كيف تقودون صانع هذا العالم وكلهم من غير الحكوميين القيادة الحقيقية هي صنع وقيادة البشر، والبشر تقودونهم أنتم أيها المدربون لو تخرج في كل مئة دورة وليس في كل دورة مبتكر واحد ستغير أوضاع أمتنا كلها وسيتغير مستقبلنا سامحوني إن أخطأت ولا أريد أن اتكلم بأنني أطبق ما أقوله في أكاديميتنا وكليتنا، ما أقوله الآن أننا تحولنا من التّعليم إلى التّعلّم ومن ثم إلى الابتكار.
لقد أدى التزامن بين التنمية الحضرية والتغير المناخي إلى خلق إشكالية تفاقم التصدعات الموجودة بالفعل في مدننا التي يجب أن تكون مبتكرة في نهجها عند التخطيط للمستقبل، والمدن العالمية معرضة للفيضانات والكوارث الأخرى، والفقراء بصفة عامة هم الأكثر معاناة عند وقوعها، فإذًا، المدن بحاجة إلى استعداد أفضل لمثل هذه الأحداث، التي تتطلب الخبرات، والمال، والرغبة في التغيير، ودون التخطيط والاستثمار الملائمين.
هل نحتاج إلى تجربة تنمية مستدامة خاصة بنا كعرب.. لنحقق التنمية المنشودة؟
أشجع على التعاون الاقتصادي في محيط الانترنت الذي ليس له قيود ولا نحتاج إلى اتفاقيات، هذا أسهل طريق لتشجيع الاقتصاد وهو إنشاء نظام للاستثمار في المعرفة التي هي مستقبل الثروة، الآن أكبر خمس شركات في العالم هي شركات معرفة وليست شركات نفط ولا مقاولات ولا بنوك، من نابع الحب الكبير لهذه الأمة نقول: “علينا أن نقود حملة الانتقال إلى الاستثمار في المعرفة”، وسأسمح لنفسي أن أتعدى وقتي وأتحدث حول نقطة أخيرة وهي أنني أتمنى أن ندرك أننا في هذا المجال لا يحكمنا أحد، أيضًا أن تتصرف بإرادتك الذاتية فهنا يزدهر الاقتصاد، لا أريد أن أكدركم بأنه خلال السنوات القادمة سيتغير العالم بكل مؤسساته وتنظيماته والتي وعد بها علنًا وسنمر بكثير من المصائب التي نحن لا زلنا ببدايتها ولكن كل ذلك أيضًا يجب أن يذكرنا بأن في الحروب يوجد رابح وخاسر، لكن يجب ألا يستسلم أحد لأن الوضع صعب.
البعض ينادي بضرورة رفع شعار” استثمر لا تتبرع” كيف ترى هذا؟
أنا مع هذا الشعار وأنادي بالاستثمار حيث أن الاستثمار في المستقبل هو أفضل استثمار، والاستثمار في المعرفة هو الاستثمار الأنجح في ظل الثورة التي نعيشها حاليًا. سأعطي مثالا يوضح الفرق بين الاستثمار والتبرع، سأتكلم هنا عن أمريكا وماذا فعلت في أزمة كورونا عندما قامت بصرف مبالغ نقدية لجميع المواطنين وهم جالسون في المنازل، فقمت بانتقاد هذا القرار؛ فبدلًا من صرف مبلغ لكل مواطن كان الأفضل أن يتم تقديم هذه الاموال لأصحاب الشركات، والمؤسسات، والمصانع المتعثرة لكي تقوم بتوظيف الأشخاص الذين يسميهم العالم العاطلين عن العمل بينما أسميهم أنا الباحثين عن العمل.
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه برامج المسؤولية المجتمعية في تغيير واقع المجتمعات العربية.. وما هي النصيحة التي توجهها لأصحاب الشركات في هذا الشأن؟
المسؤولية المجتمعية هي ثقافة، وفلسفة، وإيمان، وخلق، وهي تعني مسؤولية الشركات تجاه المجتمع وهذا يسمى (Corporate social responsibility) مما يعني أنها واجب وليست معروفًا أو فضلًا من الشركات، فالشركات تجني إيراداتها وأرباحها من المجتمع فعندما تؤدي واجبها الإجتماعي إنما هي تقوم برد جزء مما تفضل عليه من هذا المجتمع.
وكلما أكثرنا من خدمة المجتمع كلما زاد عطاء المجتمع لنا، لذلك أنصح زملائي في قطاع الأعمال حيث أن أداء هذا الواجب هو أيضًا استثمار في المسقبل لأعمالهم. ففي أحد مناصبي بالأمم المتحدة كُلفت بصياغة ما هو معروف بميثاق الأمم المتحدة العالمي وترأسته بالشراكة مع كوفي عنان وبعدها تابعت رئاسة المجلس مع بان كي مون، ولقد وضعنا في هذا الميثاق عشرة معايير وكان أحد هذه المعايير (المسؤولية الإجتماعية للشركات) وبالتالي كلامي سيكون بما أختص به وهو المسؤولية المجتمعية، هنالك إجتماع دولي وتوافق على المسؤولية المجتمعية.
المسؤولية المجتمعية تعبير جميل مجموعتنا (طلال أبوغزاله العالمية) مقسمة لجزئين الأول: ينتج ويدخل إيراد والآخر (طلال أبوغزاله فاونديشين) وهو مؤسسة إجتماعية نمولها كليًا من دون مساعدات من أي منظمة ولا من الأمم المتحدة لكننا لا نتبرع بدينار، ولا جنيه، ولا ريال.
نحن نؤمن بعقلية المساعدة على بنائك كي لا تحتاج لتبرعات فجميع نشاطاتنا تصب في إتجاه واحد وهو بناء القدرات، هنالك 35 مؤسسة تقدم خدمات بناء القدرات لكي يصبح الإنسان مؤهل للعمل وكما يقول الصينيون “بدلا من أن تطعم إنسان سمكة علمه كيف يصطاد السمكة حتى يطعم نفسه للأبد”.
هنالك من يقول إن من يعمل بهذه الشركات هو فقط للدعاية؟ ولكن ما المانع بأن يعلم الجميع عن هذا فكما يقول المثل الصيني “لا يكفي أن تكون حصانًا جيدًا، يجب أن يعلم الجميع أنك حصان جيد” ليس هنالك عيب من أن يخدم هذا العمل الشهرة والإسم.
إضافة إلى ذلك أقول إن الفلسفة التي اتخذتها مؤسستنا والتي أثقف بها زملائي أنك عندما تقوم بواجبك الإجتماعي ترد دين عليك للمجتمع الذي هو الأساس وصاحب الفضل؛ لأن دخلي من المجتمع سواء المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وتحتوي المسؤولية المجتمعية على محتوى أخلاقي كبير جدا.
ما هي نصيحتك للشركات وقطاعات الأعمال بخصوص المسؤولية المجتمعية؟
لدي ثلاث توصيات هي:
- أن نتجنب أن نقول مساعدات وحسنات حفاظًا على كرامة المتلقي.
- أتمنى أن يدرس في المراحل الابتدائية نظرية وفلسفة وواجب المسؤولية المجتمعية، ونحتاج أن ندرك أننا بحاجة لبناء جيل يؤمن بواجبه تجاه المجتمع، وتجاه نفسه.
- يجب أن ندرك أن المسؤولية المجتمعية هي شراكة مع الوطن؛ فالدولة مسؤولة عن تقديم كافة الخدمات الاجتماعية للمواطن ولكن ليس هنالك دولة في الدنيا بما فيها الدول العظمى تستطيع أن تؤدي كل واجباتها الاجتماعية، لذلك عندما تقوم أنت بهذا العمل تفخر بأنك شريك للدولة وأنت تقوم بجزء من مسؤولياتها ويجب على الدولة أن تعفي مقدم الخدمات من الضريبة.
كيف تقيّم التجربة المصرية على المستوى الاقتصادي.. وهل مازال أمامها فرص واعدة كما قلت في وقت سابق؟
مصر هى الأولى أفريقيًا فى حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة، والثالثة على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا وفقًا لعدد المشروعات، كما أن 15% من الرؤساء التنفيذيين لمنطقة الشرق الأوسط اختاروا مصر كثانى أفضل سوق أجنبي، لتحقيق نمو محتمل للشركات فى عام 2019، وكما أشارت منظمة العمل الدولية إلى أن مصر شرعت فى إصلاحات وبرامج هيكلية اقتصادية كبرى تمهد الطريق لنمو واسع واقتصاد قوى، حيث أن هناك إقبالاً من المستثمرين الدوليين على الفرص الواعدة بالسوق المصرية؛ بفضل تطبيق الحكومة لحزمة الإصلاحات الاقتصادية الفعالة، ويعد تحسن ترتيب مصر فى التقارير الدولية جانبًا مساهمًا فى جذب العديد من الاستثمارات الأجنبية؛ لأنه يعكس قدرة الدولة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وملائمة مناخها للاستثمارات الأجنبية؛ فعلى سبيل المثال يمكن الاستفادة من تحسن ترتيب مصر فى مؤشر التنافسية من خلال البناء على ما تقدم من نجاح ومواصلة اتخاذ الخطوات اللازمة من تشريعات وبنية تحتية وغيرها من المعايير الأخرى التى يشتمل عليها التقرير، وتساهم فى تيسير وتسهيل عمل المستثمرين والمشروعات الاستثمارية الخاصة بهم، ومن خلال استغلال هذا التقدم فى الترويج لكون مصر بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات على الصعيدين الداخلى والخارجى.
إن تقييمي للتجربة المصرية هو تقييم إيجابي وعلى أعلى الدرجات من الإيجابية، وأنا فخور بأن مصر أول دولة عربية تنشأ مصنعًا لتصنيع الكمبيوتر فهذا ليس بالقرار السهل فصناعة الكمبيوتر لا يستطيع أن يقوم بها مستثمر فهي ليست قضية رأس مال فهنالك متطلبات أخرى لتستطيع أن تصبح منتج للأدوات التقنية، لذلك قررنا منذ خمس وثلاثون سنة أن ننشأ مكاتب لنا في الصين ونحن الوحيدون الذين نملك ستة مكاتب في الصين، الصين ربع العالم قمنا بالشراكة معها وهي الشراكة الوحيدة في الدنيا بين حكومة الصين وشركة بالقطاع الخاص وهذا تصريح من نائب الرئيس الصيني لذا قمنا بالإتفاق مع شركة صينية لعمل مشروع مشترك فبدأت بإنتاج مشترك بعد هذا قررنا العمل بمفردنا وكان الخيار أن نبدأ بمصر ومن حسن حظنا أننا وجدنا شريك وهو الهيئة العربية للتصنيع، وهذه تجربة بقمة النجاح، والآن منتجاتنا موجودة في السوق المصري بكثرة، والآن هو بوابة لتزويد أفريقيا بأكملها.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب