رأي

د. دينا محسن تكتب.. مستقبل تشريعات تنظيم البث الرقمى وتأثيراتها.. اقتصادياً ومجتمعياً وسياسياً

الكاتبة مديرة مركز العرب 2030 للدراسات.. خاص منصة العرب 2030 الرقمية

قوة التعبئة الافتراضية وعلاقتها بقضايا حقوق الإنسان 

حقوق الإنسان بعد أن استقر الوضع على غلبة جغرافيا الاقتصاد على الجغرافية السياسية، وتخطيّاً لمفهوم العولمة البدائية مروراً بمفهوم عولمة المجتمع المدنى طوعاً لا كرهاً (القرية الكونية القائمة على الطابع الفردى لا المؤسسى الجماعى).

أصبحت مظاهر التحول من مخاطبة الجماهير إلى مخاطبة الأفراد، (مفهوم تفتيت الاتصال)، وما ينتج عنه من تشتيت القائم بالاتصال.

 

كما أنه أصبح الإعلام الرقمى إعلام افتراضى وليس اجتماعى، ووفقاً لمقارنات ومقاربات بين تناول الإعلام الرقمى والتقليدى لقضايا حقوق الانسان، تجد أن المساحات الشاسعة فى خلاء وسائل التواصل الاجتماعى صنعت منه حقل واسع وأرض خصبة للعرض والنقاش الجماعى الهوجائى حول القضايا المختلفة، وأبرزها المشكلات اليومية والحياتية التى تواجه أى مواطن، سواء داخل عمله أو مكان سكنه أو داخل أسرته.

 

ورفقاً للدستور والقانون المصرى، فقد نصت المادة (٥٩) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، على أنه مع عدم الإخلال باختصاص الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات فى إصدار تراخيص إنشاء أو تشغيل شبكات الاتصالات أو تقديم خدمات الاتصالات، لا يجوز إنشاء أو تشغيل أية وسيلة إعلامية، أو مواقع إلكترونية، أو الإعلان عن ذلك، قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى، ويحدد المجلس الأعلى شروط ومتطلبات الترخيص.

 

حظر على الوسائل الإعلامية الصحفية أو الموقع الإلكترونية أو القنوات التليفزيونية نشر أو بث أي مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور، أو تدعو إلى مخالفة القانون، أو تخالف الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني، أو يخالف النظام العام أو الآداب العامة، أو يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية.

 

ونتيجة لذلك يعود مصطلح (صحافة المواطن الرقمى) من جديد للواجهة البحثية الأكاديمية والمهنية، وبعد رؤية نقدية لدراسات حقوق الإنسان (الإعلامية)، نجد أن هناك مؤشر خطورة يتجه صوب مدى وعى وكفاءة وإلمام هذا المواطن، بمعايير الكتابة والنشر حول قضايا حقوق الإنسان.

 

فبالحديث حول حقوق الإنسان والتغيّر الاجتماعى بين الميكافيلية والواقع، هناك تأثيرات متبادلة ما بين البيئة الرقمية والبيئة الاجتماعية لا يمكن تجاهلها، لذا لابد من وجود استراتيجية وطنية رقمية توعوية وتثقيفية للمواطن الرقمى.

 

ولابد من التفرقة ما بين التسويق الاجتماعى والتغيير الاجتماعى، حتى يمكننا إحداث تعديلات سلوكية وفكرية مجتمعية ناتجة عن اتصال إقناعى وليس عن رسائل تضليل، سواء مؤسسياً أو حتى على مستوى الأفراد.

 

فالأفراد تتحرك تباعاً نحو الإعلام الرقمى بكل ما أوتيت من قوة، ليس فقط على المستوى الاتصالى والتفاعلى، لكن أيضاً على المستوى التجارى والاقتصادى، الذى له صلة مباشرة وغير مباشرة بقضايا حقوق الإنسان.

 

وأن تنظيم الاقتصاد الرقمى يصب فى مصلحة الدولة والمواطن، ويبعث برسائل طمئنة إلى الجميع، كما أن تنظيم المحتوى الرقمى وفقاً لتشريعات دستورية وقانونية، يصب أيضاً فى مصلحة من سبق ذكرهم.

 

وعليه فأصبح من الضرورى احتواء تلك القوة الدافعة بحكم التحول الرقمى العالمى، وبحكم اتساع بؤر الفضاء الافتراضى وتجليّات قوة التعبئة الافتراضية، وأن يتم تشكيل لجان نوعية من متخصصين بالمجال (الأمنى، الإعلامى، الاجتماعى، السياسى، النفسى) تحت مظلة مجلس قومى للفضاء الافتراضى، كهيئة نوعية منفصلة عن مجالس الإعلام التقليدية، وسن تشريع يحدد ماهية عمل واختصاصات وهيكلة ذلك المجلس المتخصص، بعد جلسات من الحوار المجتمعى حول تلك الفكرة، فى ظل استشراف أمنى شامل لمستقبل الحروب السيبرانية والتجييش الافتراضى وفقاً لمحددات الأمن القومى الداخلى والخارجى.

فى اعتقادى أصبح ضرورة مُلّحة وفقاً لأبجديات التأمين الشامل للهُويّة الرقمية، فى ظل تدافع مفاهيم التحرر الإعلامى الشامل الذى لا تقوى على مجابهته المجالس والهيئات الإعلامية التقليدية، إلى جانب التشريعات القانونية الإعلامية المتهالكة والعقيمة والسطحية فى الغالب، والتخبط الإعلامى أحياناً والثقافة المضمحلة لغالبية المُتلّقين والمستخدمين..

بعد ان تناولنا موضوع حقوق الإنسان يمكنك قراءة ايضا

د. مصطفى الزائدي يكتب.. إلى الأمام.. «في الانتخابات والاستقرار»

محمد فتحي الشريف يكتب.. «التخلص من الإخوان = حل أزمة ليبيا»

ويمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى