الرئيسيةساحة الفكرمقالات الشرفاء الحمادي

روشتة لتحقيق التوازن في المجتمع الإسلامي.. أطروحة يقدمها الشرفاء الحمادي

 الكاتب مفكر إسلامي وسياسي عربي بارز.. له إسهامات عديدة في تصحيح مفاهيم الإسلام وفق منهج الله

الملخص

حتى يتحقق التوازن في المجتمع الإسلامي، لابد أن نعيد النظر في قوانين الأحوال الشخصية لتأتي متوافقة مع منهج الله -عز وجل- الذي جاء في القرآن الكريم وأكد على المساواة الصحيحة، وهنا تنال المرأة حقوقها، ويصبح المجتمع الإسلامي صالحا، لأن صلاح الفرد من صلاح المجتمع، هذا مجمل ما طرحه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، عندما تحدث عن عشر نقاط أساسية يجب النظر فيها حتى ينصلح المجتمع الإسلامي.

التفاصيل

علاقة الإنسان بخالقه

أولاً: العلاقة بين الله والإنسان علاقة فردية، وعند الحساب يوم القيامة يحاسب كل إنسان على عمله، وسيجازيه الله جنة النعيم أو نار الجحيم.

صلاح الفرد يصلح المجتمع

ثانياً: إذا صلح الفرد صلح المجتمع، والله لم يبعث رسوله عليه السلام لتكوين فرق إسلامية وأحزاب، ونهى عن ذلك بقوله سبحانه مخاطبا رسوله (إِنَّ الَّذينَ فَرَّقوا دينَهُم وَكانوا شِيَعًا لَستَ مِنهُم في شَيءٍ إِنَّما أَمرُهُم إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِما كانوا يَفعَلونَ) (الأنعام: 159).

الاعتصام وعدم التفرق

ثالثا: الله سبحانه يأمر الناس جميعا بالاعتصام بكتابه وحده حتى لا يتفرقوا وتتعدد مرجعياتهم ويحدث التناقض بينهم ثم يتحول إلى صدام وصراع ينشر الخوف والفزع في المجتمع، وتحل الفوضى محل السلام، والخراب محل التعمير والبناء، ولذلك أمرهم بقوله سبحانه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103)، كما حذر المسلمين بقوله (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: 46)، ولو التزم كل مسلم بالعقد المقدس وهو القرآن الكريم راسما خارطة الطريق لحياة طيبة للإنسان وفي الآخرة جنات النعيم إذا طبق التشريع الإلهي والمنهاج الرباني وعرفه مسؤولياته تجاه خالقه والتزم بشريعة الله في قرآنه وطبق المنهاج الأخلاقي.

بناء الأسرة المسلمة

رابعا: الله يدعو الإنسان إلى الأخلاق العظيمة والرحمة والعدل والحرية والإحسان وتحريم العدوان والدعوة للتعاون والإحسان لكل إنسان ولو تم الالتزام بذلك لأصبحت المجتمعات الإنسانية تعيش في أمن وسلام وعيش كريم كيف يتم بناء الأسرة المسلمة.

الشريعة اليهودية والتعامل مع المرأة

خامسا: لقد تعامل الفقهاء مع المرأة من خلال الشريعة اليهودية، التي تؤكد على أنها المذنبة التي أغرت آدم وتسببت في إخراجه من الجنة، وهذا اعتقاد نتج عنه المفهوم السائد الذي جعل الرجال يتحكمون في كل ما يخص المرأة في حقوقها والتعامل معها على أساس من الدونية وأنها لا تصلح إلا للخدمة والمتعة وليس لها حقوق، فوقع على الأنثى ظلم كبير، وفى ذلك المحيط من النظرة الدونية يتوارى العدل وتحدث المشاكل بين الزوجين وتنهار الأسرة، لأن الذكور استحوذوا على كل الحقوق واستباحوا حق المرأة إلى درجة بكلمة واحدة من الرجل ينطقها شفهيا بقوله طالق يقضي على الأسرة ويضيع الأطفال في غياب العدل الإلهي الذي أهمله الفقهاء في القرآن الكريم عندما وضع الله قاعدة المساواة بين الذكر والأنثى في قوله سبحانه (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (النساء: 124).

الروايات الإسرائيلية حققت مرادها

سادسا: على الرغم من تأكيد الله -عز وجل- في كتابه العزيز على حق المساواة بين الرجل والمرأة كما ورد في الآية السابقة والآيات الأخرى التي تؤكد على المساواة بين الذكر والأنثى إلا أن بعض شيوخ الدين في الأزهر وغيره من خريجي المعاهد الدينية وأتباع المذاهب المختلفة لا يعترفون بحكم الله بشأن المساواة بين الذكر والأنثى، بل تتحكم في أفكارهم عادات وروايات إسرائيلية وفق العقيدة اليهودية لتحميل الأنثى مسؤولية خروج آدم من الجنة وارتكابها الخطيئة الأولى عند خلق آدم، وعليه حسب قناعة الشريعة اليهودية لا يجب أن تعامل الأنثى مثل الذكور في الحقوق والمساواة كإنسان، بينما يبرئ الله سبحانه الأنثى من تلك التهمة الظالمة في قوله (فَوَسوَسَ لَهُمَا الشَّيطانُ لِيُبدِيَ لَهُما ما وورِيَ عَنهُما مِن سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ وَقاسَمَهُما إِنّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحينَ فَدَلّاهُما بِغُرورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَم أَنهَكُما عَن تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَكُما إِنَّ الشَّيطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ) (الأعراف: 20-23).

في القرآن تتضح حقيقة المساواة

سابعا: القرآن يوضح حقيقة المساواة من خلال آيات تؤكد أن الله حذر كليهما آدم وزوجته من اتباع الشيطان، وحرم عليهما الأكل من الشجرة، مما تعني الآيات أن الله سبحانه لم يتهم الأنثى وحدها بارتكاب المعصية، وهذه الآيات تبرئة للأنثى مما وقع عليها من ظلم في شريعة أهل الكتاب والتي أصبحت المرجع الرئيسي لفقهاء المسلمين في عداوتهم للأنثى والتي جعلتهم يضعون من التشريعات ما يتعارض مع شريعة الله في القرآن الكريم الذي برأ الأنثى من الخطيئة الأولى وحكم على الاثنين الذكر والأنثى بتحمل المسؤولية، وتلك العدالة الإلهية التي تساوي بين الناس جميعا، فلا ميزة لأي إنسان إلا بالتقوى والعمل الصالح، فكيف يتحدثون عن أهمية الأسرة والتي لم تؤسس على شرع الله ويكون الأساس للعلاقة بين الزوجين مبنيا على قوله سبحانه (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21).

الخطاب عام للذكر والأنثى

ثامنا: أن الخطاب الإلهي موجه للاثنين الذكر والأنثى وليس محصورا للذكور فقط، فهل توجد المودة والرحمة بين الزوجين عند المسلمين أم تكون العلاقة بين السيد والعبدة واجبها الخدمة في البيت وعقابها بالضرب أو الطرد من البيت مهضوم حقها ومستباحة لا صوت يعلو على صوت الزوج تسمع الأمر فتطيع دون مناقشة، وفي غياب العدالة والرحمة والمودة تحدث المشاكل بين الزوجين فينشأ الأطفال في جو مشحون من الغضب والصراخ ويرون ما يقع على والدتهم من ظلم وشتائم واحتقار فيكبر الأطفال في جو مشحون بالغضب والتهديد مما يؤثر في نفسياتهم وعلى سلوكياتهم عند الكبر، هل ذلك هو الإسلام الذي جاءت تشريعاته بالرحمة والمودة والعدل والإحسان؟ قبل أن يتحدثوا عن الأسرة عليهم أن يراجعوا دينهم الذي تم تشويهه من قبل شيوخ الدين والشياطين الذين خلطوا بين الشريعة اليهودية وبين رسالة الإسلام، فطغت روايات اليهود على المسلمين وضاع العدل وتفرق المسلمون فرقا وطوائف يقطعون رقاب بعضهم منذ وفاة الرسول عليه السلام إلى اليوم.

مراجعة القوانين لتوافق كلام الله

تاسعا: مراجعة قوانين الأحوال الشخصية وفق منهج الله عز وجل، لذلك لابد من إعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية بحيث أن تكون مرجعيته الوحيدة القرآن الكريم، وأن يتم تشكيل لجنة متساوية من الرجال والنساء من المتعلمين قضاة أو محامين أو ترشح الجامعات أساتذة في اللغة العربية تشترك معهم اللجنة التشريعية في مجلس النواب لتصحيح مسار العدالة التي أمر الله أن يحكم بها.

التوازن الاجتماعي في شرع الله

عاشرا: عندما نسير في الطريق الذي رسمه الله -عز وجل- في العلاقات بين الذكر والأنثى فلابد أن يتحقق التوازن الاجتماعي دون عدوان طرف على الآخر، وأن يتوافق قانون الأحوال الشخصية مع التشريع الإلهي الذي يحمي حقوق الناس جميعا دون ظلم أو قهر أو اعتداء.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى