رأي

أحمد الجويلي يكتب.. الوعي والمقاومة: كيف يؤثر الوعي العربي على مجريات الصراع؟

مع بلوغ الوضع العربي الراهن ما يفوق الحد ورغم أن كل ما يحدث من كوارث إنسانية داخل الأراضي الفلسطينية وحيث أن التركيز بشكل مباشر عليها واجب من أجل محاولة لإنقاذ الوضع الانساني في الأراضي المحتلة ولكن مع ذلك لابد أن نعرف أن الهدف الرئيسي للكيان الاستيطاني هو محاولة فرض صياغة جديدة للإقليم، صياغة ذات معطيات مختلفة عن كل ما سبق تنفيذه في الصراع العربي الإسرائيلي تؤدي إلى نتائج أكثر عمقاً على المدى البعيد، ومع ذلك أصر على أن الحلول لن تكون ذات جدوى بدون وعي كل الأطراف العربية بما يتم دفعهم إليه وأعني ذلك أصحاب الأرض “الشعوب” أن معركة التزييف معركة ضروس مستمرة بدون مواجهة،

فلا يوجد منطق في الكون يقول أن نوجه الأجيال وحثهم على مواجهة عدو لا يعرفوه!

اقرأ أيضا: أحمد جويلي يكتب.. فلسفة الاحتلال ومحاولاته لتغيير الدور التاريخي للشرطة المصرية!

عدو لا نعرف بالضبط جذوره ومساره وهويته أو خلفيته التاريخية التي يرتكن عليها وما يرنو إليه مستقبلاً، علينا أن ندرس ماضيه ونتعرف عليه قبل دراسة خططه وهذه هي عمق الازمة

وهو الاتجاه الذي يلعب عليه القادة الإسرائيليين فقد تم نقل العرب من مرحلة لأخرى بسبب عدم الوعي والإدراك من مرحلة الاستعداد الكافي في حرب العام ١٩٤٨ لمرحلة تمني تحرير الأرض المحتلة ومنه إلى مرحلة وقف الاستيطان ثم العبور من بوابة حل الدولتين الى أن ننتهي باستجداء وقف العنف الغاشم على العزل والمدنيين،

بالجهل يلعب العدو لعبته التي يجيدها دائما وهي الحرب النفسية والضغط المستمر على خصمه الحقيقي وهو الشعوب وبكل تاكيد فإن الشعب المصري دون شك هو المحرك الرئيسي لأقرانه من الشعوب فكان لابد من عمل هزة نفسية ما له،

وأول من يستمع إليه الشعب المصري دائما هو الدين لذا فقد كانت كل التصريحات التي خرجت من رئيس الوزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو موجهة لغير اليهود كانت دينية وتحديدا للشعب المصري،

وواحدة مما أثارت الجدل بل وقل القلق لدى الكثير من المصريين هو تصريح نبوءة العهد القديم حينما قال نحن نسير لتحقيق نبوءة إشعياء، وعندها انتفض الجميع وقرروا اخيرا البحث والتنقيب عن تلك الفقرة من العهد القديم المنسوبة إلى سيدنا إشعياء النبي وفجأه اكتشفنا أن مصر هي الهدف وأن المصريين هم العقبة في طريق تحقيق حلم الدولة اليهودية الكبرى!!

وهل كان الاستهداف وليد اللحظة حتى نقرر البحث بعد تصريح العدو تجاهنا ونحن منذ ولادتنا نعلم علم اليقين أن حلم الدولة اليهودية الكبرى من النيل للفرات إذا أي اندهاش نعيش!؟

 

هل تغافلنا عن الخريطة التي قدمها نتنياهو في الأمم المتحدة، قبل عدة أشهر من الهجوم الغاشم على غزة!

 

ورغم أن نبوءات العهد القديم وتحديدا النبوءات التي أشار إليها نتنياهو بالعهد القديم وتتحدث عن ضيق مصر ثم ازدهارها من جديد، قد أجمعت التفاسير على أنها قد حدثت وانتهت من قديم الأزل وهو مدون عبر التاريخ بــ الأزمات الطاحنة التي مرت على مصر وعبرت منها حتى الازدهار فلماذا نقوم بــ إرسائها كونها ستحدث أو خطط لحدوثها في العصر الحالي!!

وإذا كانت صحيحة فهل أدرك العدو تلك الآيات التي تنبئ بالخراب العربي والمصري، وتغافل عن الآيات التي تدل بشكل صريح ومباشر عن عصيات تعاليم اليهود لأوامر الرب لهم، وعن الشتات والتيه الذي ذكر في كل الأديان،

فمثلا بعض العلماء المسيحيين وصفوا بشكل صريح تفاسير اليهود للعهد القديم تدل على أن “يهوه” وهو رمزية لكلمة الله في اليهودية، هو إله متحيز، ومصمم أن يكون لليهود وضعاً مميزا عن باقي الشعوب، وبالطبع هذه تفاسير غير صحيحة لان ليس لدى الله محاباة لأحد على أحد!

أو مثال آخر لما اسقطه نتنياهو عمداً في سفر حزقيال والذي يتحدث عن المحبة التي تبرد في أورشليم بسبب الشعب المختار، وذلك لأن الإثم الذي يحدث منهم أصبح يفوق الحد، وستحضر الجيوش العاتية التي تهاجم أورشليم وتسقطها وتسقط عرشهم وعلوهم، بسبب الآثام الذي فعلوها والعودة إلى التيه والشتات من جديد.

ومن هنا ندرك محاولات العدو وما يريد ترسيخه هو هزيمتنا قبل أن نصطف بالمقاومة الفكرية والعملية، الغالبية العظمى ترى القضية الفلسطينية من باب التعاطف والرثاء، لا من باب المراجعة والمواجهة الفعلية!

إذا كنتم تريدون أن تقوموا بمواجهة الكيان الاستيطاني فعلا عليكم فعليكم أولا بدراسة جذوره ومساره ثم دراسة طريقة تفكيره حتى لا تكون عقولكم لقمة سائغة في فم كل من يريد أن يعبث بها عبر شعارات دينية هو لا يؤمن بها من الأساس، واليكم المفاجأة الكبرى معظم المجتمع الإسرائيلي المهاجر هو مجتمع ملحد متشبع بالأفكار الغربية الأوروبية المادية ولا يؤمن باليهودية كتعاليم سماوية وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو مهما بالغ في استعراض قدراته الدينية أو تودد إلى كبار الحاخامات في إسرائيل فإنها في النهاية ممارسات لرسم لوحة بحجم العالم لربط الصهيونية كفكر سياسي بالدين اليهودي كإطار عام وبالفرد اليهودي اليهودي كعنصر ومادة محركة للأحداث منذ الهجرات الأولى إلى فلسطين، ومن هنا نخرج بأن الفكر هو استعماري في المقام الأول يستخدم فيه الدين كمادة أو كعنصر متفاعل شأنه شأن اليهودي كفرد!

إذا علينا بتفكيك المعادلة التي يريد نتنياهو ورفاقه تصديرها لنا فصل اليهود عن اليهودية وعن الصهيونية ومن ثم تحليلها بشكل دقيق كل عنصر على حدى،

الشعب اليهودي كعنصر مستخدم كالشعوب العربية في صراع كبير وقديم لتحقيق مكاسب استعمارية لصالح أطراف ليس من بينها الشعب اليهودي وللسيطرة على أطراف اخرى بمواردها لصالح أيضا أطراف مختلفة ليس من بينها الشعوب العربية

بل انه قد تم تقديم الصهيونية إلى الاسرائيليين كونها طرف أساسي في المعادلة لقيام دولة الشعب المختار وبنائها على أرض الميعاد!

وإذا دققنا في هذا المصطلح فسنجد أنهم يحكمون على أنفسهم بالنهاية واعادة الشتات في حال استخدامهم مصطلح أرض الميعاد الآن.. وذلك لأن التوراة تنص على قيام أرض الميعاد فقط عند خروج مشيح اليهود المنتظر وليس قبله وهذا يكون في آخر الزمان، أو كما يسمى في العهدين القديم والجديد تحت مسمى “نهاية الأيام” وهذا يفسر الظواهر التي نراها من بعض اليهود المتدينين في كل عيد لحرب التحرير كما يطلقون عليها أو حرب فلسطين، عيد قيام دولة إسرائيل أو النكبة العربية، بكونهم يقومون بإحراق علم إسرائيل في كل عيد لإسرائيل من نفس العام على مرأى ومسمع من سلطات الاحتلال.

على العكس مع الزاوية العربية للأحداث نحن نرى العداء دون أن نرى الحلحلة نريد الانتصار دون التجهيز، والإجهاز الفكري على الأحداث، ننظر إليهم بالكثير من التضخيم للقوة، ونتعجب من الدعم الغربي من دون أن نسأل أنفسنا لماذا!؟

هل لان اللوبي الصهيوني مسيطر على مراكز صنع القرار الغربي والأمريكي فحسب!!

ليس بهذه البساطة الشديدة فالحق أقول لكم بأن الأمر أكبر حتى من الضاغطين على مراكز صنع القرار الغربي!

إن الأمر متشابك ومعقد لدرجة كبيرة، والمصالح المتبادلة أكبر وأعظم اقتصادية وعسكرية وديموغرافية لابعد حد،

لأنه بكل الأحوال لن يعطيك الغرب قدراً من الأهمية إلا بمقدار ما تملك من قوة وجرأة في الحديث معه، سيفهم لغتك حينما تتحدث معه بما يعرف من لغة وهي القوة!

وهو أسلوبه المعتاد في تسييس الأمور لأنه نظام مادي لا يعتد إلا بما تملك من موارد وبما تملك من قوة وتحدي على المستويين الشعبي والسياسي.

فمنذ تحويل مسرح الأحداث من الشرق الأوسط الى الغرب في حرب أوكرانيا وروسيا وانا ارتعب من التحول الدرامي لاحداث أكثر دموية في الشرق الأوسط لتفتيته وتحويله إلى شرق أوسط جديد كما اقترح شمعون بيريز، وجعله غير مستقر وغير منتظم وجعله مسرح كبير لتجربة أحدث ابتكارات القتل التي يتسابق العالم الغربي المتحضر في تطويرها وصناعتها كي نكون نحن اصحاب الارض والموارد تحت إدارتهم ولنكون سوق عالمي مفتوح لرؤية آثار تلك الأنواع الحديثة من اسلحة الدمار الشامل لأن الدماء العربية ليس بنفس درجة نقاء دماء العنصر اليهودي أو دماء العالم الغربي الكبير!!

وكي يكون النفط أغلى سعراً كان لابد أن يكون هناك دماء الأطفال متناثرة في كل مكان، ومن هنا اختتم بأنه لا نصر بدون إجهاز ولا إجهاز دون استعداد وتجهيز ولا استعداد بدون وعي إذا نصل هنا إلى ما ذكرناه أولا معركة الوعي اشد واخطر من معارك السلاح وهي من تحدد المنتصر والمهزوم في أي حرب.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى