حراك مغاربي متنوع بين التصعيد الإنساني والدبلوماسي والتحديات الأمنية

شهدت منطقة المغرب العربي خلال هذا الأسبوع مجموعة من التطورات المتلاحقة، اتسمت بتنوّع في المسارات الإنسانية والدبلوماسية والداخلية، عكست تفاعلاً مكثفاً على المستويين الشعبي والرسمي تجاه قضايا إقليمية ودولية، في مقدمتها القضية الفلسطينية، إلى جانب ملفات داخلية تتعلق بالأمن والاقتصاد والرياضة.
في مشهد لافت للتضامن الشعبي، انطلقت قافلة إنسانية ضخمة باتجاه غزة تضم أكثر من 1,500 ناشط من الجزائر وتونس، سلكت طريقها عبر ليبيا، متحدّية الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات. وقد مرت القافلة بمحطات رئيسية منها طرابلس، مصراتة، سرت وبنغازي، مع توقعات بانضمام المزيد من المشاركين من دول مغاربية أخرى.
اقرأ أيضا: الخريطة الإعلامية فى المغرب التحديات والفرص
غير أن مشاركة المغاربة في الفعاليات التضامنية تعرقلت بسبب تعقيدات التأشيرات والقيود الحدودية، ما حال دون انخراط أوسع في المسيرة العالمية التي نظّمتها فصائل فلسطينية ونشطاء دوليون الأسبوع الماضي.
وعلى الصعيد الداخلي، أوقفت السلطات المغربية كميات ضخمة من المواد الغذائية الفاسدة في منطقة سيدي الخدير بالدار البيضاء، ضمن حملة رقابية تستهدف ضبط الأسواق قبيل فصل الصيف. وفي مجال الرياضة، شهدت العاصمة الاقتصادية تنظيم النسخة الأولى من بطولة “L’banka League” للهواة في الرياضات الإلكترونية، في خطوة لتعزيز هذا القطاع الناشئ.
كما دخل المنتخب المغربي لأقل من 21 سنة في كرة اليد مرحلة التحضيرات النهائية قبل مشاركته في بطولة العالم التي ستنطلق في بولندا يوم 18 يونيو، وسط آمال في تحقيق نتائج مشرفة.
دبلوماسيًا، سجل المغرب نقاطاً جديدة في ملف الصحراء الغربية، حيث أعلنت غانا دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية كـ”الحل الوحيد” للنزاع، في خطوة تعزز موقع الرباط داخل القارة الإفريقية. كما شاركت السعودية في اجتماع “تحالف تنفيذ حل الدولتين” الذي انعقد في الرباط بدعم مشترك من المغرب وهولندا، ما يعكس تنسيقًا عربيًا متزايدًا بشأن مستقبل القضية الفلسطينية.
وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي زيارة إلى المغرب، تناولت ملفات الأمن الإقليمي والتعاون المشترك. كما أرسلت الرباط وفداً فنياً إلى دمشق لبحث إعادة فتح سفارتها في سوريا، في مؤشر على تحولات محتملة في موقف المغرب من الأزمة السورية.
أما في موريتانيا، فقد تصاعد التوتر مع جبهة البوليساريو، حيث أبلغت نواكشوط الجزائر رفضها لأي تهاون مع تحركات مقاتلي الجبهة داخل أراضيها، مشيرة إلى أنها “لن تبقى متوازنة بعد الآن” في هذا الملف، وبدأت تنفيذ إجراءات أمنية مشددة قرب منطقة تندوف.
وفي الجزائر، كثفت السلطات تحركاتها لبناء تحالف مغاربي ثلاثي مع تونس وليبيا، يركز على مجالات الأمن والطاقة والهجرة، خاصة مع تزايد الضغوط المرتبطة بتدفقات الهجرة غير النظامية من الصحراء نحو النيجر.
تونس من جهتها كانت حاضرة بقوة في القافلة المغاربية المتجهة إلى غزة، والتي شملت نشطاء من تونس، الجزائر، موريتانيا وليبيا. كما وقّعت اتفاقاً ثلاثياً مع الجزائر وليبيا لتعزيز الربط الكهربائي، في خطوة لتقوية شبكات البنية التحتية المغاربية.
وفي ليبيا، عادت التوترات الأمنية إلى الواجهة بعد اشتباكات عنيفة شهدتها العاصمة طرابلس بين ميليشيات مرتبطة بأجهزة الدولة، دفعت السلطات إلى نشر تعزيزات أمنية مكثفة.
كما أعلن مجلس الرئاسة تشكيل لجنتين خاصتين بالأمن وحقوق الإنسان، بدعم من بعثة الأمم المتحدة (UNSMIL).
من جهته، أقرّ مجلس شرق ليبيا ميزانية بنحو 12.7 مليار دولار للاستثمار في البنى التحتية، في محاولة للعب دور اقتصادي متقدم وسط الانقسام السياسي القائم. في الأثناء، تواصلت المشاورات بين موسكو وأنقرة لتنسيق الجهود الرامية لمنع عودة المواجهات المسلحة.
في النهاية هذه التطورات، يتّضح أن منطقة المغرب العربي تشهد في الوقت الراهن حالة من التفاعل الكثيف إزاء أزمات المنطقة، تتداخل فيها الديناميات الإنسانية والدبلوماسية والأمنية، بينما تستمر محاولات إعادة صياغة التوازنات الإقليمية وسط تحديات داخلية مستمرة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب