ساحة الفكرمؤلفات الشرفاء الحمادي

الحلقة الثالثة من كتاب《المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي》للمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي  

الكاتب مفكر عربي إماراتي.. خاص منصة العرب الرقمية

في هذه الحلقة سنتحدث عن الخطاب الإلهي في جزئين سيتم نشرهما تباعا، وفي الجزء الذي بين أيدينا من كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء يتناول المفكر علي الشرفاء تحليل بعض الفرق والمذاهب الشيعية والسنية وكيف نشأت وكيف كانت بدايتها وما فعلته في صفوف المسلمين وما أحدثته من فتن وأزمات ومشاكل ربما لم تكن لتحدث لو اجتمع المسلمون تحت خطاب الله الواحد الأحد (القرآن الكريم)

المسلمون الخطاب الديني

وإليكم الحلقة الثالثة من كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي”

اقرأ أيضا: ننشر مقتطفات من كتاب «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» للمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي

الخطاب الإلهي

كيفَ عَميّتْ أبصارُهم عن قولهِ تَعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دَونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَاَلُكُمْ فَاَدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيَبُوا لَكُمَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. أَلَهُمْ أرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أمْ لَهُمْ أيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أمْ لَهُمْ أعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ) (الأعراف: 195 – 194).

وقوله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ)( الرعد: 14).

وبهذه الآية يتحدّى اللهُ سبحانَه عبادَه بأنّ الذينَ يدعونَهم من دونِ اللهِ عِباد أمثالُهم لا يستطيعون لهم نفعًا ولا ضرًا، وإذا كانوا قد عَجزوا عن نَفع أنفسَهم وجاءَهم الموتُ ولم يستطيعوا إنقاذ أنفسهم منه فكيف يستطيعون أن يُنقذوا الآخرينَ من غضبِ اللهِ وعذابِه يومَ الحسابِ، وهم أنفسهم لا يعلمون مَاذا أعدّ اللهُ لهم يومَ القيامةِ تأكيدًا لقولهِ يخاطب رسوله:(قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ)(الأحقاف:9).

المسلمون الخطاب الديني

وقوله تعالى في وصف أولئك الغافلين:(ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذآن لايسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)(الأعراف 179).

فإذا كان الرسول- عليهِ الصلاةُ والسلام- لا يعلمُ ماذا سَيفعلُ اللهُ بهِ وبالناسِ ولا يعلم جزاءَه عندَ ربّهِ، فكيف للحُسين أنْ تكون لديه القدرة وهو ميّت في قبرِهِ لا يملك من أمرِه شيئًا أنْ يبلغَ زائرَ قبرِهِ بأنّ اللهَ قد غَفَرَ له ذنبَه.

واللهُ تعالى يتحداهم في الآيةِ السابقةِ علَّهم يدركون ما يفعلون ويستيقظون مِن وَهمِهم ويُطَهِرون أنفسهم من الشرك بالله ويحررون عقولهم من الارتهان لروايات الخرافة ليصححوا إيمانـهم بالله الواحد الأحد لا شريك له يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، تأكيدًا لقوله تعالى:

(هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أو يَأْتِيَ رَبُّكَ أو يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أو كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)(الأنعام: 158).

والرواية السابقةُ عن (جابر ابن يزيد الجعفي) تمَ تسويقُها للناس والأميين، الذين لا يُحسنون قراءة القرآن والتدبر في آياته ولم يكتسبوا من معرفة حقيقة الإسلام شيئًا.

يستغلونهم بتلك الروايات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والذين وضعوا الحُسين مكانة أعلى من النبي المُختار- عليه الصلاة والسلام-، بتسويق هذا الخطاب للتغرير بالمؤمنين به، وليتحقّق للقائمين على الخطاب الشيعي، علمائهم وشيوخهم، الطاعة والاتباع ويستمتعون بالمكانة الاجتماعية التى يتعامل الناس معهم بالتقدير والإجلال يرضون بها غروره.يَسُوقون أتباعهم كما تُساق الماشية ليتحقق للآئمة في المذهب الشيعي قولٌ مطاع، ومكانة لها قُدسية واتباعهم عبادة وطاعتهم من الإيمان.

كما أن تلك الدعوات إنما تستميل الناس لِتُخفف عنهم أعباء تكاليف العبادت وما تتطلبه من مجاهدة للنفس وكبح جماحها، حيث ما يدعونهم علماءهم باتباع التعليم الديني المبني على أمثال روايات الإمام جابر أبو يزيد الجعفي- المشار إليه سابقًا- ترفع عنهم تكاليف العبادات والتزاماتها وتفتح لهم بابًا للمغفرة دون تحمل مشاق العبادات والسيطرة على أهواء النفس قبل يوم الحساب.

تمامًا كما حدث في القرون الوسطى في أوروبا عندما تم تسويق صكوك الغفران، ولذلك يقبلون أكثر الناس على التصديق بتلك الإدعاءات فَيُقدِسون أئمتهم ويعظمونهم لأنَّـهم سيرفعون عنهم أوزارهم يوم القيامة وسيدخلون الجنة بغير حساب.

وينقسم المذهب الشيعي وطوائفه المتعددة ومنها على سبيل المثال كما يلي:

(1) الاثنا عشرية

(2) الإسماعيلية

(3)البُهرة

(4) الزيديّة

(5) العلاهية

(6) الطريقة الصفوية

(7)العلويّون

(8)الناوسيّة

(9) جُند السماء

(10) الحسينيون

(11)الحشاشون

(12) الباطنيّة

وكما استطاع الفريقان- اليهود والمجوس-صرف المسلمين عن القرآن بواسطة روايات مكذوبة ومسمومة تنفيذًا لمخطط شرير للإنتقام من العرب حملة الرسالة الإسلامية، وصرف أنظارهم إلى حلقة مفرغة من الروايات المختلفة يختلفون فيها ويتصارعون عليها نقلها أناسٌ منذ قرون يتسببون فى تقاتل المسلمين فيما بينهم.

يضربون أعناق بعضهم فى سبيل تعصب كل منهم بمرجعيته الدينية التي يعتقد بأنها صاحبة الحق الأصيل في حماية الإسلام والدعوة إليه بما يملكون من قدرات علمية في تفسير آيات القرآن الكريم وفهم مراد الله فيه لعباده.وغيرهم كفرة-ليسوا مسلمين- ولايعرفون عن الإسلام شيئًا وجهادهم فرض عين وقتالهم واجب. وكل طائفة وحزب استبد بقناعته،وكل حزب بما لديهم فرحون.

نتج عن تلك المواقف تشويه الرسالة وإبعاد الناس عنها حينما يرون القتل والتدمير ووحشية السلوك والإجرام باسم الإسلام، مما يجعل الناس تبتعد عن الإسلام، ويكرِّهونالناس فيه ويعتبرونه مصدر خوف وفزع وإرهاب.

المسلمون الخطاب الديني

فبدلًا منأ ان يُقْبِلَ الناس على الإسلام بما فيه من رحمة وعدل وسلام، جعلوهم يَفِرون حتى من سماع كلمة الإسلام فى المجتمعات غير الإسلامية.لم يكن مُصطلح (السُنَة) موجودًا فى صدر الإسلام، فكان الرسول- عليه الصلاة والسلام- مركز الدعوة الإسلامية وأساسها القران الكريم تأكيدًا لقوله سبحانه مخاطبا رسوله الكريم:(كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: 1).

وقوله تعالى: (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) (الأنبياء: 92)

وقوله تعالى: ( وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ )(الزخرف: 64)

وقوله تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ) (الأنعام: 153)

حينها لم يكن مصطلح (السُنة) موجودًافي صدر الإسلام،بل كانت التسمية لكل من ارتضى الإسلام دينًا (المُسلم) دون مُسميات أخرى، وهو مادعى إليه الرسول- عليه الصلاة والسلام-وتأكيدًا لقوله سبحانه: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ )( الحج: 78).

لقد ظهراسم(السُنة) في منتصف العصر العباسي، حيث نشاْت المذاهب السُنية المتعددة منها:(الأشاعرة، والحنفية، والمالكية، والحنابلة، والشافعية)، وغيرها من المذاهب.

وقد تقرر تثبيت المذاهب الأربعة في عصر الظاهر بيبرس أثناء حكمه لمصر،للتعبد بها رسميًا واتباعها كأساس للنظام الإجتماعي في العبادات والمعاملات والتقاضي بين الناس.

وقد اعتمد تأسيس المذهب السُّـنِّـي على روايات استندت ونُسبَت لصحابة الرسول، وأصبحت المرجع الأساسي للمذهب السُّـنِّـي، وقد تفرعت منه مدارسٌ شتى اتخذ بعضها شعار التكفيـر عقيدة، والقتل قضاءً، والحقد شعارًا، وخطاب الكراهية سلوكًا.

وتعددّت الطوائف السُّـنِّـيَّـة بمرجعيات مختلفة كما يلي:

1)الأحناف

2) الأوزاعية

3)المالكية

4)الشافعية

5)الحنابلة

6) الأشاعرة

7)الماتريدية

8)الظاهرية

9)الوهابية

10) جماعة الإخوان

11) أهل الحديث

12) التبليغ والدعوة

13) الجمعية الشرعية

14) أنصار السنة

15) الصوفية

16) حزب التحرير

17) التكفير والهجرة

18) جند الصحابة

وأنصار كلتا الطائفتين (السُّـنَّـة والشيعة)، اعتمدوا في عقائدهم على روايات ضالة، وآمنوا بمرجعياتٍ متضادةٍ لمَن تمّ تصنيفهم، بعلماء الدين أو شيوخ الإسلام تبنوا آراءهم دون تمحيص وتدقيق بعيدًا عن شريعة الله، ورسالة الإسلام التـي أنزلها الله على رسوله في كتاب كريم. فتمّ استدراج الطائفتين (السُنة والشيعة)إلى نفق مظلم استنفدوا دماءهم وطاقاتهم واقتصاداتهم، وتمّ نشر الكراهية والحقد بيـنهما من أعدائهما.

فقد حادت الطائفتان عن الطريق المستقيم وهجرتا القرآن الكريم واتبعوا الشيطان الرجيم وأتباعه الضالين،فحدث بينهم الخلاف والتنازع الذيأدى إلى اقتتالهم فتحطمت مدنهم وقراهم وتم نهب ثرواتهم، وكل منهما لجأ إلى أعداء الإسلام يستمد منه الدعم والعون ضد إخوانهم من المسلمين، يستمتعون بتدمير أوطانـهم، مستأنسين لسرقة ثرواتهم، فرحين بالدماء البريئة التي تسيل في الصحاريوالوديان، بالرغم من أنَّ الله سبحانه حذر المسلمين في كتابه المبين بقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). (المائدة: 51).

عَصَوا الله ولم يتبعوا تحذيره فعاقبهم بما كَسَبَت قلوبهم وأيديَّهم ما يعيشونه اليوم من صراع واقتتال وتناحر فيما بينهم، متخذين اليهود والنصارى أولياء وسيوردونهم مواطن الهلاك. وقد حذر اللهُ المسلمينَ بقوله سبحانه: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ*) (إبراهيم: 42\43)

كما تمّ عصيانُ أمرِ اللهِ من قِبَلِ الطائفتيْن (السُنة وفرقهم والشيعة وطوائفهم) في قولِهِ تعَالى: (وَاعَتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أعْدَاَءً فَألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران: 103).

ونظرًا لعدم التزامهم بأمرالله بالوحدة التي تتحقق نتيجة لتمسكهم بالخطاب الإلهي- كتابه المبين-اشتعلت الفتنة بينهم، مما أدى إلى الصراع والقتال فيما بينهم خلال أربَعَةَ عَشَرَ قرنًا أو يزيد. وقد توعّدهم اللهُ سبحانَهُ وتعالى بقولِهِ:

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شيءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إلى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُون) (الأنعام: 159)

وبهذِهِ الآيةِ يحذّرُ اللهُ سبحانَهُ المسلمينَ بأنَّ الرسول الذي جاء بدعوة التوحيد يدعوهم للتمسك بكتاب الله الذي يوحدهم ويحميهم من الفُرقة والتنازع فيمابينهم لم يتبعوا مابلغهم به من آيات الله التي تَحُث على الوحدة، وتفرَّقوا شيعًا وأحزابًا. فلم يَعُد الرسول منهم لأنهم اتبعوا روايات البشر وشياطينهم،فلم يَعُد المسلمون يتبعون الرسول بتفرّقهم وتشرذمِهم،وهو الذي يدعو للوحدةِ والتعاونِ والتآزرِ وعدم التفرّق فيما بينهم.

المسلمون-بين-الخطاب-الديني-والإلهي

غضب الله عليهم عندما اشتعلت الفتن والحروب فيمابينهم، يدمِّرون أوطانهم ويقتلون أطفالهم ويستحييون نساءهم،ويسقط ملايين الضحايا الأبرياء، تسيل دماؤهم ظلمًا وعدوانًا لأنهم هجروا القرآن ولم يتبعوا المنهج الإلهي، فحذرهم الله بقوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) (طه: 124).

لذا فإنه لايوجد نَص في القرآن الكريم باتباع أي من المذاهب التي ماأنزل الله بها من سلطان، وأن الخطاب الإلهي يدعوالناس كافة إلى الإسلام ووحدة الصف والاعتصام بحبل الله، ويحذر من تَفَرق المسلمين إلى فِرَق وطوائف وشِيَع مختلفة،بل الالتزام بتسمية واحدة هي (المسلمين)، والتي بالتمسك بها تزول أسباب الفِرقَة والتحزب، وأن يكون الإنتماء فقط للإسلام،تأكيدًا لقوله تعالى:(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).

فبهذه الآية، لن يقبل الله تعالى من المسلمين يوم القيامة أن يبعثون بمسميات ومصطلحات غير الإسلام دون مذاهب اختلقها البشر لأسباب سياسية أو لتحقيق مصالح دنيوية، بل المسلم الحق هو من اتبع المنهج الإلهي في القرآن الكريم، واتبع ماعلَّمهم رسول الله- عليه الصلاة والسلام- في كيفية إقامة الشعائر الدينية وتطبيق السلوك الأخلاقى، واتباع الفضيلة، والإلتزام بالعدل في المعاملات والعلاقات الإنسانية أساسها الرحمة والإحسان والإبتعاد عن الظُلم بكل أشكاله.

وللخروج من هذا المأزق، على المثقفين والعلماء من المسلمين جميعًا تشكيل مجلس مُوحَد يتخذ من القرآنمرجعًا وحيدًافي البحث عن عناصر المنهج الذي وضعه الله تعالى للناس تشريعًا للعلاقات الإنسانية وضابطًا للمعاملات بينهم،وأساسًا لأخلاقيات كريمة في التعامل بينهم، وقيمًا نبيلة تحقق التقارب والمودة والتراحم بين الناس جميعًا، وقواعدًا تشريعية تحافظ على أمن المجتمعات الإنسانية وتحقق العدالة وتنشر السلام، وإعداد دستور إسلامي مبني على مقاصد الآيات القرآنية الكريمة لصالح العِباد جميعًا. لاظلم فيه ولا طغيانَ قَوْم على غيرهم، يحمى عقائد الناس المختلفة، ويحمي حرية الإنسان ويَكْفُل له الحياة الآمنة، ويحافظ على حقه في الحياة والسعي في الرزق دون عدوان، ليؤدي المُسْلِم تكاليف العبادات كما أمر الله وعلَّمهم رسوله ممارسة الشعائر الدينية دون استعلاء على غيرهم من الأديان.

فالله تعالى وحده سيفصل بالحق بين الناس يوم القيامة، ولم يكلف الله أحدًامن رسله أوعباده بأن يكونوا أوصياء على الناس في أديانهم، بل أمر رسله بأن يبلغوا الناس خطابه وهو وحده المتكفل بحسابهملتصحيح المفاهيم الخاطئة التي استقرَّت في أذهان الناس قرونًا طويلة.

وآن الأوان لتصحيح المسيرة باتجاه الشريعة القرآنية، والإتفاق على إمام واحد للمسلمين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعدم الإلتفات لكافة الروايات المنقولة من المُنتمين للسُّـنَّـة أو المُنتمين للشيعة، فكل الروايات دون استثناء اُستُحدثت لهدم رسالة الإسلام وخلق الفتنة بين المسلمين جميعًا، فالماضي يُقِر بذلك والحاضر نعيشه بكل مآسيه.

وماذا ننتظر وإلى متى سنظل نعيش في الظلمات، والله تعالى يدعونا بقرآنه ليخرجنا إلى النور؟

وهكذا استطاع علماء اليهود والمجوس، أن يُغرِقوا العرب المسلمين في قتالٍ دامٍ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، ومازال مستمرًّا إلى اليوم نتيجة لما تُسببه الروايات المختلقة والمنسوبة للرسول الكريم ظلمًاوعدوانًا.

ويَشهَد على ذلك ما يجرى في سوريا وفي العراق واليمن والصومال وليبيا، والبقية في الطريق إذا لم نُصحح مسار البوصلة لتتجه إلى ما أمرنا الله باتباعه، والتمسك بكتابه والتقيد بمنهجه.

ولذلك حَذرنا اللهُ سبحانه بأنَّ على المسلمين اتباع الآيات وليست الروايات،بقوله تعالى لرسوله: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ). (الجاثية:6).

وقال سبحانه مخاطبًا رسوله: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (الأعراف: 2 ).

وقوله تعالى في تبليغ الناس رسالة الإسلام بالقرآن: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) ( المائدة 67 ).

والله سبحانه يدعونا إلى اتباع القران ولا شيئ غيره بقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) (الأعراف: 3).

توضح الآيات السابقةأن المُهِمَة التي كَلَّف الله تعالى بها رسولَه هي أن يبلغ الناس كافة رسالته بالقرآن فقط، ويُعَلِمَهم مقاصدآياته لخير عباده، ويهديهم سُبُل السلام، ويبين لهم شعائر العبادات والقِيَم النبيلة التي تؤسس للمجتمعات الإنسانية طريق الحياة، لتكون الأخلاق والفضيلة والرحمة أساس العلاقات فيما بينهم.

واستبق الله سبحانه بِعلمه الأزلي بأنالمسلمين سيهجرون القرآن بقوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القرآن مَهْجُورًا). (الفرقان: 30).

تحذير من الله تعالى قبل أربعة عشر قرنًا للمسلمين بأن الرسول سيشتكي قومَه لله يوم القيامة بأنَّـهم هجروا القرآن، فماذا سيكون موقف دعاة الإسلام، وكيف سيدافعون عن أنفسهم أمام الله يوم الحساب؟

وما مبررات الصدود عن كتاب الله واتخاذ الروايات بدلاً عن الآيات؟

وبالرغم منأن الله سبحانه أمر الرسول- عليه الصلاة والسلام- بدعوة المسلمينللتمسك بالقرآن والتدبر في آياته واتباع المنهج الإلهي، إلا أنهم قدخالفوا أمر الله بقوله سبحانه: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا» (النساء:61).

إلا أننا مازلنا ماضين خلف الروايات، نستمتع في أن نستمر في حياة الظلام كالخفافيش، ونُردّد ما يُراد لنا من تغييب للعقل وانصرافنا عن القرآن، لنتوه في أعماق الماضي ونُهمل الحاضر وما يتطلبه من التمسك بالمنهج الإلهي حتى يستطيع العرب المسلمون تحقيق أهداف التطور والتنمية،والإكتفاء الذاتي في المأكل والمشرب، والمشاركة الإيجابية في تطور الحضارة الإنسانية لما ينفع الناس، حيث يأمرنا الله سبحانه بإعمال العقل والتفكيـر في آيات الله ومراده فيها لعباده من خيرٍ وصلاحٍ وأمنٍ وسلامٍ وتعاونٍ ورحمةٍ. حتى يستطيع المسلمون تصحيح المفاهيم المُراد لها تشويه رسالة العَدل والإسلام والحرية، واعتماد العقلَ الذي سيقودهم بتفاعله مع المنهج الإلهي إلى إدراك حقيقة رسالة الإسلام حين يُخاطبه الله سبحانه بَقوله تعالى:

(أوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شيءٍ وَأنْ عَسى أنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أجَلُهُمْ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(الأعراف:185).

ويقول الله تعالى في سورة الأحزاب الآية: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رجالكم وَلَكِن رَّسُولَاللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَاللَّهُ بِكُلِّ شيء عَلِيمًا) (الأحزاب: 40).

بهذه الآية الكريمة يريد الله سبحانه عدم توظيف أي بشر من خلقه في الإنتماء إلى نَسَب رسول الله حتى لا يتم اتخاذ أحفاد الرسول أو أقربائه بعلاقة النسب أن تكون لهم مكانة مقدسة تُستَغَل من قبل الحاقدين على الإسلام بتقديمهم كشركاء في الرسالة السماوية وأنَّـهم معصومون، ولهم مكانة خاصة عند الله سبحانه حتى لا يتم استخدامهم بواسطة روايات مزوَّرة ومبالغات لا تتفق مع القواعد القرآنية لأغراض سياسية أو مصالح دنيوية والتي تؤكّده الآية الكريمة أعلاه بأنّ الله سبحانه اختار محمدًا عليه الصلاة والسلام وحده فقط لتبليغ الخطاب الإلهي للناس.

والهدف من هذه الآية قطع الطريق على المتربصيـن بالدين الإسلامي في توظيف أقرباء الرسول وأحفاده في خدمة مآربهم الشيطانية، لخلق فِـرق دينية تتناقض مع رسالة محمد- عليه الصلاة والسلام- وتصطدم مع المنهج الإلهي لينصرف الناس عن القرآن الكريم ويُحدِثُوا البلبلة بيـن الـمسلمين، التي تؤسس القواعد للفتـن والصراع.

ومثال على الخطاب الديني عند الشيعة الذين قدَّسوا (الحُسين)وجعلوه شريكًا لله في معرفة الغيب ولديه القدرة على التوبة عن المذنبين والمغفرة عن المخطئين يتوسط لهم عند الله بقبول توبتهم وإلغاء عقوبتهم بما ارتكبوا من آثام وذنوب. وبذلك يجعل التابعين للمذهب الشيعي يستسهلون ارتكاب المعاصي طالما (الحُسين)سيرفع عنهم العقوبة بمجرد زيارة قبره.

تلك عقيدتهم التى تعتبر ميلاد دين مواز لدين الإسلام يتحقق به للفرس المنافسة على الدين الذى انزله الله على الرسول العربي تحقيقًالانتصارهم على العرب عقابا لهم بماارتكبوه من اسقاط الامبراطورية الفارسية.

وعندما نَنْظُر إلى الآية الكريمة التالية، نجدها تدحض كل الروايات والإدعاءات الباطلة، وتنسف الافتراءات على الحسين وأبنائه،حيث يقول الله سبحَانه: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلونَ) المؤمنون: 101)

ويقول سبحانه: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا) (الإسراء: 13)

وقوله سبحانه: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) (الأنعام:94).

فيوم الحساب سيحاسب كل إنسان بعَمَلِه وما قدَّم من خير أو شَر، إذ لا قيمة يوم الحساب لانتساب الإنسان لنبي أو رسول، بل كل بعمله، كالذين يدعون أنفسهم بالأشراف والسادة وانتسابهم لأهل البيت فلا ميزة لهم في الحياة الدنيا ولا يسْتَعلُون على الناس. فَكُلُهُم بشر، والكُل يتساوون أمام القانون في الحياة الدنيا، والكُل متساوون أمام الله تعالى يوم الحساب. فلا وساطة لقريب أو صديق يوم الحساب تأكَيدًا لقوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأمِّهِ وَأبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ(37) (عبس: 33-37).

وقوله تعالى:(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرُا يَرَهُ(7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(الزلزلة: 7-8).

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى