دراساتسياسية

رامي زهدي يكتب.. “القمة الألمانية الإفريقية فرص معززة نحو شراكة إفريقية أوروبية إيجابية”

الكاتب خبير في الشؤون الإفريقية- مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز العرب للأبحاث والدراسات

“دور مرجح لدول مجموعة العشرين لدعم فرص النمو والإستثمار المتسارع في القارة الإفريقية”

“هل يتحول الإهتمام الدولي المتجدد بالقارة الإفريقية الي واقع مفيد ومنصف للقارة”

“القارة الإفريقية تمتلك مفاتيح انتاج الطاقة المتجددة في العالم”

قمة إفريقية مع مجموعة العشرين للاهتمام بنمو القارة المتسارع””

يتوجه زعماء أكثر من 12 دولة إفريقية إلى ألمانيا لحضور مؤتمر حول أفريقيا تقوده مجموعة العشرين بهدف المساعدة في تعزيز الاستثمار الخاص في القارة سريعة النمو، أملا في الوصول لصيغ تعاون أكثر وضوحاَ وإتصالا بجهود الدول الإفريقية للنهوض الإقتصادي المنشود ومواجهة أزمات إقتصادية عنيفة قد تعصف بخطوات التنمية والإصلاح الإقتصادي والسياسي في عدد غير قليل من دول القارة لو لم يتنبه العالم لأن أزمات ومشكلات القارة الإفريقية جزء من أزمات ومشكلات العالم الذي لم يعد يقوي علي مواجهة مزيداَ من الإنهيار والتصدع في نظام عالمي لم يعد في مقدوره الصمود امام صعود قوي عالمية مؤثرة وتحديات اقتصادية وچيوسياسية هائلة.

وبالتوازي مع حضور افريقي مؤثر، ستكون رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته من بين الزعماء الذين سيحضرون القمة في برلين والتي يستضيفها المستشار الألماني أولاف شولتس
وسيعقد شولتس، الذي زار إفريقيا عدة مرات منذ توليه منصبه في أواخر عام 2021، محادثات ثنائية مع عدد من زعماء الدول الإفريقية، قبل أن يستضيف قمة استثمار ألمانية إفريقية في فندق ماريوت ببرلين صباح يوم الاثنين.

وتسود روح اكثر ايجابية هذه المرة اكثر من مرات سابقة، ويبدو ان بعض القوي الأوروبية تعي الأن دروساَ عديدة حدثت في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل تنافس محموم علي الظهور والتأثير في القارة الإفريقية وفي كافة القطاعات الإقتصادية والإستراتيجية، وإن ظلت فرص دخول القارة الإفريقية كمزود رئيس مرجح للقارة الأوروبية للطاقة سواء طاقة تقليدية ممثلة في النفط والغاز والغاز المسال او طاقات متجددة، وخصوصا الهيدروجين الأخضر، مما يمكن أن يساعد أوروبا على التحول إلى اقتصاد محايد كربونيا، كما يعتبر استقرار القارة وازدهارها أيضا عنصرا أساسيا في الحد من الهجرة غير الشرعية، والجريمة والإرهاب ولاسيما ان ظواهر الهجرة الغير شرعية والجريمة عابرة القارات والإرهاب قد عادت من جديد بعد أن كانت تراجعت في السنوات الأخيرة وربما يعزي ذلك بشكل أساسي لتردي الأوضاع الإقتصادية في القارة وإحتدام الصراعات والحروب في نطاقات جغرافية متعددة في القارة الإفريقية، وكذلك الظلم المتنامي الذي تشعر به الشعوب الإفريقية فيما يتعلق بتعاطي القوي الدولية مع مشكلات القارة الإفريقية.

ويقام الحدث رسميا بعد ظهر يوم الاثنين 20 نوفمبر، في مقر المستشارية الألمانية، ويسبقه مؤتمر صحفي مع قادة الاتحاد الإفريقي الذي أصبح في سبتمبر عضوا دائما في مجموعة العشرين
ويقول مسؤولون حكوميون ألمان إن إفريقيا يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في مساعدة بلدهم على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بشكل أفضل وتأمين العمالة الماهرة والحد من الهجرة غير الشرعية وتحقيق التحول الأخضر.
وبلغ حجم التجارة الألمانية مع إفريقيا 60 مليار يورو (65.4 مليار دولار) العام الماضي، وهو جزء صغير من تجارتها مع آسيا لكنه ارتفع بنسبة 21.7 بالمئة عن عام 2021

وقد تبنت ألمانيا مبادرة تنموية لصالح بعض دول القارة , حيث كانت الدول الإفريقية الأعضاء في المبادرة، التي تم تدشينها في 2017 خلال رئاسة ألمانيا لمجموعة العشرين، هي المغرب وتونس ومصر والسنغال وغينيا وساحل العاج وغانا وتوجو وبنين وبوركينا فاسو ورواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وإثيوبيا، وكانت هذه المبادرة تهدف الي دعم التعاون الاقتصادي بين أفريقيا ودول مجموعة العشرين، من خلال مشروعات مشتركة تساهم في الإسراع بوتيرة النمو فى القارة السمراء، والمبادرة أطلقتها ألمانيا الاتحادية عام 2017، خلال رئاستها لمجموعة العشرين بهدف دعم التنمية فى البلدان.الأفريقية، وجذب الاستثمارات إليها, ويشار إلى أن الاتحاد الأفريقي حصل على “العضوية الدائمة” في مجموعة العشرين، وذلك خلال أعمال قمة المجموعة في نيودلهي سبتمبر 2023.

” المشاركة المصرية وجدول الأعمال المتوقع”

من المقرر أن تشارك وزيرة التعاون الدولي الدكتور رانيا المشاط، كممثلة عن مصر في القمة، من خلال جدول أعمال متوقع له ان يكون متخم بالتفاصيل حيث ستبدأ قمة الاستثمار لمجموعة العشرين، التي تستضيفها مبادرة الأعمال الألمانية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في الساعة 9 صباحًا في فندق جي دبليو ماريوت, وسيجتمع فيهت ممثلون ألمان وأفارقة رفيعو المستوى من مجتمع الأعمال وعالم السياسة لمناقشة كيفية تكثيف العلاقات الاقتصادية المتبادلة بشكل عام، بالإضافة إلى المشاريع المشتركة الملموسة, وسيلقي المستشار الألماني الكلمة الافتتاحية. وسيبدأ مؤتمر “التعاون مع أفريقيا”، بعد الظهر في المستشارية بدعوة من المستشار الألماني لمناقشة فرص تعزيز الاستثمار الخاص، و التعاون في مجال إمدادات الطاقة المستدامة، فيما يستضيف الرئيس الألماني فرانك شتاينماير، رؤساء الدول وممثلي الحكومات الأفريقية المشاركة في القمة إلى قصر الرئاسة بلفيو، وتعقد جلسة تشاور بين وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، لتبادل جهات النظر خلال مأدبة غداء مع زملائه من البلدان المدعوة، بالإضافة إلى تحسين الظروف الأساسية لزيادة الاستثمار الخاص وتعبئة الموارد المحلية، سيتم مناقشة قضايا الديون، وخاصة تعزيز الإطار المشترك لمجموعة العشرين. كما ستلتقي الوزيرة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، سفينيا شولز بـ 40 من رواد الأعمال الشباب من 16 دولة أفريقية في مؤتمر “تشكيل المستقبل مع أفريقيا, حيث تمثل ريادة الأعمال الشبابية مفتاح للانتقال العادل”. وسيقدم رواد الأعمال توصياتهم بشأن تعزيز دور الشركات الناشئة في خلق فرص العمل وتشكيل التحول الاجتماعي والبيئي، بهدف بناء تعاون طويل الأمد في مجال إمدادات الطاقة المستدامة، وتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته من أفريقيا إلى ألمانيا وأوروبا.

“الإستراتيچية الألمانية المعدلة تجاه القارة الإفريقية”
تتطلع ألمانيا للعب دور أكبر على الساحة الإفريقية, حيث يعتقد الألمان أنهم يمتلكون رصيد جيد ومتوازن مع عدد كبير من دول القارة وأن ألمانيا ولونسبيا بقيت كثيرا بعيدة عن التداخل السياسى فى الشؤون الإفريقية وظلت تنتهج منهج تنموى وأقتصادى اكثر منه سياسى بعكس بريطانيا , فرنسا و البرتغال وإيطاليا
.
ألمانيا ترى أنها “لا تريد أن تبقى الدول الإفريقية معتمدة على مساعدتنا إلى ما لانهاية”, حيث “ترى ألمانيا كيف تتطور إفريقيا، وما هي إمكانيات الابتكار لديها, وتؤمن ألمانيا طبقا لخططها المعلنىة بفرص بناء شبكات، وشراكات يستفيد منها الطرفان وليس طرف واحد فقط”
وينبغي أن تهتم هذه الشراكات بمواضيع جديدة. وكما نصت اتفاقية تشكيل التحالف الحكومي الألماني الحالي على أن موضوع الاستدامة يلعب دورا كبيرا. وهو أمر غير مستغرب في عصر التغير المناخي، الذي تشعر البلدان الإفريقية بتأثيره الواضح. لذلك تريد ألمانيا دعم عملية إعادة الهيكلة الاجتماعية للاقتصاد الإفريقي بشكل ملائم للمناخ. فمثلا تريد وزارة التنمية الألمانية دعم البلدان الإفريقية من أجل توسيع مصادر الطاقة المتجددة, وإحداث وظائف جديدة وخاصة للشباب , و خلق 25 مليون فرصة عمل جديدة في القارة سنويا على الأقل لأن النمو السكاني مضطرد في إفريقيا، وبحلول عام 2050، يمكن أن يصل عدد سكان القارة إلى 2.5 مليار نسمة.

ألمانيا لها مصلحة قوية أن يكون لدى دول أفريقيا آفاق اقتصادية جيدة, وهذا يتطلب تزايد حجم الاستثمارات الخاصة إلى جانب الدعم من جانب الدولة الألمانية.

مفهوم “الشراكة مع أفريقيا” يشير دائما الى الفكرة الجوهرية وراء مبادرة “الشراكة مع أفريقيا”، ألا وهي العمل على نحو مشترك من أجل تحسين اشتراطات الاستثمار والتجارة,”إلى جانب تعزيز أفريقيا كموقع للاستثمار يدور جوهر الاتفاق حول علاقات تجارية عادلة بين أوروبا وأفريقيا. فالمهم ليس التباحث بشأن أفريقيا وإنما التباحث مع أفريقيا”.

“الشراكة المصرية الألمانية”
الشراكة المصرية المعززة اقتصاديا وسياسيا بين مصر والإتحاد الأوروبي بصفة عامة وبألمانيا بصفة خاصة وهي أحد أبرز دول الإتحاد الأوربي وأحد أقوي الإقتصاديات في العالم، حيث تمثل هذه العلاقة نقطة ارتكاز قوية ومؤثرة جدا في علاقة القارة الأوربية بالقارة الإفريقية وفي اطار تطوير هذه العلاقة نجحت مصر في السنوات الاخيرة للتحول الي شكل العلاقة الاكثر فاعلية والمبنية علي اساس الندية والتكافؤ والمصالح المشتركة واحترام الأخر وعدم التداخل في الشؤون الداخلية وهو مايقدم نموذج العلاقات بين مصر والاتحاد الاوروبي، ومصر وألمانيا كنموذج جيد لبقية دول القارة الافريقية للتطبيق في شكل علاقات مابين الاتحادين الاوروبي والافريقي ومابين كل دولة افريقية علي حدا بالإتحاد الاوروبي ثم مابين كل دولة افريقية ودولة من دول الإتحاد الاوروبي بشكل مباشر،

تمثل دول الاتحاد الاوروبي الشريك الاقتصادي الاهم للدولة المصرية بإستثمارات تتجاوز 40 مليار يوريو، وحجم تجارة بينية متوازن وكبير في الإتجاهين يقدر بحوالى 6 مليار يوريو، بينما تظهر بوضوح أطر التعاون المختلفة وتوافق الرؤي السياسية والقضايا المشتركة ومن اهمها الامن والسلم والأمن الطاقي علي جانبي المتوسط وشمال الصحراء الافريقية، وكذلك قضايا مكافحة الهجرة غير الشرعية ومقاومة الجريمة والإرهاب، والإرهاب العابر للحدود
وتحظي مصر بمكانة انها وجهة الاستثمار الابرز لدول الاتحاد الافريقي والدولة الافريقية الاكثر ملائمة لإستعياب فرص التعاون الممكنة، بينما تظل مصر محور الاتصال والتواصل مابين دول القارة الافريقية ودول الاتحاد الأوروبي

أخيرا, ألمانيا ومصر تشتركان فى أن كلا منهما يمتلكان ثقل سياسى وأقتصادى وطاقة بشرية قوية مؤثرة فى محيطهما , فألمانيا مركز ثقل الإتحاد الأوروبى وأكبر الدول الداعمة للوحدة الأوروبية , وكذلك مصر هى مركز ثقل الأمن والسلم فى القارة الإفريقية , والمنطقة العربية والشرق أوسطية , وصاحبة القوة الإقتصادية الناشئة والتى يتوقع لها موقع إقتصادى أكثر أهمية فى الإقتصاد العالمى فى السنوات القادمة.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى