«قراءة في زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان لجمهورية مصر العربية المُتوقعة الشهر القادم (نوفمبر) ولقائه بالسيسي»
إعداد/ رامي زهدي رئيس وحدة الدراسات الإفريقية، ونائب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث، لملف الدراسات الإفريقية
تتسم العلاقات المصرية السودانية بتاريخ طويل من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تواجه السودان.
اقرأ أيضا: السودان في أسبوع.. البرهان يرفض أي تدخل خارجي وتقارير أممية تؤكد وفاة أشخاص بسبب الجوع
و تأتي زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى جمهورية مصر العربية في سياق الأزمة السودانية المستمرة والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
“الوضع الحالي للأزمة السودانية”
يعيش السودان أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ اندلاع النزاع بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع في أبريل 2023.
وقد أسفرت هذه النزاعات عن تدهور الأوضاع الإنسانية، وارتفاع عدد النازحين، وزيادة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
الأوضاع الاقتصادية في السودان أيضاً تدهورت، مما زاد من معاناة الشعب السوداني وأدى إلى تفاقم الأزمات الغذائية والصحية.
“جرائم ميليشيا الدعم السريع”
تُعتبر ميليشيا الدعم السريع بمثابة خطر وتهديد لأمن وسلم وحياة السودان، وقد ارتكبت العديد من الجرائم ضد المدنيين.
تشير التقارير إلى أن الميليشيا قامت بتجريف القرى، وتنفيذ عمليات قتل وحشية، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مما أدى إلى تزايد الاستنكار الدولي والمحلي.
و تتطلب هذه الجرائم استجابة فورية من المجتمع الدولي لضمان محاسبة المتورطين.
“جهود مصر المستمرة لدعم السودان”
تمثل مصر دعماً رئيسياً للسودان في هذه الأوقات العصيبة، حيث قامت بتقديم المساعدات الإنسانية، وتسهيل الحوار بين الأطراف المتنازعة، كما تسعى مصر لتعزيز دورها كوسيط في العملية السياسية، مع تأكيد أهمية الحفاظ على وحدة السودان وسلامته الإقليمية وحماية المؤسسات الوطنية السودانية. وقد تمثلت هذه الجهود في:
1. المساعدات الإنسانية:
إرسال المساعدات الغذائية والدوائية للمتأثرين من النزاع.
2. دعم الحوار:
تنظيم لقاءات وورش عمل تضم جميع الأطراف السودانية للتوصل إلى حلول سلمية.
3. التنسيق الإقليمي:
العمل مع دول الجوار والمجتمع الدولي لدعم استقرار السودان.
“مستقبل العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين الدولتين”
تتجاوز العلاقات المصرية السودانية الأبعاد السياسية، حيث تتواجد روابط اقتصادية قوية، تشمل:
– التجارة:
تفعيل التعاون التجاري بين البلدين، مع التركيز على تعزيز المبادلات التجارية وتسهيل حركة البضائع.
– المشاريع المشتركة:
تشجيع الاستثمار المصري في السودان، والسوداني في مصر مما يساهم في دعم الاقتصاد السوداني والمصري.
– الأمن المائي:
تسعى مصر والسودان إلى التعاون في إدارة المياه في حوض النيل، مما يعزز الاستقرار في المنطقة ويضمن حقوق الدولتين في مياه النيل.
“قضايا دولية وإقليمية ذات صلة وإهتمام مشترك”
تشهد المنطقة تحولات كبيرة تتطلب من الدولتين التعاون الوثيق لمواجهة التحديات، مثل:
– التوتر في منطقة القرن الإفريقي : يتطلب الاستقرار في هذه المنطقة تنسيق الجهود بين مصر والسودان والدول المجاورة.
– الأمن الإقليمي:
تفعيل التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
“دلالات زيارة الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني لمصر”
تأتي زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى مصر في 4 نوفمبر، في سياق العلاقات التاريخية بين البلدين وخصوصيات التحديات الراهنة التي تواجههما. هذه الزيارة ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل هي تعبير عن الالتزام المشترك للأمن والاستقرار في المنطقة.
تتميز العلاقات المصرية السودانية بتبادل الزيارات الرسمية بين القادة، حيث كانت هذه الزيارات دائمًا تعكس العلاقات القوية بين الدولتين. منذ تولي الفريق البرهان السلطة في السودان، قام بعدة زيارات إلى مصر، وكان آخرها في عام 2023، حيث تمت مناقشة قضايا الأمن الإقليمي، وتطورات الأوضاع في السودان، وأهمية التعاون الثنائي.
تضمنت نتائج الزيارات السابقة تعزيز التعاون الأمني والعسكري، ومناقشة القضايا الاقتصادية، بالإضافة إلى تبادل الدعم في المحافل الدولية. على سبيل المثال، تم الاتفاق على تنفيذ مشروعات تنموية مشتركة مثل مشروعات الكهرباء والري، مما يعكس الرغبة في تعزيز التعاون الاقتصادي. كما تم التأكيد على ضرورة التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، مثل قضايا الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
تكرار الزيارات يعكس أهمية العلاقات المصرية السودانية في سياق المصالح الاستراتيجية لكلتا الدولتين. يمثل هذا التكرار أيضًا رغبة السودان في الحصول على الدعم المصري في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها. من جانبها، تسعى مصر لتعزيز نفوذها في منطقة حوض النيل وتعزيز الاستقرار في الجوار السوداني.
من المتوقع أن تشمل الموضوعات التي سيتم مناقشتها خلال هذه الزيارة:
– الأمن والاستقرار الإقليمي: خصوصًا فيما يتعلق بالتحديات الأمنية في شرق السودان والتوترات مع بعض الجماعات المسلحة.
– الأوضاع الإنسانية: بما في ذلك دعم مصر للسودان في مواجهة الأزمات الإنسانية الناتجة عن النزاعات الداخلية.
– التعاون الاقتصادي: من خلال مناقشة مشروعات جديدة وتوسيع التعاون في مجالات الاستثمار والتجارة.
– الأمن المائي: سيعقد حديث حول قضايا حوض النيل وتأثير سد النهضة الإثيوبي على حقوق مصر والسودان.
– التنسيق في السياسة الخارجية: بما في ذلك تعزيز التعاون في المحافل الدولية.
“زيارات الفريق عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة”
على مر السنوات، قام الفريق أول عبد الفتاح البرهان بعدة زيارات إلى مصر كجزء من جهود تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. فيما يلي بيان بكل زياراته:
1. الزيارة الأولى: أغسطس 2019
– الهدف: زيارة رسمية بعد تولي البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي في السودان.
– المحتوى: تمحورت المناقشات حول دعم مصر للانتقال الديمقراطي في السودان وسبل التعاون الثنائي.
2. الزيارة الثانية: نوفمبر 2020
– الهدف: تعزيز العلاقات الثنائية في مجالات الأمن والاقتصاد.
– المحتوى: تناولت المباحثات قضايا الأمن الإقليمي، خاصةً التوترات في شرق السودان وتأثيرها على الأمن المصري.
3. الزيارة الثالثة: يوليو 2021
– الهدف: زيارة خلال قمة الشراكة المصرية-السودانية.
– المحتوى: ناقش البرهان مع الرئيس السيسي التعاون في مجالات المياه والأمن، والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة.
4. الزيارة الرابعة: مارس 2022
– الهدف: دعم العلاقات العسكرية والأمنية.
– المحتوى: تم بحث تعزيز التعاون في مواجهة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
5. الزيارة الخامسة: أكتوبر 2022
– الهدف: مناقشة الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان.
– المحتوى: تم تناول قضايا الهجرة غير الشرعية والتحديات الاجتماعية نتيجة النزاعات الداخلية.
6. الزيارة السادسة: نوفمبر 2023
– الهدف: متابعة التطورات السياسية في السودان.
– المحتوى: شملت المناقشات تطورات الأوضاع الداخلية في السودان وسبل الدعم المصري للحفاظ على استقرار البلاد.
7. الزيارة السابعة: نوفمبر 2024 (المقررة)
– الهدف: تعزيز التعاون الثنائي، واستعراض اخر تطورات الأزمة السودانية ميدانياََ وسياسياََ والتوافق حول الخطوات القادمة.
– المحتوى: من المتوقع أن تركز المناقشات على قضايا الأمن الإقليمي، العلاقات الاقتصادية، وأهمية التنسيق في مجال حوض النيل.
أخيرا، تؤكد زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى مصر على أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين، وعلى الدور المحوري الذي تلعبه مصر في دعم السودان خلال أزمته الحالية. من الضروري أن تستمر هذه الجهود وتتعزز في المستقبل لضمان استقرار وأمن المنطقة ككل. إن تحقيق ذلك يتطلب رؤية استراتيجية مشتركة، وتعاون مستدام في جميع المجالات، بما يسهم في تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب