الرئيسيةساحة الفكرمقالات الشرفاء الحمادي

بين (العدل والرحمة والسلام) و(التطرف والعنف والإرهاب) يبقى الاختيار.. أطروحة للشرفاء الحمادي

الكاتب مفكر إسلامي وسياسي عربي بارز.. له إسهامات عديدة في تصحيح مفاهيم الإسلام وفق منهج الله

الملخص

المنهج الإلهي الذي جاء في القرآن الكريم هو المرجعية الصحيحة الوحيدة للمسلمين في كل أمور دينهم، فالقرآن لم يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها، وفيه الرحمة والعدل والتسامح والسلام، وهذا هو الإسلام الصحيح الذي نزل على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وما دونه من روايات نالت من الدين، وأنبتت التطرف والعنف والإرهاب، ولذلك على الإنسان أن يختار أي الطريقين إما كافرا وإما شكورا، هكذا تحدث المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله عن المرجعية الصحيحة للمسلمين، مستشهدا بما جاء في القرآن الكريم، فإلى نص المقال.

التفاصيل 

التكليف الإلهي

إن التكليف الإلهي للرسول عليه السلام ليدعو الناس لاعتناق دين الإسلام، حيث يخاطبه سبحانه بقوله “فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ” (الزخرف 43- 44).

التمسك بالقرآن 

فالله سبحانه يأمر رسوله بالتمسك بالقرآن الكريم الذي أنزله الله عليه، ليبلغ الناس آياته ويشرح لهم تشريعاته، ويعلمهم آداب القرآن وعظاته، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، لذلك لا يضل في الحياة الدنيا من تمسك بكتاب الله المبين، فالقرآن هو المرجعية الوحيدة للمسلمين، ذلك ما تؤكده آيات القرآن الكريم، وفي خطاب التكليف للرسول عليه السلام يخاطبه الله بقوله “كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ” (الأعراف 2-3).

النهي عن اتباع آراء خلقه

أمر قاطع وحكم إلهي للناس ساطع ونهي عن اتباع آراء خلقه من الذين يختلقون تشريعات وفتاوى تفتري على الإسلام، ويقدمونها للناس بأنها شريعة إسلامية، ولم يتبينوا أن الله سبحانه يعلم ما يبيت بعض الناس لمحاربة رسالة الإسلام من افتراءات على الله ورسوله، من تحريف للآيات وتشويه للتشريعات التي وضع الله سبحانه قواعدها لضبط العلاقات الإنسانية بين الناس، لتنظم حياتهم ويعيش الناس في أمن وطمأنينة، ومن أهم عناصرها الرحمة والعدل والحرية في الاعتقاد، فلا إكراه للناس على عقيدة معينة، بل وتحريم العدوان ووجوب التعامل بالإحسان ونشر السلام، وتحريم قتل الأبرياء والتعاون لتحقيق الاستقرار، كما أمر سبحانه وتعالى في قوله “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة 2)، وتحريم الظلم بكل أشكاله ليعيش الناس في أمن وأمان، وتأكيدًا بأن القرآن مرجعية للمسلمين يقول سبحانه “إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا” (الإسراء 9)، ويخاطب رسوله عليه السلام زيادة في التأكيد بأن يدعو الناس للإسلام بالقرآن في قوله سبحانه “نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ” (ق 45).

تدبر القرآن واتباع منهجه

إن دعوة الله للناس باتباع القرآن المبين والثناء على من يتدبر آياته، ويتعرف على مقاصد الخير فيه للإنسان ترغيب له حتى لا يضل طريق الحق والعمل الصالح، ليجعل الذين يتمسكون بالقرآن متبعين خارطة طريق إلهية تجنبهم العثرات والأخطاء في الدنيا وتمنحهم في الآخرة جنات النعيم، يعلمهم كتاب الله كيف تتحقق للإنسان السعادة في الدنيا التي يعيشون فيها آمنين مطمئنين لا ظلم يهدد حياتهم، ولا طغيان يستولي على حقوقهم، بل تكافل وإحسان وتعاون بين الناس والتسابق بينهم لعمل الخيرات، وتعالوا نتبين ما نهى الله عنه سبحانه في الآية المذكورة أعلاه في قوله: “اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ” (الأعراف 3).

الروايات ونشر الكراهية

لتتبين ما فعل بالإسلام من يسمونهم بالأئمة والفقهاء وأصحاب الصحاح والمفسرون ما يلي:

1- تحرض المسلمين على الإرهاب وقتل الأبرياء.

2- تنشر خطاب الكراهية وتهدد أمن المجتمع وإثارة النعرات ونشر الفتن.

3- تفتري على الله ورسوله وتنسب للرسول أقوالا لا تستند لكتاب الله وآياته، بل تتناقض مع تشريعات القرآن الكريم.

4- تسعى لنشر الفكر التكفيري الإرهابي، وتحارب حق الإنسان الذي وهبه الله سبحانه نعمة التفكر والتدبر في آيات الله لاستنباط ما ينفع الناس.

5- غشت المسلمين بروايات مزورة تسببت في تفرقهم إلى طوائف ومذاهب متصارعة، وأشعلت نيران الفتنة بينهم، ليقاتلوا بعضهم بعضا، مما تسبب في خراب البيوت وتدمير المدن وتشريد الأسر، ذلك ما قرأنا عنه في الماضي، وما نعيشه اليوم يتكرر في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتهديد أمن الشعوب الأخرى.

6- تعمدت طمس القيم الأخلاقية والآداب القرآنية التي تؤسس لمجتمعات العدل والسلام والتعامل بين الناس بالرحمة والكلمة الطيبة.

7- تسببت فتاوى الفقهاء وأئمتهم بالأحكام التي روجوا لها في قضايا الطلاق التي تهدد الأسرة واستقرارها، وما ينتج عن تلك الأحكام من تفكك الأسرة وتشرد الأطفال ما يعد مخالفة لشريعة الله في القرآن الكريم ودعوته لاحترام حقوق المرأة ومراعاة العلاقة الزوجية على أساس الرحمة والمحبة للمحافظة على الأطفال حتى لا تتضرر حياتهم بالطلاق، فيصبحوا خطرا يهدد أمن المجتمع وتصبح تنشئتهم في الشوارع بدون رعاية الأبوين.

لتلك النتائج حذر الله الناس من اتباع بعض عباده، أضلوهم عن طريق الحق، وساقوهم نحو طريق الشر، يفجرون أنفسهم ويقتلون غيرهم من الأبرياء، ويهددون أمن الأوطان ويسعون في الأرض فسادا.

القرآن المرجع الوحيد

ولذلك جعل الله القرآن مرجعا وحيدا للمسلمين، وكلف رسوله عليه السلام بإبلاغ رسالته للناس جميعا، ومنحهم حق اختيار الطريق الذي يتخذونه لعقيدتهم دون إكراه، وكل إنسان يتحمل مسئولية قراره، ويبين الله للناس جزاء الذين اتخذوا طريق الحق واتبعوا قرآنه وتدبروا بيانه وعملوا الصالحات، حيث يقول سبحانه “وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إلى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ” (الزمر 73).

الإعراض عن ذكر الله 

ثم يبين الله للناس الذين أعرضوا عن الذكر الحكيم كتاب الله القرآن الكريم واتبعوا ما نهى عنه أحاديث خلقه وفتاواهم حيث يكون جزاؤهم بقوله سبحانه “وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ” (الزمر 71).

الاختيار

فعلى كل إنسان يختار أي الطريقين إما كافرا وإما شكورا.

الخلاصة

لقد أرشد الله عباده لما ينفعهم وبين لهم طريق الخير، ووضح لهم طريق الشر، ونصح الناس أن يطيعوه ويتبعوا كتابه، فيخاطبهم رسوله عليه السلام بقوله سبحانه “قَدْ جاءَكم بَصائِرُ مِن رَبِّكم فَمَن أبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ومَن عَمِيَ فَعَلَيْها وما أنا عَلَيْكم بِحَفِيظٍ” (الأنعام 104).

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى