تقدير موقف

الصراع الأمريكي الروسي في ليبيا هل سيفضي إلى الانتخابات قريباً؟

تعد ليبيا إحدى الدول الرئيسية في العلاقات الخارجية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية. وبعد الثورة الليبية عام 2011 وسقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، حيث تأثرت العلاقات الأمريكية الروسية بشكل كبير.

وقال الباحث السياسي أحمد عرابي إنه وفي الأعوام الأخيرة، تنافست الولايات المتحدة وروسيا على نفوذهما في ليبيا، وذلك بعد أن تم الإطاحة بالنظام الليبي السابق. حيث تدعم روسيا الاتحادية في ليبيا الجيش الوطني الليبي بقيادة القائد العام المشير خليفة حفتر، فيما تدعم الولايات المتحدة وحلفاؤها الحكومة الليبية للوحدة الوطنية منتهية الولاية والتي تتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها.

عرابي أوضح إنه يوجد صراع بين الولايات المتحدة وروسيا في ليبيا حول من سيتمكن من التأثير على مستقبل البلد، حيث يحاول كل منهما تعزيز وجودها في ليبيا وضمان مصالحها السياسية والاقتصادية، ويتمثل هذا الصراع في دعم كل من الجانبين شرقاً وغرباً ، مما يؤدي إلى تعقيد الوضع الأمني والسياسي في ليبيا وتأخر الجهود الرامية إلى تحقيق الانتخابات والاستقرار والسلام في البلاد.

الصراع الأمريكي الروسي في ليبيا يعود إلى العام 2011 ، عندما قادت الولايات المتحدة وحلفاؤها حملة جوية بقيادة الناتو لإسقاط الزعيم الليبي السابق معمر القذافي ، الذي كان يحكم البلاد منذ أكثر من 40 عامًا. ويأتي تدخل روسيا في النزاع في ليبيا بشكل رسمي في عام 2017 ، عندما تمكنت القوات الحكومة المعترف بها دوليًا في العاصمة طرابلس من تحقيق مكاسب عسكرية على حساب الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

عرابي أشار إلى إنه ومنذ ذلك الحين ، شهدت ليبيا تدخلات خارجية من عدة دول ، بما في ذلك تركيا وفرنسا والإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر وإيطاليا واليونان. وتمثل روسيا والولايات المتحدة في هذا الصراع اثنين من أكبر اللاعبين الدوليين.
ويعتبر الصراع الأمريكي الروسي في ليبيا جزءًا من الصراع الأوسع النطاق بين الولايات المتحدة وروسيا ، الذي بدأ بعد اندلاع الحرب الباردة وتأجيل الصراعات العسكرية المباشرة بين الدولتين. وتشمل هذه الصراعات التدخلات في سوريا وأوكرانيا وجورجيا والانتخابات الأمريكية.

تشير تقارير إلى أن روسيا تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر ، بينما يدعم الولايات المتحدة الحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس. وتشير بعض التقارير إلى أن روسيا تزوّد الجيش الوطني الليبي بالأسلحة والذخائر والعتاد ، كما يقدم المرتزقة الروس “الفاغنر” للمشاركة في الصراع القائم في البلاد . حيث عارضت روسيا التدخل الأمريكي في ليبيا واعتبرته تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد. وقد قامت روسيا بحظر الطيران فوق ليبيا ورفضت التعاون مع الحكومة المؤقتة الليبية سابقاً، ما دفع الولايات المتحدة إلى تقديم الدعم المجموعات المسلحة التي تدعمها روسيا.

فيما قامت الولايات المتحدة بدعم حكومة الوفاق الليبية بشكل مالي وعسكري، حيث زودتها بالأسلحة والتجهيزات العسكرية وتقدم لها الدعم اللوجستي والاستخباراتي في بعض الأحيان. بينما تقوم روسيا بتزويد الجيش الوطني الليبي بالدعم العسكري والتجهيزات العسكرية، وذلك من خلال تزويدها بالأسلحة والمركبات العسكرية والتدريبات فقط. وفي السنوات الأخيرة، شهدت ليبيا تصاعدًا في الصراع بين الجماعات المسلحة المختلفة وتدخل الدول الأجنبية في الصراع والأجندات الخارجية ، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا.

و من المهم الإشارة إلى أن الصراع الأمريكي الروسي في ليبيا ليس بالضرورة أن يحتوي على جوانب عسكرية فقط. ومع ذلك، توجد مخاوف كبيرة حول تزايد التدخلات الخارجية في ليبيا وتفاقم الصراع الداخلي. حيث يجب على الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من الدول العمل معًا لدعم الحكومة الليبية تقود البلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لإخراجها من النفق السياسي المظلم الذي إمتد قرابة 12 عاماً منذ العام 2011 م .

عرابي قال إنه و بعد سنوات من الصراعات والانقسامات السياسية والعسكرية، تمكنت ليبيا في عام 2021 من التوصل إلى اتفاق حوار سياسي وطني يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر 2021. وقع هذا الاتفاق في نوفمبر 2021 بين ممثلين عن الشرق والغرب والجنوب الليبي، برعاية الأمم المتحدة.

وتتمثل خطوات الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العمل على إنشاء هيئة انتخابية مستقلة وتحديد اللجان الفرعية لإدارة الانتخابات في جميع أنحاء البلاد، وتحديد موعد الانتخابات ومراقبتها بشكل صارم وشفاف. ويجب أيضًا إجراء تعديلات دستورية لتحديد صلاحيات الرئيس والبرلمان، وتحديد الآليات اللازمة لضمان سير الانتخابات بشكل ديمقراطي ونزيه إلا إن هذا لم ينجح في ديسمبر 2021 .

الباحث السياسي أوضح إن ليبيا تواجه تحديات كبيرة في سبيل الوصول إلى الانتخابات، منها تحسين الأمن والاستقرار في البلاد وإجراء الإصلاحات السياسية اللازمة ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. ولكن بالتعاون بين الممثلين الليبيين والدول الخارجية المعنية ، يمكن تحقيق تقدم حقيقي نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتوفير بيئة حيادية وآمنة وشفافة للمرشحين والناخبين. وبهذا الشكل، يمكن لليبيا بناء دولة ديمقراطية واستقرارًا يحمي حقوق ومصالح جميع المواطنين في ربوع الوطن .

إذ لا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بمدى تأثير الصراع الأمريكي الروسي على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا. ومع ذلك، فإن هناك عوامل عدة يمكن أن تؤثر على شفافية نتائج الانتخابات، مثل المناخ الأمني والاقتصادي في البلاد ودعم القوى الدولية والإقليمية المختلفة للفرقاء السياسيين في ليبيا. كما أن الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا يعتمد بشكل كبير على التوافق والتفاهم بين جميع الفرقاء السياسيين، بغض النظر عن الدعم الخارجي الذي يحصلون عليه بين الوقت والآخر.
عرابي أوضح إن الانتخابات في ليبيا تهدف إلى اختيار حكومة موحدة وممثلة لكل الشعب الليبي، ولكنها تتعرض لتحديات كثيرة من بينها الصراعات السياسية والأمنية وتدخل بعض الدول الخارجية في الشأن الليبي. حيث يجب على المجتمع الدولي العمل سوياً لدعم العملية الانتخابية في ليبيا وضمان عدم التدخل الخارجي في شؤون البلاد. كما يجب على الأطراف المحلية والداخلية العمل بروح الحوار والتفاهم لتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد وتسهيل العملية الانتخابية.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى