الكاتب العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. القرآن بين التنزيل والتضليل
الكاتب مفكر عربي وإمارتي.. خاص منصة العرب الرقمية
إن الذين يتزعمون قيادة الدعوة الإسلامية فى مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف المصرية ودار الفتوى، تحتم عليهم الأمانة التى يحملونها، بوصفهم رعاة الدعوة الإسلامية فى العالم تطبيق الشريعة الإلهية، التى أمر بتطبيقها الله سبحانه فى قرآنه بقوله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: 33).
أليست هذه الآية فيها حكم إلهي قاطع لمواجهة الإرهابيين الذين يحاربون الله فى تشويه رسالة الخير والسلام للناس وتحذيره للذين يسعون فى الأرض فسادا إضافة إلى محاربتهم للرسول وما أنزل عليه من آيات بينات، تدعو الناس للرحمة والعدل والاحسان، ونشر السلام فى الأرض وتحريم العدوان على الناس بكل الوسائل، وما يفعله الإرهابيون من جرائم يرتكبونها باسم الإسلام، إنما يحاربون الله ورسوله ويسيئوا إلى سمعة الرسول الطاهرة، ويحرفون بعقيدتهم الفاسدة ما أنزله الله عليه من التشريعات والعظات والأخلاقيات التى تحقق للإنسانية جمعاء الأمن والسلام، ومن منطلق الحكم الإلهي القاطع فى الآية المذكورة أعلاه، وحماية لرسالة الإسلام ، تتطلب هذه المرحلة الدقيقة التى تعصف الجرائم الإرهابية فيها بقيم الإسلام النبيلة، من أجل عالم ينتشر فيه السلام وتعمه الرحمة ويحكمه العدل وتحترم فيه حقوق الإنسان ومشاعره الدينية دون اعتداء اتباع دين على غيرهم من الأديان الأخرى.
تلك القضية العقائدية حكم فيها الله حكما قاطعا بقوله سبحانه (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ) (الكهف: 29) وقوله سبحانه (وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأَرضِ كُلُّهُم جَميعًا أَفَأَنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ) (يونس: 99)، ومن أجل حماية رسالة الإسلام وما يدعو إليه القرآن فى قول الله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2)، قاعدة إلهية وضعها الله للمسلمين تدعوهم لنبذ العدوان، ليحل محله التعاون بين الناس لحماية المجتمعات الإنسانية من الكراهية والصراعات الدينية والعرقية، ليتحقق للناس الأمن والاستقرار ويعيش الناس جميعا فى سلام.
لذا يتطلب الأمر والأمانة الدينية التى تحملها المؤسسات الإسلامية الثلاث الأزهر والأوقاف والفتوى فى جمهورية مصر العربية، منبعا للإشعاع الإسلامي فى العالم أجمع، إصدار قرار واحد متفق عليه بينهم، وبيان للناس جميعا أن الذين يقومون بالأعمال الإرهابية وقتل الأبرياء وتدمير المدن ونهب الثروات منها، فإنهم كما قال سبحانه: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، إنما هم يحاربون الله ورسوله ويتجنون على قيم الله وتشريعاته، وما تضمنته آياته التى تدعو الناس لكل ما ينفعهم ويصلح أحوالهم ويحقق بينهم المحبة والتعاون على أساس الرحمة والعدل والحرية والإحسان والسلام، وأنهم بجرائمهم على الأبرياء إنما يعصون الله ورسوله ويشوهون المبادئ الإسلامية السامية لحماية الإنسان فى كل المجتمعات البشرية.
وأقترح أن يكون البيان كما يلي :
(لذا فإن الأزهر مع المؤسسات الدينية فى جمهورية مصر العربية، تعلن للعالم أن أولئك الإرهابيين لا يمثلون رسالة الإسلام ولا ينتمون لدين الإسلام ، وأن أعمالهم مجرمة وفق الشريعة الإلهية ومحرم عليهم ارتكاب معاصي القتل وسفك الدماء واستباحة الأوطان وتدميرها، وحرم الله عليهم الاعتداء على الناس وتوظيف الإسلام فى خدمة الأطماع الدنيوية واستخداماته للطموحات السياسية، وأن يتم حسابهم وعقابهم جزاء على جرائمهم، ويكون العقاب رادعا لكل من تسول له نفسه الإضرار بالمجتمعات الآمنة بالقتل والتخريب ونشر الخوف والفزع عند الناس، وأن الأزهر يهيب بالمسئولين لدى الدول الغربية وغيرها عدم إلصاق تهم الإرهاب بالإسلام، الذى يدعو للتعاون بين الناس جميعا ونشر السلام فى كل مكان، ولا يتحمل الدين الإسلامي ما ترتكبه عصابات الإرهاب المسخرة لأهداف سياسية شيطانية، بغية تحقيق مصالحها السياسية والاستعمارية، على حساب دول أخرى.
ولذا تقرر اللجنة المشتركة من الأزهر والأوقاف ودار الفتوى فى القاهرة رفع الحصانة عن شرعية انتماء الإرهابيين والمفسدين فى الأرض بالتسمية الإسلامية، أو أنهم يمثلون الإسلام أو يقومون بجرائمهم نيابة عن المسلمين، فقد ضلوا الطريق عن الإسلام واتبعوا طريق الشيطان كما وصفهم الله سبحانه بقوله (أَلَم تَرَ أَنّا أَرسَلنَا الشَّياطينَ عَلَى الكافِرينَ تَؤُزُّهُم أَزًّا) (مريم: 83)، وستظل رسالة الإسلام يشع نورها على الإنسانية جمعاء رحمة وعدلا وحرية وإحسانا وتعاونا وسلاما، ليعيش الناس جميعا حياة كريمة آمنة مستقرة فى كل المجتمعات البشرية فى كل مكان حتى يوم القيامة، أولئك الذين كفروا بآيات الله وحرفوها لتكون لهم سندا لإفسادهم فى الأرض وتدمير القرى والمدن وتشريد الأطفال وسبي النساء وقتل الأبرياء، أليس ذلك كفر بآيات الله وما أمر فى تشريعاته وآياته ؟
لقد صدق الله سبحانه وتعالى وهو ينبأنا منذ أربعة عشرة قرنا عن المنافقين، الذين اختطفوا الدين وشوهوا رسالة رب العالمين، حين يقول سبحانه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلى ٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَ إلى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) (النساء: 61)، وقوله سبحانه يصف بعض المسلمين فى الماضى والحاضر موقفهم من القرآن الكريم، ومحاولاتهم لطمس تشريعاته وعظاته وقيمه الأخلاقية، التى تحقق للإنسانية مجتمع الرحمة والعدل والسلام والإحسان، وتحرم اعتداء الإنسان على أخيه الإنسان، ليعيش الناس فى أمن واستقرار، بعيدا عن القلق والخوف والفزع، الكل فى المجتمع يسعى بعلمه وجهده لتقدم المجتمع، وتحقيق العيش الكريم لكل أفراده مؤسس على التعاون، كما أمر الله سبحانه بقوله (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2)، لقرون طويلة استطاع الشياطين من الإنس ومن دفعتهم نفوسهم المريضة لاحتلال الأوطان وتشريد الناس خارج أوطانهم، وتشتيت أطفالهم وقتل رجالهم ونسائهم باسم الإسلام ، الدين المسالم الذى يدعو الناس جميعا للسلام، ويرشدهم لما ينفعهم ويصلحهم ويقيم العدل على من بغى منهم واعتدى على غيره ظلما، الإسلام الذى يدعو الناس إلى أن يشهدوا بالحق ولو كان على أنفسهم الإسلام الذى يرشد الناس إلى قيم الأخلاق السامية فى تعليماته للمسلمين، أن يقولوا للناس حسنا.
الإسلام الذى يأمر الناس بأن يدخلوا فى السلم كافة، الإسلام الذى يدعو الناس بقوله سبحانه (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). الإسلام الذى يأمر أتباعه فى قول الله سبحانه (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (الأعراف: 199)، الإسلام الذى يأمر الناس بأن تكون دعوتهم للإسلام للناس بقوله سبحانه: ( ادعُ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ )(النحل: 125)، الإسلام الذى يعلم الناس عدم التكبر والاستعلاء على غيرهم بقول الله سبحانه: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) (لقمان: 18)، الإسلام الذي يأمر الناس بقول الله سبحانه: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النساء: 58)، الإسلام الذى يدعو الناس بقوله سبحانه: ( وَإِن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ما عوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصّابِرينَ ) (النحل: 126)، الإسلام الذى وضع نصا حاكما على قواعد القتال بين الناس للدفاع عن النفس فى قوله سبحانه: ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (البقرة: 190).
على ماذا استند المسلمون فى الماضي بغزو الأوطان؟ ومن الذى كلفهم باسم الله أن قتل الأبرياء وتشريد الأطفال وسبي النساء من مبادئ الإسلام ؟ كيف تجرأوا أن يرتكبوا كل الجرائم ضد الإنسان وينسبونه لرسالة الإسلام ؟
على ماذا استند المسلمون فى الماضي بغزو الأوطان؟ ومن الذى كلفهم باسم الله أن قتل الأبرياء وتشريد الأطفال وسبي النساء من مبادئ الإسلام ؟ كيف تجرأوا أن يرتكبوا كل الجرائم ضد الإنسان وينسبونه لرسالة الإسلام ؟ كيف قبل العارفون من المسلمين والذين يقرؤون القرآن أن يتبعوا روايات الشيطان ويؤمنوا بأقوال تتعارض مع آيات القرآن التى تحرم قتل الناس وإيذاءهم بأي وسيلة كانت لا بالقول ولا بالقتل؟ كيف استطاع المتآمرون على رسالة الإسلام أن يختطفوا رسالة التعاون والسلام ويسيطروا على عقول المسلمين ويجعلونهم وقودا لأطماعهم ليحترقوا فى حروب الشيطان؟ كما فعل أجداد أردوغان فى الماضي وكما يفعل الآن فى الدول الغربية والدول العربية من قتل وتدمير وتخريب العقول والتحريض على الإرهاب لقتل الأبرياء حين سخر كل قدراته المالية والإعلامية لبث سموم خطيرة فى العالم الإسلامي، بواسطة المسلسلات التركية التى تحرض على خطاب الكراهية المستمد من تاريخ العثمانيين الاأود المضرج بالدماء وقتل الأبرياء، لينشر الفتنة بين المسلمين وبين أتباع أهل الكتاب الذين يصفهم أردوغان فى مسلسلاته بالكفار ويقنع الناس بقتالهم برغم أن الله أمرنا بأن نؤمن بكتبهم التى أنزلها الله على أنبيائهم، فهم إخوتنا فى رسالات السماء وإخوتنا فى الإنسانية، لأن الناس جميعا خلقوا من نفس واحدة والله يأمرنا بقوله سبحانه حتى يكتمل ايماننا (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إلى ٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة: 136)، وأن الرئيس التركي يمهد لقيام حرب بين المسلمين والمسيحين، فالأمر يتطلب من قادة الدول الإسلامية التعاون مع الدول الآوروبية بتوحيد صفوفهم لمواجهة مؤامرات التدمير ضد الإنسانية بالتحريض على نشوب حروب دينية برغم أن الديانات توحدت كلها فى كتب إلهية مشتركة كما أمر الله سبحانه المسلمين بقوله: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـهُنَا وَإِلَـهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت: 4،6) ووضع خطة مشتركة بين العرب والغرب لإفشال مخططات الإرهاب، التى يتزعمها الرئيس التركي أردوغان وعلى الدعاة والعارفين بدين الإسلام أن ينبهوا المسلمين إلي ضرورة عدم الوقوع فى فخ الشيطان أردوغان، الذى سيقود الإنسانية إلى حرب ضروس، لاتبقي ولاتذر حتى يرضي طموحاته الشيطانية ونفسيته المريضة الأنانية، لا يهمه استقرار العالم وسلامة الحضارة الإنسانية ، كل ما يهمه تنصيبه خليفة للمسلمين وزعيم عصابة للمحرمين، والسيطرة على البترول فى الدول العربية والدول المجاورة كما كان يسرق البترول السوري بآلاف الناقلات العملاقة فانتبهوا يا أولى الألباب.
فقد استكمل الإعداد للمشهد الحزين الذى يستخدم الدين، حين ترى أبطال المسلسلات التركية يتباهون بقتل الكفار أهل الكتاب، ويغفلون عما ذكرته الآيات السابقة من تقوى الله، واتباع عظاته والابتعاد عن نشر خطاب الكراهية ليحل محله دعوة السلام والتعاون بين كل الناس لتتنزل البركات من الله على البشرية رحمة وعدلا وأمنا وسلاما يحقق الاستقرار يحرم العدوان وينشر السلام فى ربوع الدنيا، تلك هي تعاليم الإسلام ورسالة السلام التى تدعو للرحمة والعدل والحرية وتحريم الظلم وحماية حق الحياة للإنسان وحقه المطلق فى اختيار عقيدته من الأديان دون وصاية عليه ورقيب والله سبحانه سيكون على الناس وحده الحسيب والرقيب وسيجازى كل إنسان بعمله كما قال سبحانه (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ ) (النحل: 97)