سياسية

الجماعة أو الفوضى.. كيف فضحت الثورات العربية التنظيم الدولي للإخوان؟

رؤية للباحث محسن عوض الله خاص منصة «العرب 2030 »الرقمية

الثورات العربية وتتنظيم الاخوان

على مدار عقود من الزمان روجت جماعة الإخوان المسلمين بمعظم الدول العربية مزاعم وأقاويل حول إيمانها المطلق بالديمقراطية والراي الأخر والتعددية السياسية وقبولها التام بما تسفر عنه الصناديق الانتخابية.

لاقت مزاعم الجماعة رواجا شعبيا فى دول عديدة وفى مقدمتها مصر منبع التنظيم ووطنه الأم، ومع أول استحقاق انتخابي بعد ثورة 2011 وجدت الجماعة نفسها على منصة الحكم بعد عقود من المعارضة والتنقل بين المعتقلات.

تبدل حال الإخوان بعد وصولهم للسلطة وتبدلت معه مواقفهم وسياساتهم أيضا، فالجماعة التى طالما تحدثت عن المشاركة السياسية كانت أول من سعي للانفراد بالحكم وعملت على إقصاء شركاء الأمس وحلفاء الماضي.

دولة الإخوان في مصر

وخلال أشهر قليلة، انتقلت مصر من دولة مبارك لدولة الجماعة بعد أن سيطر الإخوان على رئاسة الجمهورية والحكومة والسلطة التشريعية بغرفتيها إضافة للجنة صياغة الدستور.

التغول الإخواني فى مصر ما بعد الثورة صدم الكثيرين ممن كانوا ينادون بحق الجماعة فى الحصول على فرصة فى العمل السياسي وفق إطار الدولة المصرية كتنظيم سياسي شرعي وليس جماعة محظورة كما كانت خلال فترات طويلة من عمر الدولة المصرية.

لم تحتاج جماعة الإخوان بمصر كثيرا لتكشف عن حقيقتها كتنظيم لا يعترف بالديمقراطية، وكجماعة لا تعرف من الدين سوي الإتجار به واستغلاله في الوصول للسلطة.

اخوان مصر من السياسة للإرهاب

حقيقة الإخوان التى كشفتها سياسات الجماعة خلال فترة حكمها أزالت الكثير من الغشاوة عن عيون قطاع كبير من الشعب المصري الذي لم يتحمل حالة الانقسام السياسي والأزمات الإقتصادية التى عاشتها مصر خلال تلك الفترة، وهى الأحداث التى قادت البلاد لموجة جديدة من الثورة انتهت بإزاحة نظام الإخوان عن حكم مصر.

دفع السقوط الإخواني السريع عن السلطة بقيادات الجماعة للتهديد والوعيد بحرق مصر إذا لم يتم اعادتها للسلطة، وبالفعل شهدت مصر مجموعة من الأعمال الإرهابية بمختلف أنحاء الجمهورية.

كما تم استهداف وزراء ومسؤولين فى الحكومة المصرية ووصل الأمر لاغتيال النائب العام هشام بركات ومحاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم، فضلا عن مصرع واصابة عشرات الجنود المصريين فى عمليات ارهابية بسيناء وعدة مدن مصرية.

تهديدات وجرائم ارهابية فشلت أن تعيد الإخوان لحكم مصر على مدار سنوات، بل كانت هذه الجرائم أشبه بالقنابل التى انفجرت فى جسد الجماعة فحولته لأشلاء وجبهات مبعثرة تتصارع فيما بينها هذه الأيام على مناصب وتمويلات فضحت ما تبقي من الجماعة التى كانت ربانية أو هكذا روجوا لها.

ليبيا أمل الإخوان الأخير

ومن مصر نطير سريعا إلى ليبيا التي تعتبر أخر معاقل التنظيم الدولي للإخوان بشمال إفريقيا، بعد أن شهدت تونس إنقلاب أبيض اطاح بحركة النهضة وبرلمان الغنوشي.

كما تلقي حزب العدالة والتنمية الذراع السياسي لإخوان المغرب هزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة أسقطته من على مقاعد السلطة التي سيطر عليها منذ 2011.

لم يبقي للتنظيم الدولي للإخوان بشمال أفريقيا سوي ليبيا تلك الدولة التي مزقتها الحرب على مدار عشر سنوات، لم تري فيها استقرارا ولا آمنا منذ سقوط نظام القذافي.

وبعد سنوات من الحرب الأهلية وفى ظل رغبة دولية لإيجاد حل للأزمة الليبية خاصة بعد تحولت سواحل البلاد لمحطة كبيرة لراغبي الهجرة الغير شرعية لأوروبا.

تحرك المجتمع الدولي، وبدأت مفاوضات وقف إطلاق النار والبحث عن تسوية سياسية للفرقاء الليبيين.

وبعد جولات ماراثونية بعدة عواصم عربية وعالمية تم التوافق على عقد انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر من العام الجاري.

انتخابات يأمل المجتمع الدولي ومن قبله الشعب الليبي أن تكون بداية النهاية لأوجاعهم ومعاناتهم التي تجاوزت العقد من الزمان، ولكن يبدو أن جماعة الإخوان لها رأيا أخر في الانتخابات التي ستحظى برعاية ومراقبة أممية كبيرة.

الجماعة أو الفوضى

فقبل أكثر من شهر من الانتخابات، بدأ الإخوان يحددون صفات المرشح الفائز أو بمعني أدق اسم المرشح الذي لا يجب أن يفوز برئاسة ليبيا حتى لو كان ذلك عبر الصندوق الذي تعتبره الجماعة إله الديمقراطية ورمزها المقدس.

وكان ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة وهو مؤسسة استشارية تسيطر عليها جماعة الإخوان ويقودها خالد المشرى قد أعلن في تصريحات صحفية من أن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، لن يكون رئيسًا لليبيا ولو على جثث آلاف الليبيين، محذرا من أنه إذا جاء حفتر رئيسا فإن المنطقة الغربية ستقاوم بقوة السلاح.

المشري الذى يبدو أنه لا يعرف عن الديمقراطية شيء يريد أن يكون الفائز هو من تختاره جماعة الإخوان، التي لم تتورع أن تهدد الشعب الليبي بالقتل والدمار حال انتخاب مرشح غير من تريده الجماعة، وهو موقف يتوافق مع نظرية أنا أو الفوضى التي طالما اتهم الإخوان النظم الحاكمة بالشرق الأوسط بتطبيقها.

محاولات عرقلة الانتخابات

تصريحات المشرى التي تصادر حرية الشعب الليبي في انتخاب رئيسه وفق الأليات الديمقراطية المعروفة لم تكن أول محاولات الجماعة لإرهاب الناخبين الليبيين بل سبقتها محاولات لعرقلة العملية الانتخابية برمتها.

ففي 20 سبتمبر الماضي دعا المجلس الأعلى للدولة برئاسة المشري إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد 24 ديسمبر، معتبرا إنه لا معنى لها في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه ليبيا.

وبحسب المشرى فإن انتخاب الرئيس في هذه الفترة لن يولد الاستقرار داعيا إلى إجراء انتخابات برلمانية فقط يوم 24 ديسمبر المقبل لانتخاب مجلس الأمة، وتأجيل الرئاسيات عاما آخر إلى ما بعد عرض الدستور على الاستفتاء.

كلمة أخيرة

التهديد بحرق ليبيا وإشعال الحرب الأهلية من جديد حال فوز حفتر وهو المرشح الذى قد يخوض الانتخابات وفق القوانين المنظمة لها لن يخدم اخوان ليبيا أو يضمن لهم البقاء بل سيقودهم لمصير فرع الجماعة بمصر ولا مصير لا أعتقد أن المشري واخوانه يفضلون هذا المصير.

يبقي أن نقول أن أحداث ما سُمي بالربيع العربي رغم ما رافقها من خراب وفوضي بالكثير من الدول العربية ألا إن أحد الإيجابيات التي حققتها أنها كشفت حقيقة تنظيم الإخوان المسلمين وإنهاء أسطورة الجماعة التي عاشت أكثر من 80 عاما على مظلومية الضحية التي تحاربها النظم الاستبدادية خوفا من نجاحها كقيادة ديمقراطية بديلة جاهزة بالحلول لكل الأزمات قبل أن تسقط في فخ التجربة وتتكشف حقيقتها كتيار سياسي لا يعترف بالديمقراطية ولا يعرف الدين ولا يجيد السياسة.

بعد ان تناولنا موضوع الثورات العربية وتتنظيم الاخوان يمكنك قراءة ايضا

ماذا يحدث في السودان ؟ بطالة ..تضخم ..احتجاجات ..انسداد سياسي

نهر الكونغو .. أين المعضلة؟

يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى