رأي

اللواء معز الدين السبكي يكتب.. الأمن ركيزة الدولة ونبض حياة المواطن

لا يمكن لأي دولة أن تزدهر أو تحقق أهدافها التنموية دون أساس صلب من الأمن، ولا يمكن لأي مواطن أن يعيش بسلام وطمأنينة دون أن يشعر بوجود مظلة أمنية تحميه. إن الأمن ليس مجرد غياب للخطر أو الجريمة، بل هو حالة شاملة من الاستقرار والاطمئنان تسمح للأفراد والمجتمعات بالنمو والإبداع والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن.

الأمن: قيمة عليا للدولة

بالنسبة للدولة، يمثل الأمن محور الوجود والاستمرارية. هو الضمانة الأساسية للحفاظ على سيادة الأراضي وحماية الحدود من أي تهديد خارجي. دولة بلا أمن هي دولة هشة، عرضة للاختراقات والتدخلات التي قد تهدد وحدتها الوطنية وتقوض نسيجها المجتمعي. الأمن الوطني يعنى القدرة على حماية المصالح العليا للدولة، بما في ذلك أمنها الاقتصادي، الذي يسمح بتدفق الاستثمارات، واستقرار الأسواق، وضمان سير عجلة الإنتاج والتنمية.

على الصعيد الداخلي، الأمن هو القاعدة التي تُبنى عليها جميع أركان الحكم الرشيد. فهو يمكن الدولة من فرض القانون، وتطبيق العدالة، وضمان حقوق المواطنين، ويُوفر البيئة المناسبة للعمل السياسي والاجتماعي. بدون أمن داخلي، تتفشى الفوضى، وتتعطل المؤسسات، وتنهار الخدمات الأساسية، مما يؤدي إلى عدم الثقة بين المواطن والدولة، ويفتح الباب أمام النزاعات والانقسامات. كما أن الأمن يساهم في بناء سمعة الدولة على الساحة الدولية، ويجعلها شريكًا موثوقًا به في العلاقات الدبلوماسية والتجارية.

الأمن: ضرورة حيوية للمواطن

أما بالنسبة للمواطن، فالأمن هو جوهر الحياة الكريمة. يشعر الفرد بالأمان عندما يكون واثقًا من قدرته على ممارسة حياته اليومية دون خوف من التعرض للعنف أو الجريمة أو التهديد. هذا الشعور بالاطمئنان يسمح له بالتركيز على بناء مستقبله، وتأمين رزقه، وتنشئة أبنائه في بيئة مستقرة. عندما يغيب الأمن، يصبح الخوف هو الشعور المسيطر، مما يعيق حرية التنقل، ويحد من فرص العمل والتعليم، ويؤثر سلبًا على الصحة النفسية للأفراد.

الأمن للمواطن يعني القدرة على التعبير عن الرأي بحرية، والمشاركة في الحياة العامة دون خوف من الانتقام، والوصول إلى العدالة في حال تعرضه للظلم. إنه يضمن حق كل فرد في حماية ممتلكاته وحياته وكرامته. في بيئة آمنة، يزدهر الإبداع، وتنمو العلاقات الاجتماعية، وتترسخ قيم التعاون والتكافل. الأمان يسمح للأطفال بالذهاب إلى مدارسهم دون قلق، وللأسر بالتخطيط لمستقبلها بثقة، وللشباب بالسعي وراء أحلامهم وطموحاتهم.

في الختام، يتبين لنا أن الأمن ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هو حاجة أساسية للدولة والمواطن على حد سواء. إنه الضمانة التي تمكن الدول من تحقيق التقدم والازدهار، وتمكن الأفراد من عيش حياة كريمة ومليئة بالإنتاجية. الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الدولة من خلال مؤسساتها الأمنية والقضائية، وعلى عاتق المواطن من خلال الوعي والالتزام بالقانون والمساهمة الإيجابية في حماية مجتمعه. فالأمن هو الأساس الذي يُبنى عليه المستقبل، وهو الوعاء الذي يحتضن طموحات أمة بأكملها.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى