يسرا محمد مسعود تكتب.. الأمن الغذائى فى مصر و الوطن العربى
يعانى الوطن العربى من العجز الغذائى ،ومما لا شك فيه فإن الأمن الغذائى هو أساس الأمن القومى ،لذلك فمن الضرورى التنمية الزراعية المستدامة ،وكذلك الإهتمام بالثروة الحيوانية فى مصر وأيضاَ الدول العربية وكشف المعوقات التى تواجه القطاع الزراعى من خلال وضع استراتيجيات مناسبة لزيادة رقعة الآراضى الزراعية ؛ من خلال زراعة المحاصيل التى تتواءم مع مناخ كل دولة .
ومن الضرورى حل الفجوة الغذائية فى الوطن العربى ،من خلال التنمية الإقتصادية وسد احتياجات الطلب على الغذاء والإهتمام بالصناعات التحويلية،والتى تكمن أهميتها فى العديد من الجوانب وأهمها توفير وتقديم السلع للسوق ودفع عملية الاقتصاد فى الدولة .
كما إن للأمن الغذائى دوراً هاماً فى إحداث تكامل زراعى عربى، ومن الضرورى التأكيد على الإستدامة وتحسين الإنتاج الزراعى وتقليل الإستيراد وزيادة الصادرات ،كما أن يؤكد الباحثون والعلماء على أهمية الأساليب التكنولوجية والذكاء الإصطناعى فى الزراعة ، وضرورة الحفاظ على الموارد المتاحة ،فلابد من التغيير الجذرى لبعض المفاهيم الخاطئة لما هو سائد فى هذا المجال ، أيضاً فإن الإهتمام بالموارد البيئية بوصفها المحدد الرئيسى للتنمية المستدامة ،ومما لا جدال فيه فإن الوطن العربى لايزال يعانى من عجز كبير فى توفير الغذاء ،فالفجوة فى الغذاء وفق ما ذكر من قبل إحدى الباحثين بلغت 44 مليار دولار فى عام 2020 .
والجدير بالذكر،فإن الحبوب تمثل المرتبة الأولى فى الفجوة الغذائية ولكن الخضروات والفاكهة الإكتفاء الذاتى منه جيد على عكس الحبوب والسلع الأخرى .
ويوصى الباحثون الأجلاء ضرورة أن يفى القطاع الزراعى بالإحتياجات الزراعية من خلال مزيد من العمل والاستثمار فى الآراضى الزراعية ،و لابد من التأكيد على أن الأمن الغذائى فى الوطن العربى مسألة مصير ومسألة حياة أو موت ،فإذا لم يتوفر الغذاء بشكل رئيسى ،برزت مشاكل اقتصادية واجتماعية ومشاكل تتعلق باستقرار الوطن ،فهناك عجز سنوى فى السلع الغذائية وأن التنمية الزراعية المستدامة مطلب أساسى للإستقرار والأمن القومى وللتخلى عن الإعتماد على الغير وزيادة المحاصيل لمصر ولكل دولة عربية.
وبشىء من التفصيل ،فإن تحقيق الأمن الغذائى العربى مرهون بتكاتف الجهود العربية مع إعادة صياغة إستراتيجية متكاملة وتجاهل الخلافات السياسية والتفاوتات الإقتصادية ،نظرا لما تمتلكه الدول العربية من موارد وإمكانيات طبيعية وبشرية ومالية تمكنها من مجابهة الزيادة فى الطلب على الغذاء وتحقيق أمن غذائى مستدام.
ومما لاجدال فيه أيضاً ،فيعتبر الغذاء من الحاجات الأساسية التى لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها ،لأنها تمده بالطاقة وتسمح له بتأدية مختلف الأعمال والمهام ،ومن الضرورى أن نذكر إنه بسبب التحولات الكثيرة التى شهدها العالم من تغيرات مناخية والحرب الروسية الأوكرانية وكوفيد 19،ما نتج عنهم من تأثير على المخزون العالمى للغذاء ،خاصة بعد غلق الحدود وتذبذب العلاقات والمبادلات التجارية والإقتصادية بين الدول ،وقد عادت إلى الواجهة فكرة الأمن الغذائى فى مختلف أنواع النقاشات واللقاءات التى جمعت قادة الدول ومنها العربية من أجل تقليص الفجوة الغذائية والتحرر من مشاكل التبعية ،بحيث أصبح الغذاء اليوم سلاحا استراتيجيا وورقة رابحة للضغط والتأثير على قرارات الدول.
كما يعد هذا الموضوع بالغ الأهمية لأن التغيرات التى طرأت على العالم اليوم أحدثت خللاً فى إمداد السكان بالغذاء فى كل أنحاء العالم ولكن الدول الأكثر تضررا هى الدول العربية كونها دول مستهلكة لا منتجة ، كما إن عدم تلبية حاجات المواطنين سوف يحدث بلبلة اجتماعية مما يؤثر على استقرار الأنظمة السياسية لهذه الدول ،وبالتالى زعزعة أمنها على المستويين الداخلى والخارجى ،لذلك لابد من ربط مشكلة الغذاء بالأمن ،ليصبح تشخيص واقع هذا الأمر وإبراز تحدياته ضروريا بإعتباره يمس كيان الدول العربية.
كما تجدر الإشارة إنه قد ظهر مفهوم الأمن الغذائى سنة 1971 إثر تمويل المجموعة الإستشارية للبحوث الزراعية الدولية لتستجيب للمخاوف المتفاقمة الخاصة بالمجاعة لاسيما بسبب النمو الديمغرافى وتمثلت مسؤوليتها فى تنسيق البحوث الزراعية الدولية للحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائى فى الدول النامية.وقد حاولت العديد من الدول العربية تجاوز تحديات الأمن الغذائى.
إذن فإن النزاعات الداخلية والخارجية لبعض الدول العربية والحروب ينتج عنها نقص الغذاء فى كامل سلسلته فى الإنتاج إلى التوزيع إلى الإستهلاك ،مما يؤدى إلى صعوبة الحصول على الغذاء أو انعدامه ،وهذا ما أدى إلى تواجد كلا من سوريا واليمن والسودان وأخيراً فلسطين فى آخر قائمة الدول من حيث مؤشرات الأمن الغذائى.
وأيضاً توجد أربعة ركائز للأمن الغذائى ألا وهى : وفرة الغذاء الصحى وكفايته وقدرة الفرد على إشباع حاجته الغذائية والوصول إلى الغذاء واستخدام الغذاء ويقصد به التنوع فى الغذاء وطريقة توزيعه من خلال الممارسات الجيدة التى تؤدى إلى الإستفادة القصوى من مكونات هذا الغذاء لمد الجسم بالطاقة اللازمة التى تجعله نشطا ومنتجا ،وأخيرا الديمومة والإستقرار وهو أن يستمر وجود الشىء بصفة مستمرة وبنفس الوفرة.
وفى الختام ،فإن مسألة الأمن الغذائى العربى هو شأن يخص العرب والدول العربية وشعوبها ،فلا يجب تركه رهين للتحديات الخارجية أو الظروف البيئية ،ولابد من تكاتف جهود الدول العربية لتحقيق أمن غذائى مستدام ؛ من خلال التعايش والتبادل فى المجالات الزراعية والفلاحية وتبادل الخبرات فى هذا المجال ،ووضع القطاع الزراعى أساس هذا التعاون من أجل السير قدماً نحو التكامل الاقتصادى الذى يحقق الأمن الغذائى فى كامل المنطقة العربية متجاوزين الخلافات السياسية والتفاوتات الإقتصادية.
المصادر:
“الأمن الغذائى فى الدول العربية ” الواقع والتحديات ،كاميليا سعدوى ،إكرام حجاب ،فبراير 2023.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب
