إلى الأمام خرافة الانتخابات
بعيدا عن معسول الكلام، الانتخابات ألغيت ولم تؤجل!، واستند التدخل الأجنبي في ليبيا عام 2011 على ادعاء التخلص من الدكتاتورية وبناء نظام ديموقراطي، رغم وجود نظام حكم شعبي يمارس قدرا واسعا من الديمقراطية بصيغتها المباشرة، وكانت فكرة الانتخابات كلمة السر في تلك الدعاية، ورغم إدارة ليبيا أثناء التدخل وبعده من قبل مجلس مفروض، إلا أن انتخابات صورية جرت عام 2012 وسط حملة دعائية خادعة بأن ليبيا تشهد عرسا للديمقراطية، صممت قوانين إقصائية مكنت فقط طرفا واحدا من منافسة نفسه في تلك الانتخابات، وأمام ضغط الشارع الذي سئم ممارسات الطغمة التي أفرزتها تلك الانتخابات.
في عام 2014 أجريت انتخابات تحت نفس القوانين، لكنها أفرزت أناسا عاديين في أغلبهم، وأقصت الطرف الذي كان مهيمنا على المشهد وهم الإخوان، لذلك فرض على المحكمة العليا بعد نصف عام من الانتخابات أن تبطلها، ونتج عن ذلك استمرار ما سمي بالمؤتمر الوطني في الهيمنة، وهكذا إلى نهاية المشهد المعلوم في الصخيرات وتقسيم البلاد واندلاع حربين مدمرتين، في 2014 و2019 التي أشعل الإخوان فتيلها في الحالتين.
عام 2018 أعلن غسان سلامة عن إجراء انتخابات في 2018، لكنه بعد تحسس الوضع تبين له أن الجماعة المشمولة بالحماية الدولية لا حظوظ لها، فذهب إلى حوارات جنيف، وسلم العهدة لمركز الحوار وما أدراك ما مركز الحوار، حتى وصلنا إلى محطة الـ 75 وانتخابات ديسمبر!
رغم الوجيج والضجيج، صدر قانون الانتخابات، وأكد مجلس الأمن الدولي في كل اجتماعاته على قداسة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وأنه سيعاقب من يعرقلها كائنا من كان، وهكذا كانت تصريحات سفراء الدول الغربية الوصية على ليبيا، وكذلك تصريحات كل قادة الدول عندما يتعلق الأمر بالحديث عن ليبيا.
رغم دوشة الإخوان ومن والاهم إلا أن العملية الانتخابية انطلقت بسلاسة، فتحت السجلات والترشيحات وقبلت التزكيات وعملت لجان الطعون والاستئناف، لكن في 6/12 اليوم الموعود عن إعلان القوائم النهائية للمترشحين وإطلاق الحملات الانتخابية، اختفت المفوضية تماما، واختفى خبر الانتخابات في 24/12 وظهرت من وسط الضباب “ستيفاني وليامز”، وحطت رحالها في طرابلس ومنها إلى مصراته وسرت وبنغازي وخرجت التسريبات!.
ما كنا نقوله منذ شهور الانتخابات “بح” وبدون أسباب ولا تبريرات، وبدأوا حديثهم من الصفر بترديد خطاب مستهلك من قبيل البلد غير جاهزة للانتخابات، القاعدة الدستورية إلى آخر الأسطوانة!، بلد ترشح بها 98 شخصا للانتخابات الرئاسية و5338 مرشحا للنيابية، حصلوا على تزكيات فاقت المليون في حدها الأدنى، “لأن عددا من المترشحين قدموا تزكيات أكثر بكثير من تلك المطلوبة من المفوضية”، أي أكثر من 40% من الناخبين، كيف تعتبر غير جاهزة للانتخابات؟
لا أحد يجهل سبب إلغاء وليس تأجيل الانتخابات كما يدّعون، لقد تبين للأوصياء بما لا يدع مجالا للشك أن الليبيين إن أتيحت لهم الفرصة سينتخبون سلطات تنفيذية وتشريعية لن تقبل باستمرار الحال على ما هو عليه، وأن بيادقهم لن يكون لهم مكان إلا في السجون أو على الأرصفة، كل استطلاعات الرأي رجحت الفوز للمشير خليفة حفتر، والدكتور سيف الإسلام، وكلاهما لا يروق للأوصياء أن يروه ماسكا بزمام الأمور!، وبالنسبة لي الأمر جلي واضح، فالحقوق الوطنية تنتزع ولا توهب، ولا بديل عن كفاح وطني جماعي لاستعادة بلادنا وحقنا في تقرير مصيرنا.
رسالتي إلى القوى الوطنية المدنية والعسكرية في كل ليبيا، وخاصة طرابلس ومصراته والزاوية والزنتان علينا أن نخرج من الفخ الذي وضعنا فيه أعداؤنا، وأن نوحد قوتنا المسلحة، وأن ننسق جهودنا السياسية فالتاريخ لا يرحم.
بعد اطلاعك على إلى الأمام خرافة الانتخابات يمكنك قراءة ايضا
د. دينا محسن تكتب.. الإعلام الأفغاني تحت نقاب «طالبان»
أحمد شيخو يكتب.. أزمة الأنظمة القومية
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك