الرئيسيةتقدير موقف

هل تكون إفريقيا بديلاََ لتزويد أوروبا بالغاز الطبيعي والمسال؟

"مصر.. عملاق الغاز الطبيعي... القادم"

“الغاز الطبيعي الإفريقي مصدر مرجح في مواجهة عجز الطاقة في القارة الأوربية”

“هل لاعبون الغاز الجدد الجزائر-مصر-نيجيريا يستطيعون حل مشكلة الغاز في أوروبا؟”

 

إعداد: رامي زهدي- خبير الإستثمار والتجارة البينية بالقارة الإفريقية- دراسة لمركز العرب للدراسات والأبحاث-30 نوفمبر 2022

 

“الجزء الأول”

الغاز الطبيعي هو مصدر من مصادر الطاقة الغير متجددة، إذ يعد من مصادر الطاقة الأحفورية التي تشكلت عبر ملايين السنين في أعماق الأرض.
نما إستخدام الغاز الطبيعي بشكل كبير خلال الربع الأخير من القرن الماضي بعد أن بدا مصدر طاقة رخيص نسبياََ ومتاحاََ بشكل أفضل من مصادر طاقة أخري.

كانت المشكلة الأزلية الثابتة هي العائق، وهي أن مصادر الثروة الطبيعية بعيدة عن أماكن الإستخدام، ويحتاج الأمر لقدر كبير من الإستعداد والترتيب، والتكاليف لربط المنبع بمكان الإستخدام، في التوقيت وبالكمية وبالتكلفة المحتملة والممكنة، وكان التحدي كذلك بالنسبة للغاز الطبيعي، حيث أن عدد قليل من دول العالم هي من تمتلك حقول الغاز الغنية المكتشفة أو الإحتياطيات الكبيرة، بينما تتشارك جميع دول العالم تقريبا في الإحتياج لمصادر الطاقة بصفة عامة، وللغاز الطبيعي بصفة خاصة, وكذلك كان يجب الفصل عند تقدير الموقف بالفرق بين الإنتاج الفعلي وبسعة إنتاجية كاملة وبين الإحتياطيات وكذلك بين إمكانيات النقل أو الإسالة.

يأتي علي رأس مستخدمي الطاقة الإتحاد الأوروبي بعدد دول 27 دولة وبعدد سكان يتجاوز حاجز ال 447 مليون نسمة بخلاف المصانع الكبري والمزارع والمناجم وأماكن الترفيه والسياحة والمنشأت العسكرية والأمنية، الجميع يحتاج الغاز، خاصة في شهور الشتاء قارصة البرودة، وإن كان طوال العام أيضا يحتاجه الجميع لأنه محرك أساسي من محركات معظم الأنشطة الإقتصادية وحتي الدفاعية والأمنية، أوروبا منفردة تبلغ حصتها من إجمالي الإستهلاك العالمي من الغاز الطبيعي 14.2٪،بواقع 541.1 مليار م3 سنوياََ، كل هذا ولا توجد دول أوروبية كبيرة من حيث الإنتاج والإحتياطيات بخلاف الإتحاد الروسي، والنرويج تقريبا، بينما تمتد أنابيب نقل الغاز عبر معظم الأراضي الأوروبية خصوصا في محيط ألمانيا، إيطاليا، وأسبانيا والمملكة المتحدة.

وبنظرة سريعة لجدول ترتيب الدول المنتجة للغاز الطبيعي بخلاف الإحتياطيات المعلنة او التي مازالت قيد البحث والإستكشاف نجد:
– الولايات المتحدة الأمريكية بحجم إنتاج 914.6 مليار م3
– الإتحاد الروسي 638.5 مليار م3
– إيران 250.8 مليار م3
– الصين 194 مليار م3
– قطر 171.3 مليار م3
– كندا 165.5 مليار م3
– إستراليا 143 مليار م3
– السعودية 112 مليار م3
– النرويج 111.5 مليار م3
– الجزائر 81.5 مليار م3
– ماليزيا 73.2 مليار م3
– أندونسيا 63.2 مليار م3
– تركمانستان 59 مليار م3

أما بالنسبة لمصر كأحد أهم اللاعبون الجدد في مجال إنتاج، وإثالة ونقل الغاز الطبيعي والأسرع نمواََ في هذا المجال، فإن مصر تحتل المركز الرابع عشر عالمياََ والخامس إقليمياََ والثاني في إفريقياََ طبقا لبيانات العام 2020 بحجم إنتاج سنوي يتجاوز علي أقل تقدير 73.4 مليار م3 بخلاف كميات هائلة مازالت تحت البحث والإستكشاف، بل أنه يمكن القول أن مصر تطفو علي كميات هائلة من الغاز الطبيعي، وتمتلك مصر تقريبا 1.12٪ من الإحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، بالتوازي مع بنية تحتية قوية سواء خطوط أنابيب النقل، أو محطات الإسالة العملاقة، بالإضافة لتوافر البنية الإقتصادية والإستثمارية الجادة والقوية والتي تتيح للمستثمر والشركات المحلية والعالمية مزيداََ من أعمال البحث والتنقيب، والتطوير والإنتاج وتعظيم السعة الإنتاجية، كل هذا في ظل مناخ سياسي وأمني قوي وداعم للإستقرار وللإتفاقيات الدولية المنظمة لعمل وعلاقات الدول في مجالات البحث والإستكشاف، والتجارة البينية في السوق العالمية للنفط.

إفريقيا أوروبا الغاز الطبيعي

“كيف ينقل الغاز؟”
بداية، يمكن القول أنه حتي الأن، لايمكن نقل الغاز من منابع الإنتاج إلي أماكن الإستخدام سواء من إفريقيا او من غيرها إلا بطريقتين، الأولي وجود خطوط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي تضمن الإمداد بتكلفة أقل ولكنها تتطلب وقت كبير لتجهيزها وبنية تحتية وأمنية مستقرة، في حين يعتمد الخيار الآخر علي التزود بالغاز المسال ولكن التكلفة باهظة جداََ والعائد الإستثماري ليس بنفس سرعة العائد الإستثماري في الخيار الأول.

“أمن الطاقة في أوروبا تحت التهديد”
منذ العام 2006 تقريبا، تنبهت الدول الأوروبية إلي خطورة الإعتماد بشكل رئيسي علي الغاز الوارد من روسيا بنسبة تتجاوز 40٪ من إحتياجات أوروبا، بدأت أوروبا تقريبا منذ ذلك الوقت وبالتعاون مع حلفائها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية في البحث عن مصادر توريد جديدة وفي دراسة الي أي درجة من الأمن الطاقي تستطيع به أوروبا تأمين نفسها.

الأزمة في أوروبا الأن ومستقبلاََ وبسبب الحرب او الأزمات او بدونها حتي، هي أزمة ليست جديدة علي الإطلاق، لأن إحتياطي الغاز سواء في أوروبا او في العالم وكذلك حجم الإنتاج مايزال منخفض ومحدود وبالتالي الأسعار مرتفعة جدا والمواطن الأوروبي أصبح يعاني تكلفة حياتية غير محتملة لبند إستهلاك الطاقة فقط بخلاف التكاليف الأخري الإعتيادية في ظل تنامي الضرائب المفروضة وإنكماش الإقتصاد العالمي وتراجع الدخل الشخصي.

“الوضع الراهن”
الأن الظروف متشابكة ومعقدة، الإتحاد الأوروبي وحليفتها الكبري الولايات المتحدة الأمريكية يسعون في كل الإتجاهات لحلول عاجلة علي المدي القريب لتأمين الطاقة المطلوبة، وكذلك تحرك اوسع إستراتيجي مستقبلا للخروج بشكل حاسم من ضغوط الطاقة ولتأمين عدم إستخدام ملفات الطاقة كسلاح تفاوضي او عقابي ضدهم من أي قوي دولية أخري منافسة، في ظل توقع المزيد من الصراعات العالمية بالتوازي مع تزايد المشكلات الإقتصادية، تدرس الولايات المتحدة حاليا تعزيز إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلي الإتحاد الأوروبي إلي 15 مليار م3 إما بشكل مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية أو بشكل غير مباشر عبر تأمين إتفاقيات سياسية وأمنية وإستراتيجية وتهيئة بنية تحتية ملائمة لدي عدد من حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية سواء في إفريقيا أو في الشرق الأوسط، وتظل الولايات المتحدة رغم كونها المنتج الأكبر علي مستوي العالم فهي أيضا تقريبا المستهلك الأكبر، وبالتالي هي أيضا تحت خطر وإن كان محدوداََ نسبياََ بالمقارنة بالشركاء الأوروبين.

النرويج وهي ثاني أكبر مورد لأوروبا للغاز الطبيعي بعد روسيا وأذربيجان لاتستطيع إحداث فارقاََ كبيراََ في معادلة النقص الشديد في الإمداد، كذلك الجزائر والتي تساهم بكمية 32 مليار م3 لإيطاليا عبر خط ترانسميد، و ب 8 مليار م3 لإسبانيا عبر خط ميدغاز، بنسبة إجمالية تمثل 11٪ من إحتياجات أوروبا من الغاز، بينما تمثل الجزائر منفردة 45٪ من غاز أسبانيا بكمية 10 مليون م3 سنوي، وتعتبر الجزائر ثاني مورد غاز لإيطاليا بعد الإتحاد الروسي.
أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا والتي إرتفعت إلي أعلي من سبعة مستويات عما كانت عليه في بداية العام الحالي يشير الي أن فكرة إعتماد أوروبا علي دول شمال إفريقيا (جنوب المتوسط) تحديداََ دولتي ليبيا والجزائر عبر خطوط الأنابيب هو أمر غير حاسم لأن سرعة نمو تقنيات زيادة الإنتاج بالتوازي مع الأرصدة المتاحة لن تستطيع علي المدي القريب ان تنقذ أوروبا من المصير المرعب.، حتي التعويل علي الإعتماد علي الغاز المسال من نيجيريا في سد نسبي لحاجات أوروبا يتوقف علي قدرة الدولة النفطية الأبرز في القارة علي السرعة في الوصول لسعة الإنتاج وهو أمر أيضا يحتاج مدي زمني ومالي كبير.

بما يعني أن أوروبا تعتمد تقريبا في تدبير نصف إحتياجاتها علي الغاز الروسي وتبقي الكميات المتبقية موزعة مابين عدة مصادر سواء من داخل أوروبا، شمال إفريقيا، ومن الولايات المتحدة الأمريكية وقطر والسعودية.

“لاحقا.. الجزء الثاني من الدراسة” ويشمل

“الغاز الطبيعي في إفريقيا جزء رئيسي من مستقبل الطاقة في العالم”

“هل تتمكن إفريقيا من سد الإحتياجات العالمية من الغاز الطبيعي”

“مصر.. عملاق الغاز الطبيعي والمسال الجديد”.

 

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

المصادر:
بيرتش بيترليوم-موقع الإتحاد الإفريقي-موقع مجلس الوزراء المصري-تقارير منظمة آوابك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى