محمد فتحي الشريف يكتب.. قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية (1-8)
الكاتب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث
ملخص الحلقة الثامنة
استكمل الكاتب الشرفاء الحمادي طرحه المستنير لتنقية الخطاب الديني من الأحاديث الجدلية، من خلال مناقشة وتحليل ما جاء في حديث إرضاع الكبير، الذي وصفه الكاتب بأنه يناقض ويخالف كتاب الله، وينال من عفة المرأة، وهو قول زور منسوب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كما أنه دعوة علنية للفسق والفجور ومعصية الله.
اقرأ أيضا: الكاتب العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. الحجاب خلف الضباب
التفاصيل
انتهينا في الحلقة السابعة من حلقات القراءة التحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية التي أكتبها كل ثلاثاء في منصة مركز العرب للأبحاث والدراسات من خلال عرض كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي)، وكان الحديث عن أمثلة توضح الفرق الجوهري بين الخطابين، من خلال المقارنة بين أحد الأحاديث الواردة في صحيح مسلم (كنموذج) والذي يخالف ما جاء في القرآن الكريم بشكل واضح، وهو حديث (يجيءُ يومَ القيام ناسٌ من المسلمين بذنوب أمثال الجبالِ، فيغفرُها اللهُ لَهم ويضعها على اليهودِ والنَّصارى)، ووضحنا كيف خالف هذا الحديث القرآن، بل نال من عدل الله المطلق.
حديث إرضاع الكبير يؤكد عفن التراث
واليوم أستكمل الحديث عن نص آخر وحديث آخر، وهو كما جاء في مسند الإمام أحمد رقم (25112): يقول نص الحديث: حدّثنا يعقوب، قالَ حدّثنا عن أبي إسحاقَ، قال حدّثني عَبِدُ الله بُن أبي بكرٍ بنُ محمّدٍ بن عُمر بن حَزمُ عن عَمرةَ بنتِ عَبد الرّحمن عَنْ عائشةَ زوجِ النبيِ صلّى اللهُ عليهِ وسلم قالت «أُنزلتْ آيةُ الرَّجمِ ورضعاتِ الكبيرِ عَشرًا، فكانتْ في ورقةٍ تحت سرير في بيتي، فلمّا اشتكى رسولُ الله صلّى الله عليهِ وسلّم، تشاغْلنا بأمرِه ودخلت دويبة لنا فأكلتها».
فرية تنال من عفة المرأة
علق الكاتب الشرفاء الحمادي في كتابه (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) على هذا الحديث قائلا: فيما يتعلقُ بما جاءتْ به الروايةُ أعلاهُ، بشأنِ إرضاعِ الكبير، فنجدُ قولَ اللهِ تَعالى يدحضُ تلكَ الِفريةَ، ويؤكدُ تحصين المرأةِ وحمايتها منِ الغوايةِ ومن النفس الأمّارةِ بالسوءِ، ومنَ الوقوعِ في الذنبِ، في حينِ أنَّ اللهَ يأمرُ رَسولهَ محمّدًا صلى الله عليه وسلّم في قوله تعالى ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أو آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ أَبْنَائِهِنَّ أو أَبْنَاءِ بَعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أو بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أو بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أو نِسَائِهِنَّ أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أو التَّابِعِينَ غَيْرِ أولِيَ الْإِرْبَة منَ الرِّجَالِ أو الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفَلِحُونَ﴾ (النور31)
الله يأمر بالطهارة والعفة للنساء
ثمّ يُؤكّد الخالقُ سُبحانَهُ مرةً ثانيةً، حيثُ يقولُ لرسوله ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (الأحزاب 59).
إذا كانَ الله سُبحانَهُ وتَعَالى يأمرُ رسولَه صلى اللهُ عليهِ وسلّم بأنْ يأمرَ أزواجَهُ وبناتِهِ ونساءَ المؤمنـينَ، بأنْ يُدنيـنَ عليهُنَّ جلابيبهنَّ، وأن يسترنَ أنفسهن فكيفَ بروايةٍ مزعومةٍ ومفتراةٍ على رسولِ اللهِ تتناقض مع آيات الله وتنسب زورًا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أنْ تسمحَ المرأةُ لرجلٍ غريبٍ أن يرضعَ من ثَدْيها، أيُّ خطابٍ هذا المكذوب؟
دعوة للفسق والفجور
إِنها دعوةٌ للفُسقِ والفجورِ، ومعصيةِ الله، فكيف يُمكن للمسلمِ أن يستوعبَ أو يُصدِّقَ تلكَ الرواياتِ التـي تُسيء إلى رسولِنا الكريمِ، ويضعونه دائمًا في حالةِ صِدامٍ وتناقضٍ مع القرآن الكريم، ويرفعونَ تلكَ الرواياتِ إلى مصافِ التقديسِ ويعتمدونَها مرجعًا لا لبسَ فيه، وتصبحُ من القضَايا المؤكَّدة التي يعرضونَها على المُسْلمِين ويعتمدونها مصادر للخطاب الديني.
أكاذيب يرفضها العقل والفطرة السليمة
لقد وضح الشرفاء الحمادي في تعليقه، أن الانحراف والفساد الذي دخل على الخطاب الديني من خلال روايات وأكاذيب تهدم الدين وتنال من سماحته، كما أنها لا توافق العقل والفطرة السليمة، وحاشا لله أن يكون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الكلام الفارغ المكذوب، فيكف تتصور رجلا يطلع على عورة امرأة، بل يرضع من ثديها، أي كلام وأي هراء وأي انحطاط وأي سفالة تنال من عفة المرأة.
دعوة خبيثة تمكن أعداء الإسلام من النيل منه
وانأ هنا أضع سؤالا لمن أدخل هذا الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقول له: هل تقبل أن يفعل هذا الفعل الشنيع أي رجل مع أختك أو زوجتك أو بنتك أو أمك؟ دعوكم من هذا الكلام ودعوكم من المبررات الواهية والحديث عن صحية تلك الأكاذيب، ودعوكم من تأويل وتخريج تلك الأكاذيب أو وضعها في أي موضع تحت أي مسمي يؤكد انحراف الخطاب الديني وينال من السلام ويمكن أعداءه منه.
وفي نهاية الحلقة الثامنة من عرض وتحليل أطروحات الشرفاء الحمادي من خلال قراءة متأنية في ما جاء في كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) والتي تحدثنا فيها عن الجانب الأول من حديث إرضاع الكبير والذي يخالف القرآن جملة وتفصيلا ويؤسس للفساد وينال من عفة وطهارة المسلمين، سوف أتناول في الحلقة المقبلة الجزء الثاني من الحديث والخاص برجم الزاني والزانية، ثم نتعرض لمطابقة تلك الفريات والأكاذيب على الإسلام والتي يجب أن تحذف بشكل نهائي من كافة الكتب وهي الدعوة الصادقة التي وجهها الكاتب إلى كل من يريد أن يجدد الخطاب الديني ليتوافق مع الخطاب الإلهي.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب