يُصادف الخامس من نيسان /إبريل من كل عام يوم الطفل الفلسطيني، ويعود اعتماد هذا اليوم للعام 1995، حيث مؤتمر الطفل الفلسطيني الأول، إذ أعلن الرئيس الراحل “ياسر عرفات” التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، معلناً بأن الخامس من نيسان يومًا للطفل الفلسطيني؛ بهدف رفع الوعي الوطني بحقوق الأطفال، وبالتالي فإن هذا اليوم يشكل فرصة جادة وحقيقية لتذكير المسئولين من مختلف الأطراف بمسئولياتهم تجاه الطفل الفلسطيني، ولحثها على ضرورة استنهاض جهودها في سياقات توفير الحماية والوقاية والرعاية، لأطفال اليوم قادة الغد
تمر هذه المناسبة هذا العام ولا يزال الأطفال الفلسطينيين يدفعون أثمان باهضه نتيجة لاستمرار ممارسات وسياسات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بحقهم، فلا يزال الأطفال ضحية للجرائم الإسرائيلية التي حولت حياتهم إلى معاناة مستمرة ومتنوعة، لم تدفع المجتمع الدولي ومنظماته الوقوف أمامها والانتصار لحقوق الطفل الفلسطيني حيث لا زالت سياسات الإعدام الميداني للأطفال بمدن وقرى الضفة الغربية والقدس المحتلة مستمرة وعمليات اعتقال الأطفال والزج بهم في السجون، وتعريضهم لأبشع أساليب التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وعرضهم على المحاكم العسكرية، حيث تواصل سلطات الاحتلال اعتقال حوالي ( 160) طفلاً وقاصر دون سن 18 عاماً، علماً بأن قوات الاحتلال كانت قد اعتقلت منذ العام 2021 ما لا يقلّ عن (1300) طفل وقاصر فلسطيني، بحسب احصائيات هيئة شئون الأسرى والمحررين.
- اقرأ أيضا: فلسطين في أسبوع.. المستقلون يهيمنون على نتائج الانتخابات.. والخارجية تندد بإرهاب المستوطنات
كما مازال الأطفال الفلسطينيين يدفعون إثمان يصعب حصر تأثيراتها جراء استمرار الحصار الإسرائيلي الجائر على قطاع غزة، فتشير الدراسات والأبحاث الطبية أن 75% من الأطفال الفلسطينيين في عمر التسعة أشهر مصابين بسوء التغذية وفقر الدم، نتيجة فقر أسرهم العاطلة عن العمل بسبب الحصار وعدم قدرتها أيضاً على توفير الغذاء المتوازن لأطفالها، هذا إلى جانب أن ثلث ضحايا حرمان الاحتلال حق المرضي من السفر للخارج لتلقي العلاج، هم من الأطفال، كما ترتفع نسب المئوية للأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية حادة بسبب الظروف الراهنة في قطاع غزة وتكرار مشاهد الموت الناجمة عن العلميات الحربية الإسرائيلية.
ومن جهته قال الكاتب الصحفي ثائر نوفل أبو عطيوي، مستشار وحدة الدراسات الفلسطينية بمركز العرب ، إن احياء يوم الطفل الفلسطيني يعتبر تجسيدًا وطنيًا وانسانيًا لإعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات أن الخامس من نيسان من كل عام ، يوم الطفولة الفلسطينية التي تتطلع لحياة كريمة ومستقبل أفضل وغد مشرق عنوانه الأول الانعتاق من الاحتلال واقامة الدولة المستقلة.
ويضيف أن الطفل الفلسطيني لا يزال يعيش بشكل يومي حالة القمع والقتل والاعتقال والتنكيل على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي ، الذي يعتبرذلك انتهاكًا واضحًا وفاضحًا لممارسات الاحتلال على مرأي ومسمع العالم بأسره ، والامثلة هنا كثر ، فكلنا يذكر حادثة ” محرقة دوما” بالضفة الغربية ، الذي أقدم قطعان المستوطنين على حرق منزل الطفل ” أحمد دوابشة” ، والذي كان هو فقط الناجي الوحيد من الحريق بين أفراد وأسرته ، وكذلك حادثة الطفل محمد أبو خضير من القدس المحتلة ،الذي تعرض للخطف والتعذيب على أيدي قطعان المستوطنين، ومن ثم قاموا بحرقه وهو على قيد الحياة ، وأيضًا الطفل محمد الدرة ، الذي قتل برصاص جيش الاحتلال وهو في حضن والده ، والذي غطت الحدث المؤلم كافة وسائل الاعلام في حينه.
في ظل الاحتلال وفي ظل الانقسام السياسي الفلسطيني الذي مازال قائم ، وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والانسانية ، لا بد من توفير الحماية النفسية والجسدية للطفل الفلسطيني ، وكذلك توفير البرامج التي تقوم بتأهيله ودعمه على كافة المستويات.
وأكد أنه في الخامس من نيسان يجب ايصال صوت الطفل الفلسطيني إلى كافة المحافل الدولية والبرلمانات والمؤسسات والفعاليات من أجل حمايته ورعايته والحفاظ على كينونته، لأن الطفل الفلسطيني عنوان الغد الأفضل والأمل المشرق على طريق الحرية والاستقلال.
وأشار إلى أن الحياة الإقتصادية الصعبة أدت الى زيادة نسبة التسرب الدراسي و الإنخراط في سوق العمل في عمر مبكر مما أفقد الطفل حقه في اللعب و التمتع بطفولته بشكل طبيعي ، فقد كبر أكثر من عمره و زادت أعبائه ليساعد اسرته و يعيش الحياة في كل تفاصيلها متحدي كل من أراد له الموت.
ونوه إلى أن أطفال فلسطين يكبرون بسبب وعيهم و تشربهم الواقع و أيضا بسبب التجارب الصعبة التي يمرون بها جعلتهم أكثر شجاعة و إحساس بالمسؤولية.
وتابع أن أطفال العالم عرفوا تاريخهم من خلال الكتب و لكن أطفال فلسطين عاشوا تاريخها لحظة بلحظة و دفعوا من حياتهم ثمنا لقضيتهم ، و برغم جرحهم إلا أن لديهم القدرة العالية على التعاطي مع تطورات المجتمع ، فمنهم الموهوبين و المبدعين و من حصدوا جوائز عالمية في شتى المجالات، هذا الطفل تحدى الواقع المرير و أقلع نحو المستقبل المشرق الذي يريد و يتمنى.
وفي السياق ذاته تقول صبحية الحسنات، القيادية الفتحاوية في قطاع غزة والناشطة الاجتماعية في حقوق المرأة والطفل، إن السياسات والإجراءات الإسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينيين تشكل تحلل واضح من الالتزامات الدولية التي ترتبها اتفاقية حقوق الطفل وقواعد الحماية الخاصة التي نص عليها البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 المحلق باتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، فإنها تسجل وتطالب بما يلي:
وأضافت: “نجدد ادانتنا لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين، وتري بأن هذه الجرائم انعكاس واضح للعقيدة الاحتلالية القائمة على أن قتل أطفال اليوم هو قتل لعدو الغد.
ودعت القيادية الفتحاوية المجتمع الدولي إلى العمل فورا على الضغط على قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لإجبارها على احترام حقوق الإنسان والالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين وفي مقدمتها رفع الحصار المفروض على قطاع غزة وخاصة الأطفال.
وطالبت المجتمع الدولي والممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال ومنظمة اليونيسف وكافة المؤسسات ذات العلاقة، بضرورة التحرك العاجل لتوفير الحماية الواجبة للأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة، والعمل دون ابطاء على ادراج قوات الاحتلال الإسرائيلي ضمن القائمة السوداء للدول التي تنتهكك حقوق الأطفال.
نحث الحكومة الفلسطينية لضرورة وأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الوفاء بالتزاماتها التي نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل، والعمل على معالجة كافة الانتهاكات الموجه لحقوق الطفل الفلسطيني.
وعطفا على ذلك يقول د. صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، ما زالت الحقوق الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة للأطفال الفلسطينيين مسلوبة بسبب الاحتلال الذي يُبرهن كل يوم سياساته العنصرية ضد الطفل الفلسطيني رغم العديد من القوانين الدولية التي ساهمت في حماية الطفل الفلسطيني إلا أن الاحتلال يسعى إلى انتهاك خصوصية الطفل الفلسطيني إما بزج الطفولة داخل براثن الاحتلال أو تخويفه عندما ينتقل من مدينة لأخرى أو يعيش في حالة من الفقر بسبب الحصار الذي يؤثر على الوضع الاقتصادي بالتحديد في قطاع غزة.
وأضاف أن يوم الطفل الفلسطيني هو اليوم المحلي الذي خُصص من أجل الاحتفال بعيد الطفولة الفلسطينية، والبحث عن حقوقه من خلال تأمين حماية للطفل الفلسطيني وتأمين التعليم والرعاية الصحية والعيش الكريم أسوة بباقي أطفال العالم.
يوم الطفل الفلسطيني يوم لتكريمه من خلال نشر الوعي بالقضايا التي يواجه الطفل الفلسطيني القابع تحت الاحتلال فهو يوماً للتآزر المحلي والاقليمي والدولي للطفل الفلسطيني، وتأكيداً على حقوقه بأن كل طفل يستحق العيش بحياة كريمة وحقه في اللعب والتطوير وتعزيز الثقة بنفسه وحمايته من كافة أشكال العنف وعدم التعرض للتمييز بكافة أشكاله.
الصعوبات التي يواجهها الطفل الفلسطيني:
وبحسبه يواجه الطفل الفلسطيني أصعب حالات التعقيد لعدة أسباب، أولها وجود الاحتلال وعدم القدرة على العيش بطريقة آمنة، والاحتلال سبباً رئيسياً في تعزيز الفقر كون الاحتلال هو المُسيطر الأساسي على الاقتصاد الفلسطيني بسبب تكبيل السلطة الفلسطينية باتفاقية باريس الاقتصادية التي جعلت اقتصاد فلسطين تحت ارادة وسيطرة الاحتلال وهو ما ينعكس على الأسرة الفلسطينية وبالتالي ينعكس على الطفل الفلسطيني بشعوره بحالة غير طبيعية بسبب الفقر وازدياد حالات البطالة والاقتصاد السيء.
وفي هذا الشأن توضح الكاتبة الفلسطينية تمارا حداد عددا من الجوانب التي يعاني منها الطفل الفلسطيني والتي تجملها فيما يلي:
• حياة الاطفال اللاجئين التي ما زالت بحاجة الى دعم تلك الفئة في المدارس والصحة واللعب أسوة بالأطفال الآخرين.
• العنف الأسري وازدياد تلك الحالة لاسباب ثقافية ومجتمعية واقتصادية داخل المجتمع الفلسطيني.
• ترك الاطفال التعليم واللجوء الى العمل مبكراً بسبب الفقر وهذا الأمر يُعيق النمو الطبيعي للطفل ويؤثر بشكل سلبي عليهم وعلى حالاتهم النفسية ليؤدي خروج اطفال غير سويين من الناحية العقلية او النفسية.
مساعدة الطفل الفلسطيني:
وتقول إن أولى الحلول لمشكلة الصعوبات التي تواجه الطفل الفلسطيني وهي حماية الطفل من الانتهاكات الاحتلالية من خلال تواجد مؤسسات دولية تُساهم في حماية الطفل الفلسطيني، ومن ثم تعزيز الوعي للاسرة الفلسطينية بالاهتمام اللازم بالطفل الفلسطيني، ومن ثم أن يكون هناك دوراً هاماً للمدارس الفلسطينية بتعزيز لغة الحوار والتفاهم والتسامح بين الاطفال وتنشأة الجيل بشكل طبيعي بعيد عن اشكال العنف والتمييز.
وبحسبها: “يمنح يوم الطفل الفلسطيني فسحة لزراعة الأمل ومساعدة الاطفال للعيش في مكان أفضل ويساعد هذا اليوم في الاحتفال بالطفل الفلسطيني في نشر الوعي في العديد من المشكلات التي يواجهها اطفال فلسطين ويساعد صناع القرار في ايجاد حلول جذرية لمشاكلهم بمشاركة الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي والمؤسسات المهتمة بالاطفال والجامعات والمدارس الفلسطينية.
مشاركة فعالة:
وتؤكد أنه من المهم التركيز على النشاطات الممتعة للاطفال من خلال اشراك المؤسسات ذات العلاقة بعمل انشطة وفعاليات تُعزز ثقة الطفل الفلسطيني بنفسه، ومن المهم تزيين المدارس واضاءة المباني والمعالم بلون مميز يُسعد الاطفال لتحقيق شعار “مستقبل أجمل للاطفال الفلسطينيين” والتركيز على حقوقهم، ومن المهم اشراك المؤسسات الدولية للتعريف بمشاكل الطفل الفلسطيني واشراكهم في وضع الحلول المناسبة للتخفيف منها قدر المستطاع.
دور المخيمات الصيفية في تروية النماء النفسي للطفل الفلسطيني:
وأشارت إلى أنه من المهم التركيز على المخيمات الصيفية لما لها دور في تروية النماء النفسي للاطفال، ولها دوراً في تعزيز وتهيئة النفسية الايجابية للاطفال من خلال اللعب والتواصل الاجتماعي بين الاطفال وفيما بينهم، لذا من المهم تشجيع الجمعيات والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني ووزارة الشباب لعمل المخيمات الصيفية بشكل مستمر وتطوير جانب الابداع في طرح المبادرات من خلال المخيمات لتساهم في تشجيع الاطفال وزرع الثقة في نفوسهم وتقوية مهاراتهم وقدراتهم الذهنية والجسدية.
وتعتبر المخيمات الصيفية وفق تمارا حداد، إحدى الاليات التي تسعى الى تربية وتنشئة الاطفال بنهج متوازن يساهم في التكيف مع البيئة ومواجهة التحديات واستغلال الفرص، والمخيمات الصيفية هي من مظاهر التنمية المستدامة بالتحديد التنمية الاجتماعية واكثر تخصيصاً للتنمية البشرية اذا تم بناؤها على اسس علمية سليمة بوجود متخصصين وخبراء في عالم المخيمات الصيفية، لمواكبة التطور المستمر لتحقيق الهدف المنشود من المخيمات نحو النهوض بجيل قادر على التقدم بخطواته دون معيقات.
تجمع انشطة المخيمات الصيفية بين الترفيه والتربية وتتراوح من مجرد سرد الحكايات والعاب الرياضة الى الفن والمسرح والدبكة الشعبية وتعليم التكنولوجيا والتقينات وتعليم اللغات حيث اصبحت المخيمات الصيفية في الوقت الحالي تركز على هوايات الطفل واهتماماته بهدف تشجيع الابداع لدى الاطفال وبناء العلاقات الاجتماعية بالتحديد ان وجد داخل اطار المخيمات الصيفية الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يؤسس اندماجهم بشكل بناء مع الاطفال الطبيعين مما يتيح لهم الفرصة تقدير ذاتهم في بيئة مكيفة تتيح الفرصة لكل طفل المشاركة بشكل فعال.
وقالت إن المخيمات الصيفية هي وسيلة ناجحة للخروج عن المألوف من جو الدراسة واطلاق انشطة في جو من المرح والتآلف والشراكات المتعددة مع كافة الجهات في المجتمع واهم ما في الامر الخروج بنتيجة ايجابية وتحقيق الاهداف التربوية وتنمية الصحة النفسية والعقلية وتنمية مهارات ترويحية ذات قيم تربوية وصحية واجتماعية من خلال قضاء فترة زمنية من الراحة واشباع رغبة الاطفال في تفريغ طاقاتهم نحو اعمال بناءة.
أبرز اهداف المخيمات الصيفية كالتالي:
• ادخال الترويح والمرح والفرح في نفوس الاطفال.
• تعزيز روح التعاون بين الفريق.
• تعزيز التوازن الانفعالي والنفسي لدى الاطفال.
• تعليم الاطفال مهارات وقدرات تعزز اندماجهم بشكل سريع في المجتمع.
• تعزيز الجرأة لدى الاطفال.
• تعليم فنون الريادة والابداع والابتكار والقيادة الصالحة لدى الاطفال.
• تعزيز روح المبادرة وسرعة البديهة واللباقة في التعامل.
• تقدير الذات وتخطي الحواجز لدى الاطفال ان وجدت.
• قضاء الوقت بما هو ايجابي وبناء.
• تحقيق مبدا التآخي والتعارف والتعاون بين الاطفال.
• الاعتماد على النفس وخدمة المجتمع وتعميق القيم الكريمة في نفوس الاطفال وغرس روح العمل التطوعي والتعاون الجماعي بينهم.
خلاصة: يوم الطفل الفلسطيني يوماً هاماً لخلق بيئة وتربية متوازنة ومتكاملة تعمل على تنمية الاطفال ورعاية مواهبهم “جسمياً وعقلياً واجتماعياً ونفسياً وعاطفياً وحركياً”، وتحقيق توازن النفسي للاطفال من خلال مساعدته للتعبير عن مشاعره وذاته بالطرق الايجابية والصحيحة وتحقيق النفسية الاجتماعية للطفل تتعزز بوجود بيئة سليمة تُحقق اهداف يوم الطفل الفلسطيني.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب