رأي

أحمد جويلي يكتب.. صراع الطين والنار: وكلاء “موساد” وتغييب الوعي العربي!

بينما تحاول الشركات المتنافسة العابرة للقارات والشركات الإقليمية الأقل محدودية أن تنال من الشكل التجاري لترويج منتجاتها عبر القضية الفلسطينية ومقاطعة المنتجات،وهو الأمر الذي يلعب عليه جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “موساد” بكل طلاقة لتحويل مسار القضية والتسفيه إلى أبعد حد، وتغييب الوعي العربي واختزال الحرب في مياه غازية!!
وتغيب الشكل الأهم للوعي العربي في غيابات الظلمات، بدلاً من توعية العرب والمصريين بشكل أكثر تحديدا كونهم قلب المقاومة في كل العصور بـ الفروق الشاسعة، بين الصهيونية كحركة سياسية تنتهج منهج محدد لأهداف محددة والذي لم يكن من أساس دعوتها الشكل الديني اليهودي ولكن التمثيل الديني لليهودية .. وشتان الفارق بين بناء الدولة على الأساس الديني والتمثيل الديني القوي المتحكم فيها.

اقرأ أيضا: أحمد الجويلي يكتب.. الوعي والمقاومة: كيف يؤثر الوعي العربي على مجريات الصراع؟

وبين الدولة الإسرائيلية وتطورها منذ عام 1948 وبين اليهودي كعنصر ومادة بشرية خام لتطور تلك الدولة،
الحكومة الإسرائيلية الآن برئاسة بنيامين نتنياهو في تحدٍ أشبه بتحدي لوجود الدولة بالتماسك المعهود عنها،

ولم يكن هذا من قوة المقاومة أو الرفض العربي للكيان الاستيطاني كدولة، ولكن كونها وجود استراتيجي وكيل مباشر للقوى الكبرى في إدارة الإقليم، بديلاً عن الطريقة التقليدية للاستعمار في المنطقة العربية والاقليم ككل،

وعدم قدرتها على تنفيذها للمخطط المرسوم بدقة في المواعيد والتكلفة البشرية المحددة أضف على ذلك هو أن جميع اعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية سيخضعون للمحاكمة حال انتهاء الحرب بحسب تعبير “نتنياهو”!

مما يدفع الحكومة الإسرائيلية نحو بسط النفوذ بالقوة المفرطة وهو بالمناسبة إحدى أكواد التعريفات الأمنية للدول في كل أنحاء العالم اضف التغييب،

ليشعر المواطن العربي مع المقاطعة أنه قد أدى ما عليه من أدوار، وينسى أهم دور هو أن يفهم الشروخ الضخمة الموجودة في مجتمع علماني ملحد يدار بتمثيل وهالة دينية محكمة، حتى يستوعب نقاط الخلل في أي مقاومة فكرية مباشرة، أن ينسى أن هذا الإقليم ليس محل صراع سيطرة من قبل اسرائيل فحسب، بل هناك أطراف عربية وتركية وفارسية، جميعهم يتنافسون للفوز بوكالة القوى الاستعمارية الكبرى لحكم الإقليم،

فلسطين هي بوتقة الصراع وبوابته في مصر
الصراع العربي الإسرائيلي أكبر من مجرد تقديم تقرير من نتنياهو ما يحفظ به نفسه من التنكيل بعد انتهاء الحرب بانتصار معنوي أو القضاء على حماس!

تواجد أطراف المقاومة بهذا الشكل الذي لا يتجاوز الحد الإعلامي يعزز من تماسك المجتمع الإسرائيلي والتفافه حول قيادته، لأن قيام إسرائيل بمجتمع مثالي ومحافظ قدر الإمكان قائم على نظرية الخطر المحيط كلما كان الخطر العسكري مستمر كلما كان الاتفاق الداخلي أكبر، وكلما كانت المقاومة معنوية وعقائدية أكبر سنجد أن الإنجازات أكبر والانتصارات أعظم،

بدلا من أن تواجه فرسان الحاخام فكرياً أصبحت تواجه طواحين الهواء ويتلاعب بمشاعرك عبر اللجان التي تديرها الموساد عن طريق ايدي كوهين ومائير بن اهارون وغيرهم

نحن أمام حالة غير مسبوقة من الدفع المستمر في اشتعال الصدام في المنطقة وكأنها تتأهب باندفاع شديد إلى شكل جذري من التغيير، عبر النار فوق الطين .. ذلك الصراع الذي طالما كان محور التغيير، والذي تحدث عنه تشرشل في خلاصة تجربته مع أرض العرب منذ أن كان مراسل حرب..
صدام بدأ بهجرة مباشرة لليهود إلى أرض فلسطين كونها وطن قومي بديل ومعها بدأت الحرب العربية المباشرة والشاملة لايقاف المد الاستيطاني والذي انتهى بهزيمة العرب في 1948 ومع فرض لغة القوة بدأت تتوافد اليهود من كل مكان في العالم لتغذية الدولة الوليدة بالمادة الخام من العنصر البشري ولو كان يهودي لا يؤمن باليهودية من الأساس وبمرور الوقت أصبحت، هناك ازمة توصيف في الدولة اليهودية هل هي دولة يهودية ع اساس مكتسبات مؤتمر بازل الأول عام 1897،

ام دولة يهودية دينية تؤمن بالنقاء العرقي الكامل لظهور المخلص الكامل الذي يثبت أن اليهود قد قاموا بدورهم الازلي على أتم ما يكون، وذلك بعد سيطرة الحاخامات اليهودية التي تسيطر على عقول الشعب وتدفع الجميع داخل إلى إسرائيل لحالة من العبودية الكاملة للمخطط حتى يظهر المخلص “مشيح” على نحو سريع

هذا التوصيف يستلزم قرابين من الدم الغير يهودي أو حتى اليهودي الذي لا يؤمن بظهور المخلص المنتظر، ويستلزم الضغط على الدول العربية واللعب على أوتار عاطفة الشعوب ليقوموا باستيعاب هجرة الفلسطينيين كأساس عرقي رئيسي في المعادلة خارج الأرض محل النزاع،
لتتلائم أزمة التوصيف الحادة ويصبح الدم اليهودي في الأرض الموعودة نقي بنسبة 100% وهنا يكون ظهور المخلص حتمي على هذا الأساس!

دم نقي يحكم الإقليم تمهيدا لحكم العالم مع خروج المنتظر من على أرض مصر،
ووفق ما ذكره الرئيس المصري الأسبق مبارك في تصريحات قبيل وفاته حول رفض الدولة المصرية اقتراح بنيامين نتنياهو بإيجاد وطن بديل للفلسطينيين، هجرة طوعية دون أعباء على الدولة المصرية مع ميزات اضافية باسقاط بعض الديون ومنح وغيرها لهذا المجتمع الوليد،

بخبث شديد كان من الممكن أن تحدث الحركة العسكرية المماثلة حينئذ من سيناء لتكون مشروعية للتدخل الإسرائيلي والدفاع الشرعي عن النفس وفقا للقانون الدولي ولكن حينها ستكون الحرب على أرض مصر!!

ومما لا شك فيه أن السابع من أكتوبر عام 2023 بما سببته من خلخلة جذرية لثوابت الصراع وبما تبعه من فقدان لكافة التوازنات والمكتسبات وبما تبعها
من إعلان الحرب الشاملة حسب تعبير الحكومة الإسرائيلية ضد “حماس” بشكل مطول ومستدام فقد كانت أهم المكتسبات هو دخول غزة ومع دعوات تفريغ الأرض من أصحابها وعمل تهجير قصري الذي نجحوا فعلياً بالضغط الإعلامي عليه حدث ما هو غير متوقع،

بعدما كان المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة فريدة لأي مجتمع حديث أن يكون حلم لأي يهودي العيش فيه بشكل قومي حيث يتوافر فيه جميع عناصر بناء الدولة القائمة على الدين والقانون والمدنية،

أصبحت هناك هجرة عكسية إلى دول أوروبا مرة أخرى وتضيع مع هذه الهجرات العكسية جزء من مكتسبات هرتزل والتي حتماً سيُحاسب عليها نتنياهو فور انتهاء العملية العسكرية التي لن تنتهي قريبا الا بانتصار عسكري ضخم أو كسب أرض جديدة تضاف إلى حلم الدولة الداودية.

لن يفيد المواطن العربي المقاطعة من عدمها ولكن حتما ما يفيده هو التغلب على حالة التغييب العقلي الذي يحاول العدو توجيهها بكل قوة حتى تكون فكرة المقاومة الحقيقية غائبة والتعامل مع العدو يكون بتوجيه من استخبارات العدو! واختتم بأن الأمور مختلفة عما تبدو عليه وفي الباطن أكبر وأعظم مما هو ظاهر،

فإنه لا يتنافس الكيان الاستيطاني وحده منفردا على قهرنا وحكمنا بل هناك من بيننا من يريد ذلك بقوة أكبر وأموال أكثر فعلينا أن نحذر ذات بيننا أولا.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى