رأي

أحمد شعبان يكتب.. رحلتي مع نور الله ومنهجية فهم القرآن الكريم

رسالة لكل الباحثين عن الحقيقة، الساعين لخير الإنسانية، رسالة تحمل في طياتها تطوير الفكر الإسلامي، أي الانتقال به من المستوى الحضاري المعاش إلى مستوى حضاري أكثر رقيًا، كما تهدف لتكامل أمتنا فكريًا للوصول إلى توجه عام واحد، والقضاء على ما يسمى ظاهرة الإرهاب الإسلامي نهائيًا، كما بينت قضايا المرأة في القرآن الكريم، كما اتضح لي هشاشة الأفكار السلفية وعدم صلاحيتها لزماننا.

“نور الله” وقصة الليزر

رحلتي مع «نور الله» بدأت بعد أن قرأت كتابًا بعنوان «قصة الليزر»، في نهايات عام 1978م، وعند سماعي للآية 35 من سورة النور، ومن خلال ملاحظة عفوية وجدت أن المثل المضروب في الآية كما لو أنه تصميم لأحد أجهزة الليزر كما قرأتها في كتاب قصة الليزر، ووجدت التطابق مذهلًا، كما جاء تصحيح من القرآن لاسم أشعة الليزر الذي لا يعبر بدقة عن خواص هذه الأشعة إلى تعبير “نور على نور”، حيث تتراكب الأشعة فوق بعضها لإنتاج ما يسمى بالليزر.

وفي محاولتي البحث عن معاني ألفاظ هذه الآية في عدد من كتب التفسير لأتبين صدق ما توصلت إليه فوجدت ما عجبت له من فجاجة التأويلات والتهويمات، وكانت بداية الاحتكاك المباشر بيني وبين القائمين علينا فكريًا في كل المجالات، والتي تعرفت خلالها على الواقع الفكري المعاش الذي ألجأني إلى استخدام المنهج العلمي في فهم القرآن الكريم.

نور الله ورحلة المعرفة

بدأت رحلتي قبلا إلى المعرفة من خلال حادثة، جعلتني أقف أمام نفسي لأتعرف عليها، وعلى ما يحيط بها من أشياء اعتماداً على اتجاهي المعرفي، وما يتصل به من معارف (العلم والتكنولوجيا)، مستخدماً ما كان يقع بين يدي من كتابات، أو ما يتناهى إلى سمعي من معلومات.

ونادرًا ما كان يستغلق عليّ فهم ما أقرأ، بل كنت دائمًا أحاول الربط بين المعارف بعضها ببعض، وكانت لي ملاحظات لوجود العديد من المعلومات المتباينة، بل والمتعارضة في كثير من الأحيان، وخاصة في مجال الإنسانيات.

ومن هنا وجدت أن ما أبحث عنه لن أجده بهذه الطريقة، وأصبحت في قلق، إذ لن أكون أحسن حالًا من الناحية المعرفية من هؤلاء الذين آخذ عنهم، إن لم ألجأ إلى مرجعيتي كإنسان مسلم (القرآن الكريم)، وخاصة في مثل هذه الأمور الخلافية.

ومن العجيب أن حيرتي كانت في علاقة طردية (متزايدة)، مع حصولي على المعلومات، وفي نفس الوقت كانت في علاقة عكسية (متناقصة)، مع سماعي للقرآن الكريم، إلى أن تلاشت هذه الحيرة وكادت تقترب من الصفر.

واستمر الحال هكذا إلى أن أصبح سماعي للقرآن الكريم، ومعايشتي له ليس مجال اهتمامي الأساسي فحسب، بل أصبح هوايتي المفضلة، بجانب دوامي على الاطلاع والقراءة، والتي أدت إلى فتح آفاق جديدة للمعرفة لم تكن أمامي من قبل.

وأصبحت قادرًا على تمحيص ما يصل إليّ من معلومات، مستعيناً بما أستمع إليه من كلمات الله سبحانه وتعالى، فتتبين لي هذه الآراء من حيث الضعف أو القوة وأين الخطأ فيها وأين الصواب، ومن هنا كنت أعيش في سعادة غامرة، إلى أن كانت اللحظة الفارقة “لحظة اكتشافي لنور الله”.

موضوعات غير مسبوقة في “نور الله”

توصلت لعلاج اختلافات المسلمين التي تعتبر أهم وأخطر قضايانا من خلال منهجية تفصيل القرآن العلمية.

“منهجية فهم القرآن”، والتي بنيت على فرضية تقول “اللفظ القرآني له معنى واحد لا يختلف في أي سياق مهما تعددت دلالاته إلا من حيث النسبة والتوجه” والتي تتطابق تماما مع قول الله “مثل كلمة طيبة كشجرة”.

ومن خلال عطاء الله وليس سعيًا مني استتبعت هذا العطاء بالتفكير لبيان ما حواه، فهو غير مسبوق على مستوى الفكر الإسلامي في موضوعاته ونتائجه أن نور الله المملوك له ككل شيء في الوجود والتي غفل عنها الجميع وليست تعبيرا عن ذاته، فالله ليس كمثله شيء.

لذا هذا الفهم يصوب رؤيتنا للتوحيد بعيدًا عن التجسيد والتشييء والتعطيل والإرجاء، فالأسماء الحسنى تنسب لله من جانب الملكية، وتنسب للإنسان من جانب التمثل، بما ينسف أسباب وجود فرق المسلمين ومذاهبهم.

كما تبين من خلاله أن الأمثال في القرآن الكريم حقيقية وليست تقريبية كما هو شائع.

كما نتج عنه بيان منهجية تفصيل القرآن العلمية التي نتج عنها بيان لسان القرآن وكيف نستخرج معاني ألفاظه من داخله وليس من خلال معاجم اللغة. كما توصلت لمعاني بعض الحروف وأيضا إمكانية التعرف على موضوعات القرآن من خلال تتبعها في أماكن وجودها لتتكامل.

كما نتج عنه علاج اختلافات المسلمين التي تعتبر أهم وأخطر قضايانا. كما تبين من خلاله تصور للبناء القرآني كمحتوى منظومي. “المحكم والمتشابه والتفصيل وأم الكتاب والعرف”، في تناغم معجز، حيث إن كل آيات القرآن محكمة، وفي ذات الوقت جميعها متشابهة، وعليه، فليس المتشابه في مقابل المحكم، بل التشابه من ناحية الموضوع الواحد في أماكن وروده المتعددة للتكامل، وليس أوجها متعددة كل منا يأخذ بوجه.

واتضح أيضا وجوب الأخذ بأعراف زماننا حيث أنزلت تشريعات القرآن حسب الأعراف التي كانت سائدة حينذاك، عبودية وإماء وعلاقات إنسانية متدنية، إلى أن ظهر العهد الدولي لحقوق الإنسان وإلغاء العبودية.

كما بينت القدرات الواجب توافرها للمتعامل مع القرآن الكريم وهي التجريد والتفكير المنظم والتجريب والتعاون.

كما اتضح وجود رؤية لإصلاح الفكر الديني بمنهجية العلوم الطبيعية “فرضية، تجربة، مشاهدة، استنتاج”.

وأخيرًا قدمت شهادة للتاريخ عن موقف قادة العلم والفكر والدين في مجتمعاتنا من خلال الاحتكاك المباشر بهم. حيث رأيت أن مجتمعاتنا غرقى في التراث الذي لا يجدون له مخرجا.

لذا أوجه نداء لمن يؤمنون بالله ويرجون لقاءه أن يلتفتوا حول ذلك الأمر الجلل الذي يمس حياتنا ومستقبلنا، وقبل هذا وذاك رضا الله سبحانه وتعالى أن يتدارسوا ما تم لفت النظر إليه دون ادعاء مني بامتلاك علم أو معرفة، عسى أن يكون طوق النجاة لنا ولأجيالنا القادمة.

والله على ما أقول شهيد.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى